السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ما حكم قول الشاعر: «إذا الشَّعبُ يوماً أرادَ الحَياة *** فلا بُدَّ أنْ يَستَجيبَ القَدر»؟ |
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أخي السائل: لا شك أن هذا البيت من الشعر -لأبي القاسم الشابي- طار في كل البلدان, وردد على كل لسان, لاسيما في زمن الثورات التي تشهدها الساحة.. وهذا البيت -إن صح التعبير-: ظاهره كفر, وباطنه إسلام! بمعنى أنك تحكم عليه للوهلة الأولى بأنه خلل في العقيدة فادح, وهذا الظاهر, فالشاعر قد جعل الشعب هو مقدر الأقدار وليس الله تعالى! وبعبارة أخرى: أي إن القدر تحت إرادة الشعب وليس العكس! وهذا مناقض لنصوص الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)) [الإنسان], وقوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)) [التكوير]. وكحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوما، فقال: (يا غلام إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية الإمام أحمد: (احفظ الله تجده أَمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك، وما أَصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أَن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسرِ يسرا). وأما الوجه الأخر لفهم هذا البيت؛ فلا بد أن نغوص في أعماقه, وكما قيل: "المعنى في بطن الشاعر!".. فقد يكون مراد الشاعر من قوله: "فلا بد أن يستجيب القدر", أن الله تعالى سبب للأشياء أسباباً, من قام بها على أكمل وجه حصلت له نتائجها في الأعم الأغلب.. فالتجارة –مثلاً- من أسباب الرزق, والجهاد من أسباب النصر, فإن تحقق الرزق بالقيام بالتجارة, وتحقق النصر بالقيام بالجهاد فهو استجابة القدر التي قدرها الله تعالى. وهذا من جنس قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما امتنع من دخول البلد الذي وقع فيه الوباء فقيل له: أتفر من قدر الله؟ قال رضي الله عنه: "نفر من قدر الله إلى قدر الله"، بمعنى أننا نأخذ بالأسباب الواقية التي أمرنا الله باتخاذها وهي من قدر الله تعالى لأنه لا يقع في هذا الكون إلا ما قدر الله.. ويمكن الإستدلال لهذا المعنى بالاستعانة بما يلي هذا البيت من أبيات, فإنه قال: إذا الشـــعبُ يومـاً أراد الحيــاة *** فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي *** ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ إلى أن قال: كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ *** وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ إي: أنه علم ذلك وخبره من سنن الله الكونية, وهذا شبيه بما قاله أمير الشعراء شوقي: وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وما استصعى على قوم منال *** إذا الأقدام كان لهم ركابا ومع ذلك فإني لا أحب لموحد أن يردد ذلك البيت على ما فيه من شبهة, وله أن يغيره, فيقول: إذا الشَّعبُ يوماً أرادَ الحَياة *** سيكرمه ربنا بالظفر أو يقول: إذا الشَّعبُ يوماً أرادَ الحَياة *** فلا بد للحق أن ينتصر أو يقول: إذا الشَّعبُ يوماً أرادَ الحَياة *** فلا بُدَّ أنْ يستعيد العبر أو يقول غير ذلك مما لا يخل بمعنى البيت أو مبناه, ولا يتعارض مع الشرع وفحواه, وبالله التوفيق. |
منقول
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر