في الثاني والعشرين من شهر يوليو عام 1987 أطلقت رصاصة من شخص مجهول على رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن أدخلته في غيبوبة لمدة 37 يوما ليموت بعدها دون أن تُعرف هوية القاتل بشكل قاطع حتى اليوم.
عاش ناجي العلي حياته مناضلا من أجل قضية بلاده وسخر ريشته لفضح الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، ووجه نقدا لاذعا للحكومات العربية التي كان يراها متخاذلة تجاه القضية الفلسطينية.
تأثر كثير من المثقفين والمفكرين العرب لموت ناجي العلي ورثاه الشعراء في قصائدهم باعتباره أحد رموز النضال الفلسطيني وواحد من أبرز الفنانين العرب ولثراء حياته القصيرة قام الفنان المصري نور الشريف بتناول حياته في فيلم يحمل اسمه أخرجه المبدع الراحل عاطف الطيب عام 1992.
أحدث الفيلم ضجة كبيرة وتعرض وصناعه لحملة شرسة من قبل الصحف المصرية القومية بحجة أنه يسيء إلى النظام المصري وطالب المحسوبون على الحكومة المصرية بمنع عرضه.
ضد كامب ديفيد :
حقيقة الاعتراض لم تكن على الفيلم في حد ذاته بقدر ما كانت على الشخصية التي يتناولها وهي شخصية ناجي العلي الذي هاجم بشدة اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات مع إسرائيل وكان ناجي قد اتخذ موقفا عدائيا من السادات منذ البداية متهما إياه بأنه يمشي على عكس خطى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويمحو كل التاريخ المشرف والمشرق للعرب في حياته.
تصدى ناجي العلي بريشته لكل من حاول مدح الاتفاقية وحذر العرب من قبولها، وصورها على أنها عظمة من بقايا جيفة لن ينالوا أكثر منها، وفي إحدى لوحاته جسد القيادات العربية تحاول التقاط هذه العظمة من حفرة سحيقة في الأرض وقفت أمامها لوحة شاخصة تشير إلى طريق بيت لحم.
وفضح ناجي العلي اتفاقية كامب ديفيد أمام الشعوب العربية في رسوماته وأناب "حنظله" -وهي الشخصية التي ابتدعها- ليرجم الاتفاق الذي أخرجه على صورة كلب أسود كتب عليه كامب ديفيد ويقف فوق كومة من العظام تمثل ما يمكن أن تجلبه الاتفاقية للعرب.
ساند العلي بريشته المصريين الرافضين للاتفاقية، واتهم أجهزة الدولة المصرية الرسمية بممارسة التضليل على الشعب والجنود فرسم لوحة تبرز التضليل الممارس في مصر، ومحاولات النظام تسويق كامب ديفيد وإقناع الناس بها.
وفي لوحة أخرى رسم ناجي العلي الرئيس السادات يعانق جندياً إسرائيلياً بين آلاف الخوذ العسكرية لجنود مصريين، فيما حنظله يدير وجهه للناس ليرفع إحدى الخوذ فيجد رأساً لمقاتل مصري تحتها، وفي هذه اللوحة يلمح إلى أن دماء شهداء الجيش المصري ليست رخيصة إلى هذا الحد الذي يقوم فيه السادات بالتصالح مع قاتلهم.
وبعد مقتل الرئيس السادات وتولى محمد حسني مبارك سدة الرئاسة في مصر توقع البعض أن ينقلب الرئيس الجديد على إرث سلفه ويتنصل من كامب ديفيد، لكن ناجي العلي رأى أن كامب ديفيد ما هي إلا إرادة أمريكية ولن يستطيع مبارك الانقلاب عليها والإفلات منها.
وأكد ذلك في إحدى لوحاته فرسم جندي إسرائيلي يعلق على احتمالات انقلاب مبارك على اتفاقية كامب ديفيد ويقول: "دا بُعده" وبالفعل صدقت توقعاته فحتى اليوم لازالت الاتفاقية تكبل مصر وزاد عليها مبارك تصدير الغاز لإسرائيل وهي الاتفاقية التي كانت من كبرى قضايا الفساد بعد ثورة 25 يناير.
غموض الاغتيال :
ولد ناجي سليم حسين العلي عام 1937 في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وهاجر مع أهله بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة.
ظل مع أسرته في المخيم واعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطاته المعادية للاحتلال، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها، وقام الجيش اللبناني أيضا باعتقاله أكثر من مرة.
في عام 1963 سافر ناجي العلي إلى الكويت ليعمل محررا ورساما ومخرجا صحفيا وبدأ العمل في صحف الطليعة الكويتية، والسياسة الكويتية، والسفير اللبنانية، والقبس الكويتية، والقبس الدولية.
في 22 يوليو عام 1987 أطلق شاب مجهول النار عليه فأصابه أسفل عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس 1987، ودفن في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن.
أجرت الشرطة البريطانية تحقيقاتها وتم القبض على بعض المشتبه بهم ولم تعرف الجهة التي كانت وراء الاغتيال على وجه التحديد واختلفت الآراء حول ضلوع إسرائيل أم منظمة التحرير الفلسطينية أو المخابرات العراقية أو أنظمة عربية أخرى ولن لم يتم العثور على معلومات أو أدلة ملموسة تؤكد تورط أي من هذه الجهات.
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر