تنشر "الأهرام" اليوم ولأول مرة قصصا مثيرة عن ثلاثة عملاء نجحت المخابرات العامة المصرية في زرعهم داخل إسرائيل لعدة سنوات واختراق الحاجز الأمني, بل وتجنيد أحدهم في قيادة جيش الدفاع وآخر في ميناء حيفا, مما دفع السلطات الإسرائيلية إلي الاعتراف بتلقيها لطمة قوية من جهاز المخابرات المصري.
وفي حواره مع "الأهرام" كشف الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل, عن العملاء الثلاثة الذين زرعتهم المخابرات العامة داخل إسرائيل وهم: كيبورل يعقوبيان وشموئيل باروخ وعبد الرحمن قرمان, وقال إن إسرائيل اعترفت بذلك من خلال كتاب صدر تحت عنوان "الجواسيس", واعتبرت إسرائيل أن من أهم 20 قضية تجسس ضدها كان نصيب مصر أربعا منها, بينها القضية المعروفة والتي كان بطلها رأفت الهجان إلي جانب العملاء الثلاثة الذين نتحدث عنهم.
القصص التالية هي من واقع ملفات جهاز المخابرات العامة المصرية. لم يعلن عنها من قبل. ولم تر النور قبل كتابة تلك السطور, فالملف حافل بالعديد من الانجازات والنجاحات التي تستحق الذكر والإعلان عنها. واليوم يكشف "الأهرام" لأول مرة عن ثلاثة عملاء نجح جهاز المخابرات المصرية في زرعهم داخل إسرائيل بل في جيش الدفاع الإسرائيلي نفسه ضمن أهم عشرين عميلا كانوا يعملون لصالح أجهزة المخابرات المختلفة في العالم. ولم يكن رفعت الجمال الشهير برأفت الهجان هو الوحيد بل كانت هناك أسماء أخري لم يلق الضوء عليها ولم تفتح ملفاتها المغلقة.
كيبورك يعقوبيان, شموئيل سامي باروخ, عبدالرحيم قرمان. هم ثلاثة عملاء نجحت المخابرات المصرية في زرعهم داخل إسرائيل في وقت الحروب واعترفت إسرائيل نفسها بنجاح جهاز المخابرات المصرية في اختراق الحاجز الإسرائيلي وزرع عملاء داخل إسرائيل من خلال كتاب إسرائيلي يحمل عنوان "الجواسيس" وهو الكتاب الذي ظل ينتقل لمدة 3 سنوات ما بين الرقابة العسكرية والشاباك والموساد والأمان ثم نقل إلي دائرة الشئون الجنائية والأمنية في الادعاء العام الإسرائيلي لمراجعته واقراره ولم يتم الموافقة علي نشره إلا بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية علي نشره بحكم قضائي.
هذا ما أكده اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والاستراتيجي في حواره لـ "الأهرام" الذي كشف فيه لأول مرة عن هوية العملاء الثلاثة الذين تم زرعهم داخل إسرائيل بواسطة المخابرات العامة المصرية وقصة كل منهم كما تضمنتها ملفاتهم.
سألته في البداية. ما هي أهم القضايا التي لم يعلن عنها من قبل؟
أجاب اللواء سامح سيف اليزل قائلا:
دعني استخدم ما اعترفت به إسرائيل نفسها من خلال كتاب إسرائيلي تحت عنوان "الجواسيس" من تأليف يوسي ملمان وهو صحفي في جريدة "هاآرتس" وكاتب متخصص في شئون الأمن والآخر إيتان هابر وهو محرر في جريدة "يديعوت أحرونوت" وقام بتغطية معظم الحروب الإسرائيلية والأنشطة الأمنية وعمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين وألف العديد من الكتب التي لها علاقة بالأمن, منها قاموس الأمن الإسرائيلي ومعروف عن الكاتبين اللذين ألفا هذا الكتاب صلتهم الوثيقة بأجهزة الأمن الإسرائيلية الثلاثة الموساد والشين بيت أو الشاباك "جهاز الأمن الداخلي" والأمان "جهاز المخابرات العسكرية".
ويتحدث الكتاب عن أهم عشرين قضية تجسس نجحت أجهزة المخابرات المختلف في العالم في اختراق الحاجز الإسرائيلي وزرع عملاء داخل إسرائيل.
وما هو جدير بالذكر أن الكتاب يوضح في مقدمته أنه قد مر بطرق قاسية لم يسبق لأي كتاب أن مر بها في تاريخ إسرائيل منذ نشأتها وظل ينتقل بين الرقابة العسكرية والشاباك والموساد لمدة ثلاث سنوات ثم نقل إلي دائرة الشئون الجنائية والأمنية في الادعاء العام لإسرائيل لمراجعته وإقراره ولم يتم الموافقة علي نشره إلا بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية علي نشره بحكم قضائي.
أورد الكتاب أربع قضايا لعملاء مصريين تم زرعهم بواسطة المخابرات العامة المصرية منهم رفعت الجمال والذي دخل إسرائيل تحت اسم جاك بيتون والشهير برأفت الهجان وقصته معروفة للجميع, وثلاثة آخرون هم: كيبورك يعقوبيان وشموئيل سامي باروخ وعبدالرحيم قرمان ـ وهذا يعني أن من بين عشرين عميلا كانوا يعملون لصالح أجهزة المخابرات في العالم أربعة عملوا لصالح المخابرات المصرية أي أن 20% من إجمالي أقوي عشرين عملية تجسس ضد إسرائيل كانت من نصيب المصريين.
ما هي قصة العميل الأول الذي زرعته المخابرات المصرية. هذا التساؤل طرحته علي اللواء سيف اليزل؟
وجاءت إجابته من خلال الاعتراف الإسرائيلي نفسه بقوة المخابرات العامة المصرية في زرع العملاء, فالعميل الأول هو: كيبورك يعقوبيان أو يتسحاق كوتشـك ولد في مصر عام 1938 لعائلة أرمينية. ودرس في المدارس المصرية وعند بلوغه سن العشرين عاما توفي والده وأصبح العائل الوحيد للأسرة فتوقف عن الدراسة وعمل بالتصوير حتي يستطيع توفير المال لأسرته. وعلي الرغم من عدم إكمال تعليمه إلا أنه كان يتحدث أربع لغات بخلاف اللغة العربية وهي الانجليزية والفرنسية والاسبانية والتركية.
تم تجنيده بواسطة المخابرات العامة المصرية لزرعه داخل إسرائيل وتم تدريبه وإعداده لمدة عام كامل اشتملت علي إجراء عملية ختان له حيث إن اليهود يختتنون ولم يكن هو كذلك, وأعطي هوية جديدة باسم يتسحاق كوتشك يهودي من مواليد عام 1935 في اليونان ـ وسافر إلي البرازيل بناء علي الخطة الموضوعة من جانب المخابرات المصرية في شهر أبريل عام 1960بحرا وبعد وصوله إلي البرازيل بشهرين اندمج مع الجالية اليهودية في سان باولو وفي نهاية عام 1961تقدم إلي مكتب الوكالة اليهودية بطلب هجرة إلي إسرائيل وتم قبول طلبه وأبحر من البرازيل إلي إسرائيل عن طريقه إيطاليا ووصل ميناء حيفا في منتصف عام1961.
بعد انتهاء دراسته للغة العبرية في إحدي الكيبوتسات طلبت المخابرات المصرية منه أن يتجند في الجيش الإسرائيلي وبالفعل تم تجنيده في سلاح النقل لجيش الدفاع الإسرائيلي وتدرب علي قيادة سيارات النقل الثقيلة في قاعدة عسكرية في منطقة بيت نبالا بالقرب من مدينة اللد ثم عين سائقا لأحد الضباط الكبار في قيادة الدفاع المدني وهو العقيد شمعيا بكنشتين ومن خلال وجوده في جيش الدفاع الإسرائيلي أرسل كما هائلا من المعلومات المهمة إلي المخابرات المصرية ونظرا لخبرته السابقة كمصور قام بتصوير أهداف عسكرية مهمة كما ورد في الكتاب الإسرائيلي وباعتراف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي اضطرت لإجازة طبع الكتاب.
قبض علي يتسحاق كوتشك بعد عدة سنوات من العمل مع المخابرات المصرية وأثناء محاكمته وصفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنه حوت ضخم لا يمكن لأجهزة الأمن الإسرائيلية القبض علي العديد مثله, وحكمت المحكمة عليه بأقصي عقوبة وهي ثمانية عشرة عاما في السجن وظل في السجن لمدة عامين فقط, وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر ابريل عام 1966 تم تبادله مع ثلاثة إسرائيليين كانوا قد اجتازوا الحدود المصرية بدون إذن وهم يلفيد حانوخا وابنه صموئيل حانوخا وعودي مائير وطلبت مصر استلام فدائيين فلسطينيين مع يتسحاق كوتشك هما حسين حسن الحفاني وسعيد خميس عبدالقادر اللذان قبض عليهما في إسرائيل وهما في طريقهما لتنفيذ عملية فدائية في الداخل.
وماذا عن العميل الثاني وكيف تم تجنيده لحساب المخابرات المصرية؟!
هو رجل الأعمال الإسرائيلي شموئيل سامي باروخ والذي ولد في عام 1923 في مدينة القدس الحي القديم والده صيدلي والعائلة ثرية تعيش في الحي اليهودي بالقدس منذ مدة طويلة درس في البلدة القديمة بالقدس ثم درس في المدرسة الزراعية بمنطقة برديس حنا ثم انتقل للدراسة في كلية سانت جورج التابعة للكنيسة الانجليكانية ثم أنهي دراسته في معهد النسيج بمدينة مانشستر في بريطانيا, واندلعت الحرب العالمية الثانية وبعد مرور عامين تجند شموئيل باروخ في الجيش البريطاني ووصل إلي رتبة رقيب أول وأصيب في المعارك وحصل علي عدة أوسمة وبعد الحرب في عام 1946استكمل دراسته وتخرج عام 1949كهندس نسيج وأنشأ مصنعا للنسيج في مانشستر وتزوج وأنجب ثلاثة أولاد وبعد نحو عشر سنوات وفي عام 1958عاد إلي إسرائيل مع زوجته وأولاده وأقام في تل أبيب وأنشأ مصنعا للنسيج في كريات جات باسم أرجدين للنسيج في عام 1963أفلس المصنع وباع الدائنون المصنع إلي مصنع منافس له تحت اسم مصنع بولجيت مما أصاب باروخ بصدمة نفسية شديدة.
وعلي التوازي حين كان رجل أعمال وقبل إفلاسه عمل كناشط سياسي حيث انضم إلي حركة سياسية جديدة في ذلك الوقت تدعي "إسرائيل الشابة" وتم تعيينه رئيسا للجنة المالية للحركة وكانت هذه الحركة تعد نفسها للاشتراك في الانتخابات السادسة للكنيست الإسرائيلي وكان باروخ يرغب بشدة في دخول الكنيست كعضو منتخب.
وبعد إفلاس باروخ في عام 1963قرر السفر وعائلته إلي سويسرا في محاولة لتوفير سيولة مالية بشكل أو بآخر حتي يعود لبدء نشاطه مرة أخري في إسرائيل ووصل بالفعل إلي جنيف وأقام وأسرته لدي أحد أقاربه هناك.
علمت المخابرات العامة المصرية بوجود باروخ في جنيف وبتفاصيل حياته بالكامل ومنها حالته المالية المتدهورة وتم تجنيده للعمل لصالح مصر وتم تدريبه للعمل من داخل إسرائيل ورجع إلي إسرائيل هو وأسرته وقدم معلومات اقتصادية وسياسية مهمة من خلال اتصالاته ومعارفه لعدة سنوات, إلا أن رعونته وثقته الزائدة في نفسه أدت إلي القبض عليه ومحاكمته وحكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما أمضي منها 10سنوات ثم أفرج عنه خلال عفو لبعض السجناء وترك إسرائيل وسافر لإحدي الدول الأوروبية التي يعيش بها حتي اليوم.
ومن هو العميل الثالث؟
هو عبدالرحيم قرمان والذي ولد في عام 1938لإحدي العائلات العربية الثرية والمحترمة في مدينة حيفا وكانت عائلته معروفة خلال الانتداب البريطاني بأنها عائلة محترمة ومعتدلة وجاء ثراء هذه العائلة نتيجة امتلاكهم أراضي كثيرة في مناطق الجليل الغربي ومدينة الكرمل, تلقي تعليمه في المدرسة الثانوية في حيفا وغادر قريته في نهاية الخمسينيات وسافر إلي أوروبا وتعرف علي شابة فرنسية تدعي مونيك وتزوجها بعد أن أسلمت وعادا معا إلي إسرائيل وفي عام 1967غادر ومعه زوجته إسرائيل إلي فرنسا مرة أخري من أجل تبني ولد من أحد مخيمات اللاجئين في الدول العربية وتعرف علي أحد المصريين الذي قدمه إلي أحد ضباط المخابرات العامة الذي استطاع بعد فترة أن يجنده ويدربه للعمل لصالح مصر وكلف بمهام مهمة للغاية حسبا ما جاء بكتاب الجواسيس الإسرائيلي منها تصوير سفن سلاح البحرية الإسرائيلي في حيفا وتصوير الصواريخ من طراز "جبرائيل" التي تطلق من البحر علي أهداف بحرية وكانت هذه الصواريخ من الأسرار العسكرية المهمة في جيش الدفاع الإسرائيلي كما كلف باختبار ملائمة طريق حيفا ـ عكا لاقلاع وهبوط الطائرات الحربية وقت الطوارئ ومحاولة التقرب من اليهود خاصة الذين يسافرون كثيرا للخارج مع التركيز علي العاملين في القوات الجوية الإسرائيلية, وفي ربيع عام 1969نجح قرمان في تجنيد عميل جديد للمخابرات المصرية بناء علي التعليمات الصادرة له وجند توفيق فياض بطاح البالغ من العمر ثلاثين عاما ويعمل موظفا في جمارك ميناء حيفا حيث رؤي ضرورة وجود أحد العملاء بصفة دائمة داخل الميناء لمراقبة القطع البحرية الإسرائيلية والابلاغ عن كافة المعلومات والتفاصيل عنها وهو الأمر الذي تم بنجاح حتي نهاية عام 1970وقبض عليهما لعدم اتباعهما تعليمات الأمن المستديمة وحكم علي قرمان بالسجن لمدة اثني عشر عاما واستأنف الحكم أمام محكمة العدل العليا التي حكمت عليه بستة عشر عاما بزيادة أربعة أعوام عن الحكم الأول, أما توفيق بطاح فحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وظلا بالسجن لمدة أربعة أعوام وقامت المخابرات العامة المصرية بتبادلهما ومعهما آخران عام 1974مقابل مبادلة الجاسوس الإسرائيلي باروخ زكي مزراحي ثم قررا السفر إلي إحدي الدول الأوروبية للإقامة بها.
تلك هي الرواية الحرفية التي وردت بكتاب الجواسيس عن العملاء المصريين الأربعة حتي يتحقق القول المعروف بأنه شهد شاهد من أهلها ولكن يجب أن نوضح أن هذا جزء من كل, فليس كل من يعمل يقبض عليه أي أن هناك العشرات بل المئات من القصص البطولية الأخري لا يمكن الافصاح عنها لأنها ببساطة شديدة, الموساد لا يعلم عنها شيئا.
هل تقل أهمية الأعمال الاستخباراتية في زمن السلم عنه في زمن الحرب خاصة في ظل معاهدات السلام وإقامة العلاقات الدبلوماسية؟!
الحصول علي المعلومات مستمر طالما هناك حياة علي سطح الأرض, ولا تقل أهمية الحصول علي المعلومات في زمن السلم عن زمن الحرب بل إن هناك خبراء يعتقدون أن جمع المعلومات في زمن السلم يفوق في الأهمية عن زمن الحرب لعوامل عديدة ـ ونحن نعلم أن الموساد مستمر ولا يتوقف عن محاولة تجنيد عناصر جديدة تتعاون معه, وخير دليل علي ذلك قيام المخابرات العامة بالكشف عن ثلاث قضايا تجسس لصالح إسرائيل خلال الفترة الماضية فقط, وقدموا جميعا للمحاكم وتمت إدانتهم بالسجن ويوضح هذا أيضا مدي قدرة ويقظة رجال المخابرات المصريين.
لكننا نجد بين فترة وأخري مسلسلات وأفلاما تتضمن قضايا من ملفات المخابرات مثلما شاهدنا في رمضان مسلسل "حرب الجواسيس" هل لهذا أسباب أو أهداف ما؟!
أجاب اللواء سامح سيف اليزل بقوله: تقوم أجهزة المخابرات الكبري والتي أثبتت مكانها ضمن صفوة أجهزة المخابرات العالمية بعرض بعض من أعمالها وقضاياها الحقيقية علي فترات متفاوتة يتم اختيار توقيت إذاعتها بعناية شديدة سواء كانت علي هيئة مسلسلات درامية متعددة الحلقات أو فيلم سينمائي بهدف بث رسالة أمنية تثقف وتزود المشاهد بجرعة أمنية تهدف إلي زيادة الوعي الأمني لدي المشاهد وتعريفه بطرق الاقتراب المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها سواء كان ذلك داخل البلاد أو خارجها من أجهزة المخابرات المضادة وحتي يتمكن من اكتشاف ما يمكن أن يتعرض له في الوقت المناسب كما يهدف عرض هذه الأعمال الدرامية إلي رفع الروح المعنوية لدي المواطنين وزيادة ثقتهم في أجهزتهم السيادية وعرض بطولات لمواطنين شرفاء وهبوا أنفسهم لصالح وطنهم.
وكلنا نتذكر المسلسلات التليفزيونية رأفت الهجان ودموع في عيون وقحة وأخيرا حرب الجواسيس وأيضا الفيلم السينمائي الصعود إلي الهاوية وكلها أمثلة لما سبق ذكره ونلاحظ أن كل هذه القضايا كان الطرف الآخر فيها هو جهاز الموساد الإسرائيلي.
وماذا عن جهاز الموساد الإسرائيلي؟
كلمة الموساد هي اختصار لعبارة باللغة العبرية هي "موساد لعالياه بت" وتعني منظمة الهجرة غير الشرعية والتي صدر قرار بإنشائها من بن جوريون في عام 1937كادارة تابعة لمنظمة الهاجاناه التي كان يترأسها بن جوريون في ذلك الوقت والتي كانت تهدف بشكل رئيسي إلي تهجير اليهود من دولهم الأصلية إلي فلسطين تمهيدا لإقامة الدولة الإسرائيلية فيما بعد.
وفي 31 ديسمبر عام 1949أي بعد الاعلان عن قيام دولة إسرائيلية بأكثر من عام تم الاعلان عن تأسيس جهاز المخابرات الإسرائيلية تحت مسمي جديد هو جهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة وتقرر استمرار إطلاق اسم الموساد كاسم مختصر عليه نظرا لانجازاته المهمة التي تم تنفيذها من خلال خطة تهجير اليهود إلي فلسطين منذ عام 1937وحتي قيام الدولة الإسرائيلية.
ونظرا لأهمية وسرية الأعمال التي يقوم بها الموساد تقرر أن يتبع بصفة مباشرة رئيس الوزراء الإسرائيلي فيتلقي منه التعليمات ويرسل إليه بتقاريره ونتائج أعماله ويحضر رئيسه غالبية إجتماعات مجلس الوزراء المصغر المكون من رئيس الوزراء والوزراء السياديين والذي يبحث ويصدر قراراته في المهام العسكرية والأمنية.
ويكلف الموساد بصفة عامة بجمع المعلومات في زمن السلم والحرب عن الدول المعادية والصديقة, كما يقوم بتنفيذ العمليات السرية الخاصة خارج إسرائيل كما يقوم بإجراء الدراسات الاستخبارية علي بعض الأهداف الاستراتيجية كالنشاط النووي الايراني علي سبيل المثال ويقدم التوصيات المناسبة للتعامل مع هذه الأهداف.
وتنحصر مهام الموساد الرئيسية بشكل محدد فيما يلي:
1- تجنيد العملاء وإدارة شبكات التجسس في جميع الدول خاصة الدول التي لها حدود مشتركة مع إسرائيل كذلك الأقطار المجاورة والتنظيمات والمليشيات التي تشكل تهديدا لأمن وسلامة إسرائيل.
2- التخطيط وتنفيذ العمليات الخاصة خارج إسرائيل بما في ذلك عمليات الاغتيال أو خطف الشخصيات التي تخطط لتهديد سلامة وأمن الدولة الإسرائيلية.
3- وضع تقييم للموقف السياسي والاقتصادي للدول العربية عامة وتقديم المقترحات والتوصيات حول الخطوات الواجب إتباعها لصانع القرار ومتابعة ردود افعال هذه التوصيات بعد تنفيذها علي أرض الواقع.
4- جمع وتقييم المعلومات والأخبار المنشورة في الوسائل العلنية بما في ذلك النشرات والصحف والمجلات والدراسات الاكاديمية والاستراتيجية والبرامج والأفلام التليفزيونية والسينمائية.
5- إحباط النشاطات التجريبية التي تستهدف المصالح الإسرائيلية واليهودية في الخارج.
6- إحباط تطوير الاسلحة غير التقليدية من قبل الدول المعادية والمجاورة خاصة الأنشطة النووية وأسلحة التدمير الشامل بجميع أنواعها والعمل علي منع تسليح هذه الدول بها بجميع الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة.
7- تنشيط أعمال المخابرات السياسية مع الدول التي ليس لها علاقة بإسرائيل وبصفة خاصة الدول العربية وأيضا الأحزاب والتنظيمات السياسية والعسكرية لهذه الدول.
8- إنقاذ اليهود في البلدان التي لا يمكن الهجرة منها إلي إسرائيل من خلال الجاليات اليهودية في الخارج والمؤسسات الإسرائيلية المكلفة رسميا بالقيام بهذه المهمة.
وأقرب مثال علي هذا التكليف الذي نتذكره جميعا عملية نقل الفلاشا من أثيوبيا إلي إسرائيل بالآلاف بشكل مفاجئ بالطائرات وفي زمن قياسي.
فهل لهذه الأسباب أطلق علي جهاز الموساد بأنه جهاز المخابرات الذي لايقهر؟
علي الاطلاق فجهاز الموساد يجابه جهاز المخابرات المصري وهو جهاز المخابرات الوحيد في العالم الذي ومنذ إنشائه في عام 1953عمل في ظروف غاية في الصعوبة عبر ثلاث حروب هي حرب 1967وحرب الاستنزاف وحرب 1973وأثبتت الأيام تفوق جهاز مخابراتنا علي جهاز الموساد سواء تجنيد عملاء وزرعهم داخل إسرائيل كما هو الحال في قضية رفعت الجمال أو رأفت الهجان أو في قضايا العملاء المزدوجين كقضية جمعة الشوان والتي أذيعت كمسلسل تحت إسم دموع في عيون وقحة أو في قضايا مقاومة التجسس كما هو الحال في فيلم الصعود إلي الهاوية وأخيرا مسلسل حرب الجواسيس وتشهد أجهزة المخابرات الكبري في العالم بكفاءة وحرفية ضباط المخابرات المصرية الذين يعملون في صمت وهدفهم الوحيد هو حماية أمن مصر وشعب مصر.
في الفترة الأخيرة قضايا التجسس التي كشفتها المخابرات المصرية لحساب الموساد تورط فيها شباب. بماذا تنصح لكي لا يقع أحد منا في براثن التجنيد من جانب أي جهاز مخابرات؟!
وفي إجابته عن هذا التساؤل قال اللواء سامح سيف اليزل. ليس بالضرورة أن يكون الشخص الذي يحاول الاقتراب من المواطن إسرائيلي الجنسية فعادة ما سوف يصرح له بأي جنسية أخري لذا من الواجب علي أي مواطن يشعر بأن هناك اقترابا مشبوها من شخص أو أشخاص بأي جنسية الإبلاغ الفوري عن هذا الاقتراب فقد تكون محاولة لتجنيده من جهاز مخابرات مضاد وعليه إذا كان موجودا خارج البلاد إخطار السفارة المصرية الموجودة بهذا البلد فورا أما اذا كان داخل البلاد فعليه التقدم ببلاغه إلي مبني المخابرات العامة بكوبري القبة حتي يتمكن المسئولون من التعامل مع البلاغ في الوقت المناسب وقبل أن يقع فريسة في أيدي عملائهم.
وفي حواره مع "الأهرام" كشف الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل, عن العملاء الثلاثة الذين زرعتهم المخابرات العامة داخل إسرائيل وهم: كيبورل يعقوبيان وشموئيل باروخ وعبد الرحمن قرمان, وقال إن إسرائيل اعترفت بذلك من خلال كتاب صدر تحت عنوان "الجواسيس", واعتبرت إسرائيل أن من أهم 20 قضية تجسس ضدها كان نصيب مصر أربعا منها, بينها القضية المعروفة والتي كان بطلها رأفت الهجان إلي جانب العملاء الثلاثة الذين نتحدث عنهم.
القصص التالية هي من واقع ملفات جهاز المخابرات العامة المصرية. لم يعلن عنها من قبل. ولم تر النور قبل كتابة تلك السطور, فالملف حافل بالعديد من الانجازات والنجاحات التي تستحق الذكر والإعلان عنها. واليوم يكشف "الأهرام" لأول مرة عن ثلاثة عملاء نجح جهاز المخابرات المصرية في زرعهم داخل إسرائيل بل في جيش الدفاع الإسرائيلي نفسه ضمن أهم عشرين عميلا كانوا يعملون لصالح أجهزة المخابرات المختلفة في العالم. ولم يكن رفعت الجمال الشهير برأفت الهجان هو الوحيد بل كانت هناك أسماء أخري لم يلق الضوء عليها ولم تفتح ملفاتها المغلقة.
كيبورك يعقوبيان, شموئيل سامي باروخ, عبدالرحيم قرمان. هم ثلاثة عملاء نجحت المخابرات المصرية في زرعهم داخل إسرائيل في وقت الحروب واعترفت إسرائيل نفسها بنجاح جهاز المخابرات المصرية في اختراق الحاجز الإسرائيلي وزرع عملاء داخل إسرائيل من خلال كتاب إسرائيلي يحمل عنوان "الجواسيس" وهو الكتاب الذي ظل ينتقل لمدة 3 سنوات ما بين الرقابة العسكرية والشاباك والموساد والأمان ثم نقل إلي دائرة الشئون الجنائية والأمنية في الادعاء العام الإسرائيلي لمراجعته واقراره ولم يتم الموافقة علي نشره إلا بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية علي نشره بحكم قضائي.
هذا ما أكده اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والاستراتيجي في حواره لـ "الأهرام" الذي كشف فيه لأول مرة عن هوية العملاء الثلاثة الذين تم زرعهم داخل إسرائيل بواسطة المخابرات العامة المصرية وقصة كل منهم كما تضمنتها ملفاتهم.
سألته في البداية. ما هي أهم القضايا التي لم يعلن عنها من قبل؟
أجاب اللواء سامح سيف اليزل قائلا:
دعني استخدم ما اعترفت به إسرائيل نفسها من خلال كتاب إسرائيلي تحت عنوان "الجواسيس" من تأليف يوسي ملمان وهو صحفي في جريدة "هاآرتس" وكاتب متخصص في شئون الأمن والآخر إيتان هابر وهو محرر في جريدة "يديعوت أحرونوت" وقام بتغطية معظم الحروب الإسرائيلية والأنشطة الأمنية وعمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين وألف العديد من الكتب التي لها علاقة بالأمن, منها قاموس الأمن الإسرائيلي ومعروف عن الكاتبين اللذين ألفا هذا الكتاب صلتهم الوثيقة بأجهزة الأمن الإسرائيلية الثلاثة الموساد والشين بيت أو الشاباك "جهاز الأمن الداخلي" والأمان "جهاز المخابرات العسكرية".
ويتحدث الكتاب عن أهم عشرين قضية تجسس نجحت أجهزة المخابرات المختلف في العالم في اختراق الحاجز الإسرائيلي وزرع عملاء داخل إسرائيل.
وما هو جدير بالذكر أن الكتاب يوضح في مقدمته أنه قد مر بطرق قاسية لم يسبق لأي كتاب أن مر بها في تاريخ إسرائيل منذ نشأتها وظل ينتقل بين الرقابة العسكرية والشاباك والموساد لمدة ثلاث سنوات ثم نقل إلي دائرة الشئون الجنائية والأمنية في الادعاء العام لإسرائيل لمراجعته وإقراره ولم يتم الموافقة علي نشره إلا بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية علي نشره بحكم قضائي.
أورد الكتاب أربع قضايا لعملاء مصريين تم زرعهم بواسطة المخابرات العامة المصرية منهم رفعت الجمال والذي دخل إسرائيل تحت اسم جاك بيتون والشهير برأفت الهجان وقصته معروفة للجميع, وثلاثة آخرون هم: كيبورك يعقوبيان وشموئيل سامي باروخ وعبدالرحيم قرمان ـ وهذا يعني أن من بين عشرين عميلا كانوا يعملون لصالح أجهزة المخابرات في العالم أربعة عملوا لصالح المخابرات المصرية أي أن 20% من إجمالي أقوي عشرين عملية تجسس ضد إسرائيل كانت من نصيب المصريين.
ما هي قصة العميل الأول الذي زرعته المخابرات المصرية. هذا التساؤل طرحته علي اللواء سيف اليزل؟
وجاءت إجابته من خلال الاعتراف الإسرائيلي نفسه بقوة المخابرات العامة المصرية في زرع العملاء, فالعميل الأول هو: كيبورك يعقوبيان أو يتسحاق كوتشـك ولد في مصر عام 1938 لعائلة أرمينية. ودرس في المدارس المصرية وعند بلوغه سن العشرين عاما توفي والده وأصبح العائل الوحيد للأسرة فتوقف عن الدراسة وعمل بالتصوير حتي يستطيع توفير المال لأسرته. وعلي الرغم من عدم إكمال تعليمه إلا أنه كان يتحدث أربع لغات بخلاف اللغة العربية وهي الانجليزية والفرنسية والاسبانية والتركية.
تم تجنيده بواسطة المخابرات العامة المصرية لزرعه داخل إسرائيل وتم تدريبه وإعداده لمدة عام كامل اشتملت علي إجراء عملية ختان له حيث إن اليهود يختتنون ولم يكن هو كذلك, وأعطي هوية جديدة باسم يتسحاق كوتشك يهودي من مواليد عام 1935 في اليونان ـ وسافر إلي البرازيل بناء علي الخطة الموضوعة من جانب المخابرات المصرية في شهر أبريل عام 1960بحرا وبعد وصوله إلي البرازيل بشهرين اندمج مع الجالية اليهودية في سان باولو وفي نهاية عام 1961تقدم إلي مكتب الوكالة اليهودية بطلب هجرة إلي إسرائيل وتم قبول طلبه وأبحر من البرازيل إلي إسرائيل عن طريقه إيطاليا ووصل ميناء حيفا في منتصف عام1961.
بعد انتهاء دراسته للغة العبرية في إحدي الكيبوتسات طلبت المخابرات المصرية منه أن يتجند في الجيش الإسرائيلي وبالفعل تم تجنيده في سلاح النقل لجيش الدفاع الإسرائيلي وتدرب علي قيادة سيارات النقل الثقيلة في قاعدة عسكرية في منطقة بيت نبالا بالقرب من مدينة اللد ثم عين سائقا لأحد الضباط الكبار في قيادة الدفاع المدني وهو العقيد شمعيا بكنشتين ومن خلال وجوده في جيش الدفاع الإسرائيلي أرسل كما هائلا من المعلومات المهمة إلي المخابرات المصرية ونظرا لخبرته السابقة كمصور قام بتصوير أهداف عسكرية مهمة كما ورد في الكتاب الإسرائيلي وباعتراف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي اضطرت لإجازة طبع الكتاب.
قبض علي يتسحاق كوتشك بعد عدة سنوات من العمل مع المخابرات المصرية وأثناء محاكمته وصفته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنه حوت ضخم لا يمكن لأجهزة الأمن الإسرائيلية القبض علي العديد مثله, وحكمت المحكمة عليه بأقصي عقوبة وهي ثمانية عشرة عاما في السجن وظل في السجن لمدة عامين فقط, وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر ابريل عام 1966 تم تبادله مع ثلاثة إسرائيليين كانوا قد اجتازوا الحدود المصرية بدون إذن وهم يلفيد حانوخا وابنه صموئيل حانوخا وعودي مائير وطلبت مصر استلام فدائيين فلسطينيين مع يتسحاق كوتشك هما حسين حسن الحفاني وسعيد خميس عبدالقادر اللذان قبض عليهما في إسرائيل وهما في طريقهما لتنفيذ عملية فدائية في الداخل.
وماذا عن العميل الثاني وكيف تم تجنيده لحساب المخابرات المصرية؟!
هو رجل الأعمال الإسرائيلي شموئيل سامي باروخ والذي ولد في عام 1923 في مدينة القدس الحي القديم والده صيدلي والعائلة ثرية تعيش في الحي اليهودي بالقدس منذ مدة طويلة درس في البلدة القديمة بالقدس ثم درس في المدرسة الزراعية بمنطقة برديس حنا ثم انتقل للدراسة في كلية سانت جورج التابعة للكنيسة الانجليكانية ثم أنهي دراسته في معهد النسيج بمدينة مانشستر في بريطانيا, واندلعت الحرب العالمية الثانية وبعد مرور عامين تجند شموئيل باروخ في الجيش البريطاني ووصل إلي رتبة رقيب أول وأصيب في المعارك وحصل علي عدة أوسمة وبعد الحرب في عام 1946استكمل دراسته وتخرج عام 1949كهندس نسيج وأنشأ مصنعا للنسيج في مانشستر وتزوج وأنجب ثلاثة أولاد وبعد نحو عشر سنوات وفي عام 1958عاد إلي إسرائيل مع زوجته وأولاده وأقام في تل أبيب وأنشأ مصنعا للنسيج في كريات جات باسم أرجدين للنسيج في عام 1963أفلس المصنع وباع الدائنون المصنع إلي مصنع منافس له تحت اسم مصنع بولجيت مما أصاب باروخ بصدمة نفسية شديدة.
وعلي التوازي حين كان رجل أعمال وقبل إفلاسه عمل كناشط سياسي حيث انضم إلي حركة سياسية جديدة في ذلك الوقت تدعي "إسرائيل الشابة" وتم تعيينه رئيسا للجنة المالية للحركة وكانت هذه الحركة تعد نفسها للاشتراك في الانتخابات السادسة للكنيست الإسرائيلي وكان باروخ يرغب بشدة في دخول الكنيست كعضو منتخب.
وبعد إفلاس باروخ في عام 1963قرر السفر وعائلته إلي سويسرا في محاولة لتوفير سيولة مالية بشكل أو بآخر حتي يعود لبدء نشاطه مرة أخري في إسرائيل ووصل بالفعل إلي جنيف وأقام وأسرته لدي أحد أقاربه هناك.
علمت المخابرات العامة المصرية بوجود باروخ في جنيف وبتفاصيل حياته بالكامل ومنها حالته المالية المتدهورة وتم تجنيده للعمل لصالح مصر وتم تدريبه للعمل من داخل إسرائيل ورجع إلي إسرائيل هو وأسرته وقدم معلومات اقتصادية وسياسية مهمة من خلال اتصالاته ومعارفه لعدة سنوات, إلا أن رعونته وثقته الزائدة في نفسه أدت إلي القبض عليه ومحاكمته وحكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما أمضي منها 10سنوات ثم أفرج عنه خلال عفو لبعض السجناء وترك إسرائيل وسافر لإحدي الدول الأوروبية التي يعيش بها حتي اليوم.
ومن هو العميل الثالث؟
هو عبدالرحيم قرمان والذي ولد في عام 1938لإحدي العائلات العربية الثرية والمحترمة في مدينة حيفا وكانت عائلته معروفة خلال الانتداب البريطاني بأنها عائلة محترمة ومعتدلة وجاء ثراء هذه العائلة نتيجة امتلاكهم أراضي كثيرة في مناطق الجليل الغربي ومدينة الكرمل, تلقي تعليمه في المدرسة الثانوية في حيفا وغادر قريته في نهاية الخمسينيات وسافر إلي أوروبا وتعرف علي شابة فرنسية تدعي مونيك وتزوجها بعد أن أسلمت وعادا معا إلي إسرائيل وفي عام 1967غادر ومعه زوجته إسرائيل إلي فرنسا مرة أخري من أجل تبني ولد من أحد مخيمات اللاجئين في الدول العربية وتعرف علي أحد المصريين الذي قدمه إلي أحد ضباط المخابرات العامة الذي استطاع بعد فترة أن يجنده ويدربه للعمل لصالح مصر وكلف بمهام مهمة للغاية حسبا ما جاء بكتاب الجواسيس الإسرائيلي منها تصوير سفن سلاح البحرية الإسرائيلي في حيفا وتصوير الصواريخ من طراز "جبرائيل" التي تطلق من البحر علي أهداف بحرية وكانت هذه الصواريخ من الأسرار العسكرية المهمة في جيش الدفاع الإسرائيلي كما كلف باختبار ملائمة طريق حيفا ـ عكا لاقلاع وهبوط الطائرات الحربية وقت الطوارئ ومحاولة التقرب من اليهود خاصة الذين يسافرون كثيرا للخارج مع التركيز علي العاملين في القوات الجوية الإسرائيلية, وفي ربيع عام 1969نجح قرمان في تجنيد عميل جديد للمخابرات المصرية بناء علي التعليمات الصادرة له وجند توفيق فياض بطاح البالغ من العمر ثلاثين عاما ويعمل موظفا في جمارك ميناء حيفا حيث رؤي ضرورة وجود أحد العملاء بصفة دائمة داخل الميناء لمراقبة القطع البحرية الإسرائيلية والابلاغ عن كافة المعلومات والتفاصيل عنها وهو الأمر الذي تم بنجاح حتي نهاية عام 1970وقبض عليهما لعدم اتباعهما تعليمات الأمن المستديمة وحكم علي قرمان بالسجن لمدة اثني عشر عاما واستأنف الحكم أمام محكمة العدل العليا التي حكمت عليه بستة عشر عاما بزيادة أربعة أعوام عن الحكم الأول, أما توفيق بطاح فحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وظلا بالسجن لمدة أربعة أعوام وقامت المخابرات العامة المصرية بتبادلهما ومعهما آخران عام 1974مقابل مبادلة الجاسوس الإسرائيلي باروخ زكي مزراحي ثم قررا السفر إلي إحدي الدول الأوروبية للإقامة بها.
تلك هي الرواية الحرفية التي وردت بكتاب الجواسيس عن العملاء المصريين الأربعة حتي يتحقق القول المعروف بأنه شهد شاهد من أهلها ولكن يجب أن نوضح أن هذا جزء من كل, فليس كل من يعمل يقبض عليه أي أن هناك العشرات بل المئات من القصص البطولية الأخري لا يمكن الافصاح عنها لأنها ببساطة شديدة, الموساد لا يعلم عنها شيئا.
هل تقل أهمية الأعمال الاستخباراتية في زمن السلم عنه في زمن الحرب خاصة في ظل معاهدات السلام وإقامة العلاقات الدبلوماسية؟!
الحصول علي المعلومات مستمر طالما هناك حياة علي سطح الأرض, ولا تقل أهمية الحصول علي المعلومات في زمن السلم عن زمن الحرب بل إن هناك خبراء يعتقدون أن جمع المعلومات في زمن السلم يفوق في الأهمية عن زمن الحرب لعوامل عديدة ـ ونحن نعلم أن الموساد مستمر ولا يتوقف عن محاولة تجنيد عناصر جديدة تتعاون معه, وخير دليل علي ذلك قيام المخابرات العامة بالكشف عن ثلاث قضايا تجسس لصالح إسرائيل خلال الفترة الماضية فقط, وقدموا جميعا للمحاكم وتمت إدانتهم بالسجن ويوضح هذا أيضا مدي قدرة ويقظة رجال المخابرات المصريين.
لكننا نجد بين فترة وأخري مسلسلات وأفلاما تتضمن قضايا من ملفات المخابرات مثلما شاهدنا في رمضان مسلسل "حرب الجواسيس" هل لهذا أسباب أو أهداف ما؟!
أجاب اللواء سامح سيف اليزل بقوله: تقوم أجهزة المخابرات الكبري والتي أثبتت مكانها ضمن صفوة أجهزة المخابرات العالمية بعرض بعض من أعمالها وقضاياها الحقيقية علي فترات متفاوتة يتم اختيار توقيت إذاعتها بعناية شديدة سواء كانت علي هيئة مسلسلات درامية متعددة الحلقات أو فيلم سينمائي بهدف بث رسالة أمنية تثقف وتزود المشاهد بجرعة أمنية تهدف إلي زيادة الوعي الأمني لدي المشاهد وتعريفه بطرق الاقتراب المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها سواء كان ذلك داخل البلاد أو خارجها من أجهزة المخابرات المضادة وحتي يتمكن من اكتشاف ما يمكن أن يتعرض له في الوقت المناسب كما يهدف عرض هذه الأعمال الدرامية إلي رفع الروح المعنوية لدي المواطنين وزيادة ثقتهم في أجهزتهم السيادية وعرض بطولات لمواطنين شرفاء وهبوا أنفسهم لصالح وطنهم.
وكلنا نتذكر المسلسلات التليفزيونية رأفت الهجان ودموع في عيون وقحة وأخيرا حرب الجواسيس وأيضا الفيلم السينمائي الصعود إلي الهاوية وكلها أمثلة لما سبق ذكره ونلاحظ أن كل هذه القضايا كان الطرف الآخر فيها هو جهاز الموساد الإسرائيلي.
وماذا عن جهاز الموساد الإسرائيلي؟
كلمة الموساد هي اختصار لعبارة باللغة العبرية هي "موساد لعالياه بت" وتعني منظمة الهجرة غير الشرعية والتي صدر قرار بإنشائها من بن جوريون في عام 1937كادارة تابعة لمنظمة الهاجاناه التي كان يترأسها بن جوريون في ذلك الوقت والتي كانت تهدف بشكل رئيسي إلي تهجير اليهود من دولهم الأصلية إلي فلسطين تمهيدا لإقامة الدولة الإسرائيلية فيما بعد.
وفي 31 ديسمبر عام 1949أي بعد الاعلان عن قيام دولة إسرائيلية بأكثر من عام تم الاعلان عن تأسيس جهاز المخابرات الإسرائيلية تحت مسمي جديد هو جهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة وتقرر استمرار إطلاق اسم الموساد كاسم مختصر عليه نظرا لانجازاته المهمة التي تم تنفيذها من خلال خطة تهجير اليهود إلي فلسطين منذ عام 1937وحتي قيام الدولة الإسرائيلية.
ونظرا لأهمية وسرية الأعمال التي يقوم بها الموساد تقرر أن يتبع بصفة مباشرة رئيس الوزراء الإسرائيلي فيتلقي منه التعليمات ويرسل إليه بتقاريره ونتائج أعماله ويحضر رئيسه غالبية إجتماعات مجلس الوزراء المصغر المكون من رئيس الوزراء والوزراء السياديين والذي يبحث ويصدر قراراته في المهام العسكرية والأمنية.
ويكلف الموساد بصفة عامة بجمع المعلومات في زمن السلم والحرب عن الدول المعادية والصديقة, كما يقوم بتنفيذ العمليات السرية الخاصة خارج إسرائيل كما يقوم بإجراء الدراسات الاستخبارية علي بعض الأهداف الاستراتيجية كالنشاط النووي الايراني علي سبيل المثال ويقدم التوصيات المناسبة للتعامل مع هذه الأهداف.
وتنحصر مهام الموساد الرئيسية بشكل محدد فيما يلي:
1- تجنيد العملاء وإدارة شبكات التجسس في جميع الدول خاصة الدول التي لها حدود مشتركة مع إسرائيل كذلك الأقطار المجاورة والتنظيمات والمليشيات التي تشكل تهديدا لأمن وسلامة إسرائيل.
2- التخطيط وتنفيذ العمليات الخاصة خارج إسرائيل بما في ذلك عمليات الاغتيال أو خطف الشخصيات التي تخطط لتهديد سلامة وأمن الدولة الإسرائيلية.
3- وضع تقييم للموقف السياسي والاقتصادي للدول العربية عامة وتقديم المقترحات والتوصيات حول الخطوات الواجب إتباعها لصانع القرار ومتابعة ردود افعال هذه التوصيات بعد تنفيذها علي أرض الواقع.
4- جمع وتقييم المعلومات والأخبار المنشورة في الوسائل العلنية بما في ذلك النشرات والصحف والمجلات والدراسات الاكاديمية والاستراتيجية والبرامج والأفلام التليفزيونية والسينمائية.
5- إحباط النشاطات التجريبية التي تستهدف المصالح الإسرائيلية واليهودية في الخارج.
6- إحباط تطوير الاسلحة غير التقليدية من قبل الدول المعادية والمجاورة خاصة الأنشطة النووية وأسلحة التدمير الشامل بجميع أنواعها والعمل علي منع تسليح هذه الدول بها بجميع الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة.
7- تنشيط أعمال المخابرات السياسية مع الدول التي ليس لها علاقة بإسرائيل وبصفة خاصة الدول العربية وأيضا الأحزاب والتنظيمات السياسية والعسكرية لهذه الدول.
8- إنقاذ اليهود في البلدان التي لا يمكن الهجرة منها إلي إسرائيل من خلال الجاليات اليهودية في الخارج والمؤسسات الإسرائيلية المكلفة رسميا بالقيام بهذه المهمة.
وأقرب مثال علي هذا التكليف الذي نتذكره جميعا عملية نقل الفلاشا من أثيوبيا إلي إسرائيل بالآلاف بشكل مفاجئ بالطائرات وفي زمن قياسي.
فهل لهذه الأسباب أطلق علي جهاز الموساد بأنه جهاز المخابرات الذي لايقهر؟
علي الاطلاق فجهاز الموساد يجابه جهاز المخابرات المصري وهو جهاز المخابرات الوحيد في العالم الذي ومنذ إنشائه في عام 1953عمل في ظروف غاية في الصعوبة عبر ثلاث حروب هي حرب 1967وحرب الاستنزاف وحرب 1973وأثبتت الأيام تفوق جهاز مخابراتنا علي جهاز الموساد سواء تجنيد عملاء وزرعهم داخل إسرائيل كما هو الحال في قضية رفعت الجمال أو رأفت الهجان أو في قضايا العملاء المزدوجين كقضية جمعة الشوان والتي أذيعت كمسلسل تحت إسم دموع في عيون وقحة أو في قضايا مقاومة التجسس كما هو الحال في فيلم الصعود إلي الهاوية وأخيرا مسلسل حرب الجواسيس وتشهد أجهزة المخابرات الكبري في العالم بكفاءة وحرفية ضباط المخابرات المصرية الذين يعملون في صمت وهدفهم الوحيد هو حماية أمن مصر وشعب مصر.
في الفترة الأخيرة قضايا التجسس التي كشفتها المخابرات المصرية لحساب الموساد تورط فيها شباب. بماذا تنصح لكي لا يقع أحد منا في براثن التجنيد من جانب أي جهاز مخابرات؟!
وفي إجابته عن هذا التساؤل قال اللواء سامح سيف اليزل. ليس بالضرورة أن يكون الشخص الذي يحاول الاقتراب من المواطن إسرائيلي الجنسية فعادة ما سوف يصرح له بأي جنسية أخري لذا من الواجب علي أي مواطن يشعر بأن هناك اقترابا مشبوها من شخص أو أشخاص بأي جنسية الإبلاغ الفوري عن هذا الاقتراب فقد تكون محاولة لتجنيده من جهاز مخابرات مضاد وعليه إذا كان موجودا خارج البلاد إخطار السفارة المصرية الموجودة بهذا البلد فورا أما اذا كان داخل البلاد فعليه التقدم ببلاغه إلي مبني المخابرات العامة بكوبري القبة حتي يتمكن المسئولون من التعامل مع البلاغ في الوقت المناسب وقبل أن يقع فريسة في أيدي عملائهم.
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر