عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ -رضى الله عنه- قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو لَنَا. فَقَالَ « قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِى الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ » (متفق عليه).
صورة تاريخية يستدعيها خيال السامع وينفخ فيها روح الحياة فيشاهدها المؤمن وكأنها رأى عين، ثم يأتى الإلهام النبوى لينقل العدسة إلى المستقبل ويرسم صورة التغيير الإيجابى فى أبهى صوره، أن يستتب الأمن فى أكثر مناطق العالم خوفاً واضطراباً، ويأمن الناس على حقوقهم وحرياتهم من أن يُضاموا أو يُعتدى عليهم، فى جوٍّ من الإيمان بالله والخوف منه تختصره الكلمة النبوية: « لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ».
إنه ليس الأمن الذى يصادر الحقوق بحجة الخوف منك أو الخوف عليك، ولكن الأمن الذى يحفظ الكرامة ويربى على العزة، فلا يخاف المرء إلا من ربه.
ومن التحدى أن تقرأ هذا النص دون أن يرتسم فى مخيلتك صورة راعٍ على بعيره يمشى بين الوديان والهضاب، ينعق بغنمه ويحميها من الذئاب، أو صورة الذئب المتربص بالغنم، وهو وحده الذى يخشاه صاحب الراحلة من الخلق!
فى الخندق ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صَخْرَةً بِمِعْوَلِه فأضاءت، وقال -صلى الله عليه وسلم-: « اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِى هَذَا ». ثُمَّ قَالَ « بِسْمِ اللَّهِ »، وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ « اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ الْمَدائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِى هَذَا ». ثُمَّ قَالَ « بِسْمِ اللَّهِ ». وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ « اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّى لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِى هَذَا » (رواه أحمد وابن جرير).
كان -صلى الله عليه وسلم- موصول الحبال بالسماء، وأصحابه لم يروا ما رأى، ولكن إيمانهم جعلهم يرتفعون عن اللحظة الراهنة التى قال فيها المنافقون: {مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (12) سورة الأحزاب، فصدَّقوا وقالوا: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (22) سورة الأحزاب.
حين يتخيَّل السجين أن القيود تُفك والأبواب تفتح والشمل يجتمع، وأنه يستأنف حركته فى الحياة بهمة ونشاط، فسوف يقاوم التحديات، ويسمو على الإذلال، ويعيش على الثقة بالله وقرب الفرج.
وحين يبتهل بدعواته الدامعة وصلواته الخاشعة، يخرج منها وهو أوثق بما عند الله مما فى يده، فالدعاء يلهب الخيال:
وَإِنّى لَأَدعو اللَهَ حَتّى كَأَنَّما أَرى بِجَميلِ الظَنِّ ما اللَهُ صانِعُ
لم نقرأ عنه فى المدرسة، ولا سمعنا عنه فى محاضن التربية، ولم نظفر بخطة لتنميته واستثماره فى الأسرة أو المجتمع.
كتجربة شخصية لم أكتشف إلا متأخراً جداً أهمية الخيال وعظم تأثيره فى الإنجاز، ومعالجة الانحراف.
كم مرة حضرت دورة لتنشيط الخيال وتحفيزه؟ أو قرأت كتاباً يكشف لك هذا العالم الرائع المبهر؟
"الخيال أهم من المعرفة" (آينشتاين).
هل هذا صحيح؟
فى حالات كثيرة: نعم.
لأن المعرفة تحدد كل ما نعلمه الآن، أما الخيال فيتجاوز الحاضر ويشير إلى ما قد نكتشفه فى المستقبل.
ولأن الخيال يقوم باستدعاء تجارب وصور الماضى لبناء تركيبات جديدة فهو إبداعى وبنَّاء.
ولأن الخيال هو الأداة التى تحول المعرفة إلى واقع.
وكتب البريطانى "هربرت جورج ويلز" توقعاته للعالم (عام 2000م)، فتصوَّر السيارات والقطارات ونزوج البشر من المدن والسكن فى الضواحي، وتحدَّث عن تغير أنماط العلاقات الاجتماعية وشيوع الانحلال، وتوقع نشوء الاتحاد الأوروبي.
ليس العباقرة والمبدعون هم فقط من يحتاج الخيال!
الكشوف والاختراعات كانت تحاك فى عقول الكتَّاب المبدعين، ثم فى كتبهم ورواياتهم، ثم تزرع فى عقول قرَّائهم قبل أن تصبح حقيقة يراها الناس.
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر