في هذه المقالة التي كتبها الاستاذ خليل مردم بك و نشرتها مجلة الحديث الحلبية ( عدد 1 سنة 1940 م ) نموذجاً من ( الفوكلور السوري) الشائع بين عامة الناس في دمشق المسمى (دفتر النسوان) و كثيراً من الناس يعملون به.
يقول خليل مردم بك في مقالته :
لا أزعم أن جميع الطبقات تأخذ به على السواء ( يقصد ما ورد في دفتر النسوان ) ، بل أن الطبقات الدنيا أكثر تعلقاً به من الطبقات العليا المثقفة ، و النساء من جميع الطبقات أكثر إقبالا عليه من الرجال، و هن الحجة و العمدة فيه الحافظات لأبوابه و فصوله، و العاملات بأحكامه الموروثة عن الأمهات و لذلك سمي ( بدفتر النسوان) .
و سأبدأ الآن بذكر عادات الدمشقيين و معتقداتهم في الساعات و الأيام و الشهور .
معتقدات الدمشقيين بما يتعلق بساعات النهار
ساعات الصباح
خير الساعات عندهم ساعات الصباح ، يقولون ( الصباح رباح) يعني من باشر شغله في الصباح ربح و يقولون صابح القوم و لا تماسيهم يعني اذا ذهبت الى قوم في حاجة فليكن ذلك في الصباح لا المساء .
ساعات العصر
و ساعات بعد العصر عندهم لا يجوز فيها النوم و يقولون النوم بعض العصر يورث الخبل و شمس بعد العصر في زعمهم أشد حرارة و أكثر ضرراً و التعرض إليها مضر بالصحة .
ساعة الغروب
و يوقدون المصابيح في دورهم عند الغروب و لكن قبل أذان المغرب ، فإذا أذّن المغرب و لم يوقد في الدار مصباح قالوا ( دخلت الدار عجوز الهم ) .
و الزائر عند الغروب لا بدّ له من أن يتعشى مع صاحب الدار، و يقال له إذا أراد الانصراف قبل العشاء ( ضيف المساء أما بياتة أما عشاء) يعني أن الزائر عند الغروب أتى لأحد شيئين إما ليأكل أو ليبيت .
معتقدات الدمشقيين بما يتعلق بالايام
يوم الجمعة
أما الأيام فأفضلها عندهم يوم الجمعة يتغسلون فيه و يتزاورون أو يتنزهون و كثيراً ما يجعلون فيه بعض أفراحهم كعقد النكاح و يجعلونه بعد الظهر، و الختان و يجعلونه في الصباح وأهل القرى يغدون فيه إلى المدينة يقضون بعض حاجاتهم و يحضرون صلاة الجمعه في أكبر مسجد في دمشق وهو المسجد الأموي .
يوم السبت
و يوم السبت يوم غير مستحب عندهم لا يغسلون فيه ثيابهم و أمتعتهم و لا يقلمون أظافرهم ولا يدخلون فيه إلى بيوتهم صابوناً أو يغسل فيه من المواعين.
و يخشون كثيراً على المرضى فإذا اجتاز المريض يوم السبت تباشروا بالخير.
واذا مات يوم السبت تشاءموا كثيراً و زعموا انه سيلحقه ميت آخر من أقاربه.
على أنهم يزورون مقابر موتاهم صباح يوم السبت و يزعمون أن الموتى يرون من يزورهم يوم السبت قبل شروق الشمس .
يوم الاحد
و يوم الأحد عندهم يوم غفل لا يذكرونه بخير أو بشر .
يوم الاثنين
و يوم الاثنين يوم مبارك لأنه ولد فيه رسول الله () ومن أراد أن يصوم نفلا صام يوم الاثنين والخميس و كثيراً ما يجعلون فيه أعراسهم .
يوم الثلاثاء
و يكرهون تفصيل الثياب يوم الثلاثاء و يقولون ( الثلاثاء وراثة) يعني أن من فصل ثوب يوم الثلاثاء لا يلبسه أو لا يلبسه طويلاً بل يموت و يرثه غيره .
يوم الاربعاء
و يوم الأربعاء عندهم يوم بغيض لا يعودون فيه المرضى ولا يسألون أقاربهم عن أحوال مرضاهم و يعتبرونه من عصر يوم الثلاثاء فيقولون ( دخلت الأربعاء) إلى عصر يوم الأربعاء فيقولون ( مضت الأربعاء) .
يوم الخميس
ويوم الخميس عندهم يوم مبارك مثل يوم الاثنين يصوم فيه بعض الأتقياء تطوعاً و يجعلون فيه أعراسهم و ينصرف الصبيان من كتاتيبهم أو مدارسهم عند ظهره .
معتقدات الدمشقيين بما يتعلق بالشهور العربية
رؤية الهلال
عادتهم في غرة كل شهر ما يأتي :
اول ما يرى الرائي الهلال في غرة الشهر يبتسم و يقول ( هلّ هلالك شهر مبارك) ثم يلتفت الى أول من يقع نظره عليه من الناس و يقول له ( اضحك) فيبتسم المخاطب و يقول ( خير ان شاء الله) .
و ما يحدث للرائي من الحوادث اثناء الشهر حسنة كانت ام سيئة يعزوها الى من رأى على وجهه الهلال فيقول وجه فلان سعد او وجه فلان نحس .
ومن الناس من إذا رأى الهلال نادى من اعتاد ان يراه على وجهه فيظل شاخصاً في الهلال او مغمضاً عينيه حتى يأتي من ناداه لأنه اعتاد ان يراه على وجهه .
و منهم من يرى الهلال على قطعة مسكوكة من الفضة يخرجها من جيبه لأنها بيضاء و فأل بكسب المال .
هذا شأنهم في هلال كل شهر إلا في هلال شهر صفر فأنهم يتشاءمون به ولا يرونه على وجه انسان – الا أن يقع ذلك عفواً من غير قصد – بل يرونه على وجه هرة و على الماء و يزعمون ان من رؤي هلال صفر على وجهه يسافر و قد يكون ذلك السفر الى الاخرة .
ولعل منشأ هذه الخرافة أن النساء يلفظون صاده سيناً فيقولون شهر سفر عوضاً من صفر .
شهر محرم
و المحرم عندهم شهر مبارك وهو أول شهور السنة و يسميه النساء شهر عاشوراء و يطبخون ففي أول يوم منه ما لونه أبيض من الطعام كاللبن الحليب و اللبن الحامض تفاؤلاً لسنة بيضاء .
و في العشر الأول منه يطبخون حلوى يسمونها ( الحبوب) تعمل بدبس مغلي يضاف اليه بعض الحبوب المسلوقة كالقمح و الحمص و الفول و اللوبياء .
ومن النساء من لا تشرب الماء في الزجاج في هذا الشهر بل بطاسات من نحاس أو معدن توجعاً للحسين () لأنه استشهد وهو عطشان .
وفي هذا الشهر يطوف على أبواب البيوت جماعات من الفقراء يستجدون و ينشدون أنشودة أولها (تاج العلا) و يلفظون الألف بعد اللام مثل الواو فيقولون ( تاج العلو) حتى عرفوا بين الناس بهذا اللقب فإذا سمع الناس صوتهم قالوا جاء ( تاج العلو) .
شهر صفر
وصفر شهر مكروه عندهم يتطيرون بهلاله ويسميه النساء شهر سفر كما مر و الرجال يضيفون اليه كلمة الخير فيقولون ( صفر الخير ) دفعاً لشره .
و في آخر اربعاء منه يكتبون على ورقة بيضاء بالحبر سبع آيات من القرآن الكريم أول كل آية لفظة سلام و يسمونها السبعة سلامات و يضعون تلك الورقة في طاس أو كأس يملأونها ماء ويشربون قليلاَُ من ذلك الماء .
و لابد من أن تكتب كل آية بسطر على حدة و هذه هي الايات :
(1- سلام على ابراهيم ، 2- سلام قولاً من رب رحم ، 3- سلام على ال ياسين ، 4- سلام على نوح في العالمين ، 5- سلام على موسى و هارون ، 6- سلام عليكم طبتم فدخلوها خالدين ، 7-سلام هي مطلع الفجر ) فكأنهم يتقون بذلك شر ذلك الشهر.
شهر ربيع الاول
من افضل الشهور لانه ولد فيه رسول الله ( صلعم ) يقرؤن فيه قصة المولد النبوي و يوزعون بعد قراءة القصة نوعا من السكر اسمه الملبس و هو عبارة عن فستق او لوز مكسو بطبقة رفيعة من السكر المطبوخ .
و يسمي النساء هذا الشهر ( شهر المولد ) و من يولد فيه من الاطفال يتفاءل به و قد يسمونه ان كان ذكرا محمدا و قد يجعلون كثيرا من افراحهم في هذا الشهر .
ربيع الاخر
وشهر ربيع الآخر غفل ليس له من الخصائص عندهم شيء .
شهرا جمادى
و جمادى الأولى و جمادى الآخرة موصوفان عندهم بالجمود اشتقاقاً من اسمها ، ولا يحتفلون فيهما بفرح .
و المولود فيهما يزعمون انه يكون جامداً .
و إذا وقفت فيهما حركة البيع و الشراء و الأخذ و العطاء قالوا لا عجب نحن في جمادى .
و لكنهم يقولون : ( بين جمادى و رجب ترى العجب ) و هذا القول محرف عن المثل العربي ( عش رجباً تر عجباً ) أي إذا عشت طويلاً رأيت أموراً عجيبة .
شهر رجب
و شهر رجب من أحب الشهور اليهم يستبشرون بقدومه و يقيمون فيه أكثر أفراحهم كالأعراس وعقود النكاح و الختان و يعدونه مباركاً لأنه شهر المعراج و يقرؤون فيه قصه المعراج و منهم من يصوم فيه كل اثنين و خميس و منهم من يصومه كله نفلاً .
و يتفكه النساء و الاولاد بأكل نوع من الحلوى تصنع في هذا الشهر خاصة يدور بها الباعة في الأزقة يسمونها ( ليلة الله) و هي مصنوعة من السكر على شكل أساور عريضة و ألوانها مختلفة فمنها الابيض و الاحمر و الاصفر الى غير ذلك من الالوان .
و المولود في شهر رجب كثيراً ما يسمونه رجب ان كان ذكراً .
شهر شعبان
وكذلك شعبان يصومونه فيه كما يصومون في شهر رجب .
و يقرؤن في ليلة النصف منه دعاءً نصف شعبان .
و يقولون أنه في تلك الليلة تسقط الأوراق و يعنون بذلك أن في السماء شجرة عظيمة عدد أوراقها بعدد الاحياء من بني آدم و كل ورقة تحمل اسم واحد منهم فمن دنا أجله تسقط الورقة المكتوب عليها اسمه من تلك الشجرة و هكذا تسقط في تلك الليلة أوراق جميع من سيموتون من بني آدم في ظرف سنة تبدأ من نصف شعبان .
و يأكلون نوعاً من الحلوى تصنع خاصة في شعبان يسمونها ( غريبة) تعمل من دقيق معجون بسمن و سكر على شكل حلقات ثم تخبز في فرن. و المولود في هذا الشهر قد يسمى شعبان .
شهر رمضان
و شهر رمضان عندهم شهر الخيرات و البركات و الصدقات، يتزاور الرجال فيه بالليل، و النساء في النهار و يسمون هذه الزيارات زيارات التبرك، و يقبل الجميع على الصلوات و الطاعات تزكية لصيامهم و يدعوا بعضهم بعضاً الى الافطار و يحتفلون بليلة القدر منه لان الدعاء فيها مستجاب و يجعلونها في ليلة السابع و العشرين منه .
و من يشرب الخمر يتركها في هذا الشهر ، ومن لا يصلي دائماً يصلي فيه و يقولون ( الصائم بلا صلاة مثل الراعي بلا عصاة ) .
و يكثر الناس فيه من أكل الحلوى على أنواعها و يصنع فيه خاصة نوعان من الحلوى الاولى تسمى (برازق) تعمل من الدقيق المعجون بالمن و السكر على شكل اقراص مستديرة ثم يغطى و جهها بطبقة كثيفة من السمسم و تخبز.
و النوع الآخر من الحلوى تسمى ( جرادق) تعمل من دقيق اسمر أطباقاًَ كبيرة رقيقة ثم تقلى بزيت قلياً خفيفاً و يراق على وجهها خطوط من دبس العنب ويضنعها الباعة في أقفاص كبيرة من القصب يحملونها على رؤوسهم و يدورون بها في الازقة وينادون عليها ( رماك الهوا يا ناعم)
و المولود في هذا الشهر قد يسمى رمضان ان كان ذكراً والناس في الشهر يطيلون السهر ولا يكدون في أشغالهم بل يقولون ( رمضان ظرف لا يسع غير نفسه) و بعد العصر من كل يوم يجتمع كثير من الناس في الناس في المساجد يستمعون دروس الوعظ العامة.
و في العشر الاخير منه تفتح في الليل أشهر الاسواق ، اما آخر ليلة منه فتظل الاسواق فاتحة الى الفجر و يسمونها ( بليلة الوقفة).
شهر شوال
و شهر شوال و يسميه النساء شهر العيد لوقوع عيد الفطر في اوله و هذا العيد يسميه العامة العيد الصغير لأن أيامه ثلاثة و ايام عيد الاضحى اربعة .
و يحتفل الناس بالعيد و يلبسون الجديد من الثياب و يزور بعضهم ببعضاً في النهار مدة أيام العيد. و تطلق الحكومة في كل و قت من اوقات الصلاة أحد و عشرين مدفعاً .
و يسمون مساء اليوم الاول من العيد ( الليلة اليتيمة) فلا يخرج أحد أحد فيها من داره .
و يجلب الناس لبيوتهم أنواع السكر و النقل و الحلوى و اشهرها ( الملبس) الذي مر وصفه و نوع أخر يسمى ( المعمول) يصنع بدقيق معجون بالسمن و يعمل أقراصاً تحشى بفستق مدقوق دقاً خفيفاً مع السكر و يكون شكل الاقراص اشبه بقباب صغيرة ثم يخبز و يذر عليه سكر مسحوق.
و المولود في الشهر قد يسمى عيداً .
شهر ذو القعدة
و ذو القعدة و تسميه النساء شهر بين الاعياد ليس له عند عامة الناس خاصة تذكر .
شهر ذو الحجة
و ذو الحجة و تسميه النساء شهر العيد الكبير لأن عيد الاضحى يقع في العاشر منه و تسمى العامة هذا العيد " الكبير " لأن أيامه أربعة و يحتفل الناس فيه كما يحتفلون في عيد الفطر من حيث الملبس والمأكل و الزيارات .
انتهت مقالة خليل مردم بك
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر