المسجد النبوي
--------------------------------------------------------------------------------
المسجد النبوي في عهد الرسول
الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه المسجد الحرام.. وإليه تشد الرحال.. ويعتبر مسجد الرسول (عليه الصلاة والسلام) أول مسجد ثابت المعالم والتاريخ.. وكان المسجد أرضاً بها نخل وقبور للمشركين، وكانت أرضاً خربة في البداية ومملوكة لغلامين يتيمين من الأنصار هما (سهل وسهيل).. وكانت هذه الأرض على موعد مع القدر حيث اشترى الرسول (عليه الصلاة والسلام) الأرض من الغلامين بعشرة دنانير، وأمر النبي (عليه الصلاة والسلام) بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت وسويت الأرض تمهيدا لبناء أطهر مساجد الإسلام، وقد استغرقت عمارة المسجد سبعة شهور قضاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في ضيافة (أبي خالد الأنصاري) ثم أذن لفقراء المسلمين الذين ليس لهم منازل ولا عشائر أن يناموا في المسجد وقد عرف ذلك الفريق من المسلمين بأهل الصفة لإقامتهم بالمسجد على هيئة صفوف.
أما مساحة المسجد الأولى فكانت سبعين ذراعا في ستين ذراعا أو يزيد (الذراع = ستة وستين سم) وهذا المسجد الذي عمل بنائه النبي عليه الصلاة والسلام وعاونه في ذلك أهل المدينة من المسلمين، كان بناءً بسيطاً يترجم في بساطته عن يسر الإسلام، حيث اعتمد على بعض الصحابة ممن لهم خبرة في مجال البناء، وكان المسجد علي هيئة فناء مربع متساوي الأضلاع، وتحف به أربعة جدران، ارتفاعها 7 أذرع، ويتجه أحد جوانبه نحو المسجد الأقصى بالقدس الشريف، والجدار المقابل نحو الكعبة المشرفة في الجنوب، وكانت الجدران مبنية في بدايتها من الطوب اللبن، وسقف جزء منه بسعف النخيل والطين، وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل وكان للمسجد ثلاثة أبواب هي باب جبريل، وباب النساء وباب الرحمة، وما زالت هذه الأبواب تعرف باسمها حتى الآن..
وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يبني خارج الطرف الجنوبي من الجانب الشرقي مسكنان لزوجتيه السيدة عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين والسيدة سوده بنت زمعة أم المؤمنين ـ رضي الله عنهما ـ ثم أضيف إلي هذين المسكنين بيوت أخرى لباقي زوجات الرسول عليه السلام أمهات المؤمنين (رضي الله عنهم) ولم تكن هذه البيوت ملتصقة بالمسجد بل كان يفصل بينها وبين المسجد طريق عرضه 10 أذرع ويبدوا أن المسجد لم يكن في أول الأمر، سوى ظلة واحدة وكانت ترتكز على سوار من جذوع النخل حفت على أبعاد متساوية وفي السنة الثانية من الهجرة أمر الله سبحانه وتعالي رسوله ـ عليه السلام ـ أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام بمكة المكرمة بعد أن كانت القبلة أول الأمر تجاه بيت المقدس، فنقلت القبلة من الجدار الشمالي إلى الجدار الجنوبي من المسجد النبوي الشريف …
ودخل المسجد في طور جديد حيث أضاف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ظلة ثانية وجعل في وسطها علامة تعين موضع القبلة وهي تعتبر الأساس الأول لفكرة المحراب، وأصبح بوسط المسجد مكان مكشوف عرف باسم صحن المسجد وبقيت السقيفة القديمة علي حالها يستظل بها الناس من حرارة الشمس وعرفت بالصفة, ولم يكن المسجد في ذلك الوقت يشتمل علي مئذنة إذ كان المؤذن ينادى للصلاة من فوق سطح أعلى منزل مجاور للمسجد … وفى السنة السابعة من الهجرة النبوية الشريفة بعد غزوة خيبر قام الرسول (صلى الله عليه وسلم)، بتوسيع المسجد وبيوت زوجاته أمهات المؤمنين (رضي الله عنهم) ، وأصبحت هذه البيوت تفتح علي المسجد مباشرة، وكان بعضها من جريد النخل والبعض الآخر من الحجارة … وأدى ازدياد أعداد المسلمين، واتقاء لحرارة الشمس قام المسلمون ما بين السقيفتين الجنوبية والشمالية بسقيفتين أخريين إلي جهة الشرق والغرب من المسجد، وظل المسجد بهذه الحال حتى وفاة الرسول (صلي الله عليه وسلم) عام 11 هـ ودفن (عليه السلام) في أرض حجرة السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) وصار تخطيط المسجد النبوي بالمدينة المنورة نموذجا للمساجد الجامعة التي أسسها المسلمون في المدن الجديدة التي أنشأوها عقب الفتوح الإسلامية مثل مسجد البصرة ومسجد الكوفة بالعراق ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر، ومسجد عقبة بن نافع بالقيروان.
المسجد النبوي الشريف.. في عهد الراشدين
بقي مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في خلافة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) دون تغيير أو زيادة وذلك بسب انشغاله بحروب الردة وترتيب الدولة بعد موت الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وفي عام 17 هـ قام الخليفة عمر بن الخطاب بزيادة مساحة المسجد النبوي الشريف من ناحيته الشمال والغرب كما أنه عمّق ظلة القبلة من ناحية الجنوب ونتج عن ذلك أنه لم يعد باقياً من الجدران الأصلية للمسجد النبوي الشريف سوي الجدار الشرقي وذلك بسب وجود حجرات زوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقبره الشريف أسفل حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها) وفي عام 24 هـ جدد الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) المسجد النبوي وذلك بتوسيعه من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية وزاد من عمق ظلة القبلة ولم يقترب من الناحية الشريفة لوجود قبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقد أصبح هذا المسجد نموذجاً يحتذي به في كافة الأقطار التي فتحها المسلمون مع تغييرات بسيطة في النسب والاتساع بحسب الحاجة وكذلك في مادة البناء والتسقيف ولكن مع الاحتفاظ بالفكرة الأساسية في التخطيط، وهي صحن أوسط مكشوف يحيط به أربع ظلات أكبرها وأعمقها ظلة القبلة..
وقد يستغني أحياناً عن الظلة المعاكسة لظلة القبلة أو الظلتين الجانبيتين ويكتفي بظلة واحدة مثلما حدث بمسجد الكوفة والبصرة، كما قام عثمان بن عفان ببناء جدران المسجد بالحجارة المنقوشة، وسقفه بخشب الساج، وجعل طول المسجد مائة وستين ذراعاً وعرضه خمسين ذراعاً، وجعل له ستة أبواب وبنى علي قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) جدراناً مرتفعة من حوله لئلا يظهر في المسجد فيصلي إليه الناس..وكان ذلك هو نواة المسجد الإسلامي المبكر، وإن كانت سنة التغيير قد أدخلت علي المسجد إضافات كثيرة لم تكن موجودة مثل المئذنة والمحراب المجوف والمشكاوات الزجاجية وكرسي المبلغ وكرسي المصحف وغير ذلك مما يتماشى مع التطور العمراني والزمني0
الحرم النبوي الشريف في عهد الوليد بن عبد الملك
.. ظل المسجد النبوي الشريف على حاله من بعد سيدنا عثمان بن عفان إلي أن تولي الوليد بن عبد الملك الخلافة عام 88هـ فأمر بإعادة بنائه وتجديده تجديداً شاملاً، وكانت الدولة الإسلامية قد بلغت في عهد الوليد درجة من القوة والثراء والتحضر بحيث صارت أعظم دول العالم علي الإطلاق حيث امتدت رقعتها من حدود الهند شرقاً إلي أسبانيا غربا وشملت فيما شملت إيران والعراق ومصر وبلاد الشام وشمال أفريقيا، واحتكت بالحضارات السابقة عليها والمعاصرة لها وتعرفت علي مدي ما وصلت إليه هذه الحضارات في مجال العمارة..وكان العهد الأموي عصر تشييد العمائر الإسلامية الفخمة ولقد ورث الوليد من أبيه عبد الملك بن مروان حب البناء والعمارة.. وعمل علي تحقيق خطة معمارية ضخمة تليق بعظمة الدولة الإسلامية وكان من الطبيعي أن يكون علي رأس هذه الخطة المعمارية إعادة تشييد الحرم النبوي الشريف بطراز يليق بمكانته في نفوس المسلمين.. وبأسلوب يناسب ثراء الدولة الإسلامية، وألقي بهذه المهمة إلي واليه علي المدينة المنورة آنذاك (عمر بن عبد العزيز).. الذي أعاد سيرة الخلفاء الراشدين بعد ذلك رضوان الله عليهم.. وزود الوليد واليه عمر بن عبد العزيز بما يلزمه لبناء الحرم النبوي الشريف من مال ومواد بناء كالمرمر والأخشاب والرخام، كما استقدم العمال من البلاد المختلفة..
الحرم النبوي الشريف بين يدي الخليفة العباسي ـ المهدي
ظل الحرم النبوي الشريف بعد عمارة الوليد بن عبد الملك دون تغيير يذكر، حتى تولي الخلافة المهدي العباسي، فأمر بعمارته من جديد عام 160 هـ وتعتبر عمارة المهدي للحرم النبوي الشريف ذات أهمية خاصة لأنها وضعت للمسجد حدوده التي ظل محتفظاً بها رغم ما جري عليه بعد ذلك من تجديد وتعمير علي مر العصور. ويبدوا أن العزم كان قد انعقد منذ بداية الخلافة العباسية علي إجراء عمارة في الحرم النبوي الشريف، غير أن ظروف الدولة الجديدة في عهد السفاح، الخليفة العباسي الأول لم تكن تسمح بتوجيه جهد كبير نحو البناء والتعمير، إذ كان مشغولا بطبيعة الحال بإقرار الأمور والقضاء علي الدولة الأموية، كما أن مدة خلافته كانت من القصر بحيث لم تتح له فرصة القيام بالأعمال المعمارية.
أما الخليفة العباسي المنصور، فقد ساد في عهده نوع من الاستقرار النسبي، فعقد العزم علي تجديد المسجد النبوي الشريف ولكنه توفي قبل أن يتمكن من ذلك وما إن استقرت الأمور للخليفة العباسي (المهدي) عام 158هـ حتى شرع في عمارة الحرم النبوي الشريف، فأصدر أوامره بذلك عام 160 هـ واستغرقت العمارة سنتين، وقد عهد الخليفة المهدي العباسي إلي عبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز، وعبد الملك بن شبيب، ولم يتعرض المشرفون علي عمارة المسجد لرواق القبلة ولا الرواقين الجانبيين إذ أبقوها علي حالها كما كانت في عهد الوليد بن عبد الملك كما أبقوا علي منبر النبي (صلى الله عليه وسلم) ومحراب سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) والأبواب التي فتحها سيدنا عمر بن الخطاب، واقتصرت العمارة علي توسعة المسجد نحو الشمال مما أدى إلي هدم الرواق الشمالي وإضافة رقعه من الأرض في شمال المسجد طولها ثلاثين مترا تقريبا، وقد أدت هذه العمارة إلي إعادة بناء الرواق الشمالي من جديد، وتكملة أعمدة الرواقين الجانبيين، وإعادة بناء المئذنتين الشماليتين، وفتح بابين جديدين في الجدار الشمالي وأصبح المسجد النبوي الشريف بعد عمارة المهدي يتألف من صحن أوسط تحف به أربعة أروقة، ويحتوي رواق القبلة علي خمسة صفوف من الأعمدة موازية لجدار القبلة..
ولقد تمت في عمارة المهدي زخرفة الرواق الشمالي الجديد بالفسيفساء، أما صحن المسجد فظل يحف به أربعة أروقة وبذلك لم تغير عمارة المهدي من طراز المسجد النبوي الشريف، وقد ظل المسجد النبوي منذ عهد المهدي محتفظاً بحدوده ومعالمه دون تغيير إلي أن اجتاحه حريق مروع عام 654 هـ (1256م) وقد حدث هذا الحريق ليلة الجمعة أول رمضان حيث امتدت النار إلي أنحاء المسجد كله، ولم ينج من النار سوي القبة التي كان قد أقامها الناصر لدين الله بصحن المسجد وكان بها المصحف العثماني. وما إن بلغ الحريق الخليفة العباسي المستعصم بالله حتى أمر بتعمير المسجد وشرع في ذلك عام 656هـ غير أن القدر لم يمهله لإتمام عمارته حيث قتله هولاكو في 14 صفر 656 هـ وبموته انتهت الدولة العباسية نفسها علي يد المغول الذين اجتاحوا شرق العالم الإسلامي..
الحرم النبوي.. بين يدي السلطان قايتباي..
أجري بالحرم النبوي الشريف عمارتان كبيرتان بعد الحريق المدمر الذي اجتاحه في عصر المماليك إحداهما تمت في عهد السلطان الملك الأشرف قايتباي سلطان مصر الذي حدث الحريق في عهده والثانية تمت في عهد السلطان عبد المجيد سلطان آل عثمان، بالإضافة إلي أعمال معمارية متفرقة أنجزت علي يد عدد من الولاة المسلمين الذين كانوا يتقربون إلي الله (سبحانه وتعالي) بعمارة المسجد النبوي الشريف.. وهذا الحريق هو الحريق الثاني بعد حريق عام 655 هـ وقد بدأ هذا الحريق في ليلة الثالث عشر من رمضان عام 886 هـ، وذلك على إثر صاعقة انقضت من السماء ونزلت علي المئذنة الرئيسية في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد ثم انتقلت إلي سقف المسجد ثم مختلف أجزائه، وكان نتيجة ذلك أن تصدعت جدران المسجد وبعض مآذنه وتحطمت معظم أعمدته واحترقت المقصورة والمنبر، وكان فضل الله تعالى أن سلمت الحجرة النبوية الشريفة من هذا الحريق، وما أن وصل خبر هذا الحريق إلي مصر حتى سارع السلطان قايتباي حامي الحرمين الشريفين إلي تدبير أمر عمارة الحرم النبوي من جديد، وكان قايتباي محباً للبناء والتشييد ولاسيما بيوت وأضرحة أهل البيت، والصالحين،والمؤسسات الدينية الأخرى. واعتني قايتباي بصفة خاصة بعمارة المساجد الثلاثة التي يشد إليها الرحال كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم).. فأرسل السلطان قايتباي بعض المهندسين والبنائين والعمال والنجارين، وأمر بإعادة بناء المسجد كله من جديد فأصبح في غاية الحسن ومن أعظم الأبنية في ذلك الزمان، حتى قيل إن السلطان قايتباي : أنفق علي بنائه نحو مائة ألف دينار ؛ كما أنشأ مدرسة مطلة علي الحرم النبوي الشريف، ولم يكتف قايتباي بعمارة الحرم النبوي وتزويده بالأثاث اللازم من سجاد ومشكاوات زجاجية للإضاءة، بل ورتب لأهل المدينة المنورة والواردين عليها ما يكفيهم من القمح والخبز يستوي في ذلك الجميع من كبير وصغير وغني وفقير. وظل الحرم النبوي الشريف موضع عناية سلاطين مصر من المماليك إلي أن حكم العثمانيون الدولة الإسلامية وانتقلت رعاية الحرمين الشريفين إلي سلاطين آل عثمان، غير أن الحرم النبوي الشريف بقي بعد قايتباي قرابة أربعة قرون دون أن تجري به عمارة كبيرة إلي أن كان عهد السلطان عبد المجيد العثماني فأمر بتعميره عام 1265 هـ / 1848 م..
الحرم النبوي الشريف.. في عهد العثمانيين
مر علي الحرم النبوي الشريف منذ إنشائه علي يد النبي (صلى الله عليه وسلم) مراحل من التجديدات والتعمير كان القائمون بالعمارة يحاولون المحافظة علي المعالم التقليدية التي ترجع إلي أيام النبي (صلى الله عليه وسلم) وعهود الخلفاء الراشدين وعدم تغييرها تمسكا بالسنة النبوية الشريفة وتبركاً بالأشياء التي تحوطها ذكريات ترجع هذا العصر الكريم وفي نفس الوقت كانوا حريصين علي تزويد المسجد بأحدث ما وصل إليه فن العمارة في عصورهم رغبة منهم في إضفاء أكثر ما يمكن من مظاهر الجمال المعماري والإبداع الفني علي المسجد فظل المسجد النبوي رغم العمارة الكبيرة التي أجريت عليه محتفظا بطرازه المعماري القديم الذي يمثل النوع الأول، والأساسي لعمارة المساجد في العالم الإسلامي ؛ ومنذ أن ظهر العثمانيون الأتراك علي مسرح التاريخ أخذوا يعملون علي السيطرة علي الحجاز، وانتقلت رعاية الحرمين الشريفين إليهم ؛ ولقد اعتني بعض السلاطين العثمانيين بعمارة المسجد النبوي الشريف وتجديده ، ومن أوائل سلاطين آل عثمان الذين أقبلوا علي تعمير الحرم النبوي الشريف، السلطان سليم الثاني إذا جدده عام 980 هـ / 1572 م حيث اعتنى بزخرفة جدران المسجد وأمر بكسوته بالفيسفساء المنقوشة بماء الذهب، وبعد ذلك اعتنى السلطان محمود العثماني بعمارة قبة الحجرة النبوية الشريفة، ولم يكن لهذه الحجرة أول الأمر قبة وإنما كانت مغطاة بسقف مسطح، وفي عام 678 هـ في عهد المنصور قلاوون أقيم فوق الحجرة الشريفة قبة من الخشب المصفح بالرصاص ثم جددت هذه القبة في عهد السلطان الناصر حسن؛ وبعد حريق عام 886 هـ جدد السلطان قايتباي القبة وبناها بالحجر الأسود المنحوت وكملها بالحجر الأبيض، وقد بلغ ارتفاعها في عهد قايتباي 14 مترا.. وفي عهد السلطان محمود بن عبد الحميد العثماني، حدث بالقبة الخضراء شقوق فأمر السلطان عام 1233هـ بتجديدها وعمارتها ثم أمر عام 1255 هـ /1839 م بطلائها باللون الأخضر ومن ثم سميت بالقبة الخضراء. غير أن العمارة الكبيرة التي تمت في عهد العثمانيين للمسجد النبوي الشريف كانت في عهد السلطان عبد المجيد، وهي من الشمول بحيث تعادل العمارات الكبيرة التي تمت في عهد الوليد والمهدي وقايتباي وقد اختار مجموعة من المهندسين والعمال المتمرسين وكلفهم ببناء الحرم النبوي كأحسن ما يكون البناء، وأمرهم بأن يزودوه بالفخامة المعمارية والفنية التي تليق بمقام المسجد العظيم.. وقد أخذ العمال الأحجار والأعمدة من هضاب وادي العقيق ونقلوها علي عربات إلي الحرم النبوي بعد أن مهدوا لذلك طريقا للعربات يمتد من المحاجر إلي المسجد ؛ وحتى لا تتعطل الصلاة في المسجد أخذوا يعمرون المسجد جزءاً بعد جزء حتى تمت عمارة المسجد كله وقد بدأت عمارة السلطان عبد المجيد عام 1265هـ وانتهت عام 1277هـ أي أنها امتدت حوالي 12 عاما وتكلفت العمارة سبعمائة وخمسين ألف جنيه مجيدي. وظل المسجد محتفظا بحدوده القديمة تقريباً ؛ وأضيف إلى المسجد عند حده الشمالي مساحة من الأرض بني فيها مكان للوضوء وفتح فيها باب جديد صار يعرف باسم الباب المجيدي نسبة إلى السلطان عبد المجيد ؛ كما تضخمت العمارة بتغيير جميع الأعمدة ؛ فيما عدا بعض الأعمدة بالروضة الشريفة كانت مرخمة بالرخام الأبيض والأحمر، أما باقي الأعمدة فقد استبدل بها أعمدة جديدة كما أعيد بناء المئذنة في الطرف الشمالي الغربي وصارت تعرف بالمئذنة المجيدية، كما أعيد بناء باب السلام بشكل فخم، وجعل خلفه قبة عظيمة وكذلك هدمت قبة في صحن المسجد كانت تستخدم مخزنا للزيت، وامتدت أعمال العمارة إلي الزخرفة فتمت تسوية أرض المسجد وكسوتها بالرخام وتخفيض أرض صحن المسجد عن أرض الأروقة وترخيم بعض الجدران، وطلاء المسجد وزخرفة باطن القباب برسوم المناظر الطبيعية من أشجار وزهور فاكتسى المسجد بحلة من الفنون والزخارف ذات الطابع التركي، كما زاد من جمال المسجد، تحلية جدرانه بخطوط جميلة أبدعها مشاهير الخطاطين المسلمين ومنهم الخطاط (عبد الله زهدي) الذي قضي ثلاثة سنوات يزخرف سقف المسجد وجدرانه وأعمدته بخط جميل يتضمن الآيات القرآنية الكريمة وعبارات الأدعية المختلفة..
المسجد النبوي حالياً
مساحة المسجد الحالية عبارة عن مستطيل غير متساوي الأضلاع طول ضلعه من الشمال إلي الجنوب 116 متراً وعرضه من الشمال 66 متراً، يتوسطه صحن مكشوف سماوي طوله أربع ظلات أكبرها ظلة القبلة التي تتكون من اثني عشر رواقا والغربية من ثلاث أروقة أقيمت ظلاته علي عقود محمولة علي عمد من الرخام أو الجرانيت وسقفه مجدد في العصر العثماني علي هيئة قباب ضحلة محمولة علي مثلثات كروية ؛ وقد ازدادت أبواب المسجد حتى وصلت إلي أربع وعشرين باباً منها أربعة أبواب خاصة في جهة القبلة وعشرون باباً عاماً، وقد سدت هذه الأبواب كلها ما عدا خمسة أبواب هي التي يمكن حسابها من الناحية الأثرية. وللمسجد النبوي الشريف ثلاثة محاريب أقدمها المحراب النبوي وموقعه حالياً في الرواق الثالث من ظلة القبلة وهو الموضع القديم الذي عينه الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند تحول القبلة في شعبان من السنة الثانية من الهجرة، والمحراب الثاني إلى اليمين من محراب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويعرف بالمحراب السليماني، والمحراب الثالث ويقع في صدر المسجد وهو الذي أضافه الخليفة عثمان بن عفان عند توسيع ظلة القبلة.
مآذن المسجد النبوي الشريف.
لم يكن للمسجد النبوي الشريف علي عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) مآذن وإنما كان يؤذن من علي سطح دار عبد الله بن عمر التي كانت بظهر القبلة وكان سيدنا بلال بن رباح يرتقي ظهر هذا الدار ليؤذن من عليها، ولما جدد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك المسجد النبوي أمر عامله عمر بن عبد العزيز أن يبني أربع مآذن بزوايا المسجد الأربعة ولا يوجد بقايا لهذه المآذن حاليا والموجود بالمسجد حاليا عشر مآذن منها خمس أثرية والباقي من تجديدات الحكومة السعودية.
المآذن الأثرية
مئذنة باب السلام: وتقع إلي جوار باب السلام بالجهة الجنوبية الشرقية من المسجد، وكانت تطل علي دار مروان فلما حج الخليفة سليمان بن عبد الملك ارتقاها المؤذن فكشفت داره فأمر بهدمها ثم أعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناءها عام 706 هـ ولا تزال هذه المئذنة باقية دون تغيير في هيئتها.
مئذنة باب الرحمة: وقد أنشأ هذه المئذنة السلطان قايتباي المحمودي في العصر المملوكي، وكانت قمتها محدودة علي النسق العثماني ثم قامت الحكومة السعودية بترميمها علي النسق المملوكي.
أما المئذنة الجنوبية: وهي المئذنة الرئيسية للمسجد النبوي تقع بالزاوية الجنوبية من المسجد خلف الحجرة النبوية ولا تزال هذه المئذنة بهيئتها المملوكية من عصر الناصر محمد بن قلاوون.
المئذنة السليمانية: وتقع بالزاوية الشمالية من المسجد وكانت مبنية علي الطراز العثماني ثم قامت الحكومة السعودية بتجديدها علي الطراز المملوكي.
أما المئذنة المجيدية: وتقع بالزاوية الغربية من المسجد، وكانت علي الطراز العثماني ثم جددتها الحكومة السعودية علي الطراز المملوكي.. وقد أضافت الحكومة السعودية خمس مآذن أخري ليصبح عدد المآذن عشرة.
المقصورة النبوية الشريفة: كان للرسول (صلى الله عليه وسلم) بيت في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد يعرف ببيت عائشة (رضى الله عنها) وإلي الجنوب منه بيت السيدة حفصة (رضي الله عنها)، وكان يفصل بين هذه البيوت والمسجد طريق ضيق وكانت هذه البيوت مبنية بالطوب اللبن والجريد، ولم تكن سقوفها مرتفعة بل كانت قصيرة ولما توفي الرسول (صلى الله عليه وسلم) عام 11هـ دفن بأرض حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها) ورأسه الشريفة إلي الغرب ووجهه الشريف نحو القبلة.. ولما توفي أبو بكر الصديق في 22جمادي الأولي عام 13 هـ دفن إلي جانب الرسول (عليه السلام) من جهة الشمال ورأسه خلف منكب الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وعندما طعن الخليفة عمر بن الخطاب استأذن السيدة عائشة (رضي الله عنها) أن يدفن مع صاحبيه فلما مات 27 ذي الحجة عام 23 هـ دفن إلي جوارهما شمالي أبي بكر الصديق.
كما يوجد مقصورة صغيرة دفنت أسفلها السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول (عليه الصلاة والسلام)
وحينما تولي الوليد بن عبد الملك أدخل واليه عمر بن عبد العزيز هذه البيوت في مساحة المسجد وأقام حولها بناء مخمساً لا يطوف الناس من حوله كما يطوفون حول الكعبة وكانت هذه الغرف مسقفة بالخشب..
وكان ارتفاع جدرانها ستة أمتار وظلت الغرفة علي حالها إلي أن قام نور الدين محمود ببناء حجرة مربعة حول الغرفة القديمة بناها من الحجر وحفر حول قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) خندقاً عميقاً أفرغ فيه مصهور الرصاص حتى لا تصل إليه يد لأنه كان يخشى من هجوم الصليبيين علي المدينة المنورة …
ثم قام السلطان المنصور قلاوون عام 678هـ ببناء حجرة مربعة غطيت من أعلاها بقبة من ضلوع خشبية مغلفة بألواح من الرصاص خوفاً عليها من الأمطار وجددت هذه القبة عند احتراقها عام 754 هـ علي يد الناصر محمد بن قلاوون، ثم جددها السلطان شعبان بن حسين عام 765 هـ ثم السلطان الأشرف قايتباي من عام 886 هـ حينما احترق سقف المسجد النبوي فقام ببناء قبة صغيرة من الأحجار السوداء في مكان القبة الخشبية، ثم بني فوقها قبة عظيمة مقامة علي دعائم وكسيت من أعلاها بالجص الأبيض ثم قام السلطان محمود بن السلطان عبد المجيد العثماني بتجديدها كلها عام 1233هـ وصبغها باللون الأخضر فسميت بالقبة الخضراء
المسجد في العهد السعودي الحالي.
قامت الحكومة السعودية بمضاعفة مساحة المسجد عدة مرات وأضافت إلي ساحة المسجد ساحات محيطة بالمسجد وأصبح المسجد حالياً يتسع لأكثر من مليون مصلي في أوقات الذروة كما قامت بزيادة عدد المآذن من أربع إلي عشر مآذن ارتفاع كل من الست مآذن الجديدة 104 متراً، وزادت عدد مداخل المسجد إلي ستة عشر مدخلاً رئيسياً وأربعة عشر مدخلاً فرعياً، وأنشأت مبنيين للسلالم المتحركة لتأمين حركة المصلين في أوقات الذروة أيام الجمع والعيدين وشهر رمضان المبارك ومواسم الحج للصعود إلي سطح المسجد ؛ كما تم تركيب 36 سقفاً متحركاً وهو نوع جديد من الإنجازات الهندسية لم يسبق تنفيذه من قبل في أي مسجد وتعمل هذه الأسقف آليا بحيث تفتح وتغلق حسب حالة الجو وتم إنشاء منظومة متكاملة للمياه والصرف الصحي لتصريف مياه الأمطار وتأمين مياه زمزم علي مدار العام، وتم إنشاء مجموعات متكاملة من معدات الإضاءة الفنية الحديثة من النجف والمصابيح وأنشئت مجموعة متكاملة من الميضات وصنابير الشرب بما يكفي حاجة زوار المسجد النبوي الشريف، واستخدام الرخام البارد المقاوم للحرارة في كافة أعمال الرخام التي استخدمت في التوسعة، وأعيد تخطيط المدينة المنورة وتنظيم شوارعها بما يتناسب وجلال مكانتها وقدسيتها لتصبح درة البلدان وجوهرة المدائن
--------------------------------------------------------------------------------
المسجد النبوي في عهد الرسول
الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه المسجد الحرام.. وإليه تشد الرحال.. ويعتبر مسجد الرسول (عليه الصلاة والسلام) أول مسجد ثابت المعالم والتاريخ.. وكان المسجد أرضاً بها نخل وقبور للمشركين، وكانت أرضاً خربة في البداية ومملوكة لغلامين يتيمين من الأنصار هما (سهل وسهيل).. وكانت هذه الأرض على موعد مع القدر حيث اشترى الرسول (عليه الصلاة والسلام) الأرض من الغلامين بعشرة دنانير، وأمر النبي (عليه الصلاة والسلام) بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت وسويت الأرض تمهيدا لبناء أطهر مساجد الإسلام، وقد استغرقت عمارة المسجد سبعة شهور قضاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في ضيافة (أبي خالد الأنصاري) ثم أذن لفقراء المسلمين الذين ليس لهم منازل ولا عشائر أن يناموا في المسجد وقد عرف ذلك الفريق من المسلمين بأهل الصفة لإقامتهم بالمسجد على هيئة صفوف.
أما مساحة المسجد الأولى فكانت سبعين ذراعا في ستين ذراعا أو يزيد (الذراع = ستة وستين سم) وهذا المسجد الذي عمل بنائه النبي عليه الصلاة والسلام وعاونه في ذلك أهل المدينة من المسلمين، كان بناءً بسيطاً يترجم في بساطته عن يسر الإسلام، حيث اعتمد على بعض الصحابة ممن لهم خبرة في مجال البناء، وكان المسجد علي هيئة فناء مربع متساوي الأضلاع، وتحف به أربعة جدران، ارتفاعها 7 أذرع، ويتجه أحد جوانبه نحو المسجد الأقصى بالقدس الشريف، والجدار المقابل نحو الكعبة المشرفة في الجنوب، وكانت الجدران مبنية في بدايتها من الطوب اللبن، وسقف جزء منه بسعف النخيل والطين، وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل وكان للمسجد ثلاثة أبواب هي باب جبريل، وباب النساء وباب الرحمة، وما زالت هذه الأبواب تعرف باسمها حتى الآن..
وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يبني خارج الطرف الجنوبي من الجانب الشرقي مسكنان لزوجتيه السيدة عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين والسيدة سوده بنت زمعة أم المؤمنين ـ رضي الله عنهما ـ ثم أضيف إلي هذين المسكنين بيوت أخرى لباقي زوجات الرسول عليه السلام أمهات المؤمنين (رضي الله عنهم) ولم تكن هذه البيوت ملتصقة بالمسجد بل كان يفصل بينها وبين المسجد طريق عرضه 10 أذرع ويبدوا أن المسجد لم يكن في أول الأمر، سوى ظلة واحدة وكانت ترتكز على سوار من جذوع النخل حفت على أبعاد متساوية وفي السنة الثانية من الهجرة أمر الله سبحانه وتعالي رسوله ـ عليه السلام ـ أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام بمكة المكرمة بعد أن كانت القبلة أول الأمر تجاه بيت المقدس، فنقلت القبلة من الجدار الشمالي إلى الجدار الجنوبي من المسجد النبوي الشريف …
ودخل المسجد في طور جديد حيث أضاف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ظلة ثانية وجعل في وسطها علامة تعين موضع القبلة وهي تعتبر الأساس الأول لفكرة المحراب، وأصبح بوسط المسجد مكان مكشوف عرف باسم صحن المسجد وبقيت السقيفة القديمة علي حالها يستظل بها الناس من حرارة الشمس وعرفت بالصفة, ولم يكن المسجد في ذلك الوقت يشتمل علي مئذنة إذ كان المؤذن ينادى للصلاة من فوق سطح أعلى منزل مجاور للمسجد … وفى السنة السابعة من الهجرة النبوية الشريفة بعد غزوة خيبر قام الرسول (صلى الله عليه وسلم)، بتوسيع المسجد وبيوت زوجاته أمهات المؤمنين (رضي الله عنهم) ، وأصبحت هذه البيوت تفتح علي المسجد مباشرة، وكان بعضها من جريد النخل والبعض الآخر من الحجارة … وأدى ازدياد أعداد المسلمين، واتقاء لحرارة الشمس قام المسلمون ما بين السقيفتين الجنوبية والشمالية بسقيفتين أخريين إلي جهة الشرق والغرب من المسجد، وظل المسجد بهذه الحال حتى وفاة الرسول (صلي الله عليه وسلم) عام 11 هـ ودفن (عليه السلام) في أرض حجرة السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) وصار تخطيط المسجد النبوي بالمدينة المنورة نموذجا للمساجد الجامعة التي أسسها المسلمون في المدن الجديدة التي أنشأوها عقب الفتوح الإسلامية مثل مسجد البصرة ومسجد الكوفة بالعراق ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر، ومسجد عقبة بن نافع بالقيروان.
المسجد النبوي الشريف.. في عهد الراشدين
بقي مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في خلافة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) دون تغيير أو زيادة وذلك بسب انشغاله بحروب الردة وترتيب الدولة بعد موت الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وفي عام 17 هـ قام الخليفة عمر بن الخطاب بزيادة مساحة المسجد النبوي الشريف من ناحيته الشمال والغرب كما أنه عمّق ظلة القبلة من ناحية الجنوب ونتج عن ذلك أنه لم يعد باقياً من الجدران الأصلية للمسجد النبوي الشريف سوي الجدار الشرقي وذلك بسب وجود حجرات زوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقبره الشريف أسفل حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها) وفي عام 24 هـ جدد الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) المسجد النبوي وذلك بتوسيعه من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية وزاد من عمق ظلة القبلة ولم يقترب من الناحية الشريفة لوجود قبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقد أصبح هذا المسجد نموذجاً يحتذي به في كافة الأقطار التي فتحها المسلمون مع تغييرات بسيطة في النسب والاتساع بحسب الحاجة وكذلك في مادة البناء والتسقيف ولكن مع الاحتفاظ بالفكرة الأساسية في التخطيط، وهي صحن أوسط مكشوف يحيط به أربع ظلات أكبرها وأعمقها ظلة القبلة..
وقد يستغني أحياناً عن الظلة المعاكسة لظلة القبلة أو الظلتين الجانبيتين ويكتفي بظلة واحدة مثلما حدث بمسجد الكوفة والبصرة، كما قام عثمان بن عفان ببناء جدران المسجد بالحجارة المنقوشة، وسقفه بخشب الساج، وجعل طول المسجد مائة وستين ذراعاً وعرضه خمسين ذراعاً، وجعل له ستة أبواب وبنى علي قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) جدراناً مرتفعة من حوله لئلا يظهر في المسجد فيصلي إليه الناس..وكان ذلك هو نواة المسجد الإسلامي المبكر، وإن كانت سنة التغيير قد أدخلت علي المسجد إضافات كثيرة لم تكن موجودة مثل المئذنة والمحراب المجوف والمشكاوات الزجاجية وكرسي المبلغ وكرسي المصحف وغير ذلك مما يتماشى مع التطور العمراني والزمني0
الحرم النبوي الشريف في عهد الوليد بن عبد الملك
.. ظل المسجد النبوي الشريف على حاله من بعد سيدنا عثمان بن عفان إلي أن تولي الوليد بن عبد الملك الخلافة عام 88هـ فأمر بإعادة بنائه وتجديده تجديداً شاملاً، وكانت الدولة الإسلامية قد بلغت في عهد الوليد درجة من القوة والثراء والتحضر بحيث صارت أعظم دول العالم علي الإطلاق حيث امتدت رقعتها من حدود الهند شرقاً إلي أسبانيا غربا وشملت فيما شملت إيران والعراق ومصر وبلاد الشام وشمال أفريقيا، واحتكت بالحضارات السابقة عليها والمعاصرة لها وتعرفت علي مدي ما وصلت إليه هذه الحضارات في مجال العمارة..وكان العهد الأموي عصر تشييد العمائر الإسلامية الفخمة ولقد ورث الوليد من أبيه عبد الملك بن مروان حب البناء والعمارة.. وعمل علي تحقيق خطة معمارية ضخمة تليق بعظمة الدولة الإسلامية وكان من الطبيعي أن يكون علي رأس هذه الخطة المعمارية إعادة تشييد الحرم النبوي الشريف بطراز يليق بمكانته في نفوس المسلمين.. وبأسلوب يناسب ثراء الدولة الإسلامية، وألقي بهذه المهمة إلي واليه علي المدينة المنورة آنذاك (عمر بن عبد العزيز).. الذي أعاد سيرة الخلفاء الراشدين بعد ذلك رضوان الله عليهم.. وزود الوليد واليه عمر بن عبد العزيز بما يلزمه لبناء الحرم النبوي الشريف من مال ومواد بناء كالمرمر والأخشاب والرخام، كما استقدم العمال من البلاد المختلفة..
الحرم النبوي الشريف بين يدي الخليفة العباسي ـ المهدي
ظل الحرم النبوي الشريف بعد عمارة الوليد بن عبد الملك دون تغيير يذكر، حتى تولي الخلافة المهدي العباسي، فأمر بعمارته من جديد عام 160 هـ وتعتبر عمارة المهدي للحرم النبوي الشريف ذات أهمية خاصة لأنها وضعت للمسجد حدوده التي ظل محتفظاً بها رغم ما جري عليه بعد ذلك من تجديد وتعمير علي مر العصور. ويبدوا أن العزم كان قد انعقد منذ بداية الخلافة العباسية علي إجراء عمارة في الحرم النبوي الشريف، غير أن ظروف الدولة الجديدة في عهد السفاح، الخليفة العباسي الأول لم تكن تسمح بتوجيه جهد كبير نحو البناء والتعمير، إذ كان مشغولا بطبيعة الحال بإقرار الأمور والقضاء علي الدولة الأموية، كما أن مدة خلافته كانت من القصر بحيث لم تتح له فرصة القيام بالأعمال المعمارية.
أما الخليفة العباسي المنصور، فقد ساد في عهده نوع من الاستقرار النسبي، فعقد العزم علي تجديد المسجد النبوي الشريف ولكنه توفي قبل أن يتمكن من ذلك وما إن استقرت الأمور للخليفة العباسي (المهدي) عام 158هـ حتى شرع في عمارة الحرم النبوي الشريف، فأصدر أوامره بذلك عام 160 هـ واستغرقت العمارة سنتين، وقد عهد الخليفة المهدي العباسي إلي عبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز، وعبد الملك بن شبيب، ولم يتعرض المشرفون علي عمارة المسجد لرواق القبلة ولا الرواقين الجانبيين إذ أبقوها علي حالها كما كانت في عهد الوليد بن عبد الملك كما أبقوا علي منبر النبي (صلى الله عليه وسلم) ومحراب سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) والأبواب التي فتحها سيدنا عمر بن الخطاب، واقتصرت العمارة علي توسعة المسجد نحو الشمال مما أدى إلي هدم الرواق الشمالي وإضافة رقعه من الأرض في شمال المسجد طولها ثلاثين مترا تقريبا، وقد أدت هذه العمارة إلي إعادة بناء الرواق الشمالي من جديد، وتكملة أعمدة الرواقين الجانبيين، وإعادة بناء المئذنتين الشماليتين، وفتح بابين جديدين في الجدار الشمالي وأصبح المسجد النبوي الشريف بعد عمارة المهدي يتألف من صحن أوسط تحف به أربعة أروقة، ويحتوي رواق القبلة علي خمسة صفوف من الأعمدة موازية لجدار القبلة..
ولقد تمت في عمارة المهدي زخرفة الرواق الشمالي الجديد بالفسيفساء، أما صحن المسجد فظل يحف به أربعة أروقة وبذلك لم تغير عمارة المهدي من طراز المسجد النبوي الشريف، وقد ظل المسجد النبوي منذ عهد المهدي محتفظاً بحدوده ومعالمه دون تغيير إلي أن اجتاحه حريق مروع عام 654 هـ (1256م) وقد حدث هذا الحريق ليلة الجمعة أول رمضان حيث امتدت النار إلي أنحاء المسجد كله، ولم ينج من النار سوي القبة التي كان قد أقامها الناصر لدين الله بصحن المسجد وكان بها المصحف العثماني. وما إن بلغ الحريق الخليفة العباسي المستعصم بالله حتى أمر بتعمير المسجد وشرع في ذلك عام 656هـ غير أن القدر لم يمهله لإتمام عمارته حيث قتله هولاكو في 14 صفر 656 هـ وبموته انتهت الدولة العباسية نفسها علي يد المغول الذين اجتاحوا شرق العالم الإسلامي..
الحرم النبوي.. بين يدي السلطان قايتباي..
أجري بالحرم النبوي الشريف عمارتان كبيرتان بعد الحريق المدمر الذي اجتاحه في عصر المماليك إحداهما تمت في عهد السلطان الملك الأشرف قايتباي سلطان مصر الذي حدث الحريق في عهده والثانية تمت في عهد السلطان عبد المجيد سلطان آل عثمان، بالإضافة إلي أعمال معمارية متفرقة أنجزت علي يد عدد من الولاة المسلمين الذين كانوا يتقربون إلي الله (سبحانه وتعالي) بعمارة المسجد النبوي الشريف.. وهذا الحريق هو الحريق الثاني بعد حريق عام 655 هـ وقد بدأ هذا الحريق في ليلة الثالث عشر من رمضان عام 886 هـ، وذلك على إثر صاعقة انقضت من السماء ونزلت علي المئذنة الرئيسية في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد ثم انتقلت إلي سقف المسجد ثم مختلف أجزائه، وكان نتيجة ذلك أن تصدعت جدران المسجد وبعض مآذنه وتحطمت معظم أعمدته واحترقت المقصورة والمنبر، وكان فضل الله تعالى أن سلمت الحجرة النبوية الشريفة من هذا الحريق، وما أن وصل خبر هذا الحريق إلي مصر حتى سارع السلطان قايتباي حامي الحرمين الشريفين إلي تدبير أمر عمارة الحرم النبوي من جديد، وكان قايتباي محباً للبناء والتشييد ولاسيما بيوت وأضرحة أهل البيت، والصالحين،والمؤسسات الدينية الأخرى. واعتني قايتباي بصفة خاصة بعمارة المساجد الثلاثة التي يشد إليها الرحال كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم).. فأرسل السلطان قايتباي بعض المهندسين والبنائين والعمال والنجارين، وأمر بإعادة بناء المسجد كله من جديد فأصبح في غاية الحسن ومن أعظم الأبنية في ذلك الزمان، حتى قيل إن السلطان قايتباي : أنفق علي بنائه نحو مائة ألف دينار ؛ كما أنشأ مدرسة مطلة علي الحرم النبوي الشريف، ولم يكتف قايتباي بعمارة الحرم النبوي وتزويده بالأثاث اللازم من سجاد ومشكاوات زجاجية للإضاءة، بل ورتب لأهل المدينة المنورة والواردين عليها ما يكفيهم من القمح والخبز يستوي في ذلك الجميع من كبير وصغير وغني وفقير. وظل الحرم النبوي الشريف موضع عناية سلاطين مصر من المماليك إلي أن حكم العثمانيون الدولة الإسلامية وانتقلت رعاية الحرمين الشريفين إلي سلاطين آل عثمان، غير أن الحرم النبوي الشريف بقي بعد قايتباي قرابة أربعة قرون دون أن تجري به عمارة كبيرة إلي أن كان عهد السلطان عبد المجيد العثماني فأمر بتعميره عام 1265 هـ / 1848 م..
الحرم النبوي الشريف.. في عهد العثمانيين
مر علي الحرم النبوي الشريف منذ إنشائه علي يد النبي (صلى الله عليه وسلم) مراحل من التجديدات والتعمير كان القائمون بالعمارة يحاولون المحافظة علي المعالم التقليدية التي ترجع إلي أيام النبي (صلى الله عليه وسلم) وعهود الخلفاء الراشدين وعدم تغييرها تمسكا بالسنة النبوية الشريفة وتبركاً بالأشياء التي تحوطها ذكريات ترجع هذا العصر الكريم وفي نفس الوقت كانوا حريصين علي تزويد المسجد بأحدث ما وصل إليه فن العمارة في عصورهم رغبة منهم في إضفاء أكثر ما يمكن من مظاهر الجمال المعماري والإبداع الفني علي المسجد فظل المسجد النبوي رغم العمارة الكبيرة التي أجريت عليه محتفظا بطرازه المعماري القديم الذي يمثل النوع الأول، والأساسي لعمارة المساجد في العالم الإسلامي ؛ ومنذ أن ظهر العثمانيون الأتراك علي مسرح التاريخ أخذوا يعملون علي السيطرة علي الحجاز، وانتقلت رعاية الحرمين الشريفين إليهم ؛ ولقد اعتني بعض السلاطين العثمانيين بعمارة المسجد النبوي الشريف وتجديده ، ومن أوائل سلاطين آل عثمان الذين أقبلوا علي تعمير الحرم النبوي الشريف، السلطان سليم الثاني إذا جدده عام 980 هـ / 1572 م حيث اعتنى بزخرفة جدران المسجد وأمر بكسوته بالفيسفساء المنقوشة بماء الذهب، وبعد ذلك اعتنى السلطان محمود العثماني بعمارة قبة الحجرة النبوية الشريفة، ولم يكن لهذه الحجرة أول الأمر قبة وإنما كانت مغطاة بسقف مسطح، وفي عام 678 هـ في عهد المنصور قلاوون أقيم فوق الحجرة الشريفة قبة من الخشب المصفح بالرصاص ثم جددت هذه القبة في عهد السلطان الناصر حسن؛ وبعد حريق عام 886 هـ جدد السلطان قايتباي القبة وبناها بالحجر الأسود المنحوت وكملها بالحجر الأبيض، وقد بلغ ارتفاعها في عهد قايتباي 14 مترا.. وفي عهد السلطان محمود بن عبد الحميد العثماني، حدث بالقبة الخضراء شقوق فأمر السلطان عام 1233هـ بتجديدها وعمارتها ثم أمر عام 1255 هـ /1839 م بطلائها باللون الأخضر ومن ثم سميت بالقبة الخضراء. غير أن العمارة الكبيرة التي تمت في عهد العثمانيين للمسجد النبوي الشريف كانت في عهد السلطان عبد المجيد، وهي من الشمول بحيث تعادل العمارات الكبيرة التي تمت في عهد الوليد والمهدي وقايتباي وقد اختار مجموعة من المهندسين والعمال المتمرسين وكلفهم ببناء الحرم النبوي كأحسن ما يكون البناء، وأمرهم بأن يزودوه بالفخامة المعمارية والفنية التي تليق بمقام المسجد العظيم.. وقد أخذ العمال الأحجار والأعمدة من هضاب وادي العقيق ونقلوها علي عربات إلي الحرم النبوي بعد أن مهدوا لذلك طريقا للعربات يمتد من المحاجر إلي المسجد ؛ وحتى لا تتعطل الصلاة في المسجد أخذوا يعمرون المسجد جزءاً بعد جزء حتى تمت عمارة المسجد كله وقد بدأت عمارة السلطان عبد المجيد عام 1265هـ وانتهت عام 1277هـ أي أنها امتدت حوالي 12 عاما وتكلفت العمارة سبعمائة وخمسين ألف جنيه مجيدي. وظل المسجد محتفظا بحدوده القديمة تقريباً ؛ وأضيف إلى المسجد عند حده الشمالي مساحة من الأرض بني فيها مكان للوضوء وفتح فيها باب جديد صار يعرف باسم الباب المجيدي نسبة إلى السلطان عبد المجيد ؛ كما تضخمت العمارة بتغيير جميع الأعمدة ؛ فيما عدا بعض الأعمدة بالروضة الشريفة كانت مرخمة بالرخام الأبيض والأحمر، أما باقي الأعمدة فقد استبدل بها أعمدة جديدة كما أعيد بناء المئذنة في الطرف الشمالي الغربي وصارت تعرف بالمئذنة المجيدية، كما أعيد بناء باب السلام بشكل فخم، وجعل خلفه قبة عظيمة وكذلك هدمت قبة في صحن المسجد كانت تستخدم مخزنا للزيت، وامتدت أعمال العمارة إلي الزخرفة فتمت تسوية أرض المسجد وكسوتها بالرخام وتخفيض أرض صحن المسجد عن أرض الأروقة وترخيم بعض الجدران، وطلاء المسجد وزخرفة باطن القباب برسوم المناظر الطبيعية من أشجار وزهور فاكتسى المسجد بحلة من الفنون والزخارف ذات الطابع التركي، كما زاد من جمال المسجد، تحلية جدرانه بخطوط جميلة أبدعها مشاهير الخطاطين المسلمين ومنهم الخطاط (عبد الله زهدي) الذي قضي ثلاثة سنوات يزخرف سقف المسجد وجدرانه وأعمدته بخط جميل يتضمن الآيات القرآنية الكريمة وعبارات الأدعية المختلفة..
المسجد النبوي حالياً
مساحة المسجد الحالية عبارة عن مستطيل غير متساوي الأضلاع طول ضلعه من الشمال إلي الجنوب 116 متراً وعرضه من الشمال 66 متراً، يتوسطه صحن مكشوف سماوي طوله أربع ظلات أكبرها ظلة القبلة التي تتكون من اثني عشر رواقا والغربية من ثلاث أروقة أقيمت ظلاته علي عقود محمولة علي عمد من الرخام أو الجرانيت وسقفه مجدد في العصر العثماني علي هيئة قباب ضحلة محمولة علي مثلثات كروية ؛ وقد ازدادت أبواب المسجد حتى وصلت إلي أربع وعشرين باباً منها أربعة أبواب خاصة في جهة القبلة وعشرون باباً عاماً، وقد سدت هذه الأبواب كلها ما عدا خمسة أبواب هي التي يمكن حسابها من الناحية الأثرية. وللمسجد النبوي الشريف ثلاثة محاريب أقدمها المحراب النبوي وموقعه حالياً في الرواق الثالث من ظلة القبلة وهو الموضع القديم الذي عينه الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند تحول القبلة في شعبان من السنة الثانية من الهجرة، والمحراب الثاني إلى اليمين من محراب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويعرف بالمحراب السليماني، والمحراب الثالث ويقع في صدر المسجد وهو الذي أضافه الخليفة عثمان بن عفان عند توسيع ظلة القبلة.
مآذن المسجد النبوي الشريف.
لم يكن للمسجد النبوي الشريف علي عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) مآذن وإنما كان يؤذن من علي سطح دار عبد الله بن عمر التي كانت بظهر القبلة وكان سيدنا بلال بن رباح يرتقي ظهر هذا الدار ليؤذن من عليها، ولما جدد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك المسجد النبوي أمر عامله عمر بن عبد العزيز أن يبني أربع مآذن بزوايا المسجد الأربعة ولا يوجد بقايا لهذه المآذن حاليا والموجود بالمسجد حاليا عشر مآذن منها خمس أثرية والباقي من تجديدات الحكومة السعودية.
المآذن الأثرية
مئذنة باب السلام: وتقع إلي جوار باب السلام بالجهة الجنوبية الشرقية من المسجد، وكانت تطل علي دار مروان فلما حج الخليفة سليمان بن عبد الملك ارتقاها المؤذن فكشفت داره فأمر بهدمها ثم أعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناءها عام 706 هـ ولا تزال هذه المئذنة باقية دون تغيير في هيئتها.
مئذنة باب الرحمة: وقد أنشأ هذه المئذنة السلطان قايتباي المحمودي في العصر المملوكي، وكانت قمتها محدودة علي النسق العثماني ثم قامت الحكومة السعودية بترميمها علي النسق المملوكي.
أما المئذنة الجنوبية: وهي المئذنة الرئيسية للمسجد النبوي تقع بالزاوية الجنوبية من المسجد خلف الحجرة النبوية ولا تزال هذه المئذنة بهيئتها المملوكية من عصر الناصر محمد بن قلاوون.
المئذنة السليمانية: وتقع بالزاوية الشمالية من المسجد وكانت مبنية علي الطراز العثماني ثم قامت الحكومة السعودية بتجديدها علي الطراز المملوكي.
أما المئذنة المجيدية: وتقع بالزاوية الغربية من المسجد، وكانت علي الطراز العثماني ثم جددتها الحكومة السعودية علي الطراز المملوكي.. وقد أضافت الحكومة السعودية خمس مآذن أخري ليصبح عدد المآذن عشرة.
المقصورة النبوية الشريفة: كان للرسول (صلى الله عليه وسلم) بيت في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد يعرف ببيت عائشة (رضى الله عنها) وإلي الجنوب منه بيت السيدة حفصة (رضي الله عنها)، وكان يفصل بين هذه البيوت والمسجد طريق ضيق وكانت هذه البيوت مبنية بالطوب اللبن والجريد، ولم تكن سقوفها مرتفعة بل كانت قصيرة ولما توفي الرسول (صلى الله عليه وسلم) عام 11هـ دفن بأرض حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها) ورأسه الشريفة إلي الغرب ووجهه الشريف نحو القبلة.. ولما توفي أبو بكر الصديق في 22جمادي الأولي عام 13 هـ دفن إلي جانب الرسول (عليه السلام) من جهة الشمال ورأسه خلف منكب الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وعندما طعن الخليفة عمر بن الخطاب استأذن السيدة عائشة (رضي الله عنها) أن يدفن مع صاحبيه فلما مات 27 ذي الحجة عام 23 هـ دفن إلي جوارهما شمالي أبي بكر الصديق.
كما يوجد مقصورة صغيرة دفنت أسفلها السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول (عليه الصلاة والسلام)
وحينما تولي الوليد بن عبد الملك أدخل واليه عمر بن عبد العزيز هذه البيوت في مساحة المسجد وأقام حولها بناء مخمساً لا يطوف الناس من حوله كما يطوفون حول الكعبة وكانت هذه الغرف مسقفة بالخشب..
وكان ارتفاع جدرانها ستة أمتار وظلت الغرفة علي حالها إلي أن قام نور الدين محمود ببناء حجرة مربعة حول الغرفة القديمة بناها من الحجر وحفر حول قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) خندقاً عميقاً أفرغ فيه مصهور الرصاص حتى لا تصل إليه يد لأنه كان يخشى من هجوم الصليبيين علي المدينة المنورة …
ثم قام السلطان المنصور قلاوون عام 678هـ ببناء حجرة مربعة غطيت من أعلاها بقبة من ضلوع خشبية مغلفة بألواح من الرصاص خوفاً عليها من الأمطار وجددت هذه القبة عند احتراقها عام 754 هـ علي يد الناصر محمد بن قلاوون، ثم جددها السلطان شعبان بن حسين عام 765 هـ ثم السلطان الأشرف قايتباي من عام 886 هـ حينما احترق سقف المسجد النبوي فقام ببناء قبة صغيرة من الأحجار السوداء في مكان القبة الخشبية، ثم بني فوقها قبة عظيمة مقامة علي دعائم وكسيت من أعلاها بالجص الأبيض ثم قام السلطان محمود بن السلطان عبد المجيد العثماني بتجديدها كلها عام 1233هـ وصبغها باللون الأخضر فسميت بالقبة الخضراء
المسجد في العهد السعودي الحالي.
قامت الحكومة السعودية بمضاعفة مساحة المسجد عدة مرات وأضافت إلي ساحة المسجد ساحات محيطة بالمسجد وأصبح المسجد حالياً يتسع لأكثر من مليون مصلي في أوقات الذروة كما قامت بزيادة عدد المآذن من أربع إلي عشر مآذن ارتفاع كل من الست مآذن الجديدة 104 متراً، وزادت عدد مداخل المسجد إلي ستة عشر مدخلاً رئيسياً وأربعة عشر مدخلاً فرعياً، وأنشأت مبنيين للسلالم المتحركة لتأمين حركة المصلين في أوقات الذروة أيام الجمع والعيدين وشهر رمضان المبارك ومواسم الحج للصعود إلي سطح المسجد ؛ كما تم تركيب 36 سقفاً متحركاً وهو نوع جديد من الإنجازات الهندسية لم يسبق تنفيذه من قبل في أي مسجد وتعمل هذه الأسقف آليا بحيث تفتح وتغلق حسب حالة الجو وتم إنشاء منظومة متكاملة للمياه والصرف الصحي لتصريف مياه الأمطار وتأمين مياه زمزم علي مدار العام، وتم إنشاء مجموعات متكاملة من معدات الإضاءة الفنية الحديثة من النجف والمصابيح وأنشئت مجموعة متكاملة من الميضات وصنابير الشرب بما يكفي حاجة زوار المسجد النبوي الشريف، واستخدام الرخام البارد المقاوم للحرارة في كافة أعمال الرخام التي استخدمت في التوسعة، وأعيد تخطيط المدينة المنورة وتنظيم شوارعها بما يتناسب وجلال مكانتها وقدسيتها لتصبح درة البلدان وجوهرة المدائن
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر