ما هو أصل العرب ؟ ومن اين اتو ؟ ومن هو جد العرب ؟ كتب كثير من علماء الأنساب والتاريخ في اصل العرب وقد كثرت الأقوال وتضاربت الآراء خصوصا بين القديم والحديث فالاعتماد عند المتقدمين على الكتب المدونة وعند بعض العصريين على الآثار القديمة التي نقب عنها في جوف الأرض وحيث أن أمر التنقيب عقيم في جزيرة العرب وبالأخص لم يجر حتى اليوم في الربع الخالي مع صحراء الأحقاف فاصبح الاعتماد فيما يتعلق بشؤون العرب حتما على الكتب المدونة لأنه لم يكن أمامنا ما ينفي صحتها غيران كتب التاريخ والأنساب المتعلقة بي اصل العرب وتقسيمهم تحتوي على أقوال كثيرة فقد لخصت منها ما يأتي بعد جهد كبير وفحص دقيق . يرجع اصل العرب إلى سام بن نوح عليه السلام وكان مسكنهم قبل أن يسكنوا الجزيرة جهات العراق ثم نزح فريق منهم إلى الجزيرة التي يكون موقعها بالنسبة للعراق غرب جنوبي فسمى بنو سام النازحين منهم إليها (عربا) أي الغربيين لان حرف الغين المعجمة كان مفقودا من اللغة السامية فكانوا ينطقون بالعين المهملة عوضاً عن الغين المعجمة ويضعونها موضعها ومن ذلك الحين أطلق على من نزح من بني سام إلى الجزيرة العربية اسم العرب ، ثم سميت الجزيرة باسمهم . والذي نزح هم ( عاد ) ومسكنهم الأحقاف المسماة الآن بصحراء الأحقاف الواقعة في القسم الجنوبي من الجزيرة . ( وثمود ) ومسكنهم الحجر ووادي القرى بين الحجاز والشام المسمى الآن بمدائن صالح الواقع في القسم الشمالي من الجزيرة . و ( طسم ) و ( جديس ) ، ومسكنهما اليمامة الواقعة في قلب الجزيرة ، والبحرين المسماة الآن بالأحساء ، الواقعة في القسم الشرقي من الجزيرة على الخليج العربي . و ( عمليق ) ومسكنهم عمان ، الواقع في القسم الشرقي بجنوب من الجزيرة . قال الجرجاني : إن بني عمليق ملكوا مصر ، ومنهم فرعون إبراهيم ، وفرعون يوسف ، وفرعون موسى . و ( أميم ) ومسكنهم رمل عالج بين اليمامة والشحر ، والمسمى الآن بالربع الخالي . و( عبيل ) ، ومسكنهم الجحفة بقرب المدينة . و ( عبد ضخيم ) ، ومسكنهم الطائف . و ( حضروا ) ومسكنهم الرس ، وأما الكلدانيون ، قال ابن خلدون في تاريخه : إنهم من الطبقة التي قبل نوح عليه السلام ، فهم من بني آدم ، ولم يكونوا من بني سام بن نوح . ويحد الجزيرة العربية شرقاً بحر الهند والخليج العربي المسمى بالخليج الفارسي ـ لأن العرب استعمرته وبنت فيه ملاحتها قبل الفرس ـ وبعض العراق إلى الكوفة . وغرباً البحر الأحمر ، على أيلة وهي العقبة ، ثم إلى البلقاء المسماة ( الأردن ) ، وبعض بادية الشام وفلسطين وشمالاً من الكوفة والفرات بالعراق ، إلى عانة وبالس ، من الجزيرة الفراتية ، إلى سلمية وإلى مشارف غوطة دمشق إلى مشارف حوران ، إلي البلقاء من برية الشام وبعض فلسطين . وجنوبا بحر الهند . وتنقسم الجزيرة إلى خمسة أقسام كبيرة : الأول : القسم الشرق ، وهو يشتمل على عمان وقطر والأحساء والكويت وما حاذى ذلك من مدن وقرى ، من الجهة الشمالية إلى الكوفة . الثاني : القسم الغربي ، وهو يشتمل على اليمن وتهامة وعسير والحجاز إلى أيلة وما حاذاها من جهة الشمال إلى البلقاء . الثالث : القسم الشمالي ، وهو يشتمل على كل ما وقع ما بين الكوفة وحوران والبلقاء إلى أيلة من قرى وبادية الرابع : القسم الجنوبي ، وهو يشتمل على حضرموت . الخامس : قلب الجزيرة ، وهو يشتمل على عموم نجد ، بما فيه اليمامة والقصيم وشمر وجبلي سلمى وأجا ، وما جاور ذلك مع الربع الخالي بصحراء الأحقاف ونجران . ملوك العرب كان ملك العرب في ثماني قبائل ، سبع من قحطان ، وواحدة من عدنان ، أما السبع الذين هم من قحطان ، فهم : (1) حمير ، (2) همدان ، ( 3) كندة ، (4) لخم ، (5) دوس ،( 6) جفنة ، (7) بنو الصوار ، وأما القبيلة التي من العدنانيين ، فهم ، بنو قنص . فكان ملوك بني الصوار ، هم أهل البأس والشرف القديم والعز التليد والملك الوطيد والمجد الأثيل فقد فتحوا البلدان ، وأخضعوا الممالك وقهروا الأقران وتركوا الآثار العظيمة ، التي لا يزال المنقبون يعثرن على بعضها في كثير من الأقاليم ولا يزال التاريخ يحدثنا بأخبارهم العظيمة التي سادوا بها على الأمم الأخرى في تلك العصور . ومن هؤلاء الملوك يعرب بن قحطان ، وسبأ بن يشجب ، والحارث الرائشي ، وأبرهة ذو المنار ، وعمرو ذو الأذعار ، وأفريقس باني أفريقة ، وسمر يرعش باني سمرقند , وتبع الأكبر , وتبع الأوسط , واسمه أسعد ويكنى أبا كرب , وتبع الأصغر , واسمه عمرو بن حسان بن أبي كرب . وأما بنو قنص , فهم الملوك العدنانيون ، وهم بنو قنص , بن معد , بن عدنان , فقد ملكوا العراق , والجزيرة الفراتية ، ولهم غارات على الروم , والفرس . وسائر العرب , بعد الملوك ، طبقتان , كسائر الأمم , أهل مدر , وأهل وبر , فأما أهل المدر , فهم الحضر سكان المدن والقرى , فكانوا أصحاب زرع , من نخيل , وكرم , وأهل الوبر , هم قطان الصحاري وعمار الفلوات , معيشتهم من ألبان الإبل , ولحومها , وفي زمان النجعة ووقت التبدي يرعون ماشيتهم , جهات إيماض البرق ومنشأ السحب , وجلجلة الرعد , فيؤمون منتجعين لمنابت الكلأ , مرتادين لمواقع القطر . وهذه حالتهم قديما وحديثا حتى اليوم . فمن حضرموت ( الحضارم ) وهم سكان جنوب الجزيرة إلى اليوم , وسميت القطعة التي سكنوها باسم جدهم حضرموت , ومنهم ملوك ( كندة ) ، قال ابن خلدون في تاريخه : أول من ملك منهم عمرو ألأشنب بن ربيعة بن برام , بن حضرموت . ومن ملوكهم ذوعيل بن ذويقعان قد غزا الصين , وقتل ملكها , أخذ سيفه . كذلك سنان ذو ألم غزا الصين , والروم ثم من ملوكهم حماد بن بدعيل قد غزا فارس في عهد سابور ذي الأكتاف وهو أول من اتخذ الحجاب من ملوكهم . ومن ملوكهم يشرح ذو الملك , بن ودب فكان أول من رتب الرواتب , وأقام الحرس والروابط . وتوارث ملكهم إلى البعثة النبوية . وكان ملكهم في ذلك العصر ( وائل بن حجر ) رضي الله عنه , وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه فأكرمه , وأحسن منزله , وأيده في ملكه , وأرسل معه معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه وله معه قصة , تأتي في الوفود . ومن يعرب اليمانيون وهم سكان القسم الغربي الجنوبي من الجزيرة إلى اليوم ، وهو القسم الواقع بين حضرموت وعسير . ومنهم ملوك سبأ والتبابعة , وقد توارث ملكهم إلى البعثة , ولأحد ملوكهم ( سيف بن ذي يزن الحميري ) قصة نع عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم تتعلق بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم , ستأتي في هذا الجزء . وأما جرهم , فكان مسكنهم الحجاز ثم اضمحلوا واندمجوا في العدنانيين من قبل البعثة النبوية . وأما ( السلف ) فقد اندمجوا في اليمانيين , قال ابن خلدون : وأهل التوراة لا يعرفون شيئاً من أخبار عاد وثمود , لأنهم لم يقع لهم ذكر في التوراة , ولا لهود ولا صالح عليهما السلام بل ولا لأحد من العرب العاربة , لأن سياق الأخبار في التوراة عن أولئك الأمم , إنما هو لمن كان في عمود النسب , ما بين موسى وآدم , صلوات الله عليهما , وليس لأحد من آباء هؤلاء الأجيال ذكر في عمود النسب فلم يذكروا فيها . وعليه فليهدأ بال الملاحدة , في قولهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ أخبار الأمم السالفة من التوراة , فظهر أن هؤلاء العرب العرباء لم يكن لهم ذكر في التوراة , وقد جاء في القرآن المجيد جمل من أخبارهم لم يكن لها نظير في التوراة , فلم يبقى لمفترياتهم محل . وأما بنو ( فالغ ) بن هود عليه السلام , فنزحوا من جنوب الجزيرة إلى شمالها , أقاموا بين بابل والجزيرة الفراتية بين سوريا وفلسطين , وتناسلوا فيها , واقتبسوا شيئاً من لغة تلك البلاد الآشورية والسريانية , واختلطت مع لغتهم العربية , فتولدت منها لغة سميت ( بالعبرانية ) نسبة إلى جدهم هود عليه السلام , المسمى عندهم ( عابر ) , فصار يطلق على تلك اللغة ( العبرانية ) . ومن بني فالغ بن هود عليه السلام , نبي الله ( إبراهيم ) صلى الله عليه وسلم , وهو إبراهيم بن تارح , المسمى آزر , بن ناحور بن شاروخ بن أرغو بن فالغ بن عابر ، وهو نبي الله هود عليه السلام , ثم أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم رحل بهاجر أم ولده إسماعيل , مع ابنها إسماعيل عليه السلام , من فلسطين إلى مكة , وتركهما بها , وعاد إلى فلسطين , فنشأ إسماعيل عليه السلام بمكة وصاهر بني جرهم , وتكلم اللغة العربية , من أصل نشأته . ومن ولد إسماعيل عليه السلام ( عدنان ) , ومن عدنان ( معد ) , ومن ولد معد ( نزار ) . ومن ولد نزار ( أنمار ) , وقد اضمحل بنو أنمار , واندمجوا في بجيلة وخثعم . ومن ولد نزار أيضاً ( أياد ) , وقد اندمج بعض ولده في مضر , ومن ولد أياد ( قس بن ساعدة الأيادي ) , الذي يضرب به المثل في البلاغة ، وهو أول من اظهر التوحيد بمكة ، مع ورقة ابن نوفل , وزيد بن عمرو بن نفيل . ومن ولد نزار أيضاً ( ربيعة ) , ومسكن بنيه بين اليمامة والبحرين , والعراق . ومن بني نزار أيضاً ( مضر ) ومن مضر قريش . فبنو عدنان , هم سكان نجد إلاّ قريشاً , فهم سكان مكة وضواحيها , ولا يشارك بني عدنان من العرب في أرض نجد من القحطانيين إلا ( طي ) من كهلان , فيما بين جبلي ( أجا ) و ( سلمى ) , ثم تفرق بنو عدنان في تهامة والحجاز والعراق والجزيرة وسورية وبعد الإسلام تفرقوا في عموم الأقطار . فحاصل ما تقدم أن العدنانيين , والقحطانيين , يرجعون في النسب إلى أصل واحد وأب واحد ومسكن واحد ولغة واحدة وجد واحد وهو هود عليه السلام , وهود من بني عاد كما تقدم . وأما من قال : إن العدنانيين هم العرب المستعربة , فذلك لأن إبراهيم كان من سكان فلسطين وكانت لغته المستعارة للعبرانية , كما تقدم , ثم لما نشأ ولده إسماعيل عليه السلام بمكة , وتكلم العربية التي اقتبسها من جرهم , عده المؤرخون , أعجمياً واستعرب , وسمو بنيه العرب المستعربة , والصحيح أنه من أصل عربي , وجده الخامس هود عليه السلام , فإذا كان سلفه نزحوا من جنوب الجزيرة إلى شمالها , وتغيرت بسبب ذلك لغتهم العربية باللغة العبرانية , فهل يخرجهم ذلك من أصلهم العربي بناءً على تغير اللغة ؟ ما أظن أن هذه القاعدة صحيحة , عند علماء النسب حيث أن تغير اللغة لا يغير الأصل . وأما قول المؤرخين : إن العرب تنقسم إلى ثلاثة أقسام , بائدة , وعاربة , ومستعربة , فهذا اصطلاح جرى عليه المؤرخون , ولا يكون حجة يستند عليها في أصل العرب , والصحيح , أن بني عاد لم ينقطع نسلهم , وذلك أنه لما هلك بنو عاد , وهم قوم هود عليه السلام , بقى هود ومن آمن معه من بني عاد وذلك بنص القرآن المجيد , ثم تناسلوا . ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس , رضي الله عنهما , قال : ليس في العرب قبيلة إلاّ وقد ولدت رسول الله مضرها وربيعتها ويمانيها . رواه عبد بن حميد , وابن أبي أسامة , وابن المنذر . ولم يفرق ابن عباس بين مضر وربيعة واليمانيين , بل سماهم العرب , فلم يقل في ربيعة ومضر : العرب المستعربة . وكذلك ما روي عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما , قال : قال رسول الله : " خلق الله الخلق فاختار من الخلق بني آدم , واختار من بني آدم العرب , واختار من العرب مضر , واختار من مضر قريشاً , واختار من قريش بني هاشم , واختنارتي من بني هاشم , فأنا خيار من خيار إلى خيار , فمن أحب العرب فبحبي أحبهم , ومن أبغض العرب فبغضي أبغضهم " رواه الطبراني , والحاكم والبيهقي وأبو نعيم . فهذا قول سيد العرب الذي قوله المرجع في كل شيء يقول : " واختار من العرب مضر " ومن المعلوم أن مضر من ولد عدنان , وعدنان من ولد إسماعيل عليه السلام , وعليه فيكون إسماعيل من أصل عربي , يرجع إلى هود بن عاد المتفرع منه الفرعان , العدناني والقحطاني . فمضر بقول سيد العرب , من أخيار العرب ولا يكون الخيار إلا من الأصل المختار منه مضر , هن العرب العرباء , الحقيقون . ********* المصدر : مقدمة في اصل العرب ومساكنهم نسخ من كتاب : حياة سيد العرب للعلامة باسلامة رحمه الله
مقدمة
في اصل العرب ومساكنهم
نسخ من كتاب : حياة سيد العرب
للعلامة باسلامة رحمه الله
كتب كثير من علماء الأنساب والتاريخ في اصل العرب وقد كثرت الأقوال وتضاربت الآراء خصوصا بين القديم والحديث فالاعتماد عند المتقدمين على الكتب المدونة وعند بعض العصريين على الآثار القديمة التي نقب عنها في جوف الأرض وحيث أن أمر التنقيب عقيم في جزيرة العرب وبالأخص لم يجر حتى اليوم في الربع الخالي مع صحر --
وهمدان تعبد( يعوق ) , وذو الكلاع , بأرض حمير تعبد ( نسرا ) والأوس , والخزرج تعبدان ( مناة ) , وقريش , وبنو كنانة تعبدان ( العزى ) ,اعظم أصنامهم ( هبل ) , وكان منصوبا على ظهر الكعبة , و ( إساف , ونائلة ) , كانا منصوبين على الصفاء والمروة ، وكان لحنيفة صنم يعبدونه من ( حيس ) , والحيس هو تمر يخلط بسمن , وأقط , فلحقتهم مجاعة في بعض السنين فأكلوه , فقال بعض الشعراء في ذلك
أكلت حنيفة ربـــــها *** على التقحم والمجـاعة
لم يحذروا من ربهم *** سوق العواقب والتباعة
وجميع عبدة الأوثان من العرب , كانت تعترف لله تعالى بالربوبية , وإنما كانت عبادتهم ضرباً من التدين بدين الصائبة في تعظيم الكواكب و الأصنام , الممثلة لها في الهياكل , لا على ما يعهتقده بعض الجهال بديانات الأمم , وآراء الفرق , من العرب , كانت تعتقد في الأوثان أنها الإله الخالق للعالم , بل ذلك لا يتصوره عاقل , وقد قال تعالى حكاية عنهم ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى ) . وانما كانوا ينكرون البعث والنشور والمعاد والجزاء في اليوم الآخر , ويرون أن العلم لا يخرب ولا يفنى .
ولما بعث الله سبحانه وتعالى نبينا محمد بالهدى, ودين الحق , أظهره على الدين كله , توحيد دين العرب بالإسلام ,وانسلخوا من الجهالة والهمجية, واصبحوا قادة الأمم في كل شي , ومرجعا في العلوم والمعارف والحضارة والعمران بفضل تعاليم القرآن و إرشاده.
التشريع عند العرب
كان للعرب أحكام وشرائع يدينون بها ,منها (الحج), فكانوا يحجون البيت , ويعتمرون ويحرمون ويطوفون ويسعون ويقفون الموقف ويرمون الجمرات ومنها الجمرات ومنها الغسل من الجنابة والمضمضة والاستنشاق ومسح الرأس والسواك والاستنجاء وتقليم الأظافر ونتف الإبط ولا ينكحون الأمهات ولا البنات فجاء الإسلام بإبقاء ذلك على وجه مخصوص . وكانوا يعيبون المتزوج بامرأة أبية ويقطعون يد السارق اليمنى , وكانوا يجمعون بين الأختين فجاء الإسلام يمنع ذلك .
وكانوا يعدون الظهار طلاقا , وتعتد المرأة عن الوفاء بحول .
وكانوا إذا التبس عليهم أمر ردوه إلى كهنتهم ,وهم الذين لهم اتباع من الجن يخدمونهم .
وكانوا يعولون على عيافة الطير وزجره في حركاتهم ومقاصدهم, وهم أن يعتبره عند قصده بما يراه من الطير : تارة باسمه وتارة بطيرانه يمينا , أو شمالا وتارة بصوته ومقدار ما يصوت , وتارة بمسقطه الذي يسقط فيه , وجاءت الشريعة بإبطال ذلك.
وظهر للعرب بعد دخولهم الإسلام أن الشريعة المحمدية هي اشرف واطهر واعدل واصلح لبمادئ عموم البشر من عرب وعجم وقد بنى عليها تشريع أعظم الأمم المتمدنة , في هذا العصر , ومن ينكر ذلك فليرنا مبدأ تشريع أعظم الأمم قبل الإسلام إن استطاع لذلك سبيلا , حتى يجري تطبيقها على تشريعهم اليوم , وتظهر الحقيقة .
ولم أقصد بأن الأمم المتمدنة قد طبقت تشريعها المحمدية , حرفاً بحرف , وإنما القصد أنهم لم يكونوا قبل الإسلام على شيء من أحكام التشريع ، ولما اطلعوا على التشريع , الإسلامي نظموا لأنفسهم تشريعاً خاصا , بنوا قواعده على قواعد التشريع الإسلامي , وليس منه في شيء .
والذي يوجب الأسف , أنه يوجد في بعض من يدعي الإسلام من ينكر التشريع الإسلامي , لأنه لم يجده منظما , على نسق قوانين أوربا القضائية فلو رزق شيئاً من العقل , لأدرك معنى التشريع و ولكن الإلحاد جعله لا يعقل , ولا يفهم , وغاية ما وصل إليه من العلم أنه قال : ليس في الإسلام تشريع منظم كما هو موجود عند الأمم الراقية , وهو يجهل أن مبنى تشريع الأمم الراقية على قوله : كان على التشريع الإسلامي , ولكن بشكل آخر غير الشكل الموجود عند المسلمين .
أيام العرب وحروبها
أيام العرب هي حروبها المشهورة , وكانت تسمى الحادثة العظيمة التي تقع فيها مجزرة كبرى يوم كذا , وهذه الأيام كثيرة , وقد لخصت منها ما يأتي , ( يوم البسوس ) : وهو أعظم أيامها , كان بين بكر بن وا ئل , وتغلب بن وائل , وكان للبسوس , خالة جساس , ناقة فرآها كليب بن وائل , وقد كسرت بيض حمام في حماه , كان قد أجاره فرمى ضرعها بسهم , فوثب جساس على كليب فقتله , فهاجت الحروب بسبب ذلك , ودامت بين الفريقين أربعين سنة .
يوم داحس : كان لقيس على فزارة .
يوم النسار : كان بين ضبة وتميم .
أيام الفجار كانت بين بكر بن وائل وبني تميم , وكان في الأربعة الأيام الأولى بين كنانة ونصر بن معاوية , وبين قريش وهوازن .
ويوم ذي قار : كان من أعظم أيام العرب , وكان لبني شيبان , وكان كسرى أبرويز , قد غزاهم بجيش فظفر فيه بنو سنان , وهو اليوم الذي انتصرت فيه العرب على العجم .
يوم الرحرحان : كان بين دارم , وعامر بن صعصعة , والثاني بين تميم وعامر .
يوم الفلج : وكان فيه وقعتان , الأولى لبني عامر على بني حنيفة , والأخرى لبني حنيفة , على بني عامر وأهل اليمامة.
يوم لهابة : كان بين بني كعب وعبد شمس .
يوم طخفة : وكان لبني يربوع على قابوس بن مذر بنماء السماء .
يوم مروت : كان بين غنم وبني قشير .
يوم الشقيقة : كان على بني شيبان .
يوم أراب : كان لتغلب على بني يربوع .
يوم ذي أراطة : كان بين بني حنيفة وجعدة .
يوم عاقل : كان بين جشم وحنظلة .
يوم درني : كان لبني طهية على تيم اللات .
يوم العضالي : كان بين بكر بن وائل , وتميم , وهو آخر أيامهم .
يوم الغبيط : كان لبني يربوع ، دون مجاشع .
يوم الكفافة : كان بين فزارة وبني عمرو , وبني تميم .
يوم القرين : كان بين خثعم وكنانة .
يوم بسيان : كان لبني فزارة على تميم .
يوم قراقد : كان لمجاشع على بكر بن وائل .
يوم الحسي : كان لبكر على تغلب .
يوم اسربات : كان بين عبس , وحنظلة .
يوم الستار : كان بين الغوث وجديلة .
يوم فيف الريح : كان بين خثعم وبني عامر .
يوم أوراة : كان بين عامر وبني هند وبني تميم .
يوم البيداء : وكان بين حمير وكلب .
يوم غول : كان لضبة على كلاب .
يوم السلام : كان لربيعة على مذحج .
يوم ذرحرح : كان بين سعد وغسان .
يوم التحالق : كان بين بكر وتغلب حلق فيه أحد الفريقين رؤسهم ليكون علامة لهم .
يوم الصليب : كان بين بكر بن وائل وبين عمرو بن تميم .
يوم ظهر: كان بين عمرو بن تميم وبين ضبة .
يوم الدئيفة : كان لبني مازن .
يوم ذات الحرمل : كان لبني عمرو , على بني عبس .
يوم القرعاء : كان بين بني مالك ويربوع .
يوم ملهم : كان بين تميم وحنيفة .
يوم داب : كان لبني يربوع على كلاب .
يوم زرود : كلن بين بني تغلب ويربوع .
يوم الرقم : كان بين بني فزارة وبني عامر .
يوم طوالة : كان بين بني عامر وغطفان .
يوم بعاث : كان بين الأوس والخزرج ــ وله ذكر في صحيح البخاري ــ .
يوم النباح كان لبني تميم على شيبان .
يوم الدرك : كان بين الأوس والخزرج
يوم الوقد : كان لبني علي بن عامر بن صعصعة .
يوم الهرير : كان بين بني تميم .
يوم الهباة كان لعبس على فزارة .
يوم نجران : كان لبني تميم على بني الحارث بن كعب .
يوم الواردات : كان بين بكر وتغلب .
يوم ذي الإثل : كان لتغلب على لخم وعمرو بن هند .
يوم الذنائب : كان لغسان على لخم ونجران .
يوم سفوان : كان لجعدة وقتير على النعمان بن المنذر ولخم.
يوم قباء : كان بين الأوس والخزرج .
يوم الغضيبة : ويقال العصيبة , كان لعمرو بن هند على تميم.
يوم سنجار : كان لتغلب على قيس .
يوم دارة باسل : كان لضبة على كلاب .
يوم النصيح : كان لقيس على أهل اليمن .
يوم الزويرين : كان لشيبان على تميم .
يوم مرفق : كان لقيس على سعد .
يوم الزخيخ : كان لقيس على أهل اليمن .
هذه بعض أيام العرب التي اشتعلت فيها نيران الحرب بينهم , ولكل يوم من هذه الأيام تفصيل في كتب التاريخ والأدب , وهي تمثل شجاعتهم وحميتهم وشدة بأسهم ومنعتهم وحماقتهم وطغيانهم وتوغلهم في سفك الدماء . فلما جاء الإسلام بنوره أطفأ هذه النار المشتعلة في جزيرة العرب , بحكمته الباهرة وهدايته الرشيدة , وأزال التشاحن والبغضاء التي كانت كامنة في قلوبهم لبعضهم البعض , وجعلهم جسماً واحداً , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر , ولا زالت العرب بخير , ما بقيت متمسكة بدينها وشريعتها .
أسواق العرب
كان للعرب أسواق في الجاهلية , يقيمونها في شهور السنة , وينتقلون من بعضها إلى بعض , ويحضرها كل قبائل العرب , من بعد منهم ومن قرب , فكانوا ينزلون " دومة الجندل " وهو المسمى اليوم بالجوف وهو واقع شمال الجزيرة قريب من الشام . أول يوم من ربيع الأول , فيقيمون أسواقها بالبيع والشراء والأخذ والعطاء , فيقوم بعشائهم رؤساء آل بدر في دومة الجندل , وإذا غلب على السوق بنو كلب , يقوم بعض رؤساء كلب بعشائهم , فتقوم أسواقهم إلى آخر الشهر , ثم ينتقلون إلى سوق حجة وهو المشهور في ربيع الاخر فتقوم أسوقهم بها , وكان يقوم بطعامهم المنذر بن سلوى , أحد بني عبدالله بن دارم , ثم يرتحلون نحو عمان , بالبحرين فتقوم سوقهم بها , ثم يرتحلون فينزلون إرم وقرى الشحر فتقوم أسواقهم بها أياماً , ثم يرتحلون فينزلون (عدن ) من اليمن , فيشترون منها ( اللطائم ) وهي الأقمشة , وأنواع الطيب , ثم يرتحلون فينزلون الرابية من حضرموت , ومنهم من يجوزها إلى صنعاء , ثم تقوم أسواقهم بها ويجلبون منها الخرز والأدم والبرد , وكانت تجلب إليها من معافر , ثم يرتحلون إلى عكاظ في أول شهر شوال , فتقوم أسواقهم بعكاظ . ويتناشدون الأشعار , ويتحاجون , من له أسبر سعى في فدائه , ومن له حكومة ارتفع إلى الذي يقوم بأمر الحكومة , وكان الذي يقوم بأمر الحكومة فيها من بني تميم , وكان أحدهم الأقرع بن حابس , ثم ينتقلون منها في نهاية شهر شوال , فينزلون مر الظهران , وهو( وادي فاطمة ) في أول ذي القعدة , فتقوم أسواقهم فيه طيلة الشهر ؛ وهذا الوادي واقع في شمال مكة ويبعد عنها 25 ميلاً إلى 30 ميلاً , وهو وادٍ خصب كان به في الأزمان السالفة نحو ثلاثمائة عين ماء فلعدم وجود الأيدي العاملة , دمرت فلم يبقى منها الآن سوى أربع وأربعين عين ماء بخيوفها وهي:
(1) الزيمة (2) سولة (3) المضيق (4) الجديدة ( 5) الأنبارك (6) الربان ( 7) الكرابة ( القرية (9) الخفيج (10) الطرفاء (11) القشاشية (12) الفائجة (13) الدبة (14) أم الغطاة ( 15) الخلص ( 16) أبو حصباني (17) الدخان ( 18) الطندب (19) المخيف (20) الروضة (21) البرقة (22) الحمراء (23) أبو عروة ( 24) الحسيتية (25) الهنية ( 26) الجموم ( 27 ) الخضراء ( 28) أبو شعيب ( 29) المدرة (30) الفيض (31) الهرامز ( 32) النقية (33) الشماسي (34) البقيرية (35) الغريس (36) البحرين (37) البرار ( 38) الجديدة ( 39) المرشدية (40) المقوع (41) الركاني (42) صروعة ( 43 ) المشرقات (44) حداء .
وهذه الخيوف تبتدئ من علو الوادي شرقاً من الزيمة , وتنتهي غربا بحداء وكثيراً ما يوجد بهذا الوادي أدبلة العيون المدمرة , وممكن تعميرها , إنما تحتاج إلى المال والأيدي العاملة و ويبلغ طول وادي مر الظهران , من الشرق إلى الغرب نحو خمسين ميلاً .
ثم يرتحلون إلى الحج , والوقوف بعرفة , فإذا قضوا مناسكهم نزلوا مكة للطواف بالبيت , والسعي بين الصفا والمروة ، فكانت قريش تقم بيضيافتهم بمكة حتى يرتحلوا .
وكان سوق عكاظ بمثابة المؤتمر العام , والمعرض العام , لعموم قبائل العرب قاطبة , فكان يجتمع فيه فحول الشعراء والخطباء والملوك والأمراء . وكانت تجري بينهم مسابقة في الشعر , والخطابة , والشجاعة , وغير ذلك .
وكانت لقريش اليد الطولى في التجارة , فكانت لهم رحلتان : رحلة في الصيف , ورحلة في الشتاء , وكانت رحلة الشتاء إلي اليمن ورحلة الصيف إلى الشام , فإذا جاء الشتاء ذهبوا إلى اليمن ببضائع الحجاز ,. وما يتبقى من بضائع الشام فيبيعونها , ثم يشترون من اليمن الأقمشة اليمانية , وأنواع الطيب , ويأتون بها إلى مكة . ثم يرتحلون في الصيف إلى الشام ببعض الحجاز , وبضائع اليمن ¸وبعد تصريفها يشترون من الشام ما يصلح لأسواقهم , من البضائع , ويأتون بها إلى مكة .
وكان فيها من أصحاب رؤوس الأموال العظيمة , مثل أمية بن خلف , وعبدالله بن جدعان , وخديجة بنت خويلد و والعباس بن عبد المطلب , وأبو سفيان بن حرب , وغيرهم , وكان منهم من يستطيع أن يحمل من التجارة على ألف بعير لشخصه برأس ماله , فكانت تنفق هذه البضائع في أسواقهم , عكاظ , ومر الظهران , وذي المجاز , وبمكة , ومنى , وغيرها .
وكانت قريش لا تعرف الأسفار إلى الشام قبل هاشم بن عبد مناف , جد النبي فكان هاشم هو الذي اخذ لهم (الايلاف) من قبل قيصر ملك الروم بالشام ومن عموم القبائل القاطنة بين الشام ومكة وذلك انه لما سافر من مكة إلى الشام وتعرف بقيصر ملك الروم وجد نفسه قادرا على التكلم معه , فقال له :أيها الملك إن لي قوما وهم تجار العرب فان رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمنهم , وتؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستظرف من أدم الحجاز وثيابها فيمكنوا من بيعه عندكم فهو ارخص عليكم .
فكتب له كتابا فيه أمان لمن أتى منهم فاقبل هاشم بالكتاب فجعل كلما يمر بحي من العرب على طريق الشام اخذ من أشرا فهم (إيلاف) والايلاف هو أن يأمنوا عندهم وفي طريقهم أرضهم بغير حلف وانما هو آمن الطريق فاخذ هاشم الايلاف فيمن بينه وبين الشام حتى قدم مكة فأعطاهم الكتاب .
فكان ذلك اعظم بركة على قريش في تجارتهم فخرج تجار قريش بتجارة عظيمة ومعهم هاشم يحوزهم فلم يبرح يجمع بين قومه وبين العرب ويؤيد ايلافهم حتى ورد الشام فباعت قريش تجارتها واشترت من الشام بضائع شتى وعادت إلى مكة ومنها صارت ترحل إلى في كل صيف إلى الشام واخذ لهم عبد شمس (حبلا) من النجاشي الأكبر فارتحلوا بسبب ذلك إلى ارض الحبشة . والحبل هو العهد و الأمان .واخذ لهم نوفل حبلا من الأكاسرة ملوك فارس فارتحلوا للتجارة إلى العراق وارض فارس . واخذ لهم المطلب حبلا من ملوك اليمن (حمير) فارتحلوا بسبب ذلك رحلة الشتاء إلى اليمن .
وكان من تجار قريش في العصر النبوي من يملك الملايين روى الحافظ الذهبي في تاريخه :أن ثروة الزبير بن العوام رضي الله عنه قدرت بعد وفاته بأربعين ألف ألف درهم أي أربعون مليون درهم وكان كل عشرة دراهم تقدر بدينار ,وقدرت ثروة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بثلاثين ألف ألف درهم أي ثلاثون مليون درهم .
وكذلك قدرت ثروة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد وفاته فكانت اعظم من ثروتي الزبير طلحة , وأيضا صفوان بن أمية رضي الله عنه تقدر ثروته مثلهم أو يفوق عنهم , ولم يكن أحد هؤلاء اكتسب درهما واحدا من غير طريق التجارة لأنه لم يحدثنا التاريخ أن أحداً من هؤلاء تقلد إمارة أو قاد جيشا في الفتوحات الإسلامية أو صار خليفة للمؤمنين بل حدثنا التاريخ بضد ذلك : أن قواد الجيوش وأمراء المؤمنين في الصدر الأول من الخلافة ماتوا فقراء , لم يورثوا درهماً , وديناراً , بل لما حضرت أبا بكر الصديق رضي الله عنه الوفاة جاءته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فقالت له : يا أبتاه انك كنت ذا مال وتجارة فدلنا على مالك فأجابها : إني كنت ذا مال وتجارة وقد أنفقت مالي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله فإذا أنا متُ فاطوي فراشي هذا وأودعيه بيت مال المسلمين وكذلك عمر بن الخطاب ,و عثمان بن عفان , وعلي بن أبى طالب رضي الله عنهم مثل سلفهم , وكذلك سعد بن أبى وقاص خالد بن الوليد وأبو عبيدة رضي الله عنهم , فانهم اعظم القواد الذين فتحوا فارس والروم في عصر الخليفتين لم يحدثنا التاريخ عن عظم ثورتهم بل ماتوا فقراء . ولو أن طلحة و الزبير وعبد الرحمن بن عوف تآمروا على قيادة الجيش أو صاروا من أمراء المؤمنين لأصبحوا فقراء مثل إخوانهم حيث لم تأت ثروتهم إلا عن طريق التجارة فلوا اشتغلوا بالإمارة لكانوا مثلهم .
فهكذا كانت قريش أغنى العرب بواسطة التجارة .
أخلاق العرب
كانت العرب في الجاهلية على أخلاق عظيمة , لانجدها في غيرها من الأمم المعاصرة لهم ، فمن خصالهم الشجاعة والعفة والشهامة والنجدة والحمية وعلو الهمة وحفظ العهد والوفاء بالوعد والمحافظة على الأعراض والمدافعة عن الجار وحفظ الجوار والكرم والسخاء والضيافة لكل وافد عرفوه أم لم يعرفوه . وكانوا مثل الحرية في أقوالهم وأعمالهم وعاداتهم من غير تكلف , لأنها سجية فيهم . ويتفاخرون بشدة البأس وعزة النفس وإباء الضيم والحلم والفصاحة وحفظ الشرف ومكارم الأخلاق وسرعة الخاطر بالبديهيات وغير ذلك ، مما امتازت به العرب على غيرها من الأمم , والتاريخ شاهد على ذلك
مقدمة
في اصل العرب ومساكنهم
نسخ من كتاب : حياة سيد العرب
للعلامة باسلامة رحمه الله
كتب كثير من علماء الأنساب والتاريخ في اصل العرب وقد كثرت الأقوال وتضاربت الآراء خصوصا بين القديم والحديث فالاعتماد عند المتقدمين على الكتب المدونة وعند بعض العصريين على الآثار القديمة التي نقب عنها في جوف الأرض وحيث أن أمر التنقيب عقيم في جزيرة العرب وبالأخص لم يجر حتى اليوم في الربع الخالي مع صحر --
وهمدان تعبد( يعوق ) , وذو الكلاع , بأرض حمير تعبد ( نسرا ) والأوس , والخزرج تعبدان ( مناة ) , وقريش , وبنو كنانة تعبدان ( العزى ) ,اعظم أصنامهم ( هبل ) , وكان منصوبا على ظهر الكعبة , و ( إساف , ونائلة ) , كانا منصوبين على الصفاء والمروة ، وكان لحنيفة صنم يعبدونه من ( حيس ) , والحيس هو تمر يخلط بسمن , وأقط , فلحقتهم مجاعة في بعض السنين فأكلوه , فقال بعض الشعراء في ذلك
أكلت حنيفة ربـــــها *** على التقحم والمجـاعة
لم يحذروا من ربهم *** سوق العواقب والتباعة
وجميع عبدة الأوثان من العرب , كانت تعترف لله تعالى بالربوبية , وإنما كانت عبادتهم ضرباً من التدين بدين الصائبة في تعظيم الكواكب و الأصنام , الممثلة لها في الهياكل , لا على ما يعهتقده بعض الجهال بديانات الأمم , وآراء الفرق , من العرب , كانت تعتقد في الأوثان أنها الإله الخالق للعالم , بل ذلك لا يتصوره عاقل , وقد قال تعالى حكاية عنهم ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى ) . وانما كانوا ينكرون البعث والنشور والمعاد والجزاء في اليوم الآخر , ويرون أن العلم لا يخرب ولا يفنى .
ولما بعث الله سبحانه وتعالى نبينا محمد بالهدى, ودين الحق , أظهره على الدين كله , توحيد دين العرب بالإسلام ,وانسلخوا من الجهالة والهمجية, واصبحوا قادة الأمم في كل شي , ومرجعا في العلوم والمعارف والحضارة والعمران بفضل تعاليم القرآن و إرشاده.
التشريع عند العرب
كان للعرب أحكام وشرائع يدينون بها ,منها (الحج), فكانوا يحجون البيت , ويعتمرون ويحرمون ويطوفون ويسعون ويقفون الموقف ويرمون الجمرات ومنها الجمرات ومنها الغسل من الجنابة والمضمضة والاستنشاق ومسح الرأس والسواك والاستنجاء وتقليم الأظافر ونتف الإبط ولا ينكحون الأمهات ولا البنات فجاء الإسلام بإبقاء ذلك على وجه مخصوص . وكانوا يعيبون المتزوج بامرأة أبية ويقطعون يد السارق اليمنى , وكانوا يجمعون بين الأختين فجاء الإسلام يمنع ذلك .
وكانوا يعدون الظهار طلاقا , وتعتد المرأة عن الوفاء بحول .
وكانوا إذا التبس عليهم أمر ردوه إلى كهنتهم ,وهم الذين لهم اتباع من الجن يخدمونهم .
وكانوا يعولون على عيافة الطير وزجره في حركاتهم ومقاصدهم, وهم أن يعتبره عند قصده بما يراه من الطير : تارة باسمه وتارة بطيرانه يمينا , أو شمالا وتارة بصوته ومقدار ما يصوت , وتارة بمسقطه الذي يسقط فيه , وجاءت الشريعة بإبطال ذلك.
وظهر للعرب بعد دخولهم الإسلام أن الشريعة المحمدية هي اشرف واطهر واعدل واصلح لبمادئ عموم البشر من عرب وعجم وقد بنى عليها تشريع أعظم الأمم المتمدنة , في هذا العصر , ومن ينكر ذلك فليرنا مبدأ تشريع أعظم الأمم قبل الإسلام إن استطاع لذلك سبيلا , حتى يجري تطبيقها على تشريعهم اليوم , وتظهر الحقيقة .
ولم أقصد بأن الأمم المتمدنة قد طبقت تشريعها المحمدية , حرفاً بحرف , وإنما القصد أنهم لم يكونوا قبل الإسلام على شيء من أحكام التشريع ، ولما اطلعوا على التشريع , الإسلامي نظموا لأنفسهم تشريعاً خاصا , بنوا قواعده على قواعد التشريع الإسلامي , وليس منه في شيء .
والذي يوجب الأسف , أنه يوجد في بعض من يدعي الإسلام من ينكر التشريع الإسلامي , لأنه لم يجده منظما , على نسق قوانين أوربا القضائية فلو رزق شيئاً من العقل , لأدرك معنى التشريع و ولكن الإلحاد جعله لا يعقل , ولا يفهم , وغاية ما وصل إليه من العلم أنه قال : ليس في الإسلام تشريع منظم كما هو موجود عند الأمم الراقية , وهو يجهل أن مبنى تشريع الأمم الراقية على قوله : كان على التشريع الإسلامي , ولكن بشكل آخر غير الشكل الموجود عند المسلمين .
أيام العرب وحروبها
أيام العرب هي حروبها المشهورة , وكانت تسمى الحادثة العظيمة التي تقع فيها مجزرة كبرى يوم كذا , وهذه الأيام كثيرة , وقد لخصت منها ما يأتي , ( يوم البسوس ) : وهو أعظم أيامها , كان بين بكر بن وا ئل , وتغلب بن وائل , وكان للبسوس , خالة جساس , ناقة فرآها كليب بن وائل , وقد كسرت بيض حمام في حماه , كان قد أجاره فرمى ضرعها بسهم , فوثب جساس على كليب فقتله , فهاجت الحروب بسبب ذلك , ودامت بين الفريقين أربعين سنة .
يوم داحس : كان لقيس على فزارة .
يوم النسار : كان بين ضبة وتميم .
أيام الفجار كانت بين بكر بن وائل وبني تميم , وكان في الأربعة الأيام الأولى بين كنانة ونصر بن معاوية , وبين قريش وهوازن .
ويوم ذي قار : كان من أعظم أيام العرب , وكان لبني شيبان , وكان كسرى أبرويز , قد غزاهم بجيش فظفر فيه بنو سنان , وهو اليوم الذي انتصرت فيه العرب على العجم .
يوم الرحرحان : كان بين دارم , وعامر بن صعصعة , والثاني بين تميم وعامر .
يوم الفلج : وكان فيه وقعتان , الأولى لبني عامر على بني حنيفة , والأخرى لبني حنيفة , على بني عامر وأهل اليمامة.
يوم لهابة : كان بين بني كعب وعبد شمس .
يوم طخفة : وكان لبني يربوع على قابوس بن مذر بنماء السماء .
يوم مروت : كان بين غنم وبني قشير .
يوم الشقيقة : كان على بني شيبان .
يوم أراب : كان لتغلب على بني يربوع .
يوم ذي أراطة : كان بين بني حنيفة وجعدة .
يوم عاقل : كان بين جشم وحنظلة .
يوم درني : كان لبني طهية على تيم اللات .
يوم العضالي : كان بين بكر بن وائل , وتميم , وهو آخر أيامهم .
يوم الغبيط : كان لبني يربوع ، دون مجاشع .
يوم الكفافة : كان بين فزارة وبني عمرو , وبني تميم .
يوم القرين : كان بين خثعم وكنانة .
يوم بسيان : كان لبني فزارة على تميم .
يوم قراقد : كان لمجاشع على بكر بن وائل .
يوم الحسي : كان لبكر على تغلب .
يوم اسربات : كان بين عبس , وحنظلة .
يوم الستار : كان بين الغوث وجديلة .
يوم فيف الريح : كان بين خثعم وبني عامر .
يوم أوراة : كان بين عامر وبني هند وبني تميم .
يوم البيداء : وكان بين حمير وكلب .
يوم غول : كان لضبة على كلاب .
يوم السلام : كان لربيعة على مذحج .
يوم ذرحرح : كان بين سعد وغسان .
يوم التحالق : كان بين بكر وتغلب حلق فيه أحد الفريقين رؤسهم ليكون علامة لهم .
يوم الصليب : كان بين بكر بن وائل وبين عمرو بن تميم .
يوم ظهر: كان بين عمرو بن تميم وبين ضبة .
يوم الدئيفة : كان لبني مازن .
يوم ذات الحرمل : كان لبني عمرو , على بني عبس .
يوم القرعاء : كان بين بني مالك ويربوع .
يوم ملهم : كان بين تميم وحنيفة .
يوم داب : كان لبني يربوع على كلاب .
يوم زرود : كلن بين بني تغلب ويربوع .
يوم الرقم : كان بين بني فزارة وبني عامر .
يوم طوالة : كان بين بني عامر وغطفان .
يوم بعاث : كان بين الأوس والخزرج ــ وله ذكر في صحيح البخاري ــ .
يوم النباح كان لبني تميم على شيبان .
يوم الدرك : كان بين الأوس والخزرج
يوم الوقد : كان لبني علي بن عامر بن صعصعة .
يوم الهرير : كان بين بني تميم .
يوم الهباة كان لعبس على فزارة .
يوم نجران : كان لبني تميم على بني الحارث بن كعب .
يوم الواردات : كان بين بكر وتغلب .
يوم ذي الإثل : كان لتغلب على لخم وعمرو بن هند .
يوم الذنائب : كان لغسان على لخم ونجران .
يوم سفوان : كان لجعدة وقتير على النعمان بن المنذر ولخم.
يوم قباء : كان بين الأوس والخزرج .
يوم الغضيبة : ويقال العصيبة , كان لعمرو بن هند على تميم.
يوم سنجار : كان لتغلب على قيس .
يوم دارة باسل : كان لضبة على كلاب .
يوم النصيح : كان لقيس على أهل اليمن .
يوم الزويرين : كان لشيبان على تميم .
يوم مرفق : كان لقيس على سعد .
يوم الزخيخ : كان لقيس على أهل اليمن .
هذه بعض أيام العرب التي اشتعلت فيها نيران الحرب بينهم , ولكل يوم من هذه الأيام تفصيل في كتب التاريخ والأدب , وهي تمثل شجاعتهم وحميتهم وشدة بأسهم ومنعتهم وحماقتهم وطغيانهم وتوغلهم في سفك الدماء . فلما جاء الإسلام بنوره أطفأ هذه النار المشتعلة في جزيرة العرب , بحكمته الباهرة وهدايته الرشيدة , وأزال التشاحن والبغضاء التي كانت كامنة في قلوبهم لبعضهم البعض , وجعلهم جسماً واحداً , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر , ولا زالت العرب بخير , ما بقيت متمسكة بدينها وشريعتها .
أسواق العرب
كان للعرب أسواق في الجاهلية , يقيمونها في شهور السنة , وينتقلون من بعضها إلى بعض , ويحضرها كل قبائل العرب , من بعد منهم ومن قرب , فكانوا ينزلون " دومة الجندل " وهو المسمى اليوم بالجوف وهو واقع شمال الجزيرة قريب من الشام . أول يوم من ربيع الأول , فيقيمون أسواقها بالبيع والشراء والأخذ والعطاء , فيقوم بعشائهم رؤساء آل بدر في دومة الجندل , وإذا غلب على السوق بنو كلب , يقوم بعض رؤساء كلب بعشائهم , فتقوم أسواقهم إلى آخر الشهر , ثم ينتقلون إلى سوق حجة وهو المشهور في ربيع الاخر فتقوم أسوقهم بها , وكان يقوم بطعامهم المنذر بن سلوى , أحد بني عبدالله بن دارم , ثم يرتحلون نحو عمان , بالبحرين فتقوم سوقهم بها , ثم يرتحلون فينزلون إرم وقرى الشحر فتقوم أسواقهم بها أياماً , ثم يرتحلون فينزلون (عدن ) من اليمن , فيشترون منها ( اللطائم ) وهي الأقمشة , وأنواع الطيب , ثم يرتحلون فينزلون الرابية من حضرموت , ومنهم من يجوزها إلى صنعاء , ثم تقوم أسواقهم بها ويجلبون منها الخرز والأدم والبرد , وكانت تجلب إليها من معافر , ثم يرتحلون إلى عكاظ في أول شهر شوال , فتقوم أسواقهم بعكاظ . ويتناشدون الأشعار , ويتحاجون , من له أسبر سعى في فدائه , ومن له حكومة ارتفع إلى الذي يقوم بأمر الحكومة , وكان الذي يقوم بأمر الحكومة فيها من بني تميم , وكان أحدهم الأقرع بن حابس , ثم ينتقلون منها في نهاية شهر شوال , فينزلون مر الظهران , وهو( وادي فاطمة ) في أول ذي القعدة , فتقوم أسواقهم فيه طيلة الشهر ؛ وهذا الوادي واقع في شمال مكة ويبعد عنها 25 ميلاً إلى 30 ميلاً , وهو وادٍ خصب كان به في الأزمان السالفة نحو ثلاثمائة عين ماء فلعدم وجود الأيدي العاملة , دمرت فلم يبقى منها الآن سوى أربع وأربعين عين ماء بخيوفها وهي:
(1) الزيمة (2) سولة (3) المضيق (4) الجديدة ( 5) الأنبارك (6) الربان ( 7) الكرابة ( القرية (9) الخفيج (10) الطرفاء (11) القشاشية (12) الفائجة (13) الدبة (14) أم الغطاة ( 15) الخلص ( 16) أبو حصباني (17) الدخان ( 18) الطندب (19) المخيف (20) الروضة (21) البرقة (22) الحمراء (23) أبو عروة ( 24) الحسيتية (25) الهنية ( 26) الجموم ( 27 ) الخضراء ( 28) أبو شعيب ( 29) المدرة (30) الفيض (31) الهرامز ( 32) النقية (33) الشماسي (34) البقيرية (35) الغريس (36) البحرين (37) البرار ( 38) الجديدة ( 39) المرشدية (40) المقوع (41) الركاني (42) صروعة ( 43 ) المشرقات (44) حداء .
وهذه الخيوف تبتدئ من علو الوادي شرقاً من الزيمة , وتنتهي غربا بحداء وكثيراً ما يوجد بهذا الوادي أدبلة العيون المدمرة , وممكن تعميرها , إنما تحتاج إلى المال والأيدي العاملة و ويبلغ طول وادي مر الظهران , من الشرق إلى الغرب نحو خمسين ميلاً .
ثم يرتحلون إلى الحج , والوقوف بعرفة , فإذا قضوا مناسكهم نزلوا مكة للطواف بالبيت , والسعي بين الصفا والمروة ، فكانت قريش تقم بيضيافتهم بمكة حتى يرتحلوا .
وكان سوق عكاظ بمثابة المؤتمر العام , والمعرض العام , لعموم قبائل العرب قاطبة , فكان يجتمع فيه فحول الشعراء والخطباء والملوك والأمراء . وكانت تجري بينهم مسابقة في الشعر , والخطابة , والشجاعة , وغير ذلك .
وكانت لقريش اليد الطولى في التجارة , فكانت لهم رحلتان : رحلة في الصيف , ورحلة في الشتاء , وكانت رحلة الشتاء إلي اليمن ورحلة الصيف إلى الشام , فإذا جاء الشتاء ذهبوا إلى اليمن ببضائع الحجاز ,. وما يتبقى من بضائع الشام فيبيعونها , ثم يشترون من اليمن الأقمشة اليمانية , وأنواع الطيب , ويأتون بها إلى مكة . ثم يرتحلون في الصيف إلى الشام ببعض الحجاز , وبضائع اليمن ¸وبعد تصريفها يشترون من الشام ما يصلح لأسواقهم , من البضائع , ويأتون بها إلى مكة .
وكان فيها من أصحاب رؤوس الأموال العظيمة , مثل أمية بن خلف , وعبدالله بن جدعان , وخديجة بنت خويلد و والعباس بن عبد المطلب , وأبو سفيان بن حرب , وغيرهم , وكان منهم من يستطيع أن يحمل من التجارة على ألف بعير لشخصه برأس ماله , فكانت تنفق هذه البضائع في أسواقهم , عكاظ , ومر الظهران , وذي المجاز , وبمكة , ومنى , وغيرها .
وكانت قريش لا تعرف الأسفار إلى الشام قبل هاشم بن عبد مناف , جد النبي فكان هاشم هو الذي اخذ لهم (الايلاف) من قبل قيصر ملك الروم بالشام ومن عموم القبائل القاطنة بين الشام ومكة وذلك انه لما سافر من مكة إلى الشام وتعرف بقيصر ملك الروم وجد نفسه قادرا على التكلم معه , فقال له :أيها الملك إن لي قوما وهم تجار العرب فان رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمنهم , وتؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستظرف من أدم الحجاز وثيابها فيمكنوا من بيعه عندكم فهو ارخص عليكم .
فكتب له كتابا فيه أمان لمن أتى منهم فاقبل هاشم بالكتاب فجعل كلما يمر بحي من العرب على طريق الشام اخذ من أشرا فهم (إيلاف) والايلاف هو أن يأمنوا عندهم وفي طريقهم أرضهم بغير حلف وانما هو آمن الطريق فاخذ هاشم الايلاف فيمن بينه وبين الشام حتى قدم مكة فأعطاهم الكتاب .
فكان ذلك اعظم بركة على قريش في تجارتهم فخرج تجار قريش بتجارة عظيمة ومعهم هاشم يحوزهم فلم يبرح يجمع بين قومه وبين العرب ويؤيد ايلافهم حتى ورد الشام فباعت قريش تجارتها واشترت من الشام بضائع شتى وعادت إلى مكة ومنها صارت ترحل إلى في كل صيف إلى الشام واخذ لهم عبد شمس (حبلا) من النجاشي الأكبر فارتحلوا بسبب ذلك إلى ارض الحبشة . والحبل هو العهد و الأمان .واخذ لهم نوفل حبلا من الأكاسرة ملوك فارس فارتحلوا للتجارة إلى العراق وارض فارس . واخذ لهم المطلب حبلا من ملوك اليمن (حمير) فارتحلوا بسبب ذلك رحلة الشتاء إلى اليمن .
وكان من تجار قريش في العصر النبوي من يملك الملايين روى الحافظ الذهبي في تاريخه :أن ثروة الزبير بن العوام رضي الله عنه قدرت بعد وفاته بأربعين ألف ألف درهم أي أربعون مليون درهم وكان كل عشرة دراهم تقدر بدينار ,وقدرت ثروة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بثلاثين ألف ألف درهم أي ثلاثون مليون درهم .
وكذلك قدرت ثروة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد وفاته فكانت اعظم من ثروتي الزبير طلحة , وأيضا صفوان بن أمية رضي الله عنه تقدر ثروته مثلهم أو يفوق عنهم , ولم يكن أحد هؤلاء اكتسب درهما واحدا من غير طريق التجارة لأنه لم يحدثنا التاريخ أن أحداً من هؤلاء تقلد إمارة أو قاد جيشا في الفتوحات الإسلامية أو صار خليفة للمؤمنين بل حدثنا التاريخ بضد ذلك : أن قواد الجيوش وأمراء المؤمنين في الصدر الأول من الخلافة ماتوا فقراء , لم يورثوا درهماً , وديناراً , بل لما حضرت أبا بكر الصديق رضي الله عنه الوفاة جاءته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فقالت له : يا أبتاه انك كنت ذا مال وتجارة فدلنا على مالك فأجابها : إني كنت ذا مال وتجارة وقد أنفقت مالي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله فإذا أنا متُ فاطوي فراشي هذا وأودعيه بيت مال المسلمين وكذلك عمر بن الخطاب ,و عثمان بن عفان , وعلي بن أبى طالب رضي الله عنهم مثل سلفهم , وكذلك سعد بن أبى وقاص خالد بن الوليد وأبو عبيدة رضي الله عنهم , فانهم اعظم القواد الذين فتحوا فارس والروم في عصر الخليفتين لم يحدثنا التاريخ عن عظم ثورتهم بل ماتوا فقراء . ولو أن طلحة و الزبير وعبد الرحمن بن عوف تآمروا على قيادة الجيش أو صاروا من أمراء المؤمنين لأصبحوا فقراء مثل إخوانهم حيث لم تأت ثروتهم إلا عن طريق التجارة فلوا اشتغلوا بالإمارة لكانوا مثلهم .
فهكذا كانت قريش أغنى العرب بواسطة التجارة .
أخلاق العرب
كانت العرب في الجاهلية على أخلاق عظيمة , لانجدها في غيرها من الأمم المعاصرة لهم ، فمن خصالهم الشجاعة والعفة والشهامة والنجدة والحمية وعلو الهمة وحفظ العهد والوفاء بالوعد والمحافظة على الأعراض والمدافعة عن الجار وحفظ الجوار والكرم والسخاء والضيافة لكل وافد عرفوه أم لم يعرفوه . وكانوا مثل الحرية في أقوالهم وأعمالهم وعاداتهم من غير تكلف , لأنها سجية فيهم . ويتفاخرون بشدة البأس وعزة النفس وإباء الضيم والحلم والفصاحة وحفظ الشرف ومكارم الأخلاق وسرعة الخاطر بالبديهيات وغير ذلك ، مما امتازت به العرب على غيرها من الأمم , والتاريخ شاهد على ذلك
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر