الإعجاب الصهيوني بشخصية جلعاد شاليط تعكس مرضاً اجتماعياً خطيراً، فهذا جندي اختطف ولم يكن في حينها قد تعرض لصدمة المواجهة، كما أنه كان لا يزال يملك الذخيرة من أجل الدفاع عن نفسه"، هكذا علق الكاتب الصهيوني "عاموس غلبوع"، بعد نشر صحيفة نهاية الأسبوع الصهيونية تفاصيل التحقيقات التي أجريت مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، بعد خروجه من أسر ما يقارب الست سنوات قضاها في قبضة حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة.
وبحسب ما نشره كاتب التقرير "بن كسبيت" في صحيفة نهاية الأسبوع الإسرائيلية، أن رئيس الحكومة الصهيونية "بنيامين نتنياهو" كان قد غيَّر من موقفه وخان عقيدته الأيديولوجية، وقرر في نهاية المطاف أن يدفع الثمن الباهظ لحماس ويفرج عن 1047 أسيراً فلسطينياً معظمهم من أصحاب المحكوميات العالية مقابل إطلاق سراح جندي إسرائيلي واحد.
وتصف الصحيفة في بداية التقرير يوم إطلاق سراح شاليط والذي صادف يوم الثامن عشر من أكتوبر من العام 2011م على أنه يوم نشوة وانتصار، واعتبر عيداً وطنياً في كل بيت إسرائيلي، وكانت الشوارع الإسرائيلية في حالة من الانتظار، وكأن رئيس الولايات المتحدة سيقوم بجولة على تلك الشوارع أو حتى كان الأمر مبالغاً فيه أكثر، فدموع الفرح غمرت وجوه المستقبلين لما يعتبروه بطلاً قومياً.
وعلى الرغم من معارضة بعض الشخصيات الكبيرة في "إسرائيل" لصفقة شاليط، إلا أنهم كانوا أبرز المشاركين في استقباله، ومن أبرز تلك الشخصيات رئيس هيئة الأركان "بيني غانتس" الذي وصف الجندي "الإسرائيلي" بالبطل الذي يجب أن يكرم...، وصف رآه العديد من الكتاب والمحللين الإسرائيليين أنه لا يليق بجندي لم يطلق رصاصة واحدة للدفاع عن نفسه، وحتى أنه ساعد خاطفيه ولم يفعل شيئاً حتى لعرقلتهم، ويتساءل الكُتاب مستهجنين "إذن على أي أساس يوصف جلعاد بالبطل"؟.
ويشير الكاتب إلى أن التاريخ فقط هو الذي سيحكم من انتصر في هذه الصفقة، وما هو الثمن الباهظ التي دفعته "إسرائيل"، لحركة حماس مقابل الإفراج عن جندي إسرائيلي لم يتمكن من الدفاع عن نفسه في خضم المواجهة؟.
ويتحدث الكاتب عن أن خبراء نفسيين جلسوا مع شاليط بعد الافراج عنه في عدة جلسات، وتبين في نهاية مطافها أن شاليط كان خائفاً من أن يجلس مع المحققين، الذين من المفترض أن يفصح لهم عن كل ما حصل معه قبل الأسر وأثنائه وبعده أيضاً بهدف الخروج بتوصيات للجيش من أجل إجراء حماية أفضل للمواقع العسكرية خلال المرحلة المقبلة.
ويسرد الصحافي الإسرائيلي ما حدث مع الجندي جلعاد شاليط أثناء التحقيق معه وماذا قال للمحققين، مؤكداً أن شاليط كان خائفاً عند دخوله لمقابلة المحققين، وكان في الوقت نفسه يشعر بالخجل مما سيقوله لهم، مشيراً إلى أن شاليط قد اعترف للمحققين أنه فشل في مهمته عندما كان موجوداً داخل الدبابة الخاصة به، وأنه لم يقم بواجبه كما يجب، وبحسب ادعاء الكاتب فإنه لم يتم الضغط على شاليط أو إجباره أثناء التحقيق معه.
ويتابع الكاتب بأن شاليط قد أدرك ما مر عليه في مراحل أسره، ومتى انتقل من مكان إلى آخر، وأين كان، وماذا أكل، وماذا فعل، وماذا حدث، وهذا ما جاء في رواية شاليط بكاملها باستثناء ما قامت الرقابة العسكرية بحذفه.
يروي شاليط خلال التحقيق معه تفاصيل أسره فيقول:" إن هجوم المنفذين المشاركين في العملية جاء بعد وقت قصير بما يسمى عند الجيش "الإسرائيلي" باستنفار الفجر- نداء من قبل غرفة العمليات على جميع الوحدات القتالية العاملة على الحدود -"، مشيراً إلى أن طاقم دبابته المكون من أربعة جنود كان جلهم نائمين في حينها، وبحسب "استنفار الفجر" فيجب أن يكون كافة الجنود مع طلوع الفجر يقظين ومستعدين للمعركة، كما أنه يتم في العادة فحص الطواقم العاملة في الدبابات في الوقت نفسه إلا أن في هذا اليوم لم يتم ذلك، بحسب شاليط.
الجدير بالذكر أن الجيش يقوم بشكل يومي بإبلاغ ما تسمى بغرفة العمليات، والتأكيد على أن الطواقم في الدبابات جاهزة ومستعدة لأي طارئ، "إلا أن طاقم دبابة شاليط لم يبلغ أحداً عن جاهزيته لأنه في الحقيقة واحدٌ فقط من الأربعة كان يقظاً والباقي كانوا في سبات عميق"، هذا ما تحدث به شاليط للمحققين.
ووفقاً لما قاله شاليط فإن الطاقم مكون من أربعة جنود وهم السائق والمدفعي وهو "شاليط" وملقم القذائف وقائد الدبابة، لافتاً إلى أن الملقم والسائق قاما بتبديل أماكنهما ونام كل واحد منهم في حجرة الآخر، وهذا يخالف الأوامر العسكرية الواضحة تماماً في هذا السياق، ويتابع شاليط بالقول "من الواجب هنا أن أشير إلى أنه ومن خلال تجربتي الخاصة، أن معظم طواقم الدبابات يتهاونون ولا يبالون في أوامر استنفار الفجر، ويتساءلون لماذا يستيقظ كافة الطواقم؟، بينما يكفي شخص واحد أن يكون يقظاً ".
ويشير الكاتب إلى أن شاليط كان من الذين متعارف عليهم داخل الجيش أنهم ضيقي الأفق أي بسيط في أدائه وحركاته، الجندي شاليط ليس لديه استعداد لأن يتحمل أي مخاطر في ذلك الوقت, وينفذ ما يطلب منه فقط, لقد خرج للنشاط العسكري دون أن يعرف ما يجري حوله, وما هي طبيعة هذه المنطقة وأين يتواجد العدو.
وأوضح أن هناك الكثير من الجنود الإسرائيليين كشاليط في هذا الوصف، فهم يتواجدون في الجلسات والتعليمات العسكرية التي تسبق الخروج للمهمة, لكنهم لا يتعمقون في التفاصيل, يكونون فقط في تعداد الجنود الإسرائيليين من ضمن الطواقم، دون الاعتماد على ذاتهم بل يكون كل اعتمادهم على القائد.
وبحسب ما جاء في الصحيفة فإن شاليط لو استمع في حينها إلى قائد السرية في المنطقة، الذي قام بشرح التفاصيل العسكرية قبل حدوث العملية، لعلم أن هناك انذار مسبق وواضح من قبل جهاز الأمن العام "الشاباك"، يشير إلى احتمال تسلل عناصر من حركة حماس عن طريق نفق ومحاولة خطف جندي، كما أنه لو استمع جيداً لتعليمات قائد السرية لعلم أنه كان على مسافة قريبة من حدود غزة، وأنه لا يستغرق الوصول إليه إلا عدة دقائق.
ويكمل شاليط خلال التحقيق معه "لقد كانت هناك قوات لو استدعيت إلى المكان, لكان باستطاعتها تغيير صورة المعركة, ومنع عملية الخطف"، اللافت للنظر أن التعليمات العسكرية التي تم إبلاغ الجنود بها قبيل العملية، أوضح لهم أين تتواجد كل قوة، كما أوضح لهم أين يكون كل كمين في المنطقة، وما هي صورة الاستعداد حتى على بعد 200 متر من الدبابة التي كان شاليط يتواجد بداخلها.
شاليط الذي كان بالقرب من الجدار الحدودي قال: "كانت في تلك الليلة قوة تابعة لوحدة "يهلوم" التابعة لسلاح الهندسة القتالية، والتي أراد العقيد "آفيبيلد" بصفته القائد الأعلى في تلك الليلة أن يعزز طواقم الدبابات بتلك القوة، بعد أن شعر أن هناك نقص في القوة البشرية للجنود الإسرائيليين، إلا أنها غادرت قبل نصف ساعة من وقت الهجوم على الموقع، ولكن كان بالإمكان استدعائها لأنها كانت على مقربة من المكان".
وبحسب الصحيفة فإن شاليط قد اعترف دون تردد بأنه لم ينصت للتعليمات العسكرية قبيل العملية، قائلاً " إن قائد الدبابة أنصت وهذا يكفي بالنسبة لي لقد اعتمدت عليه، ويضيف شاليط "عندما بدأ الهجوم كنت نائماً على كرسي الخاص بالمدفعية في ممر الدبابة، وسلاحي كان ملقى على أرض الدبابة تحتي، وفي حينها لم أكن أرتدي خوذة الدبابات الخاصة بالاتصال الداخلي والتي في داخلها سماعات وميكروفون".
ويكمل شاليط حديثه قائلاً "السترة القتالية الخاصة بي كانت معلقة على ظهر الكرسي، بينما السترة الواقية العادية كانت موضوعة عليه"، لافتاً إلى أن تلك السترتين القتالية والعادية هما اللتان أنقذتا حياته، ويضيف "ذهبت إلى كرسي المدفعي في تمام الساعة 4:33 قبل الفجر وحتى ذلك الحين كنت أحرس في موقع القائد، في حين حل مكانه أحد عناصر الدبابة، وبعد 25 دقيقة فقط استيقظت على صوت انفجار أحدثته قذيفة "أر بي جي" في الدبابة التي كنت فيها".
ويشير شاليط إلى أنه وفي تلك اللحظات رفع رأسه إلى الأعلى فوجد قائد الدبابة الملازم أول "حنان باراك" مع الرقيب أول "فابل سلوتسكر" وهو ملقم المدفعية وجندي الاتصال وهما يخرجان بسرعة من الدبابة، لافتاً إلى أنه لم يلاحظ سوى أقدامهم وهما يصرخان عليه "شاليط اخرج من هنا"، كما أن العنصر الرابع الذي كان نائماً هو الآخر في مكانه وهو العريف "روعي أميتاي" والذي بدأ يصرخ "حنان – حنان" إلا أن قائد الدبابة لم يرد عليه.
ويعلق الكاتب على خروج الملازم أول حنان والرقيب أول سلوتسكر من الدبابة بالقول: " خروج قائد الدبابة يعد مخالفاً للأوامر العسكرية العملياتية، وذلك لأن قذيفة الـ" أر بي جي" لا تسبب أضراراً جوهرية في دبابة من نوع مركافاة 3"، مشيراً إلى أمر مهم وهو أنه على الرغم من أن ضربة كهذه تعتبر صدمة لطاقم الدبابة، إلا أن الأمر لا يستدعي ترك الدبابة والخروج منها بسرعة، لأن كافة الأنظمة القتالية في الدبابة كانت لا تزال تعمل، وأن الطاقم لم يصب بأذى.
ويتابع " بعد نهاية الهجوم في ذلك اليوم وصل أحد الفنيين من سلاح التسليح إلى الدبابة، وقام بتشغيل المحرك وسار بالدبابة عدة أمتار، وهذا يكشف أن الدبابة لم تصب إلا بأضرار خارجية "، الجدير بالذكر أن دبابة كهذه تعتبر ماكينة حرب هائلة، يوجد بها مدفع يستطيع إصابة الهدف بكل دقة وسرعة، كما يتواجد بها 3 رشاشات من نوع "ماغ 500" و 250 قاتلة ملقمة بالرصاص، وهي كانت معدة للإطلاق مجرد الضغط على الزناد، وفيها العديد من الوسائل القتالية المتطورة لكن طاقمها فر منها وتركها.
وفي محاولة من شاليط لتبرئة طاقم دبابته من الخطأ الذي ارتكبوه بشكل جماعي قال "أنا لا ألومهم لأنه عندما يكون أي شخص في معركة قوية كتلك، فإن الجنود لا يلتزمون دائماً بالتعليمات العسكرية، هذا حدث في الماضي ويحدث في الحاضر، وسيحدث في كل معارك إسرائيل القادمة".
ولفت الكاتب إلى أن اثنين من طاقم دبابة شاليط قد لقيا مصرعهما في العملية، وهما قائد الدبابة "حنان باراك" والرقيب أول "فابل سلوتسكر"، وبالرغم من موتهما إلى أن المجتمع الإسرائيلي قد تجاهلهما، واكتفى بتعظيم شخصية شاليط الذي انساق مع خاطفيه ولم يبدي أي مقاومة خلال عملية اسره.
وأثناء وجوده في التحقيق سئل شاليط من قبل المحققين، إذا ما كان قد خرج من الدبابة؟، فأجاب لا، فقاموا بتوجيه السؤال الأهم لماذا؟، فأجاب "بدا لي أن الدبابة أكثر أماناً من الخارج الذي كان خطيراً، ورأيت أن الدبابة محصنة، وأنه لا يمكن إصابتي بأذى طالما بقيت بداخلها".
وبعد صمت قليل عاد شاليط ليقول "بأنه سمع زخات من الرصاص من سلاح خفيف ما أدى إلى مقتل الجنديين اللذين خرجا من الدبابة، فقد سقطا من الدبابة على الأرض وقد سمعت صوت سقوطهما"، متابعاً حديثه "أدركت أن زملائي إما قد أصيبا بجراح خطيرة أو قتلا، في حين قدرت أن العريف "روعي أميتاي" الذي كان نائماً وقت حدوث العملية، أنه قد علق في قمرة السائق الموجودة في الدبابة من أعلى، وبعد أن أدركت أنني بقيت لوحدي في الدبابة فقد قررت البقاء بداخلها وعدم الخروج للقتال.
وأشار الكاتب هنا إلى أن لشاليط كانت عدة خيارات في ذلك الوقت، من أجل القتال والسيطرة على المكان، والذي كان من أبرزها وأهمها هو إطلاق النار على المهاجمين وقتلهم عبر استخدام الرشاشات التي على ظهر الدبابة دون الحاجة للخروج من الدبابة، إلا أنه فضل الجلوس على الكرسي دون أن يحرك ساكناً، وهذا ما يدلل على قلة خبرته العسكرية، كما أنه كان خائفاً لا يستطيع أن يفعل شيئاً.
وهنا يفصل شاليط ما جرى في العملية ويقول "في المجمل هاجم الموقع الذي كنت بداخله 7 أشخاص مسلحين، اثنان منهم هاجموا موقع للجيش الإسرائيلي وأصابوا عدداً من الجنود ثم حاولا الانسحاب، إلا أنهما قتلا وثلاثة آخرين هاجموا مدرعة فارغة في العادة يضعها الجيش بشكل تمويهي بالقرب من أي موقع عسكري، واثنان آخران هاجما الدبابة التي كنت بداخلها".
الجدير بالذكر أنه لو كان الطاقم بداخلها ولم يخرج منها لكان بإمكانه تصفية المهاجمين بسهولة ودون بذل أي جهد يذكر، حتى شاليط الذي بقي لوحده لو قام بإطلاق النار بشكل عشوائي لاستطاع أن يغير شيئاً ما في المكان إلا أنه بقي جالساً كما تحدثنا سابقاً.
ويكمل شاليط "عندما كنت جالساً داخل الدبابة تمكن أحد المسلحين من الصعود إلى ظهر الدبابة وقام بإلقاء قنبلتين أو ثلاثة لا أتذكر، ولولا وجود السترتين الواقيتين لكنت أيضاً في عداد القتلى فالواقيتين تلقيتا معظم الشظايا، كما أن الكرسي من الخلف أصبح مليئاً بالثقوب تماماً".
ويوضح شاليط أنه وفي تلك اللحظات قد أصيب بجراح طفيفة بشظيتين واحدة في يديه والأخرى في مؤخرته، وبحسبه فقد كان في تلك اللحظة أكثر خوفاً مما سبق، وبقي داخل الدبابة لمدة دقيقة أو دقيقتين، ثم قرر الخروج منها بعدما ملأ الدخان الدبابة.
ويلفت الكاتب إلى أن شاليط قد خرج بيديه فارغتين مستسلماً، بالرغم من أنه يمتلك بندقيته من نوع "إم 16" كانت معه إلا أنه تركها داخل الدبابة، في حين أن أحد المسلحين الذي ألقى القنابل على الدبابة كان يقترب منها، ولو حمل شاليط سلاحه الموجود في الدبابة لاستطاع وبكل سهولة أن يقضي عليهما - المسلحان اللذان هاجما الدبابة-، إلا أن شاليط وبحسب استنتاجات التحقيقات التي اجريت معه، ليس من النوع الذي يحب القتال.
ويعود الكاتب بعد أن سرد شاليط بعضاً من تفاصيل العملية ليقول "نحن نتحدث عن عملية ولو كان الجنود الموجودون في المكان على استعداد جيد لتغيرت النتائج، ولكن الاهمال الموجود أوصل الأمور إلى ان يعجز طاقم كامل في إحدى الدبابات الإسرائيلية من إطلاق ولو طلقة واحدة.
ويتابع الكاتب ويكشف عن ضعف شاليط في مواجهة المهاجمين فيقول: من يرد التسلق على دبابة "المركفاه" يحتاج إلى كلتا يديه الاثنتين، ما يؤكد أن سلاح ذلك المنفذ كان على ظهره أثناء صعوده على ظهر الدبابة، وهو ما يجعل أيضاً الأمر سهلاً على شاليط من أجل قتله والذي كان في حينه القائد المسيطر على كل المنطقة.
وبحسب الكاتب كان باستطاعة شاليط أن يحرك يده اليمنى 10 سم تجاه الرشاش من نوع "الماغ 500" القريب منه في تلك اللحظة، ويحرفه تجاه المتسلق الفلسطيني والضغط على الزناد، الامر الذي كان سيؤدي إلى مقتله خلال ثوانٍ معدودة، لكن شاليط للمرة الثالثة تسنح له الفرصة بتغيير ملامح المعركة لكنه لم يفعل ولم يحرك ساكناً.
ويرجع بنا الكاتب إلى ما قاله شاليط أثناء التحقيق معه، عندما سُئل ألم تفكر بإطلاق الرصاص على المسلحين؟ والذي أجاب لا "كنت مرتبكاً جداً"، ويكمل "حينها كنت مصدوماً، بعد ذلك بثوانٍ لاحظني المسلح، إلا أنني صرخت عليه بالعبرية لا تطلق النار.. لا تطلق النار.. لا تطلق النار ، عندها أدرك أنني سأسلم نفسي، فقام بتوجيه سلاحه نحوي وأمرني أن أتبعه بقوله تعال معي".
ويتابع الكاتب حديثه هنا بحسب ما اعترف به شاليط للمحققين "نزل شاليط يرتعد في كل أنحاء جسمه وقد وجه المسلح الكلاشنكوف صوبه، وحينها شاهدة المسلح الآخر والذي سارع هو الآخر نحوه لينضم إلى الأول، بعدما عرفا أنهما حصلا على أكبر جائزة كانت حركة حماس تنتظرها منذ سنوات".
"وبعد أن تمكنا من أسر شاليط سارعا تجاه الجدار الحدودي، وفي تمام الساعة 5:21 صباحاً قاما بتفجير السياج الشائك، ومن ثم خرجا نحو قطاع غزة عبر نفق صغير"، ويشير الكاتب هنا إلى أن شاليط لم يحاول مجرد محاولة أن يعرقل منفذي العملية أثناء سيرهم في النفق، أو حتى في الموقع العسكري، كما أنه لم يحاول كسب المزيد من الوقت حتى تتمكن دبابة أخرى من القدوم والاشتباك معهم.
وفي تفاصيل الأسر يكمل الكاتب نقلاً عن شاليط "أحد المسلحين زحف من تحت السياج ومن ثم أمرني باللحاق به، والثاني بقي في الخلف للتأكد من دخولي، فقمت بالزحف معهم، وقد أشارا لي حينها بسرعة بسرعة، فقمت بالانصياع لأوامرهما".
ويشير الكاتب هنا إلى أنه تم العثور على سترته الواقية معلقة على الأسلاك الشائكة، فإنه على ما يبدوا أنه خلعها لكي يستطيع الإسراع مع منفذي العملية، وبعد أن اجتازوا الجدار الحدودي تمكنوا من الوصول إلى قطاع غزة، ومعهم تلك الهدية الكبرى التي سلموها على الفور قيادة حركة حماس، التي كانت في تلك الوقت قد استلمت مقاليد الحكم فقط قبل 6 شهور.
وبحسب ما جاء في الصحيفة فإنه في هذه الأثناء، تمكنت إحدى الدبابات من الوصول إلى نقاط المراقبة التابعة للجيش الإسرائيلي، واستطاعت ملاحظة المهاجمين ومعهم شاليط، لكنها لم تعطِ أمراً بإطلاق النار عليهم، لأنه لم يكن معروفاً حتى تلك اللحظة أن الحديث يدور عن عملية خطف، وبعد أن تجاوزوا أكثر من كيلو متر في عمق أراضي قطاع غزة، بدأت الدبابة بإطلاق النار عليهم، لكن ليس من السلاح الثقيل، لافتة إلى أن الرشاشات نفسها أخطأت الهدف في تلك المرة.
وفي تلك اللحظات كان شاليط ومنفذو العملية قد وصلوا إلى الخط الأول من منازل المواطنين الفلسطينيين في مدينة رفح, وبحسب ما جاء في الصحيفة فإن مركبه زراعية من نوع "تراكتور" قد كانت بانتظارهم فصعدوا عليه، ويترك الكاتب الآن الحديث لشاليط ليصف اللحظات الأولى بعد اختطافه.
يقول شاليط "بعد أن صعدنا على تراكتور بلحظات قليلة، وصلنا إلى سيارة أخرى ومنها لسيارة ثالثة، وفي الطريق قام الخاطفون بتغيير ملابسي العسكرية وألبساني ملابس مدنية، ومن تلك اللحظة أيقنت أنني وقعت في أسر المقاومة الفلسطينية في غزة".
ويكمل "لم أكن داخل أي من الملاجئ، ولم أتعرض لإهانة أثناء أسري سوى الأيام القليلة الأولى، تعرضت لمضايقات، لكن سرعان ما لاحظوا أنني ذات بنية جسمية هشة، ويمكن أن أموت في أي لحظة إذا ما قاموا بضربي وهذا مالا يريدونه".
وعن كيفية تعامل الخاطفين معه في الأسر يقول شاليط "تنقلت في بداية أسري بين عدة مناطق في القطاع، كما أنهم وفروا لي تلفاز وراديو، وكنت أجلس على الانترنت في بعض الأحيان، لقد استمعت وتابعت كافة التقارير عن معركة الرصاص المصبوب، في حين شاهدت وتابعت كافة مباريات مونديال 2010م، ولقيت معاملة لا بأس بها، لكن المشكلة التي واجهتني هي أنه لم يكن لي خيار في الطعام الذي أريد، وكان معظمه من نفس الطعام الذي يتناوله الغزيون".
ويشير إلى أنه لم يفكر بخوض الإضراب عن الطعام أثناء أسره، لافتاً إلى أنه وفي أحد الأيام الذي تناول فيه طعاماً مع إحدى العائلات، التي استضافته على سطح المنزل في مدينة خان يونس، كان قد شاهد البحر من ذلك المنزل، مشيراً إلى أنه قد شعر وكأنه في يوم إجازة.
وبحسب ما سرد شاليط لمحققيه فإنه كان يتواصل مع آسريه باللغة العبرية والانجليزية، لافتاً إلى أن حراسة كانوا عبارة عن حلقة مغلقة يتناوبون على حراسته، كما تحدث للمحققين أن تابع كافة الأحداث خلال الأعوام الخمسة التي قضاها في الأسر، فقد راقب الانتخابات التي جرت في عام 2009م، وراقب الأحداث التي كانت تجري في العالم.
ووفقاً لما تحدث به فإن شاليط لم يكن في مكان خطير أثناء معركة الرصاص المصبوب، على الرغم من أنه شعر ببعض التوتر لدى حراسه المحيطين به أثناء الحرب، مشيراً إلى أنه تعاون مع آسريه وقدم لهم إجابات عن كل شيء سألوه عنه، لكنه أعلمهم في الوقت ذاته أنه لا يعلم الكثير عن تركيبة الجيش الإسرائيلي، وهذا ما كان واضحاً في بداية التقرير عندما لم يكن ينصت للتعليمات العسكرية.
ويضيف "معلومات قليلة قلتها لهم، وهي كانت حول تحصينات الجيش الإسرائيلي، وعن دبابة الميركفاه، مشيراً إلى أنه كان يعطيهم المعلومات حتى يضمن معاملتهم الجيدة له".
وبحسب ما جاء على لسان الكاتب، والذي اعتبر أن عملية خطف شاليط بكل تفاصيلها، والحفاظ عليه لوقت امتد لأكثر من خمس سنوات، هو بمثابة فشلاً ذريعاً للاستخبارات العسكرية، خاصة لجهاز الأمن العام "الشاباك"، الذي لم ينجح هو الآخر في العثور عليه طوال تلك الفترة.
ووصف الكاتب شاليط بالقول: " شاليط شاب منطوي على نفسه، حساس، وديع، وسهل الانقياد، ربما كان يجب من البداية عدم إلحاقه بطاقم دبابة مقاتلة، ربما لم يكن مناسباً لذلك".
وانتقد الكاتب بشدة وبلهجة في غاية من الحدة رئيس هيئة الأركان "بيني غانتس" بوصفه لجلعاد شاليط بالبطل، متسائلاً عن أي بطل تتحدث عن شخص اختار الاستسلام وكان خيارات القتال موجودة بين يديه، عن شخص أرغم حكومته على دفع ثمن في تاريخها لم تدفعه لأحد، وهو إطلاق سراح أكثر من ألف أسير مقابل ذلك البطل!، إذن لا يوجد هنا أي نوع من البطولة، ما يوجد بالحقيقة هنا عبارة عن قصة محزنة ومخزية.
ويضيف الكاتب "لو كنت مكانه كنت سأحاول قدر الإمكان بأن أخفف قليلاً من وتيرة الاحتفالات العلنية, وعدم تحويله إلى شخصية مشهورة.. لقد دفعت "إسرائيل" ثمناً باهظاً لا يُطاق من أجل إعادته إلى بيته وعائلته, وقصته بالتأكيد لن تُدرس في التراث القتالي".
ويضيف الكاتب "لو كنت مكان شاليط لأعطيت شيئاً ما من جهدي ووقتي لأعمال تطوعية حتى أحاسب نفسي, شيء ما رمزي يُبرز الاعتراف بالشكر ورد الجميل لإسرائيل، التي فقدت عدداً من أكثر مصالحها الإستراتيجية الحيوية في هذه الصفقة، من أجل إعادتي إلى بيتي.
ويختم الكاتب مقاله مستهزئاً " يجب على شاليط أولاً أن يُكمل إجازته, لأنه يستحق ذلك.. لأنه ببساطة بطل!! لم يقم بأي من أعمال البطولة!!".
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر