عقوبة الكذب
الكذب
بقلم الدكتور صبري أحمدالإبراهيمالكذب : خلة رديئة ، وصفة ذميمة ، وهي أساس الرذائل ، وأصل الشرور ، فكثيراً ما ضاعت به حقوق ، وانتهكت به حرمات ، وارتكبت به جرائم ، فكم من خبر كاذب كان سبباً في تقطع الصلات، وإثارة العدوات بين الناس ، كم من شائعة كاذبة اختلقها شخص مهين ، كان لها أثر على الأفراد والجماعات .
والكذب وصمة عار على جبين الكذاب ، لا تزول ولا تنسى ، حتى بعد موت صاحبها ، ويكفي الكاذب دناءةً وعاراً أنه مكروه ومنبوذ ، لا يصدقه الناس في قول ، ولا يثقون به في عمل ، ولا يحبون له مجلساً ، وأحاديثه مرفوضة ، وشهادته مردودة ، روى موسى بن شيبة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم (( رد شهادة رجل في كذبة ))
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رجلاً سأله ، بقوله : رجل سمعته يكذب متعمداً ، ألا أصلي خلفه ؟ قال : لا .
والكذاب عدو لنفسه وللحياة كلها ، فهو فتنة متحركة ، يشعل النار هنا وهناك ، ويؤجج اللهيب في كل بقعة يحل بها أو يقيم ، فهو منافق لئيم ، لأنه بكذبه يحابي بعض الناس ويسترضيهم وإن أودى بآخرين ، فهو يقول زوراً وبهتاناً وظلماً، ويكتم في قلبه الحق ، ويظهر الباطل .
وقد نفر الإسلام من الكذب ونهى عن ارتكابه ،
قال تعالى : إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ))
وقال تعالى (( ويل لكل أفاك أثيم ))
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى (( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )) رواه البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي
ما أقبح عادة الكذب ، وما أحط رتبة الكاذب ، فالكذب يفضي إلى الفجور وهو الميل والانحراف عن الصراط السوي ثم إلى النار ، ويا ويل أهل النار .
والكذاب مهان ، لأنه مكتوب عند الله كذاباً ، وبئس هذا الوصف لمن اتصف به ، إن الإنسان لينفر أن ينعت بين الناس بالكذاب ، فكيف يقر أن يكتب عند خالقه كذاباً ؟ أما بين الناس فلا يوثق به في خبر ولا معاملة ، وإنه لموضع التندر القبيح بعد وفاته ، فهل بعد ذلك من سبيل إلى أن يتخذ المؤمن الكذب مطية لسلوكه أو منهجاً لحياته ؟! لقد كان الكفار في كفرهم وأهل الجاهلية في جاهليتهم ، لا يرضون الكذب ويترفعون عن ارتكابه أي ترفع،فهذا أبو سفيان : يروي أن كان قبل أن يسلم في ركب من قريش في تجارة إلى الشام ، فما سمع بهم هرقل ملك الروم ، بعث إليهم ليسألهم عن النبي صلى الله وسلم ، قال أبو سفيان : والله لولا الحياء من أن يأثروا عني كذباً ، لكذبت عنه أو عليه .
هكذا أهل الجاهلية في جاهليتهم ، يتنزهون عن الكذب ، ويستحيون من أن يؤثر عنهم ، وينسب إليهم ، فكيف بالمؤمنين وقد كرمهم الله تعالى بهذا الدين الكامل ، الذي يأمر بالصدق ويرغب فيه ويبين لهم نتائجه وثمراته الطيبة .
ويستمرئ بعض المنخدعين من المؤمنين الكذب ويفتي نفسه بحله إما لتهاون بالكذب ،وإما لاعتقاد فاسد يظن أن الكذب لا يحرم إلا إذا تضمن أكل أموال الناس بالباطل ، وإما لتقليد أعمى لا هداية فيه وكل ذلك خداع لنفسه وتضليل لفكره ، فالتهاون بالكذب عنوان الرذيلة ، فالكذبة الواحدة تفتح الباب الحائل بينك وبين الكذب ، حتى لا يبقى دونه حائل ، فالكذب كغيره من المعاصي ، تستوحش منه النفس المطمئنة الراضية المرضية ، فإذا وقعت فيه مرة هان عليها شأنه ، ثم تقع فيه ثانية ، فيهون عليها أكثر ، حتى يصبح وكأنه سجية وطبيعة ،فيكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً .
والكذب حرام وإن لم يكن فيه أكل لمال الآخرين بالباطل ، إذ لم يكن في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أن تحريمه مشروط بذلك ، ولكنه إذا تضمن أكل مال بالباطل كان أعظم جرماً وأشد حرمة .
والكذاب جبان ذو وجهين ، لا يجرؤ على الصدق ، وهو معدود من النافقين ، فالمنافق يظهر خلاف ما يبطن ، ولا ينفك الكذاب عن النفاق حتى يهجر الكذب ، فإذا عاد إلى الصدق زال عنه اسم النفاق ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أربع من كن فيه ، كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن ، كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ،وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر )) .
رواه البخاري ومسلم .
فعلى المسلم أن يربأ بنفسه عن مواقف الكذب لما تجره إليه من النفاق .
والكذب ذنب كبير ، من تخلق به كان مجانباً للإيمان ، فقد روى مالك عن صفوان بن سليم رضي الله عنه ، قال : قيل يا رسول الله : أيكون المؤمن جباناً ؟ قال : (( نعم )) قيل له أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال نعم ، قيل له أيكون المؤمن كذاباً ؟ قال ((لا )) . ثم تلا قوله تعالى :
(( إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون )) النحل
ولو أعطينا نحن معاشر المسلمين شم الملائكة ، لأدركنا مدى قبح صفة الكذب ،فإن كل معصية رائحة نتنة ، وليس أقبح من رائحة الكذب ، بحيث أن الملك يتأذى ويبتعد عن الكذاب حين يكذب ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا كذب العبد تباعد الملك عنه ميلاً من نتن ما جاء به )) . [ رواه ابن الدنيا في كتاب الصمت ، ورواه الترمذي وقال : حديث حسن ] .
ولو تمثل الكذب لأظلم معه النهار ، فهو يدل على خسة منزلة الكاذب ، وانعدام إيمانه ، فهو يكذب ليدفع مضرة بكذبه بدلاً من دفعها بشجاعته ، ويكذب ليأكل باطلاً بدلاً من كسبه بعمله ، ويكذب رياءً لطلب المنزلة عند الناس ، ولا منزلة له عند الله ، كما يسهل على الناس كشفه ، وحجب الثقة عنه واحتقاره .
والكذب كما يهدي إلى الفجور ، فإنه يخرق صوم الصائم، فلا يعقل أن يصوم الصائم ثم يكذب ، فإن ذلك خرق لصومه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصوم جنة ما لم يخرقها )) ،قيل : بم يخرقها يا رسول الله ،قال : (( بكذب أو غيبة ))[رواه الطبراني في الأوسط ] .
وقد درج الناس على تسمية الكذب التي لا ضرر فيها بالكذبة البيضاء ، وهكذا تجن الحقيقة ، وتسويغ لعادة الكذب الممقوتة ، فليس في شرع الله ما يسمى بالكذبة البيضاء،فضلاً عن أ، الكذب المباح إذا خرج عن الحدود المرسومة له ، والأهداف المرجوة منه ، صار كذباً ممقوتاً .
ومن عجب أن بعض الناس يبيحون الكذب في أول نيسان أو غيره ، وهو تقليد أعمى للفكر التغريبي جرت به العادة عند بعضهم ، وهذا كله حرام شرعاً ، وهو من أقبح الصفات ، لأنه يجر إلى خصلة ذميمة وهي الفجور ، الذي يجر صاحبه إلى عذاب النار .
والكذب أساس التغرير والتضليل ، ومنبع الزور والبهتان ، وسلم المكر والاحتيال،وهو رذيلة شائنة، تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبها ، وعن سلوك ينشئ الشر إنشاء، ويندفع إلى الإثم من غير ضرورة دافعة أو طبيعة قاهرة .
إن المنافق كاذب لأن ظاهره يخالف باطنه ،والمتكبر على الناس كاذب لأنه يرى منزلته أعلى من منزلة غيره ، والنمام كاذب لأنه يوغر الصدر ويحدث الشرور ، ويحرك الضغائن والفتن ، وشاهد الزور كاذب لأنه يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً ، والمتملق كاذب لأنه يمدحك بما ليس فيك لحاجة في نفسه ، والفاسق كاذب لأنه كذب في دعوى الإسلام ، ونقض ما عاهد الله عليه .
وكانت المعالم الأولى للجماعة المسلمة صدق الحديث وضبط الكلام ، أما الكذب والإخلاف والتدليس والإفتراء ، فهي أمارات النفاق وانقطاع الصلة بالدين ، أو هي تمسح بالدين على أسلوب المدلسين والمفترين !!
وقد يدفع بعض الناس إلى الكذب اعتقاده أن الكذب يجر إليه نفعاً ، أو يدفع عنه ضراً ، وهو في الحقيقة أبعد عن نفعه ، وأقرب إلى ضره ، فإن الشر لا يكون خيراً ، والقبيح لا يكون حسناً ، إنك لا تجني من الشوك العنب عن المنصور بن المعتمر رضي الله عنه ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تحروا الصدق ، وإن رأيتم أن الهلكة فيه ، فإن فيه النجاة )) . [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت]
أليس من العار علينا ، أهل القرآن ، أن يصدق غيرنا ونحن نكذب ؟
أليس من العار أن يتخلق غيرنا بالفضائل ونحن عنها معرضون ؟
وحريٌّ بنا أن نعلم أن الدين يظهر في أهله ، فإذا كان سلوك الأمة الإسلامية سلوك كذب وابتعاد عن الصدق فأين التميز الإسلامي ؟
أرأيتم لو تشبث المسلمون بهذا الخلق المشين ،أفلا يكون ذلك سبباً للتنفير من دين الإسلام .
ألا يكونون فريسة لألسنة أرذال الأنام ؟… إن أعدائهم ليسخرون منهم ، ومن حالهم : كذب في المقال ، وخيانة في التعامل ، ونقض للعهد ، وإن أعدائهم ليفخرون عليهم وهم يرونهم يقتصرون في تقليدهم على رذائل الأخلاق.
فالنجاة النجاة أيها المسلمون قبل فوات الأوان متشبثين باوامر الله تعالى
والكذب وصمة عار على جبين الكذاب ، لا تزول ولا تنسى ، حتى بعد موت صاحبها ، ويكفي الكاذب دناءةً وعاراً أنه مكروه ومنبوذ ، لا يصدقه الناس في قول ، ولا يثقون به في عمل ، ولا يحبون له مجلساً ، وأحاديثه مرفوضة ، وشهادته مردودة ، روى موسى بن شيبة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم (( رد شهادة رجل في كذبة ))
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رجلاً سأله ، بقوله : رجل سمعته يكذب متعمداً ، ألا أصلي خلفه ؟ قال : لا .
والكذاب عدو لنفسه وللحياة كلها ، فهو فتنة متحركة ، يشعل النار هنا وهناك ، ويؤجج اللهيب في كل بقعة يحل بها أو يقيم ، فهو منافق لئيم ، لأنه بكذبه يحابي بعض الناس ويسترضيهم وإن أودى بآخرين ، فهو يقول زوراً وبهتاناً وظلماً، ويكتم في قلبه الحق ، ويظهر الباطل .
وقد نفر الإسلام من الكذب ونهى عن ارتكابه ،
قال تعالى : إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ))
وقال تعالى (( ويل لكل أفاك أثيم ))
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى (( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )) رواه البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي
ما أقبح عادة الكذب ، وما أحط رتبة الكاذب ، فالكذب يفضي إلى الفجور وهو الميل والانحراف عن الصراط السوي ثم إلى النار ، ويا ويل أهل النار .
والكذاب مهان ، لأنه مكتوب عند الله كذاباً ، وبئس هذا الوصف لمن اتصف به ، إن الإنسان لينفر أن ينعت بين الناس بالكذاب ، فكيف يقر أن يكتب عند خالقه كذاباً ؟ أما بين الناس فلا يوثق به في خبر ولا معاملة ، وإنه لموضع التندر القبيح بعد وفاته ، فهل بعد ذلك من سبيل إلى أن يتخذ المؤمن الكذب مطية لسلوكه أو منهجاً لحياته ؟! لقد كان الكفار في كفرهم وأهل الجاهلية في جاهليتهم ، لا يرضون الكذب ويترفعون عن ارتكابه أي ترفع،فهذا أبو سفيان : يروي أن كان قبل أن يسلم في ركب من قريش في تجارة إلى الشام ، فما سمع بهم هرقل ملك الروم ، بعث إليهم ليسألهم عن النبي صلى الله وسلم ، قال أبو سفيان : والله لولا الحياء من أن يأثروا عني كذباً ، لكذبت عنه أو عليه .
هكذا أهل الجاهلية في جاهليتهم ، يتنزهون عن الكذب ، ويستحيون من أن يؤثر عنهم ، وينسب إليهم ، فكيف بالمؤمنين وقد كرمهم الله تعالى بهذا الدين الكامل ، الذي يأمر بالصدق ويرغب فيه ويبين لهم نتائجه وثمراته الطيبة .
ويستمرئ بعض المنخدعين من المؤمنين الكذب ويفتي نفسه بحله إما لتهاون بالكذب ،وإما لاعتقاد فاسد يظن أن الكذب لا يحرم إلا إذا تضمن أكل أموال الناس بالباطل ، وإما لتقليد أعمى لا هداية فيه وكل ذلك خداع لنفسه وتضليل لفكره ، فالتهاون بالكذب عنوان الرذيلة ، فالكذبة الواحدة تفتح الباب الحائل بينك وبين الكذب ، حتى لا يبقى دونه حائل ، فالكذب كغيره من المعاصي ، تستوحش منه النفس المطمئنة الراضية المرضية ، فإذا وقعت فيه مرة هان عليها شأنه ، ثم تقع فيه ثانية ، فيهون عليها أكثر ، حتى يصبح وكأنه سجية وطبيعة ،فيكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً .
والكذب حرام وإن لم يكن فيه أكل لمال الآخرين بالباطل ، إذ لم يكن في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أن تحريمه مشروط بذلك ، ولكنه إذا تضمن أكل مال بالباطل كان أعظم جرماً وأشد حرمة .
والكذاب جبان ذو وجهين ، لا يجرؤ على الصدق ، وهو معدود من النافقين ، فالمنافق يظهر خلاف ما يبطن ، ولا ينفك الكذاب عن النفاق حتى يهجر الكذب ، فإذا عاد إلى الصدق زال عنه اسم النفاق ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أربع من كن فيه ، كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن ، كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ،وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر )) .
رواه البخاري ومسلم .
فعلى المسلم أن يربأ بنفسه عن مواقف الكذب لما تجره إليه من النفاق .
والكذب ذنب كبير ، من تخلق به كان مجانباً للإيمان ، فقد روى مالك عن صفوان بن سليم رضي الله عنه ، قال : قيل يا رسول الله : أيكون المؤمن جباناً ؟ قال : (( نعم )) قيل له أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال نعم ، قيل له أيكون المؤمن كذاباً ؟ قال ((لا )) . ثم تلا قوله تعالى :
(( إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون )) النحل
ولو أعطينا نحن معاشر المسلمين شم الملائكة ، لأدركنا مدى قبح صفة الكذب ،فإن كل معصية رائحة نتنة ، وليس أقبح من رائحة الكذب ، بحيث أن الملك يتأذى ويبتعد عن الكذاب حين يكذب ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا كذب العبد تباعد الملك عنه ميلاً من نتن ما جاء به )) . [ رواه ابن الدنيا في كتاب الصمت ، ورواه الترمذي وقال : حديث حسن ] .
ولو تمثل الكذب لأظلم معه النهار ، فهو يدل على خسة منزلة الكاذب ، وانعدام إيمانه ، فهو يكذب ليدفع مضرة بكذبه بدلاً من دفعها بشجاعته ، ويكذب ليأكل باطلاً بدلاً من كسبه بعمله ، ويكذب رياءً لطلب المنزلة عند الناس ، ولا منزلة له عند الله ، كما يسهل على الناس كشفه ، وحجب الثقة عنه واحتقاره .
والكذب كما يهدي إلى الفجور ، فإنه يخرق صوم الصائم، فلا يعقل أن يصوم الصائم ثم يكذب ، فإن ذلك خرق لصومه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصوم جنة ما لم يخرقها )) ،قيل : بم يخرقها يا رسول الله ،قال : (( بكذب أو غيبة ))[رواه الطبراني في الأوسط ] .
وقد درج الناس على تسمية الكذب التي لا ضرر فيها بالكذبة البيضاء ، وهكذا تجن الحقيقة ، وتسويغ لعادة الكذب الممقوتة ، فليس في شرع الله ما يسمى بالكذبة البيضاء،فضلاً عن أ، الكذب المباح إذا خرج عن الحدود المرسومة له ، والأهداف المرجوة منه ، صار كذباً ممقوتاً .
ومن عجب أن بعض الناس يبيحون الكذب في أول نيسان أو غيره ، وهو تقليد أعمى للفكر التغريبي جرت به العادة عند بعضهم ، وهذا كله حرام شرعاً ، وهو من أقبح الصفات ، لأنه يجر إلى خصلة ذميمة وهي الفجور ، الذي يجر صاحبه إلى عذاب النار .
والكذب أساس التغرير والتضليل ، ومنبع الزور والبهتان ، وسلم المكر والاحتيال،وهو رذيلة شائنة، تنبئ عن تغلغل الفساد في نفس صاحبها ، وعن سلوك ينشئ الشر إنشاء، ويندفع إلى الإثم من غير ضرورة دافعة أو طبيعة قاهرة .
إن المنافق كاذب لأن ظاهره يخالف باطنه ،والمتكبر على الناس كاذب لأنه يرى منزلته أعلى من منزلة غيره ، والنمام كاذب لأنه يوغر الصدر ويحدث الشرور ، ويحرك الضغائن والفتن ، وشاهد الزور كاذب لأنه يقلب الحق باطلاً والباطل حقاً ، والمتملق كاذب لأنه يمدحك بما ليس فيك لحاجة في نفسه ، والفاسق كاذب لأنه كذب في دعوى الإسلام ، ونقض ما عاهد الله عليه .
وكانت المعالم الأولى للجماعة المسلمة صدق الحديث وضبط الكلام ، أما الكذب والإخلاف والتدليس والإفتراء ، فهي أمارات النفاق وانقطاع الصلة بالدين ، أو هي تمسح بالدين على أسلوب المدلسين والمفترين !!
وقد يدفع بعض الناس إلى الكذب اعتقاده أن الكذب يجر إليه نفعاً ، أو يدفع عنه ضراً ، وهو في الحقيقة أبعد عن نفعه ، وأقرب إلى ضره ، فإن الشر لا يكون خيراً ، والقبيح لا يكون حسناً ، إنك لا تجني من الشوك العنب عن المنصور بن المعتمر رضي الله عنه ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تحروا الصدق ، وإن رأيتم أن الهلكة فيه ، فإن فيه النجاة )) . [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت]
أليس من العار علينا ، أهل القرآن ، أن يصدق غيرنا ونحن نكذب ؟
أليس من العار أن يتخلق غيرنا بالفضائل ونحن عنها معرضون ؟
وحريٌّ بنا أن نعلم أن الدين يظهر في أهله ، فإذا كان سلوك الأمة الإسلامية سلوك كذب وابتعاد عن الصدق فأين التميز الإسلامي ؟
أرأيتم لو تشبث المسلمون بهذا الخلق المشين ،أفلا يكون ذلك سبباً للتنفير من دين الإسلام .
ألا يكونون فريسة لألسنة أرذال الأنام ؟… إن أعدائهم ليسخرون منهم ، ومن حالهم : كذب في المقال ، وخيانة في التعامل ، ونقض للعهد ، وإن أعدائهم ليفخرون عليهم وهم يرونهم يقتصرون في تقليدهم على رذائل الأخلاق.
فالنجاة النجاة أيها المسلمون قبل فوات الأوان متشبثين باوامر الله تعالى
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر