جـــــــدد ... حـــيـــاتــــــك
جدد حياتك
كثيراً ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته، ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة كتحسن في حالته أو موسم معين أو بداية عام أو شهر جديد مثلاً..!
وهذا وهم.. فإن تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس، والرجل المقبل على الدنيا بعزيمة وصبر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ولا تصرفه وفق هواها، بل هو يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها...
ثم إن كل تأخير لإنفاذ منهج تجدّد به حياتك، وتصلح به أعمالك لا يعني إلا إطالة الفترة الكآبية التي تبغي الخلاص منها، وبقاؤك مهزوماً أمام نوازع الهوى والتفريط، وما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات قصيرة المدى والطويلة المدى ليتخلص من هذه الهنّات التي تزري به.
إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة؛ فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً ولا مسلكاً مجيداً؛ فالأشرار قد تمر بضمائرهم فترات صحو قليل، ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها.
عش في حدود يومك
من أخطاء الإنسان أن ينوء في حاضره بأعباء مستقبله الطويل، والمرء حين يتأمل ينطلق تفكيره في خط لا نهاية له، وما أسرع الوساوس والأوهام إلى اعتراض هذا التفكير المرسل، ثم إلى تحويله إلى هموم جاثمة وهواجس مقبضة...
والعيش في حدود اليوم يتّسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه.. فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" (رواه الترمذي).
إن الأمان والعافية وكفاية يوم واحد تتيح للعقل النيّر أن يفكر في هدوء واستقامة تفكيراً قد يغيّر به مجرى التاريخ كله، بله حياة فرد واحد...!
على أن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له؛ فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه، فيه حصافة وعقل، وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به.. بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ من استغلال اليوم الحاضر والتوجس المربك المحير مما قد يأتي به الغد...
ويرد الشاعر على هذه التوجسات بقوله:
سهرت أعين ونامت عيون *** في شئون تكون أو لا تكـون
إن ربًّا كفاك بالأمس ما كان *** سيكفيك في غدٍ ما يكــون
هموم وسموم
الخبراء في حياة الغرب يشكون من حرارة الصراع الدائر في أرجائه للحصول على المال والمكاثرة به؛ فالأفراد والجماعات منطلقون في سباق رهيب لإحراز أكبر حظ مستطاع من حطام الدنيا، وقواهم البدنية والنفسية تدور كالآلة الدائبة وراء هذه الغاية.
ويقول الدكتور ألفاريز: "اتضح أن 4 من كل 5 مرضى ليس لعلتهم أساس عضوي البتة، بل مرضهم ناشئ عن الخوف والقلق والبغضاء والأثرة المستحكمة، وعجز الشخص عن الملاءمة بين نفسه والحياة"!
في مقابل ذلك يجب أن نذكر ببعض أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، فقال:
ـ "من جعل الهم همًّا واحداً كفاه الله دنياه، ومن تشعّبته الهموم لم يبالِ الله في أي أدوية الدنيا هلك" (رواه الحاكم).
- وقال عليه الصلاة والسلام: "من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له" (رواه الترمذي).
وهذه الأحاديث تهدف إلى تهذيب النفوس في سعيها وعملها وطلبها للرزق، ولا تعني بشكل من الأشكال إبطال أعمال الدنيا..
فالمال نطلبه لكي ننفقه لا لنختزنه، وإذا أحببناه فمن أجل أن نبذله فيما يحقق مصالحنا ويصون حياتنا، وأفضل الناس من يأخذه بسماحة وشرف بدون تخاطف أو حسد، وإذا تحوّل عنهم لم يشيعوه بحسرة أو يرسلوا وراءه العبرات..
ولذلك فواجب المؤمن التشبث بالعناية الإلهية في مواجهة كل ما يحل به من قلق واضطراب؛ فإن الاستسلام لتيار الكآبة بداية انهيار شامل في الإرادة يطبع الأعمال كلها بالعجز والشلل.
ولذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلّم أصحابه بعض الأدعية ليسهّل الله أمورهم ويقضي حوائجهم، وبعض الناس يتصور أن الدعاء موقف سلبي من الحياة، أليس عرض حاجات وانتظار إجابة؟!
ويوم يكون الدعاء كذلك لا يعدو ترديد أماني وارتقاب فرج من المجهول ولا وزن له عند الله بل يحب أن يكون مقروناً بالعمل والأخذ بالأسباب..
من كتاب جدد حياتك للشيخ الغزالي رحمه الله
كثيراً ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته، ولكنه يقرن هذه البداية المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة كتحسن في حالته أو موسم معين أو بداية عام أو شهر جديد مثلاً..!
وهذا وهم.. فإن تجدد الحياة ينبع قبل كل شيء من داخل النفس، والرجل المقبل على الدنيا بعزيمة وصبر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ولا تصرفه وفق هواها، بل هو يستفيد منها، ويحتفظ بخصائصه أمامها...
ثم إن كل تأخير لإنفاذ منهج تجدّد به حياتك، وتصلح به أعمالك لا يعني إلا إطالة الفترة الكآبية التي تبغي الخلاص منها، وبقاؤك مهزوماً أمام نوازع الهوى والتفريط، وما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات ناقدة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات قصيرة المدى والطويلة المدى ليتخلص من هذه الهنّات التي تزري به.
إن تجديد الحياة لا يعني إدخال بعض الأعمال الصالحة أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة والأخلاق السيئة؛ فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلاً حميداً ولا مسلكاً مجيداً؛ فالأشرار قد تمر بضمائرهم فترات صحو قليل، ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها.
عش في حدود يومك
من أخطاء الإنسان أن ينوء في حاضره بأعباء مستقبله الطويل، والمرء حين يتأمل ينطلق تفكيره في خط لا نهاية له، وما أسرع الوساوس والأوهام إلى اعتراض هذا التفكير المرسل، ثم إلى تحويله إلى هموم جاثمة وهواجس مقبضة...
والعيش في حدود اليوم يتّسق مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه.. فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" (رواه الترمذي).
إن الأمان والعافية وكفاية يوم واحد تتيح للعقل النيّر أن يفكر في هدوء واستقامة تفكيراً قد يغيّر به مجرى التاريخ كله، بله حياة فرد واحد...!
على أن العيش في حدود اليوم لا يعني تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له؛ فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه، فيه حصافة وعقل، وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به.. بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ من استغلال اليوم الحاضر والتوجس المربك المحير مما قد يأتي به الغد...
ويرد الشاعر على هذه التوجسات بقوله:
سهرت أعين ونامت عيون *** في شئون تكون أو لا تكـون
إن ربًّا كفاك بالأمس ما كان *** سيكفيك في غدٍ ما يكــون
هموم وسموم
الخبراء في حياة الغرب يشكون من حرارة الصراع الدائر في أرجائه للحصول على المال والمكاثرة به؛ فالأفراد والجماعات منطلقون في سباق رهيب لإحراز أكبر حظ مستطاع من حطام الدنيا، وقواهم البدنية والنفسية تدور كالآلة الدائبة وراء هذه الغاية.
ويقول الدكتور ألفاريز: "اتضح أن 4 من كل 5 مرضى ليس لعلتهم أساس عضوي البتة، بل مرضهم ناشئ عن الخوف والقلق والبغضاء والأثرة المستحكمة، وعجز الشخص عن الملاءمة بين نفسه والحياة"!
في مقابل ذلك يجب أن نذكر ببعض أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، فقال:
ـ "من جعل الهم همًّا واحداً كفاه الله دنياه، ومن تشعّبته الهموم لم يبالِ الله في أي أدوية الدنيا هلك" (رواه الحاكم).
- وقال عليه الصلاة والسلام: "من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له" (رواه الترمذي).
وهذه الأحاديث تهدف إلى تهذيب النفوس في سعيها وعملها وطلبها للرزق، ولا تعني بشكل من الأشكال إبطال أعمال الدنيا..
فالمال نطلبه لكي ننفقه لا لنختزنه، وإذا أحببناه فمن أجل أن نبذله فيما يحقق مصالحنا ويصون حياتنا، وأفضل الناس من يأخذه بسماحة وشرف بدون تخاطف أو حسد، وإذا تحوّل عنهم لم يشيعوه بحسرة أو يرسلوا وراءه العبرات..
ولذلك فواجب المؤمن التشبث بالعناية الإلهية في مواجهة كل ما يحل به من قلق واضطراب؛ فإن الاستسلام لتيار الكآبة بداية انهيار شامل في الإرادة يطبع الأعمال كلها بالعجز والشلل.
ولذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلّم أصحابه بعض الأدعية ليسهّل الله أمورهم ويقضي حوائجهم، وبعض الناس يتصور أن الدعاء موقف سلبي من الحياة، أليس عرض حاجات وانتظار إجابة؟!
ويوم يكون الدعاء كذلك لا يعدو ترديد أماني وارتقاب فرج من المجهول ولا وزن له عند الله بل يحب أن يكون مقروناً بالعمل والأخذ بالأسباب..
من كتاب جدد حياتك للشيخ الغزالي رحمه الله
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر