" واللائى لم يحضن ".. إعجاز قرآنى ودليل نبوة
[url=http://www.masress.com/author?name=محمد بيومي]محمد بيومي[/url] الشعب : 14 - 10 - 2012
لهذا المقال قصة حقيقية عشتها بأعصاب تحترق؛ فقد حدث ذات ليلة أن دخلت إحدى غرف التحدث المعروفة باسم "تشات روومزchat rooms " وكان نقاش محتدم بين غير المسلمين ومسلمين حول الآية الرابعة من سورة الطلاق ونصها: "واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن، وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا".
وكان غير المسلمين يستندون إلى هذه الآية فى الهجوم على الإسلام باعتباره دينا يسمح بالاستغلال الجنسى للأطفال، وهو ما يعرف فى اللغة الإنجيزية ب" بيدوفيليا" paedophilia .
كنت وقتها أعيش فى هولندا، حيث يكون القبض على شبكة أو على شخص بتهمة ممارسة الجنس مع الأطفال يمثل خبرًا تهتم به الصحف والإذاعات ويشمئز منه الإنسان. وهم فى ذلك يتفقون مع غيرهم من الناس الذين لم يلبسهم الشذوذ فى أى مكان وأى زمان.
تملكنى الغضب من هؤلاء الذين يطعنون فى الإسلام -وهو دين الفطرة- بذلك الادعاء البعيد كل البعد عن فطرة الله التى فطر الناس عليها. وتدخلت قائلا بأنهم يفسرون القرآن تبعا لأهوائهم المريضة.
وكان ردهم فى هدوء هو أن كل كتب تفاسير القرآن تقول بما يقولون، وأننا معشر المسلمين لا نقرأ كتبنا وندافع عن الإسلام بجهالة.
ألقيت بنفسى على كتب التفسير تملؤنى الثقة فى أنه لا يمكن أن يكون تفسير الآية بهذا الشكل الذى يخالف الفطرة الإنسانية، بينما نحن نطمئن إلى الإسلام أنه دين الفطرة فى أنقى صفائها و نقائها.
بدأت بتفسير ابن كثير، وكدت لا أصدق ما أقرأ؛ إنه يفسر "اللائى لم يحضن" بأنهن الصغار اللائى لم يبلغن سن الحيض. وهذا هو قول مهاجمى الإسلام.
وفتحت تفاسير الطبرى، والجلالين، والقرطبى، وغيرها من المفسرين، فإذا بهم يجمعون على أن المقصود بهذه الآية الصغيرات.
كدت أتمزق أشلاء بين رفضى القاطع لهذا التفسير الذى يصطدم بشكل مدوٍّ مع فطرة الله التى فطر الناس عليها، وبين الحديث النبوى الشريف أن أمته صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة.
فليس من فطرة الله أن يجامع "شحط" بالغ طفلة صغيرة لم تبلغ سن الحيض، ولو كان ذلك تحت عباءة الزواج، بل إن ذلك أحسبه عين الضلال، فكيف يجمع عليه المفسرون.
وبدا لى أن مفسرًا فى العصر الحديث قد يشق هذا الإجماع الذى أراه ضالًّا، فينقذنى مما أنا فيه من حيرة وتمزق. فكان أن لجأت إلى كتاب "فى ظلال القرآن" للشيخ سيد قطب رحمة الله عليه. ولكنه لم يزدنى إلا حيرة وعذابًا، فلقد فسر الآية كما فسرها الآخرون بأن المقصود "الصغار".
أيام وليال قضيتها على هذه الحال، كادت أن تقضى على وتهد كيانى، فليس فى حياتى شىء يقينى أركن إليه وأطمئن إليه إلا الإسلام، والذى ترفض نفسى أن يكون فيه مثل هذا الضلال.
وأحمد الله أن هذه الأيام والليالى لم تطل كثيرًا، وإن بدت فى حينها كطول الدهر. فسرعان ما هدانى الله إلى الاستعانة بصديق لى يعمل فى جامعة القاهرة أستاذًا لأمراض النساء والولادة (وهو حاليا رئيس قسم النساء والولادة فى كلية الطب، بجامعة القاهرة).
طلبته تليفونيًّا وسألته سؤالًا محددًا: هل يمكن لامرأة أن تنضج بحيث تكون مؤهلة للزواج وهى لا تحيض؟
وكانت الإجابة: "يمكن قوى وموجودين كتير".
وسألته مرة أخرى للإيضاح والاطمئنان: "يعنى ممكن يكون عمرها عشرين أو تلاتين سنة ولم تحض"؟
وكانت الإجابة: "ممكن يكون عمرها تمانين سنة ولم تحض، وتعيش عمرها كله ولم تحض".
وسألته أيضًا: "ودول نسبتهم كام بالقياس للمجموع العام من النساء يا دكتور؟ "
والإجابة: "نسبة اللى بيتأخروا فى الحيض حوالى 6-7%. نصفهم يأتيه الحيض بعد ذلك والبعض يستمر حاله هكذا" .
وزدت فى السؤال وقلبى يكاد يطير من فرحة اليقين: "ودى ممكن تتجوز وما يكونش ناقصها حاجة من الناحية الجسدية وبالتحديد الجنسية والعاطفية كامرأة ؟"
وكان الجواب: "لا ينقصها شىء على الإطلاق سوى أن فرصتها فى الحمل نادرة وتقترب من العدم. غير هذا فهى امرأة مكتملة الأنوثة".
" روح يا شيخ الله يفتح عليك" هكذا صحت بفرحة، قبل أن أتحدث معه فى غير ذلك من الأمور وأنهى المكالمة الدولية.
ومن قلبى ظللت أردد "روح يا شيخ الله يفتح عليك". لقد انقلب السحر على الساحر، وإذا بالآية التى يرونها نقطة للهجوم على كتاب الله وعلى الدين الذى جاء به الرسول الكريم، تصبح ذاتها صورة من صور الإعجاز العلمى التى يزخر بها القرآن العظيم، وتصبح دليلًا على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، و"إن هو إلا وحى يوحى. "
ولكى نفهم موقع "واللائى لم يحضن" علينا أن ننظر إلى المرأة عمومًا وموقفها من العدة المفروضة؛ فالمرأة بهذا الخصوص هى واحدة من ست حالات:
1- امرأة تحيض حيضًا طبيعيًّا وطلقت من زوجها. وهذه عدتها ثلاث حيضات.
2- امرأة تحيض حيضًا طبيعيًّا ومات عنها زوجها. وهذه عدتها أربعة أشهر وعشر.
3- امرأة كانت تحيض حيضًا طبيعيًّا ولكن انقطع عنها الحيض فترة طويلة لتقدمها فى السن، مما يجعلها تيأس من أن تحيض مرة أخرى. وهذه عدتها ثلاثة أشهر.
4- امرأة لم تحض من قبل رغم تعديها السن المعتادة أن تحيض عندها المرأة، وطلقت أو مات عنها زوجها قبل أن تحيض. وهذه عدتها ثلاثة أشهر كالتى يئست من المحيض.
5- امرأة حبلى تحمل جنينًا فى رحمها، وهذه عدتها أن تضع حملها.
6- امرأة تحيض طبيعيًّا وتزوجت ولكن لم يدخل بها زوجها قبل أن يطلقها أو توفى عنها. وهذه لا عدة لها.
لو أن القرآن الكريم لم يذكر الحالة الرابعة وهى "واللائى لم يحضن" لكانت لدينا مشكلة فى تحديد عدتها. وهى حالة نسبة وجودها إلى المجموع العام من النساء لا يزيد عن 6-7% فى الوقت الحاضر، وهو ما يعنى أنها كانت فى مجتمع الصحراء الخالى من أى تلوث بيئى هى أقل من ذلك بكثير. وإذا وضعنا فى الاعتبار أن نصفهن يحيض فى وقت لاحق لعلمنا ضآلة النسبة النهائية لهذه الحالة. فمن غير ممكن لرجل أمى يعيش فى الصحراء أن يعلمه ويضعه فى الاعتبار وهو يشرع لأتباعه دينهم الذى يدعوهم إليه. ومما يؤكد هذا الطرح أن كبار المفسرين لم يدر بخلدهم إمكانية وجود مثل هذه الحالة وإلا ما كانوا أخذوا النص على أنه يعنى الصغار.
الله وحده -الذى أحصى كل شىء عددًا- يعلم هذه الحقيقة منذ الأزل، وأنزلها فى كتابه الذى لا يأتيه الباطل. وكانت الدقة فى استخدام حرف النفى "لم" الدال على الزمن الماضى. وليس حرف النفى "لا" الدال على الزمن الحاضر والمستمر. وأيضًا ليس حرف النفى "لن" الدال على المستقبل. ذلك لأن التى لم تحض فى الماضى قد تحيض فى الزمن الحاضر، أو تحيض فى المستقبل.
والواضح أن العدة فرضت على النساء اللائى تم الدخول بهن فحسب، وليس هناك من عدة على من لم يدخل بها. أى أن العدة ترتبط بحالة تمام حدوث الاتصال الجنسى بين الزوجة وزوجها. وهنا يكشف لنا العلم الحديث الآن عن إعجاز آخر ودليل نبوة لا ينكره إلا كل معتد أثيم.
الآن توصل العلماء إلى الحقائق التالية :
1- أن السائل الذكرى يختلف من شخص لآخر كما تختلف بصمة الإصبع، وأن لكل رجل "شفرة" خاصة به.
2- أن المرأة تحمل داخل جسدها ما يشبه الكمبيوتر، الذى يختزن شفرة الرجل الذى يعاشرها.
3- إذا دخل على هذا الكمبيوتر أكثر من شفرة، فكأنما دخل فيروس على الكمبيوتر، فيصاب بالخلل والاضطراب والأمراض الخبيثة. وهذه الحقيقة تفسر بالضرورة– إلى جانب أسباب أخرى- لماذا تتزوج المرأة رجلًا واحدًا، ولا يتعدد أزواجها.
4- بالدراسات المكثفة للوصول إلى حل أو علاج لهذه المشكلة، اكتشف العلماء أن المرأة تحتاج إلى مدة العدة نفسها التى شرعها الإسلام حتى تستطيع استقبال شفرة جديدة دون أن تصاب بأذى.
5- فبعد الحيضة الأولى تزول ما نسبته 38% من شفرة الرجل الذى عاشرته. وبعد الحيضة الثانية تزول ما نسبته 78%. وبعد الحيضة الثالثة تزول ما نسبته 99,999% .
6- أن الأرملة تحتاج إلى فترة أطول من المطلقة حتى يتسنى لها التخلص من شفرة زوجها الذى مات عنها. وذلك بالنظر إلى حالتها النفسية وتعلقها بزوجها وحزنها عليه، بعكس المطلقة التى غالبًا ما يسبق طلاقها مشكلات أو عدم رضا أو فتور فى العلاقة الزوجية.
ها نحن الآن ندرك الأهمية القصوى لاحترام فترة العدة المفروضة على النساء المطلقات والأرامل. وأن منهن نسبة ضئيلة لم يحضن، ولولا ذكرهن فى الكتاب لكانت هناك مشكلة فى تحديد فترة عدتهن. ولكن صدق الله العظيم "ما فرطنا فى الكتاب من شىء".
والمعروف أن بلوغ سن الحيض يتلازم معه متغيرات أخرى غير الحيض فى جسد الأنثى تدل على نضجها الأنثوى الذى يسمح لها بالزواج، كما تحدث متغيرات فى جسد الذكور تصاحب بلوغ سن الحلم. وهذه المتغيرات وما يصحبها من متغيرات نفسية وهرمونية هى التى تسمح للأنثى والذكر بأن ينتقلا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ والاستعداد للزواج. ومن هنا نفهم أن الأنثى وكذلك الذكر لا بد أن تتاح لهما الفرصة الزمنية للاعتياد على هذه المتغيرات والتأقلم معها، ومن ثم يتطلع كل منهما إلى حياة يكون فيها شريكًا مستعدًّا وراغبًا فى بناء الأسرة مع الآخر.
وغنى عن القول أن امتناع الحيض لا يمنع بقية المتغيرات التى تصاحب البلوغ عند المرأة أن تأخذ مسارها الطبيعى حتى يتم نضجها الجسدى والنفسى. وعند ذلك تتطلع بغريزتها الأنثوية إلى الارتباط برجل تطمئن إليه وتشاركه مشوار العمر.
فالقرآن الكريم لا يمكن أن يسمح بزواج الصغيرات اللائى لم يبلغن سن الحيض. والذى تظهر معه علامات النضج الأنثوى إلى أن تتم عملية النضج فعلًا، لأن ذلك يتنافى مع الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها.
بل إننا نرى فى الآية رقم (235 من سورة البقرة) نهيًا واضحًا عن إتمام عملية الزواج قبل الأجل المفروض له. وعندى أن الأجل المفروض فى هذه الآية أعم وأشمل مما ذهب إليه عموم المفسرين، الذين قصروه بدون دليل على أجل العدة للمطلقات واللائى يتوفى عنهن أزواجهن.
فنص الآية الكريمة هو "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم فى أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله، واعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم".
ولا أعلم لماذا قصر المفسرون النساء هنا على النساء اللائى فى فترة العدة دون غيرهن من النساء. فبرغم أن الآية السابقة مباشرة لهذه الآية تتناول عدة من يتوفى عنهن أزواجهن، وأن الآيات رقم 27 وما بعدها تتناول مسألة الطلاق، إلا أنها أيضًا تتناول قضايا لا ترتبط بالطلاق على سبيل القصر.
منها قضية "الرضاعة" التى تتم تمامًا كاملًا "لمن أراد أن يتم الرضاعة" فى عامين ولا تزيد. فبعد العامين لا مجال للحديث عن الرضاعة، المعرفة ب"الألف واللام"، أى عموم الرضاعة. ولا يمكن لحديث صحيح أن يخالف كلام الله.
ومنها أيضًا قضية الإمساك بالمعروف مقابل التسريح بإحسان، وتحريم الإمساك ضرارًا واعتداءً.
ثم إن الآيتين التاليتين مباشرة للآية رقم 235 تتناولان طلاق من لم يدخل بهن دون ذكر مسألة العدة على الإطلاق؛ فعدة أولئك نجدها فى الآية رقم 49 من سورة الأحزاب.
ثم تتلوهما آيتان تتناولان المحافظة على الصلاة والصلاة الوسطى فى كل حال سواء الطمأنينة أو الخوف، وهى أمور ليست فى سياق الطلاق وقضاياه، ثم تعود بنا الآيتان التاليتان لهما إلى تناول-مرة أخرى- من يتوفى عنها زوجها، والمطلقات بشكل عام، وذلك من زاوية حقهن فى المتاع.
فليس فى سياق الآيات الكريمات ونصوصها ما يدفعنا إلى قصر النساء فى الآية موضوع التدبر على أولئك اللائى فى فترة العدة.
بل إن فيها ما يجبرنا على قبول "النساء" فى الآية الكريمة قبولًا عامًّا. الثيبات منهن والأبكار.
"ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء، أو أكننتم فى أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن" الآية، هو حديث موجه إلى الرجال كافة. من يقول إن الرجال كافة يذكرون الثيبات من النساء فحسب وبالتحديد فى فترة عدتهن؟ هل نحتاج إلى الإشارة إلى أن الأبكار من النساء يذكرن
فى نفوس الرجال أكثر بكثير إذا ما كانت المقارنة بينهن وبين الثيبات؟ بل إن القرآن الكريم أشار إلى تلك الحقيقة الطبيعية وهو يعد المؤمنين ثواب الآخرة. " إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا".. " فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان"..وغيرها كثير من الآيات.
والقول بأن خطبة المطلقات غير مسموح به فى فترة العدة، فذلك لأن أزواجهن أحق فى ذلك إن أرادوا إصلاحًا، ولكن التفاسير أباحت "التلميح" بخطبتهن من دون تصريح، وهى إباحة تصلح أيضًا- ومن باب أولى- فى حال الأبكار؛ إذ إن خطبتهن مباحة أصلًا.
" ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا" الآية، من يقول أن نهى الرجال عن مواعدة النساء سرًّا إلا أن يقولوا قولًا معروفًا هو نهى عن مواعدة المطلقات فحسب، أو من يتوفى عنهن أزواجهن دون غيرهن من النساء، وبالتحديد فى فترة العدة؟
إن هذا النهى هو نهى عام شامل جامع لكل الرجال وكل النساء.
ومن هنا يأتى فهمنا النهى فى الآية الكريمة "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" بأنه النهى عن أن نعزم عقدة النكاح على أى من النساء، ثيبات كن أو أبكارًا، حتى يبلغ الكتاب أجله.
فالكتاب الذى هو الحكم أو الفرض الذى فرضه الله سبحانه، مثل: "كتب عليكم الصيام"، و"كتب عليكم القتال". أما الأجل فهو المدة أو غاية الوقت لأى شىء.
وفى حال الثيبات يبلغ الكتاب "الحكم أو الفرض" أجله فى تمام العدة كما بينها القرآن الكريم فى سورة البقرة، وسورة الطلاق، أو فى عدم وجوبه كما بينت سورة الأحزاب.
وأما فى حال الأبكار فهو بلوغهن سن النضج التى تسمح للرجل الطبيعى أن يهفو إليهن، وتسمح لهن بالرغبة فى معاشرة الرجل. وهو ما تبينه آيات الكتاب الكريم فى وصف حوريات الجنة بأنهن "كواعب أترابا" وهو وصف لا ينطبق فى الحياة الدنيا إلا على الناضجات من النساء، بل إن وصفًا آخر هو "عربا أترابا" لا يأتى إلا مع اعتياد المرأة على ما طرأ عليها من تغيرات جسدية ونفسية، والاطمئنان إلى أنوثتها، والرغبة فى الحياة ومعاشرة شريك العمر. وهذه هى حال المرأة التى تهوى إليها فطرة الرجل السوى غير المريض.
ومن هنا نفهم التحذير فى الآية الكريمة "واعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه" وهو تحذير لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. وهو تحذير شديد يتناسب مع بشاعة الجرم. وهل هناك أبشع من انتهاك براءة الطفولة التى لا تدرى شيئًا عن المعاشرة الزوجية ولا تشعر بأية رغبة فيها؟
ليس قبل أن تنضج المرأة نضجًا يجعلها تهفو إلى الزواج وترغب فيه وتنتظره، وتهفوا إلى الإنجاب وترغب فيه وتنتظره، وإن لم يأتها الإنجاب تبحث عن العلة، وتدعو الله أن يهبها الذرية. ليس قبل هذه الحال يكون الكتاب قد بلغ أجله.
اللهم إنك قد ختمت الآية الكريمة بقولك "واعلموا أن الله غفور حليم". علمنا ربنا، ونسألك العفو والمغفرة. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
[url=http://www.masress.com/author?name=محمد بيومي]محمد بيومي[/url] الشعب : 14 - 10 - 2012
لهذا المقال قصة حقيقية عشتها بأعصاب تحترق؛ فقد حدث ذات ليلة أن دخلت إحدى غرف التحدث المعروفة باسم "تشات روومزchat rooms " وكان نقاش محتدم بين غير المسلمين ومسلمين حول الآية الرابعة من سورة الطلاق ونصها: "واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائى لم يحضن، وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا".
وكان غير المسلمين يستندون إلى هذه الآية فى الهجوم على الإسلام باعتباره دينا يسمح بالاستغلال الجنسى للأطفال، وهو ما يعرف فى اللغة الإنجيزية ب" بيدوفيليا" paedophilia .
كنت وقتها أعيش فى هولندا، حيث يكون القبض على شبكة أو على شخص بتهمة ممارسة الجنس مع الأطفال يمثل خبرًا تهتم به الصحف والإذاعات ويشمئز منه الإنسان. وهم فى ذلك يتفقون مع غيرهم من الناس الذين لم يلبسهم الشذوذ فى أى مكان وأى زمان.
تملكنى الغضب من هؤلاء الذين يطعنون فى الإسلام -وهو دين الفطرة- بذلك الادعاء البعيد كل البعد عن فطرة الله التى فطر الناس عليها. وتدخلت قائلا بأنهم يفسرون القرآن تبعا لأهوائهم المريضة.
وكان ردهم فى هدوء هو أن كل كتب تفاسير القرآن تقول بما يقولون، وأننا معشر المسلمين لا نقرأ كتبنا وندافع عن الإسلام بجهالة.
ألقيت بنفسى على كتب التفسير تملؤنى الثقة فى أنه لا يمكن أن يكون تفسير الآية بهذا الشكل الذى يخالف الفطرة الإنسانية، بينما نحن نطمئن إلى الإسلام أنه دين الفطرة فى أنقى صفائها و نقائها.
بدأت بتفسير ابن كثير، وكدت لا أصدق ما أقرأ؛ إنه يفسر "اللائى لم يحضن" بأنهن الصغار اللائى لم يبلغن سن الحيض. وهذا هو قول مهاجمى الإسلام.
وفتحت تفاسير الطبرى، والجلالين، والقرطبى، وغيرها من المفسرين، فإذا بهم يجمعون على أن المقصود بهذه الآية الصغيرات.
كدت أتمزق أشلاء بين رفضى القاطع لهذا التفسير الذى يصطدم بشكل مدوٍّ مع فطرة الله التى فطر الناس عليها، وبين الحديث النبوى الشريف أن أمته صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة.
فليس من فطرة الله أن يجامع "شحط" بالغ طفلة صغيرة لم تبلغ سن الحيض، ولو كان ذلك تحت عباءة الزواج، بل إن ذلك أحسبه عين الضلال، فكيف يجمع عليه المفسرون.
وبدا لى أن مفسرًا فى العصر الحديث قد يشق هذا الإجماع الذى أراه ضالًّا، فينقذنى مما أنا فيه من حيرة وتمزق. فكان أن لجأت إلى كتاب "فى ظلال القرآن" للشيخ سيد قطب رحمة الله عليه. ولكنه لم يزدنى إلا حيرة وعذابًا، فلقد فسر الآية كما فسرها الآخرون بأن المقصود "الصغار".
أيام وليال قضيتها على هذه الحال، كادت أن تقضى على وتهد كيانى، فليس فى حياتى شىء يقينى أركن إليه وأطمئن إليه إلا الإسلام، والذى ترفض نفسى أن يكون فيه مثل هذا الضلال.
وأحمد الله أن هذه الأيام والليالى لم تطل كثيرًا، وإن بدت فى حينها كطول الدهر. فسرعان ما هدانى الله إلى الاستعانة بصديق لى يعمل فى جامعة القاهرة أستاذًا لأمراض النساء والولادة (وهو حاليا رئيس قسم النساء والولادة فى كلية الطب، بجامعة القاهرة).
طلبته تليفونيًّا وسألته سؤالًا محددًا: هل يمكن لامرأة أن تنضج بحيث تكون مؤهلة للزواج وهى لا تحيض؟
وكانت الإجابة: "يمكن قوى وموجودين كتير".
وسألته مرة أخرى للإيضاح والاطمئنان: "يعنى ممكن يكون عمرها عشرين أو تلاتين سنة ولم تحض"؟
وكانت الإجابة: "ممكن يكون عمرها تمانين سنة ولم تحض، وتعيش عمرها كله ولم تحض".
وسألته أيضًا: "ودول نسبتهم كام بالقياس للمجموع العام من النساء يا دكتور؟ "
والإجابة: "نسبة اللى بيتأخروا فى الحيض حوالى 6-7%. نصفهم يأتيه الحيض بعد ذلك والبعض يستمر حاله هكذا" .
وزدت فى السؤال وقلبى يكاد يطير من فرحة اليقين: "ودى ممكن تتجوز وما يكونش ناقصها حاجة من الناحية الجسدية وبالتحديد الجنسية والعاطفية كامرأة ؟"
وكان الجواب: "لا ينقصها شىء على الإطلاق سوى أن فرصتها فى الحمل نادرة وتقترب من العدم. غير هذا فهى امرأة مكتملة الأنوثة".
" روح يا شيخ الله يفتح عليك" هكذا صحت بفرحة، قبل أن أتحدث معه فى غير ذلك من الأمور وأنهى المكالمة الدولية.
ومن قلبى ظللت أردد "روح يا شيخ الله يفتح عليك". لقد انقلب السحر على الساحر، وإذا بالآية التى يرونها نقطة للهجوم على كتاب الله وعلى الدين الذى جاء به الرسول الكريم، تصبح ذاتها صورة من صور الإعجاز العلمى التى يزخر بها القرآن العظيم، وتصبح دليلًا على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، و"إن هو إلا وحى يوحى. "
ولكى نفهم موقع "واللائى لم يحضن" علينا أن ننظر إلى المرأة عمومًا وموقفها من العدة المفروضة؛ فالمرأة بهذا الخصوص هى واحدة من ست حالات:
1- امرأة تحيض حيضًا طبيعيًّا وطلقت من زوجها. وهذه عدتها ثلاث حيضات.
2- امرأة تحيض حيضًا طبيعيًّا ومات عنها زوجها. وهذه عدتها أربعة أشهر وعشر.
3- امرأة كانت تحيض حيضًا طبيعيًّا ولكن انقطع عنها الحيض فترة طويلة لتقدمها فى السن، مما يجعلها تيأس من أن تحيض مرة أخرى. وهذه عدتها ثلاثة أشهر.
4- امرأة لم تحض من قبل رغم تعديها السن المعتادة أن تحيض عندها المرأة، وطلقت أو مات عنها زوجها قبل أن تحيض. وهذه عدتها ثلاثة أشهر كالتى يئست من المحيض.
5- امرأة حبلى تحمل جنينًا فى رحمها، وهذه عدتها أن تضع حملها.
6- امرأة تحيض طبيعيًّا وتزوجت ولكن لم يدخل بها زوجها قبل أن يطلقها أو توفى عنها. وهذه لا عدة لها.
لو أن القرآن الكريم لم يذكر الحالة الرابعة وهى "واللائى لم يحضن" لكانت لدينا مشكلة فى تحديد عدتها. وهى حالة نسبة وجودها إلى المجموع العام من النساء لا يزيد عن 6-7% فى الوقت الحاضر، وهو ما يعنى أنها كانت فى مجتمع الصحراء الخالى من أى تلوث بيئى هى أقل من ذلك بكثير. وإذا وضعنا فى الاعتبار أن نصفهن يحيض فى وقت لاحق لعلمنا ضآلة النسبة النهائية لهذه الحالة. فمن غير ممكن لرجل أمى يعيش فى الصحراء أن يعلمه ويضعه فى الاعتبار وهو يشرع لأتباعه دينهم الذى يدعوهم إليه. ومما يؤكد هذا الطرح أن كبار المفسرين لم يدر بخلدهم إمكانية وجود مثل هذه الحالة وإلا ما كانوا أخذوا النص على أنه يعنى الصغار.
الله وحده -الذى أحصى كل شىء عددًا- يعلم هذه الحقيقة منذ الأزل، وأنزلها فى كتابه الذى لا يأتيه الباطل. وكانت الدقة فى استخدام حرف النفى "لم" الدال على الزمن الماضى. وليس حرف النفى "لا" الدال على الزمن الحاضر والمستمر. وأيضًا ليس حرف النفى "لن" الدال على المستقبل. ذلك لأن التى لم تحض فى الماضى قد تحيض فى الزمن الحاضر، أو تحيض فى المستقبل.
والواضح أن العدة فرضت على النساء اللائى تم الدخول بهن فحسب، وليس هناك من عدة على من لم يدخل بها. أى أن العدة ترتبط بحالة تمام حدوث الاتصال الجنسى بين الزوجة وزوجها. وهنا يكشف لنا العلم الحديث الآن عن إعجاز آخر ودليل نبوة لا ينكره إلا كل معتد أثيم.
الآن توصل العلماء إلى الحقائق التالية :
1- أن السائل الذكرى يختلف من شخص لآخر كما تختلف بصمة الإصبع، وأن لكل رجل "شفرة" خاصة به.
2- أن المرأة تحمل داخل جسدها ما يشبه الكمبيوتر، الذى يختزن شفرة الرجل الذى يعاشرها.
3- إذا دخل على هذا الكمبيوتر أكثر من شفرة، فكأنما دخل فيروس على الكمبيوتر، فيصاب بالخلل والاضطراب والأمراض الخبيثة. وهذه الحقيقة تفسر بالضرورة– إلى جانب أسباب أخرى- لماذا تتزوج المرأة رجلًا واحدًا، ولا يتعدد أزواجها.
4- بالدراسات المكثفة للوصول إلى حل أو علاج لهذه المشكلة، اكتشف العلماء أن المرأة تحتاج إلى مدة العدة نفسها التى شرعها الإسلام حتى تستطيع استقبال شفرة جديدة دون أن تصاب بأذى.
5- فبعد الحيضة الأولى تزول ما نسبته 38% من شفرة الرجل الذى عاشرته. وبعد الحيضة الثانية تزول ما نسبته 78%. وبعد الحيضة الثالثة تزول ما نسبته 99,999% .
6- أن الأرملة تحتاج إلى فترة أطول من المطلقة حتى يتسنى لها التخلص من شفرة زوجها الذى مات عنها. وذلك بالنظر إلى حالتها النفسية وتعلقها بزوجها وحزنها عليه، بعكس المطلقة التى غالبًا ما يسبق طلاقها مشكلات أو عدم رضا أو فتور فى العلاقة الزوجية.
ها نحن الآن ندرك الأهمية القصوى لاحترام فترة العدة المفروضة على النساء المطلقات والأرامل. وأن منهن نسبة ضئيلة لم يحضن، ولولا ذكرهن فى الكتاب لكانت هناك مشكلة فى تحديد فترة عدتهن. ولكن صدق الله العظيم "ما فرطنا فى الكتاب من شىء".
والمعروف أن بلوغ سن الحيض يتلازم معه متغيرات أخرى غير الحيض فى جسد الأنثى تدل على نضجها الأنثوى الذى يسمح لها بالزواج، كما تحدث متغيرات فى جسد الذكور تصاحب بلوغ سن الحلم. وهذه المتغيرات وما يصحبها من متغيرات نفسية وهرمونية هى التى تسمح للأنثى والذكر بأن ينتقلا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ والاستعداد للزواج. ومن هنا نفهم أن الأنثى وكذلك الذكر لا بد أن تتاح لهما الفرصة الزمنية للاعتياد على هذه المتغيرات والتأقلم معها، ومن ثم يتطلع كل منهما إلى حياة يكون فيها شريكًا مستعدًّا وراغبًا فى بناء الأسرة مع الآخر.
وغنى عن القول أن امتناع الحيض لا يمنع بقية المتغيرات التى تصاحب البلوغ عند المرأة أن تأخذ مسارها الطبيعى حتى يتم نضجها الجسدى والنفسى. وعند ذلك تتطلع بغريزتها الأنثوية إلى الارتباط برجل تطمئن إليه وتشاركه مشوار العمر.
فالقرآن الكريم لا يمكن أن يسمح بزواج الصغيرات اللائى لم يبلغن سن الحيض. والذى تظهر معه علامات النضج الأنثوى إلى أن تتم عملية النضج فعلًا، لأن ذلك يتنافى مع الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها.
بل إننا نرى فى الآية رقم (235 من سورة البقرة) نهيًا واضحًا عن إتمام عملية الزواج قبل الأجل المفروض له. وعندى أن الأجل المفروض فى هذه الآية أعم وأشمل مما ذهب إليه عموم المفسرين، الذين قصروه بدون دليل على أجل العدة للمطلقات واللائى يتوفى عنهن أزواجهن.
فنص الآية الكريمة هو "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم فى أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله، واعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم".
ولا أعلم لماذا قصر المفسرون النساء هنا على النساء اللائى فى فترة العدة دون غيرهن من النساء. فبرغم أن الآية السابقة مباشرة لهذه الآية تتناول عدة من يتوفى عنهن أزواجهن، وأن الآيات رقم 27 وما بعدها تتناول مسألة الطلاق، إلا أنها أيضًا تتناول قضايا لا ترتبط بالطلاق على سبيل القصر.
منها قضية "الرضاعة" التى تتم تمامًا كاملًا "لمن أراد أن يتم الرضاعة" فى عامين ولا تزيد. فبعد العامين لا مجال للحديث عن الرضاعة، المعرفة ب"الألف واللام"، أى عموم الرضاعة. ولا يمكن لحديث صحيح أن يخالف كلام الله.
ومنها أيضًا قضية الإمساك بالمعروف مقابل التسريح بإحسان، وتحريم الإمساك ضرارًا واعتداءً.
ثم إن الآيتين التاليتين مباشرة للآية رقم 235 تتناولان طلاق من لم يدخل بهن دون ذكر مسألة العدة على الإطلاق؛ فعدة أولئك نجدها فى الآية رقم 49 من سورة الأحزاب.
ثم تتلوهما آيتان تتناولان المحافظة على الصلاة والصلاة الوسطى فى كل حال سواء الطمأنينة أو الخوف، وهى أمور ليست فى سياق الطلاق وقضاياه، ثم تعود بنا الآيتان التاليتان لهما إلى تناول-مرة أخرى- من يتوفى عنها زوجها، والمطلقات بشكل عام، وذلك من زاوية حقهن فى المتاع.
فليس فى سياق الآيات الكريمات ونصوصها ما يدفعنا إلى قصر النساء فى الآية موضوع التدبر على أولئك اللائى فى فترة العدة.
بل إن فيها ما يجبرنا على قبول "النساء" فى الآية الكريمة قبولًا عامًّا. الثيبات منهن والأبكار.
"ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء، أو أكننتم فى أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن" الآية، هو حديث موجه إلى الرجال كافة. من يقول إن الرجال كافة يذكرون الثيبات من النساء فحسب وبالتحديد فى فترة عدتهن؟ هل نحتاج إلى الإشارة إلى أن الأبكار من النساء يذكرن
فى نفوس الرجال أكثر بكثير إذا ما كانت المقارنة بينهن وبين الثيبات؟ بل إن القرآن الكريم أشار إلى تلك الحقيقة الطبيعية وهو يعد المؤمنين ثواب الآخرة. " إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا".. " فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان"..وغيرها كثير من الآيات.
والقول بأن خطبة المطلقات غير مسموح به فى فترة العدة، فذلك لأن أزواجهن أحق فى ذلك إن أرادوا إصلاحًا، ولكن التفاسير أباحت "التلميح" بخطبتهن من دون تصريح، وهى إباحة تصلح أيضًا- ومن باب أولى- فى حال الأبكار؛ إذ إن خطبتهن مباحة أصلًا.
" ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا" الآية، من يقول أن نهى الرجال عن مواعدة النساء سرًّا إلا أن يقولوا قولًا معروفًا هو نهى عن مواعدة المطلقات فحسب، أو من يتوفى عنهن أزواجهن دون غيرهن من النساء، وبالتحديد فى فترة العدة؟
إن هذا النهى هو نهى عام شامل جامع لكل الرجال وكل النساء.
ومن هنا يأتى فهمنا النهى فى الآية الكريمة "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" بأنه النهى عن أن نعزم عقدة النكاح على أى من النساء، ثيبات كن أو أبكارًا، حتى يبلغ الكتاب أجله.
فالكتاب الذى هو الحكم أو الفرض الذى فرضه الله سبحانه، مثل: "كتب عليكم الصيام"، و"كتب عليكم القتال". أما الأجل فهو المدة أو غاية الوقت لأى شىء.
وفى حال الثيبات يبلغ الكتاب "الحكم أو الفرض" أجله فى تمام العدة كما بينها القرآن الكريم فى سورة البقرة، وسورة الطلاق، أو فى عدم وجوبه كما بينت سورة الأحزاب.
وأما فى حال الأبكار فهو بلوغهن سن النضج التى تسمح للرجل الطبيعى أن يهفو إليهن، وتسمح لهن بالرغبة فى معاشرة الرجل. وهو ما تبينه آيات الكتاب الكريم فى وصف حوريات الجنة بأنهن "كواعب أترابا" وهو وصف لا ينطبق فى الحياة الدنيا إلا على الناضجات من النساء، بل إن وصفًا آخر هو "عربا أترابا" لا يأتى إلا مع اعتياد المرأة على ما طرأ عليها من تغيرات جسدية ونفسية، والاطمئنان إلى أنوثتها، والرغبة فى الحياة ومعاشرة شريك العمر. وهذه هى حال المرأة التى تهوى إليها فطرة الرجل السوى غير المريض.
ومن هنا نفهم التحذير فى الآية الكريمة "واعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه" وهو تحذير لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله. وهو تحذير شديد يتناسب مع بشاعة الجرم. وهل هناك أبشع من انتهاك براءة الطفولة التى لا تدرى شيئًا عن المعاشرة الزوجية ولا تشعر بأية رغبة فيها؟
ليس قبل أن تنضج المرأة نضجًا يجعلها تهفو إلى الزواج وترغب فيه وتنتظره، وتهفوا إلى الإنجاب وترغب فيه وتنتظره، وإن لم يأتها الإنجاب تبحث عن العلة، وتدعو الله أن يهبها الذرية. ليس قبل هذه الحال يكون الكتاب قد بلغ أجله.
اللهم إنك قد ختمت الآية الكريمة بقولك "واعلموا أن الله غفور حليم". علمنا ربنا، ونسألك العفو والمغفرة. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر