الذين لا يحبهم الله

ان مذهب اهل السنة والجماعة اثبات الحب والبغض دون تأويل. فالله عز وجل يحب ويبغض ولكن ليس كاحد من المخلوقات انما يليق بجلاله الله تعالى يقول ابن ابي العز الحنفي (ومذهب السلف وسائر الائمة اثبات صفة الغضب والرضا والعداوة والولاية والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى. ويقول الامام ابن تيمية (وسلف الامة وائمة السنة على قرار المحبة على ما هي عليه.
فالذين لا يحبهم الله.
الكافرون: قال تعالى ((والله لا يحب كل كفار اثيم)) وقال تعالى ((فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين)) والكفر في اللغة الستر والتغطية وفي القرآن جاء الكفر على معنيين. الاول مجرد الوحدانية او النبوة او الشريعة والثاني جحود النعمة وعدم شكرها فمن الاول اثبات ما لا يليق بالله عز وجل او عبادة غيره بدعوة الانبياء الصالحين بكشف الضر وجلب النفع ومن الثاني نسبة النعمة لغير واهبها. فمن اراد ان ان ينال حب الله فليبتعد عن الكفر بكل صوره. الظالمون: قال تعالى (( والله لا يحب الظالمين)) والظلم وضع الشيء في غير محله المختص به اما بنقصان او بزيادة. والظلم ثلاثة انواع ظلم بين الانسان وبين الله واعظمه الكفر والشرك والنفاق وظلم بين الانسان وبين الناس وظلم الانسان نفسه. ومن اهم مجالات الظلم التي ذكرت في القرآن الكريم الشرك والحكم بغير ما انزل الله وكتمان الحق وتجاوز الحدود التي حدها الله واتباع الهوى والسخرية واللمز والتنابز بالالقاب وغيرها.
المسرفون: قال تعالى (ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين)) وقال تعالى( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين)). والاسراف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الانسان وقد ذم الله المسرفين في القرآن وبين انهم اصحاب النار قال تعالى ((وان المسرفين هم اصحاب النار)) والاسراف سبب في الضلال ومنع الهداية قال تعالى ((كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب)) وقال تعالى ((ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)). واهم صور الاسراف الاسراف في الكفر وفي المعصية وفي الانفاق.
المعتدون: قال تعالى (ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين)). والاعتداء هو مجاوزة الحق فيتجاوز المرء ما ابيح له الى ما لم يبح له. ومن اهم اشكال الاعتداء، تعدي حدود الله قال تعالى (ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون)) والتعدي فيما احل الله قال تعالى ((والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون)). ومن صور العدوان التعدي في الدعاء قال تعالى ((ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين)). والتعدي في القتال قال تعالى ((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا انه لا يحب المعتدين)). الخائنون: قال تعالى (ان الله لا يحب الخائنين)) وقال تعالى ان الله لا يحب كل خوان كفور)). والخيانة هي مخالفة الحق بنقض العهد في الشر ونقيض الخيانة - الامانة- ومن اهم صور الخيانة خيانة امانة الله وهي فرائضه التي فرضها على عباده وما نهى عنه او ان يخون امانة المسلمين او غيرهم من المعاهدين قال تعالى ( واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا)).
ومن صور الخيانة وصف محاسن المرأة لرجل اجنبي والغدر وشهادة الزور وتفضيل الوالد بعض اولاده وعدم العدل في الرعية وغيرها. المجاهرون بالقول السيئ. قال تعالى ((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم)). وكثيراً ما يكون القول السيئ اتهاماً لا صحة له وان من يحب اشاعة الفاحشة في المجتمع الاسلامي فيعمل على اظهارها وبنقلها واشاعتها بين الناس له عذاب اليم في الدنيا والاخرة. ورخص للمظلوم ان يجاهر بظلمه حتى لا يضيع حقه. ومن صور الجهر بالقول السيئ الغيبة ((ولا يغتب بعضكم بعضا)) ونقل الكلام دون التثبت منه قال تعالى ((ولا تقف ما ليس لك به علم)). والمجاهر بالمعصية قال صلى الله عليه (كل امتي معافى الا المجاهدين). المستكبرون. قال تعالى ((انه لا يحب المستكبرين)) وقال تعالى ((ان الله لا يحب كل مختال فخور)). والتكبر حالة يعجب فيها الانسان بنفسه فيرى نفسه اكبر من غيره. والكبرياء هو الترفع عن الانقياد وذلك لا يستحقه الا الله تعالى ((وله الكبرياء في السموات والارض)) وقال تعالى في الحديث القدسي ( العز ازاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني عذبته) وقال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).
ومن اهم صور الاستكبار الاعراض عن قبول الحق من عند الله قال تعالى ((ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة). والاختيال في المشي ((ولا تصعر خدك للناس)) وجر الازار بطراً وتكبراً قال صلى الله عليه وسلم (ان الله لا ينظر الى من يجر ازاره بطرا). الفرحون. قال تعالى(ان الله لا يحب الفرحين)) والفرح هو انشراح الصدر بلذة عاجلة والفرح المذموم ما كان فرحاً باللذات العاجلة. اما طبيعة الجاحد فاذا اعطاه الله شيئاً من الدنيا فرح بها وان منعه منها يحزن ويجزع قال تعالى ((وانا اذا اذقنا الانسان منا رحمة فرح بها وان تصبهم سيئة بما قدمت ايديهم فان الانسان كفور)) ولذلك فرح المنافقون بتخلفهم عن رسول الله ولم يجاهدوا معه ((فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله)) وفرح قارون بما اعطاه الله تكبرا فقال له قومه ((لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين)). ومن سنة الله انه يمد الجاحدين ويستدرجهم حتى يفرحوا ومن ثم ياخذهم بغتة وهم فرحون ((فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون)). اما المؤمن فانه يفرح بفضل الله ورحمته ومغفرته. قال تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)). المفسدون. قال تعالى ((ان الله لا يحب المفسدين)). والفساد خروج الشيء من الاعتدال ويضاده الصلاح. والكفر هو سبب كل فساد ((الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون)) ولا طاعة للمفسد قال تعالى ((ولا تطيعوا امر المسرفين الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون)). والنفاق من اشد انواع الفساد في الارض قال تعالى ((ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام. واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)) ومن انواع الفساد المشي بين الناس بالنميمة وايذاء المسلمين.