رهبان الليل ... وفرسان النهار"...
بسم الله الرحمن الرحيم " كانوا رهباناً بالليل ... وفرساناً بالنهار" الأخوة القراء الأعزاء ...الى عشاق التاريخ الاسلامي... يسعدني ويشرفني أن اضع بين ايديكم هذه السلسلة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين رباهم سيد المرسلين في المدرسة المحمدية ...فصاغوا التاريخ وجعلوا لحياتهم معنىً بعد أن تخلصوا من براثن الجاهلية...وتجردوا في تربيتهم لله الواحد الأحد... فكانوا كالنجوم بأيهم اقتدينا ...اهتدينا... هذا وسوف تتضمن هذه السلسلة( سلسلة رهبان الليل ...وفرسان النهار) موضوعا عن أحد هؤلاء الفرسان رضوان الله عليهم ... اثراءاً لهذا المنتدى الطيب بكم... سائلا الله عزوجل الأجر والثواب ...وأن لا تنسونا من صالح الدعاء. أخوكم سطام صايل القاضي ******* لا أجد مقدمة أجمل من المقدمة التي كتابها المؤلف ... الدكتور أحمد خليل ...جزاه الله عنا كل خير... مقدمة الكاتب الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين. وبعد: " فإن الجيل القرآني الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعتبر غرة في جبين الدهر ،ومفخرة ً في تاريخ البشرية، لأنه الجيل الوحيد الذي انتقل من البداوة المطلقة الى قيادة الإنسانية في جميع مجالات الحياة. وهي ظاهرة فريدة من نوعها في حياة الانسانية، تحتاج ال مزيد من العناية ، والدراسة،لمعرفة أسرارها، ولا شك أننا في أمس الحاجة الى هذه التجربة لأنقاذ أمتنا،وصيانة مقدساتنا، وحماية أوطاننا. إن الصراع الدائر على أرضنا بين العلمانية وماتفرع عنها من مذاهب الالحاد الهدامة وبين مبادىء الاسلام ، لا يحسمه إلاّ تربية جيل رباني ،يضم الى دقة الفهم عمق الإيمان والقدرة على العمل الخلاّق. وأما التربية فتحتاج الى منهج يمتاز بالشمول ، والتكامل ، والتجرد في التربية لله ، والاخلاص بالقول والعمل وصولا الى القدوة الحسنة. والخطوات في هذا المجال وفي هذا الميدان خجولة وبطيئة ، تنقصها الاصالة ، والتخطيط المنظم ، ويقاومها تيارات مختلفة، لها من الإمكانات ما يجعلها تسد الطريق على سالكيه ، وتنقض ما بنوه لبنة لبنة... وهذا الكتاب ( رهبان الليل وفرسان النهار) إنما هو قبسات من حياة الصحابة رضوان الله عليهم. الهدف منه أن يمس شغاف القلوب المؤمنة ،علها تجرد العزم ،وتخلص النية بالتوجه الى الله عزوجل. نسأل الله تعالى أن يتفع بها ، وأن يثيب منى تبنى فكرة نشرها ". الدكتور أحمد خليل. ****************** الفارس (1) خُبيب بن عدي ليس هناك عملٌ أكبر خطراً ، وأجلّ أثراً ،من صناعة الرجل، قد يكون من الميسور على المتخصصين في مجال الصناعة أن يقوموا بأضخم المشاريع الهندسية في العالم ، كصناعة السدود العظيمة ، وإقامة المنشآت الضخمة ، لكنه ليس من السهل على المتخصصين في تربية الأجيال صناعة الرجل. وسبب ذلك أن الأعمال الآلية إنما تخضع لقوانين علمية ثابتة ، تجري وفق سنة مضطردة ، فمتى أحكم المهندسون دراسة المشاريع من جميع جوانبها ، وكان الذي يقوم بتنفيذ المشروع فنياً متخصصا ، فلا شك في نجاح ذلك المشروع ، أما النفس الإنسانية فإن لها مسالك مختلفة ، ودروب ملتوية، وهي إن اشتركت في خصائص عامة الا أن كل نفس تكاد أن تكون عالما مستقلا بذاته ، وهي بذلك لا تخضع لقوانين المادة ، ولا تسري عليها القوانين العقلية المنطقية ، التي تبنى على المقدمات ةالنتائج ، ومن هنا كانت الصعوبة في صناعة الرجل. ومن هنا يأتي دور العقائد ، فهي التي تستطيع أن تتخلل مسارب النفس ، وتسير في شعابها المختلفة ، حتى تستقر في أعماق الضمير ، وتسيطر على الوجدان ، وتهيمن على الفكر ، والمشاعر ، وتأخذ بزمام النفس من جميع جوانبها ، وتوجهها الى حيث تريد ، وليس هناك عقيدة أعظم ، ولا أجمل ، من عقيدة الإيمان بالله عزوجل .لأنها تسمو بصاحبها الى آفاق السماء ، وترتفع به عن مراتع الهوى والإخلاد إلى الأرض ؛ لتجعل منه إنساناً ربانياً ، الإيمان ملءُ أهابه ، والطهر والعفاف حشو جلده ، والاستقامة على الجادّة منهجه ، ونور الله يهديه الى طريق الخير. وصاحبنا من هذا الطراز الرباني ، الذي صنعه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) على عينه ، وحفظته عناية السماء من وساوس الشر ، ووثق القرآن رباطه بالله عزوجل ...إنه أنصاري من الأوس ... نذر حياته لله منذ أسلم ، ووقف وقته على الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) منذ هاجر اليهم ، فكان يتردد عليه كثيرا ، ليتعلم من هديه ( صلى الله عليه وسلم )، فنبغ صاحبنا في معرفة حقائق الإسلام ، وأصبح عالما قديرا ، ما سُئل عن شيء إلاّ أجاب ، ولا استُفتى في شيء إلاّ ووجد عنده علم من كتاب الله ، وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ). وذات يوم قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )... بعد أُحد رهطٌ من الأعراب ، فقالوا يارسول الله إن فينا اسلاماً ، فابعث معنا نفرا من أصحابك ، يفقهوننا في ديننا ، ويقرئوننا القرآن ، ويعلموننا شرائع الاسلام ، فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نفراً من أصحابه، وهم...مرثد...وخالد...وعاصم...وعبد الله بن طارق...وزيد بن الدثنة...وخبيب بن عدي. فخرجوا مع القوم حتى اذا كانوا على ...الرجيع ( ماء لهذيل بناحية الحجاز) غدروا بهم ، فلم يرع المسلمون وهم في رحالهم إلاّ الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم ، فأخذ المسلمون ؛ أسيافهم ليدافعوا عن أنفسهم ، فقال لهم المشركون : إنّا والله لا نريد قتلكم ، ولكننا نريد أن نصيب بكم شيئا من... أهل مكة ، ولكم عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم. وكان ...عاصم...قد أعطى لله عهداً منذ أسلم ، أن لا يمسه مشرك ، ولا يمس مشركا ، فقال للقوم : والله لا نقبل من مشركٍ عهداً ، ولا عقداً ابداً ، وانضم اليه في الرأي ...مرثد...وخالد ، وقاتلوا القوم حتى قُتلوا. وكان ...عاصم ...قد توجه الى الله في أول المعركة ، قائلاً : اللهم إني حميت دينك في أول النهار ، فاحمي جسدى من أن يمسه مشرك في آخر النهار بعد وفاتي في سبيلك ، فلما قُتل أرادت ...هذيل...أخذ رأسه ليبيعوه من ... سلافة بنت سعد بن سهيل ، وكانت قد نذرت حين أصيب بنوها في ...أُحد...لئن قدرت على رأس ...عاصم...لتشربن في قحفة (جمجمته) الخمر ، فمنعه الدبر (ذكور النحل)، أرسلها الله عزوجل لحماية جثته ، فقالوا دعوه حتى يمسي فيذهب (الدبر) عنه ، فنأخذه ، فبعث الله سيلاً عارما آخر النهار ، فاحتمل جثمان الشهيد وذهب به بين الرمال. وأما الثلاثة الباقون فقبلوا من القوم عهدهم ، وذمتهم ، وأوثق المشركون أكتافهم ، فلما كانوا ... بالظهران...، انتزع ...عبد الله بن طارق... يديه من الوثاق وقاتل بسيفه حتى قُتل ،وأما...زيد...فابتاعه ...صفوان بن أمية...ليقتله بأبيه ، وأما ...صاحبنا (خُبيب بن عدي) ...فابتاعه بنو الحارث ليقتلوه بأبيهم ، وكانوا أوثقوا اكتافه في الأشهر الحرم ، فحبسوه ...بمكة...حتى تنتهي. وكانت...مارية...مولاة لصاحب البيت الذي حُبس فيه صاحبنا تطلع عليه ، فترى شيئا عجبا ، أخذت تقصه على المسلمين بعد أن أنعم الله عليها بالاسلام، فقالت: كان عندي (خُبيب) ، حُبس في بيتي ، فلقد اطلعت عليه يوماً ‘ وإن في يديه ...لقطفا من عنب... مثل رأس الرجل ، يأكل منه ، وما أعلم في أرض الله ...عنباً يؤكل. فلما أردوا أن يقتلوه، خرجوا الى ...التنعيم، وكانوا قد نصبوا خشبة ، ليصلبوه عليها، فقال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا ، قالوا: دونك فاركع ، فركع ركعتين أتمهما ، وأحسنهما ، تم أقبل على القوم ، وقال : أما والله لولا مخافة أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة. فكان صاحبنا أول من استن هاتين الركعتين عند القتل ،وتقدم منه... أبو سفيان بن حرب ، وقال: أتحب أن محمداًالآن عندنا مكانك ، تُضرب عنقه ، وأنك في أهلك ، فقال صاحبنا: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي ، فقال ابو سفيان : وقد أقبل على أهل مكة ، ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمدا ، ثم أقبل خُبيب على القوم وهو يردد: ولست أبالي حين أُقتل مسلما=على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ=يبارك على أوصال شلو ممزع ِ ثم رفعوه على الخشبة ، فلما أوثقوا كتافه ، وتأهبوا لرميه بالنبال ، نظر اليهم ، كما ينظر الفيلسوف الحكيم الى مجموعة من الأقزام ، لا تتطاول رؤوسهم الى موضع قدميه ، ثم قال: اللهم إنّا قد بلّغنا رسالة رسولك ، فبلّغه ُ الغداة ما يُصنع بنا ، ثم بلّغه ُ عنا السلام ، إن هذا الكلام لا يخرج إلاّ من إنسانٍ ملائكي في ثوب بشر- ثم تابع خُبيب حديثهُ متضرعاً الى الله : اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ، ثم قتلوه ، وقد استجاب الله تعالى دعاءه رضي الله عنه ، فكل من اشترك في دمه أصابته لعنات السماء، ومات قتيلا. وفي المدينة المنورة وبينما كان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) جالسا بين أصحابه ،يتطلع الى الله عزوجل ،ويستشف أخبار الغيب عن السرية ، قال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، فنظر الأصحاب فلم يشاهدوا أحداً ، ولم يسمعوا صوتاً ، ثم نظروا الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال لهم : أخوكم ( خُبيب ) قتلته قريش ، وهو يقرئكم السلام. وعليك السلام ... يا إمام الفدائيين المؤمنين ، ....ورضوان الله على الشهيد المصلوب ...في روضات النعيم ، ...وبركاته على الجثمان الطاهر في أعلى عليين ، مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا. ******* انتهى الموضوع بحمد الله |
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر