وهذا رجل يدخل المسجد ويتبول فيه، من دون مراعاة لحرمة المكان ووجود الناس فيتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينتهي، ثم يدعوه إليه ليعلمه أن للمسجد حرمة وأنه للصلاة والذكر والتسبيح. فعن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مه مه" (4) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزرموه (5) ،دعوه (6) " فتركوه حتى بال. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم - دعاه
__________
(1) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة – باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة رقمه (537) جـ 1/ 381. وقوله: «ما كهرني» ، أي: ما نهرني.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي جـ5/28.
(3) انظر: من صفات الداعية اللين والرفق، ص 34.
(4) ((مه مه)) هي كلمة زجر، انظر صحيح مسلم بشرح النووي 3/193.
(5) (لا تزرموه) لا تقطعوا عليه بوله، المرجع السابق، 3/192.
(6) (دعوه) اتركوه.
(1/7)
فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة، وقراءة القرآن" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: "فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنه (1) عليه".
قال الإمام النووي رحمه الله: "وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء إذا لم يأت بالمخالفة استخفافاً أو عناداً (2) .فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك الأعرابي يبول في المسجد إلا لما خشي من ظهور منكر أعظم من منعه مِن البول" (3) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "إنما تركوه يبول في المسجد لأنه كان شرع في المفسدة، فلو منع لزادت، إذ حصل تلويث جزء من المسجد، فلو منع لدار بين أمرين: إما أن يقطعه فيتضرر، وإما ألا يقطعه فلا يأمن من تنجيس بدنه أو ثوبه، أو مواضع أخرى من المسجد" (4)
فالمعلم التربوي يقرن تعليمه بالرفق واللين، فيكون له أعظم الأثر في قلوب طلابه. وهكذا كان لمعاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي بالرفق أعظم الأثر في نفسه، ونلاحظ ذلك في قول الأعرابي بعد أن فقه "بأبي وأمي" فلم يؤنب ولم يسب.
ومن اهتمامه صلى الله عليه وسلم بتعليم الرجال دعوته المستمرة إلى الاهتمام بالفرد، واغتنام أحسن المناسبات لتوعيته وتوجيهه، ومن ذلك قصة الرجل الذي جاء
__________
(1) (فشنه) فصبه، صحيح مسلم بشرح النووي، 3/193.
(2) صحيح مسلم، باب كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها، رقمه (285) جـ1/237.
(3) انظر: مراعاة أحوال المخاطبين، ص97.
(4) انظر: فتح الباري، 1/ 323.
(
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر