يرتدي قبعةً سوداء اللون، يتقدمُ بهدوء متّزن ويقف عند حافة الطاولة الخاصة بالزبائن ليلقي التحية عليهم ويرفع يده على جبينه، ويحركها قليلاً، قاصداً إشارة "السلام".
كل الحواس ملكه، إلا أنه ينطق بلسان غيره، يقضي معظم أوقاته باستخدام لغة الإشارة قسراً لا طوعاً، وإذا احتاج أن ينقل كلامه لأحدٍ لا يفهم تلك اللغة، يستعين بمترجم "لغة الإشارة".
محمد حسين، 27 عاماً، يعمل نادلاً في "كافتيريا" (مقهى ومطعم) "نادي البسمة للمعاقين" التي افتتحت في الأول من الشهر الجاري على شاطئ بحر شمال غزة، حيث إن فقده للنطق لم يجعله قادرًا على استكمال دراسته، والتحق بالعمل في هذه "الكافيتريا" التي لا يعمل بها سوى فاقدي النطق، ويتعاملون مع الزبائن بلغة الإشارة.
وأوضح حسين على لسان مترجمه أن هذا أول عمل يوفر له رزقًا، مشيرًا إلى أنه أعطاه دفعة أمل حتى يبدأ بإعالة أسرته من راتبه البسيط.
وقال: "كنت أقضي وقتي في المنزل، بلا عمل، أرافق الملل، ولكن هذا العمل بدّل الحال، فأصبحت أعمل بفرحةٍ، أخطط لحياتي المستقبلية، وأنظم وقتي، لعملي، وأسرتي."
ووصف حسين العمل في "الكافتيريا" بالممتع، مشيرًا إلى أنه يقابل الزبائن بوجه رحب، ويحدّثهم بإشارات بسيطة، ويعرّفهم على المكان، ومن ثم يحجز لهم ما يريدونه.
وعن آلية عمله في "الكافيتريا"، أوضح حسين أن كل مائدة يوجد بها زر برقم محدد موصول بضوء صغير بالرقم نفسه في المطبخ، فإذا احتاج الزبون شيئًا، يضغط على ذلك الزر، فيضيء في المطبخ.
علاء أبو نصر، 29 عاماً، فقد ذكر على لسان مترجمه أيضاً أنه لا يوجد أي مكان يقبل بتوظيف "معوق" أو "أصم"، إلا أن هذا المكان فتح لهم أبواباً جديدة.
وأوضح أبو نصر أن هذا العمل أعطى كل واحد فيهم بداية حياة جديدة، بحيث مكنهم من إعالة أسرهم، بالإضافة إلى تكوين علاقات اجتماعية جديدة مع الزبائن العاديين، أو مع رواد الكافتيريا الصم.
ويطمح الشاب الغزوي أن يطوّر من "الكافتيريا" التي يعمل بها، ويستقطب المزيد من أصدقائه الصم ليعملوا بها، لأنه يدرك أن كل معوق يعاني من نظرة المجتمع غير السوية لهم، بحد قوله.
ونصح أبو نصر أصدقاءه "الصم"، وكل من فقد نطقه، بأن يكملوا تعليمهم وألا يستسلموا للوضع الذي يعيشونه، فعليهم أن يثبتوا وجودهم في هذا المجتمع حتى يجدوا فرصاً متنوعة في سوق العمل.
وفي السياق نفسه، قال شادي حلوة، 26 عاماً، على لسان المترجم: "بحثت كثيرًا عن عمل، لكن أصحاب العمل عندما يعرفون أني فاقد للنطق، لا يفكرون في توظيفي مع أني عاملٌ جيد، ووفي"، شاكراً ربّه على الفرصة التي أعطاه إياها بعد صبره الطويل.
ووصف بداية عمله في "الكافتيريا" بالصعبة، بحيث إنها كانت أول مرةٍ يخالط فيها أشخاصاً عاديين غير مصابين بأي "إعاقة"، ولكنه اعتاد على ذلك، ووجد أنهم يعاملونه بحب حتى أصبح بعضهم روادًا دائمين للكافتيريا.
ولفت إلى أنه وأصدقاءه، يعلّمون الزبائن أساسيات لغة الإشارة لتسهيل التعامل معهم وتوفير جو من التفاعل في المكان.
ومن جانبه، قال عيد شقورة، رئيس مجلس نادي البسمة للمعاقين التي تشرف على "الكافيتريا" للأناضول: "تم إنشاء هذه الكافتيريا، لتوفير فرص عمل للمعاقين، ودمجهم في المجتمع، بالإضافة إلى إيجاد أماكن خاصة بهم للاستجمام في الصيف".
وأوضح شقورة أن هذه الخطوة تهدف إلى تعريف المجتمع المحلي بالصم، وتعليمهم لغة الإشارة من خلال التفاعل مع غير المعوقين.
وفي وصفه لجو العمل في "الكافتيريا"، قال شقورة: "العاملون الصم، أوجدوا آلية معينة للتواصل مع الزبائن العاديين، وأبهروا الجميع بقدرتهم على التواصل والتفاعل مع جميع شرائح المجتمع".
وأوضح أن إنشاء هذه "الكافيتريا" يأتي ضمن عدة مشاريع يشرف عليها نادي بسمة للمعاقين، والذي يهتم بالشكل الأساسي بالجانب الرياضي للمعوقين، مشيراً إلى أن تمويل "الكافتيريا" جاء من مؤسسة الرؤية العالمية التابعة لوكالة التنمية الدولية الإسترالية.
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر