العزة بالنفس
العزة
عبدالرحمن بن فؤاد الجارالله
الحمد لله الذي أظهر آثار قدرته وأنوار عزته في كل وقت وزمان وحين وأوان وعمر كل عصر من الأعصار بنبي مبعوث يدل الخلق ويرشدهم إليه إلى أن ختم الأنبياء والرسل بالنبي الأشرف والرسول الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله ورسله.
وأتبع الأنبياء عليهم السلام بالأولياء يخلفونهم في سننهم ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم فلم يخل وقتا من الأوقات من داع إليه بحق أو دال عليه ببيان وبرهان...
أما بعد:
من فضل الله تعالى على الأمة الإسلامية هذه الصحوة التي انتشرت في هذا الزمن حتى شملت كل شيء, وكان لها كسائر المواضيع مما الأصل فيه الإيجابية بعض مما يشوبه من المعكرات والمكدرات فالكمال عزيز,ومن هذا المنطلق رأى أخي الحبيب عبدالرحمن القرعاوي المساهمة في معالجة هذه المنغصات للسمو بالصحوة نحو الهدف والغاية المنشودة فسعى لجمع هذه المادة _التي أسأل الله تعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصا لوجهه الكريم_ فجمع كثيرا منها ثم قمت بمراجعتها وترتيبها والإضافة عليها والتعليق على بعض المواضع وهذا هو جهد المقل القاصر, ومن الله وحده العون والطول:
أخي الحبيب:
الاستقامة أمرٌ وفعلٌ وعملٌ جميلٌ وطيبٌ, يحب كل واحد منا الاتصاف بها أو حتى أن يذكر من ضمن المستقيمين. فلماذا كل هذا ؟.
● لأن الاستقامة هي الطريق الصحيح, ولأن الاستقامة فخرٌ وعزٌ للشخص المتصف بها، ولأن الناس يحبون المستقيم ويثنون عليه ويقدرونه ويحترمونه ويقدمونه في المجالس والكلام … وهذه من نتائج الاستقامة.
والواحد لا يستقيم من أجل ثناء أو مدح الناس أو من أجل احترامهم وتقديرهم وحبهم, ولكن من أجل الله ومن أجل الثواب والأجر من الله وأيضاً من أجل أن الله أمرنا بالاستقامة وحثنا على ذلك. فقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " وقال سبحانه:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ... ".
● وإضافةً لما سبق من النتائج فإن الشخص المستقيم المطبِّق للاستقامة بحقٍ يشعر بسعادةٍ وراحةٍ وثقةٍ بالنفس, لأنه ملتزمٌ بأوامر الله ومجتنبٌ لنواهيه. وهذا مصداق قوله تعالى :"الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " .
أخي الحبيب:
● إذا استقمت فأعط الاستقامة حقها, واعلم أنك قدوة لغيرك فاحرص أن تكون أهلاً لهذه المكانة, فكل عملٍ محسوب عليك ومسجَّلٌ على المستقيمين فأنت لا تمثل نفسك فقط, بل تمثل غيرك من المستقيمين, وأنت يُنظر إليك بمنظارٍ خاصٍ يختلف عن الآخرين, فأنت مُلاحظٌ في كل دقيقةٍ وجليلةٍ, مُلاحظٌ في تعاملك ومشيك وضحكك وكلامك وأكلك وشربك ولباسك وجلوسك وغير ذلك.
● وأيضاً الأهل ينظرون للابن المستقيم نظرة إكبارٍ وإجلالٍ واحترامٍ وتقديرٍ, ولكن متى يكون ذلك ؟.
إذا كان الابن المستقيم خلوقاً، محترماً، ناصحاً، حليماً، مسامحاً، قليل الطلب والأمر، لايغضب إلالله وبلين، سريع الرضى والتسامح، كريماً، له أعمالٌ صالحةٌ داخل البيت، يأمر بالمعروف بلطفٍ، وينهى عن المنكر بدون زجرٍ وتوبيخٍ...فبهذه الأمور يكون محبوباً، محترماً عند الأهل.
أخي المستقيم :
● ليكن ديدنك دائماً وأبداً قول الشاعر:
ومـما زادني شـرفـاً وتـيــهـاً ... وكدت بأخمصي أطأ الـثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صـيَّرت أحمد لي نـبيا
● ومما يلاحظ على بعض الشباب المستقيم عدم الاعتزاز بالاستقامة ، والذلة والهوان . وهذا الأمر له مظاهرٌ و أسبابٌ و آثارٌ وعلاج.سيُتطرق إليها ضمن البحث:
أسباب اختيار الموضوع:
حتى يتبين مفهوم العزة وأنها ليست للذَّات, ولا الاستعلاء للنفس. وإنما هي العزة للعقيدة والاستعلاء للراية.
وحتى يعلم أيضاً بأن من وُفِّق للعزة فقد وفق للخير ومعه الخير.
أن العبد إذا رزق العزة رزق الاستعلاء على ركام الأرض الفانية فلا تستذله دنيا ولا طغاةُ.
إن العزة تعتبر صمَّامَ أمانٍ للمجتمع من الشرور والأخطار فهي تُنمِّي الفضيلة وتمحق الرذيلة وبها تستجلب المكارم وتستدفع المكاره.
تعريف العزة:
● في اللغة تدور حول معاني: الغلبة والقهر والشدة والقوة ونفاسة الشيء وعلو قدره.
● في الاصطلاح: حالة مانعة للإنسان من أن يغلب، وهي إحساسٌ يملأ القلب والنفس بالإباء والشموخ والاستعلاء والارتفاع.
وهي ارتباطٌ بالله وارتفاعٌ بالنفس عن مواضع المهانة والتحرر من رِقِّ الأهواء ومن ذُلِّ الطمع وعدم السير إلا وفق ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
● والغاية منها : الرفعة والفخر على الآخرين بلا تكبر وهي نابعةٌ من الخيرية التي ينتج عنها الخير للبشر من مناصرة للفضيلة ومقارعة للرذيلة واحترام للمثل العليا .
● ومن أوصاف الله تعالى وأسمائه [الْعَزِيزُ] أي: الغالب القوي الذي لا يغلبه شيء وهو أيضاً المعز الذي يهب العزة لمن يشاء من عباده. والإيمان بهذا الاسم يعطي المسلم شجاعةً وثقةً كبيرةً به, لأن معناه: أن ربه لا يمانع ولا يرد أمره وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وإن شاء الناس.
● وقد تكرر وصف الله تعالى بوصف [ الْعَزِيزُ ] في القرآن ما يقرب من تسعين مرة.
● وقد أشار الله في كتابه المجيد إلى أن العزة خلق من أخلاق المؤمنين التي يجب أن يتحلوا بها ويحرصوا عليها فقال : " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ " وقال عن عباده الأخيار : " أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ " وقال : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ " والشدة على الكافرين تستلزم العزة, وقال : " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " وهذا يقتضي أن يكونوا أعزاء ، وهذه الآية الأخيرة تُفهِّمُنا أن كتاب الله جل جلاله يعلم المؤمنين إباء الضيم وهو خلقٌ يفيد معنى الاستمساك بالعزة والقوة ، والثورة على المذلةِ والهوان ، وإذا كنا قد عرفنا أن القرآن قد كرر وصف ذات الله القدسية بصفة [الْعَزِيزُ] ما يقرب من تسعين مرة فكأنه أراد بذلك ـ وهو أعلم بمراده ـ أن يملأ أسماع المؤمنين بحديث العزة والقوة فإذا ما سيطر عليهم اليقين بعزة ربهم واستشعروا القوة في أنفسهم واعتزوا بمن له الكبرياء وحده في السماوات و الأرض وتأبوا على الهوان حين يأتيهم من أي مخلوقٍ وفزعوا إلى واهب القوى والقدر يرجونه أن يعزهم بعزته, وكأن الله عز وجل قد أراد أن يؤكد هذا المعنى في نفوس عباده حين جعل كلمة الله أكبر تتردد كل يوم في أذان الصلاة مراتٍ ومراتٍ ثم يرددونها كل يوم في صلواتهم كل يوم مراتٍ ومراتٍ فتشعرهم بأن الكبرياء لله عز وجل وأن عباده يلزمهم أن يلتمسوا العزة من لدنه وأن يستوهبوا القوة من حماه " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ " يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ : " من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تعالى "،" قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " .
● ولقد أراد القرآن المجيد أن يهدي المؤمنين إلى الطريق الذي يصون لهم العزة ويحصنهم ضد الرضا بالهوان أو السكوت على الضيم فأمرهم بالإعداد والاستعداد لحفظ الكرامة والذود عن العزة فقال لهم :" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ " لأن القوة تجعل صاحبها في موطن الهيبة والاقتدار فلا يسهل الاعتداء عليه من غيره من الضعفاء .
● وعلمهم الله في القرآن الإقدام والاحتمال والثبات في مواطن اليأس موقنين أنه سبحانه معهم فقال لهم: " وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً "، وفي موطن آخر يقول لهم: " فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ".
● وليست هذه دعوة إلى بغيٍ أو طغيانٍ وإنما يُعوِّدُ القرآن أتباعه أن يكونوا أولاً على حيطةٍ وحذرٍ فيقووا أنفسهم بكل وسائل التقوية والتحصين حتى يكونوا أصحاب رهبةٍ في نفوس أعدائهم وإلا تطاولوا عليهم وعصفوا بهم, ومن هنا قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعاً " ويقول: " وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ".
● ومتى شاء الله يوماً أن يلتقي المؤمنون في معركةٍ مع الكافرين فالواجب حينئذ على كل مؤمن أن يظل عزيزاً قوياً وأن يثبت على مبادئه وعقائده لا يخيفه الألم ولا التعب بل يبذل جهده وطاقته مستخدماً كل ما أعده قبل ذلك من سلاحٍ وعتادٍ واثقاً أنه مربوط الأسباب بالله القوي القادر وإذا شاء الله تعالى له لوناً من ألوان الاختبار والابتلاء تحمله راضياً صابراً محتفظاً بعزته وكرامته وشهامته موقناً بأن احتمال الألم خيرٌ ألف مرةٍ من التخاذل والاستسلام: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ".
● والإسلام – مع هذا – يدعو أتباعه إلى السلام العادل المنصف الذي لا ينطوي على ضيمٍ أو ذُلٍّ ويدعوهم أن يغفروا الهفوة إذا كانت عن غير تعمدٍ أو كانت لا تبلغ مبلغ الإهانة أو لا تخدش العزة والكرامة أما إذا كانت الخطيئة بغياً فعلاجها الرد عليها بما يغسل العار ويدفع الضيم ويصون الكرامة ولذلك يقول الله عز وجل : " وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " يعجبني من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول : لا،بملء فيه " .
● ولم يكتف الله في القرآن الكريم بتحريض المؤمنين على إباء الضيم وإيثار العزة تحريضاً يقوم على الأمر الصريح أو التوجيه المباشر بل عمد إلى ضرب الأمثال من الأمم السابقة التي استجابت لدعوت الحق وتابعت رسل الله جل جلاله واستشعرت العزة وتمردت على المذلة فكان جزاؤها كريماً وثوابها عظيماً حيث خاضت المعارك من أجل عقيدتها ومبادئها ولم تهن أو تضعف بل صبرت وصابرت وكافحت وناضلت حتى ظفرت وانتصرت وذلك فضل الله القوي الذي يحب الشرفاء، العزيز الذي ينصر من استمسك بالعز والإباء، يقول الله في القرآن: " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها " وقال صلى الله عليه وسلم : " من أعطى الذلة من نفسه طائعاً غير مكره فليس منا " .
● والعزة ليست تكبراً أو تفاخراً وليست بغياً أو عدواناً وليست هضماً لحقٍ أو ظلماً لإنسانٍ وإنما هي الحفاظ على الكرامة والصيانة لما يجب أن يصان ولذلك لا تتعارض العزة مع الرحمة بل لعل خير الأعزاء هو من يكون خير الرحماء وهذا يذكرنا بأن القرآن الكريم قد كرَّرَ قوله عن رب العزة: " وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " تسع مرات في سورة الشعراء ثم ذكر في كل من سورة يس والسجدة والدخان وصفَي: الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ مرة واحدة.
● ثم أغلب المواطن التي جاء فيها وصف الله باسم [العزيز] قد اقترن فيها هذا الاسم باسم [الحكيم]. والحكيم هو الذي يوجد الأشياء على غاية الإحكام والضبط فلا خلل ولا عيب.
● وكما تكون العزة خلقاً كريما ًووصفاً حميداً إذا قامت على الحق والعدل واستمدها صاحبها من حمى ربه لا من سواه: " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً "... تكون العزة الكاذبة أو الضالة خلقاً ذميماً حين تقوم على البغي والفساد ومن ذلك النوع قول الله تعالى: "بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ " فعزة الكافرين تَعزُّزٌ كاذبٌ, ولذلك قيل: "كل عزٍّ ليس بالله فهو ذل " ومن ذلك أيضاً قوله تعالى عن بعض الضالين: " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ " والعزة هنا مستعارة للحمية الجاهلية والأنفة الذميمة, ومن ذلك أيضا قوله تعالى: " وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً " أي يحاولون التَّمنُعَ به من العذاب وهيهات هيهات.
● رحم الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أراد أن يوطد في نفس أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قواعد العزة عندما أرغمه بعض حكام عصره على شدة تعرض لها فقال: " يا أبا ذر رضي الله عنه إنك غضبت لله فارج من غضبت له, إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك, فاترك في أيديهم ما خافوك عليه, واهرب بما خفتهم عليم فما أحوجهم إلى ما منعته وما أغناك عما منعوك, وستعلم من الرابح غداً والأكثر حسداً ولو أن السماوات والأرض كانتا على عبدٍ رتقاً ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجاً. لا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل فلو قبلت دنياهم أحبوك ولو قرضت منها أمنوك ". أي: لو ذللت ونلت من متاع الدنيا لما خافوك.
● معاني العزة في القرآن:
1 ـ العظمة, ومنه قوله تعالى: " وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ "، وقوله تعالى: " قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ".
2 ـ المَنَعة, ومنه قوله تعالى: " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ".
3 ـ الحميَّة , ومنه قوله تعالى: " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ " ، وقوله تعالى : " بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ " .
● أقسام العزة :
1 ـ عزةٌ شرعية وهي :التي ترتبط بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فيعتز المرء بدينه ويرتفع بنفسه عن مواضع المهانة فهو لا يُريق ماء وجهه ولا يبذل عرضه فيما يدنسه فيبقى موفور الكرامة مرتاح الضمير مرفوع الرأس شامخ العرين سالماً من ألم الهوان متحرراً من رق الأهواء ومن ذل الطمع لا يسير إلا وفق ما يمليه عليه إيمانه والحق الذي يحمله ويدعو إليه, روى البيهقي في شعب الإيمان ج2/ص247,قال:" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال سمعت أبا عثمان الخياط يقول سمعت ذا النون يقول ثلاثة من أعمال المراقبة ايثار ما أنزل الله وتعظيم ما عظم الله وتصغير ما صغر الله قال وثلاثة من أعلام الاعتزاز بالله التكاثر بالحكمة وليس بالعشيرة والاستعانة بالله وليس بالمخلوقين والتذلل لأهل الدين في الله وليس لأبناء الدنيا".
2 ـ عزةٌ غير شرعية وهي:التي ترتبط بالكفر والفسق و النسب والوطن والمال ونحوها. فكل هذه مذمومة.
ولها صورٌ منها:
● الاعتزاز بالكفار من يهودٍ ونصارى ومنافقين وعلمانيين وحداثيين وغيرهم.
● الاعتزاز بالآباء والأجداد.
● الاعتزاز بالقبيلة والرهط.
● الاعتزاز بالكثرة, سواءاً كان بالمال أو العدد.
● الاعتزاز عند النصح والإرشاد, وذلك بعدم قبول النصيحة.
● الاعتزاز بجمال الثياب.
● الاعتزاز بالأصنام والأوثان.
● الاعتزاز بالجاه والمنصب.
● مصدر العزة:
هو الله تعالى والالتجاء إليه فهو يُذِلُّ من يشاء ويُعِزُّ من يشاء وهو على كل شيء قدير.
قال القرطبي: فمن كان يريد العزة لينال الفوز الأكبر ويدخل دار العزة, فليقصد بالعزة الله سبحانه والاعتزاز به فإنه من اعتز بالعبد أذله الله ومن اعتز بالله أعزه الله.
قال أبو بكر الشبلي: من اعتز بذي العز فذو العزِّ له عزٌُ.
قال الشافعي: من لم تُعِزُّهُ التقوى فلا عز له.
قال المناوي في كتابه فيض القدير ج4/ص290,:"فينبغي للعالم أن لا يشين علمه وتعليمه بالطمع ولو ممن يعلمه بنحو مال أو خدمة وإن قل ولو على صورة الهدية التي لولا اشتغاله عليه لم يهدها وقد حث الأئمة على أن لا يدنس العلم بالأطماع ولا يذل بالذهاب إلى غير أهله من أبناء الدنيا بلا ضرورة ولا إلى من يتعلمه منه وإن عظم شأنه وكبر قدره وسلطانه والحكايات عن مالك وغيره مشهورة فعلى العالم تناول ما يحتاجه من الدنيا على الوجه المعتدل من القناعة لا الطمع وأقل درجاته أن يستقذر التعلق بالدنيا ولا يبالي بفوتها فإنه أعلم الناس بخستها وسرعة زوالها وحقارتها وكثرة عنائها وقلة غنائها".
● أسباب العزة:
1 ـ الإيمان بالله تعالى وطاعته.
2 ـ الإيمان باليوم الآخر.
3 ـ الجهاد في سبيل الله.
4 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5 ـ التواضع.
6 ـ العلم الشرعي.
7 ـ العفو عن الناس مع المقدرة.
8 ـ اليقين بأن المستقبل لهذا الدين.
9 ـ الثقة بنصر الله وانتصار الدين.
إن العزة ميراث المؤمن, فليحرص كل مؤمنٍ على ميراثه
● من مظاهر عدم الاعتزاز بالاستقامة:
1 ـ الوقوع في المعاصي مع الأقران بدون قناعةٍ.
2 ـ إخفاء الأعمال حياءً مثل: السنن.
3 ـ محاولة تغيير ملامح الاستقامة ( الثوب ـ الشخصية ).
4 ـ الشعور بالحرج عندما يقال: مستقيم.
5 ـ التشبُّه والتقليد ( قصات الشعر ـ المشي ـ الكلام ).
6- عدم إنكار المنكر والأمر بالمعروف والتخوف من ذلك.
● أسباب عدم الاعتزاز بالاستقامة: ـ
1 ـ عدم الإخلاص لله عز وجل.
2 ـ الحياء ـ احتقار النفس وعدم الثقة بالنفس ـ ضعف الشخصية.
3 ـ الخوف من النقد.
4 ـ عدم مراقبة الله تعالى.
5 ـ ضعف التربية الإيمانية ـ عدم الاهتمام بالنشأة الأولى ـ ضعف الإيمان ـ عدم استشعار الأجر ـ عدم استشعار فضيلة ذلك.
6 ـ عمل المعاصي.
7 ـ قرناء السوء ـ وجود التثبيط له من قبل أقرانه وذويه ـ وجود الشخص في مجتمعٍ كثير الانحرافات...
8 ـ عدم الصبر ومجاهدة النفس.
9 ـ قلة الكلام والتحدث حول هذا الموضوع.
10ـ عدم وجود القدوة الصالحة ـ عدم معرفة أحوال السلف الصالح في ذلك.
11ـ عدم الاستعانة بالله تعالى.
12 ـ عدم القناعة بالاستقامة ـ عدم الجدية ـ اتخاذ الاستقامة عادةً وليس عبادةً ـ عدم الفهم الصحيح للعزة ـ التقليد الأعمى.
13ـ كثرة النقد والسخرية والاستهزاء ـ المضايقة من قبل المجتمع.
14ـ قلة العلم الشرعي.
15 ـ عدم الإحساس بأنه لا يمثل نفسه بل يمثل غيره من المستقيمين.
16ـ عدم التناصح بين الشباب.
17ـ عدم الفهم أو عدم الإدراك لأبعاد ومعالم الاستقامة.
18ـ الغفلة عن العواقب.
● آثار عدم الاعتزاز بالاستقامة:
1 ـ الحيلولة دون العبودية الحقة.
2 ـ فقد ثقة الناس وقلة أو انعدام كسب الأنصار والمؤيدين.
3 ـ القلق والاضطراب النفسي.
4 ـ الحرمان من الأجر والمثوبة بل وتحمل الأوزار.
5 ـ التأثر بكل ما يسمع أو يرى من صور الابتلاء.
6 ـ الحرمان من العون والمَددُ الرباني.
7 ـ سرعة النكوص على الأعقاب.
● علاج عدم الاعتزاز بالاستقامة: ـ
1 ـ الاستعانة بالله عز وجل ودعاؤه جل وعلا.
2 ـ الحرص على تجديد الإيمان وتقوية النفس.
3 ـ إدراك أن طريق الاستقامة والفرار إلى الله طريق كله أشواكٌ وصعابٌ.
4 ـ الوقوف على سير وأخبار من عرفوا بدقة وكمال الاستقامة.
5 ـ الإدراك الذهني بل والقلبي لأبعاد ومعالم الاستقامة بحيث يخالط هذا الإدراك الأحاسيس والمشاعر بل والخواطر ويصير سجَّيةً للنفس تفرح وتستريح حين تتمثله في داخلها وفي واقع الحياة وتحزن وتضيق إذا هي قصَّرَت في هذا التمثيل.
6 ـ محاسبة النفس دوماً والوقوف على جوانب الضعف والخلل فيها.
7 ـ المعايشة المستمرة لكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم .
8 ـ التحصين بالعلم الشرعي.
9 ـ عدم الإلتفات إلى المثبطين والمهبطين.
10ـ الفهم الصحيح لما تكون فيه العزة.
11ـ اجتناب قرناء السوء.
12ـ تقوية الشخصية ـ الثقة بالنفس.
13ـ اجتناب المعاصي.
14ـ مجاهدة النفس والصبر.
15 ـ الجدية وعدم الهزل.
● أقول ومواقف في العزة:
1 ـ يقول صلى الله عليه وسلم : " لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام " .
2 ـ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله " .
3 ـ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً " .
4 ـ يقول الحسن رضي الله عنه : " إنهم وإن هملجت بهم البراذين ... ووطئت أعقابهم الرجال، إن ذُلَّ المعاصي لا يفارق رقابهم يأبى الله إلا أن يذل من عصاه ".
● موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي طالب: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك يأتينا في كعبتنا ونادينا فيسمعنا ما يؤذينا به فإن رأيت أن تكفه عنا فافعل, فقال لعقيل ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عقيل التمس لي ابن عمك فخرج وبحث عنه فلما وجده ذهب به حتى انتهى إلى أبي طالب, فقال له أبو طالب : يا ابن أخي والله ما علمت إن كنت لي لمطيعاً وقد جاء قومك يزعمون أنك تأتيهم في كعبتهم وناديهم تسمعهم ما تؤذيهم به فإني رأيت أن تكف عنهم. فحلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فقال: والله ما أنا بأقدر على أن أدع ما بعثت به من أن يشتعل أحدكم من هذه الشمس شعلةً من نارٍ. فقال أبو طالب : والله ما كذب قط ارجعوا راشدين .
● موقف أم حبيبة ـ رضي الله عنها ـ مع أبي سفيان قبل إسلامه: دخل أبو سفيان على ابنته أم حبيبة رضي الله عنها فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته دونه, فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟ فقالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤٌ نجسٌ مشركٌ, فقال: يا بنية لقد أصابك بعدي شرٌّ.
● موقف سعد بن معاذ رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: لما اشتد على الناس البلاء يوم الأحزاب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري وهما قائدا غطفان وأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينهم الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة ـ المجاذبة ـ فلما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك واستشارهما فيه، فقالا: يا رسول الله أمراً تحبه فنصنعه أم شيئاً أمرك الله به لابد لنا من العمل به أم سيئاً تصنعه لنا ؟ فقال: لا بل شيءٌ أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوسٍ واحدٍ وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما. فقال له سعد بن معاذ رضي الله عنه : يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرةً واحدةً إلا قرىً أو بيعاً أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ؟ ما لنا بهذا حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنت وذاك فتناول سعد بن معاذ رضي الله عنه الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال رضي الله عنه : ليجهدوا علينا .
● موقف إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عندما قذف الله الإسلام في قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ سيفه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فإذا هو عمر متوشحٌ بالسيف فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال : يارسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحاً بالسيف, فقال حمزة رضي الله عنه : فأذن له فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أذن له ", فأذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه ثم جذبه جذبةً شديدةً, فقال صلى الله عليه وسلم : " ما جاء بك يا ابن الخطاب ؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعةً ", قال عمر: يارسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله ! قال: " فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرةً. فعرف أهل البيت أن عمر قد أسلم فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عَزُّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعلموا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم. وروى مجاهد عن ابن عباس قال: سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه :لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام ـ ثم قصَّ عليه قصة إسلامه وقال في آخره ـ قلت ـ: أي حين أسلمت يا رسول الله: ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال: بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم, قال: قلت: ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن. فأخرجنا في صفين حمزة رضي الله عنه في أحدهما وأنا في الآخر له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد قال: فنظرت إليَّ قريشٌ وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها. سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق يومئذ.
● موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي عبيدة رضي الله عنه : عن طارق بن شهاب قال : خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ومعنا أبو عبيدة فأتوا على مخاضةٍ, وعمر على ناقته فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة . فقال أبو عبيدة رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا ؟ تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك . فقال عمر رضي الله عنه : أوَّه ! لو قال ذا غيرك أبا عبيدة لجعلته نكالاً لأمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم . إنّا كنّا أذل قومٍ فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
● موقف سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مع أمه: لمَّا أسلم سعدٌ رضي الله عنه وعلمت أمه بخبر إسلامه ثارت ثائرتها وأقبلت عليه تقول : يا سعد ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك وأبيك؟ والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزناً عليَّ ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس بها أبدَ الدهر. فقال لها سعدٌ رضي الله عنه : لا تفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيءٍ ، لكنها مضت في وعيدها فاجتنبت الطعام والشراب ومكثت أياماً على ذلك لا تأكل ولا تشرب فهزل جسمها ووهن عظمها وخارت قواها ، فجعل سعد رضي الله عنه يأتيها ساعةً بعد ساعةٍ ويسألها أن تتبلع شيئاً من الطعام أو قليلاً من الشراب فتأبى ذلك أشد الإباء, وتُقسم ألا تأكل أو تشرب حتى تموت أو يودِّع سعدٌ رضي الله عنه دينه ، فقال سعد رضي الله عنه : يا أماه إني على شديد حبِّي لك لأشدُّ حبّاً لله ورسوله ووالله لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفساً بعد نفسٍ ما تركت ديني هذا لشيءٍ ، فلما رأت الجدَّ من سعدٍ رضي الله عنه أذعنت للأمر وأكلت وشربت على كرهٍ منها .
● موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع عمرو بن عبد ود: لمَّا كان يوم الخندق خرج عمرو بن عبد ود فنادى: من يبارز ؟ فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أنا لها يا نبي الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنه عمرو اجلس, ثم نادى عمرو : ألا رجلٌ يبرز ؟ فجعل يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ؟ أفلا تُبرزون إليَّ رجلاً ؟ فقام علي رضي الله عنه فقال : أنا يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : اجلس, ثم نادى الثالثة وأنشد أبياتاً من الشعر ، فقام علي رضي الله عنه فقال : يا رسول الله أنا ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنه عمرو, فقال رضي الله عنه : وإن كان عمراً, فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى إليه حتى أتاه وهو يردد أبياتاً من الشعر, فقال له عمرو : من أنت ؟ فقال: أنا علي, فقال عمرو : ابن عبد مناف .فقال علي رضي الله عنه : أنا علي بن أبي طالب ، فقال عمرو : يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أهريق دمك ؟ فقال له علي رضي الله عنه : لكني والله لا أكره أن أهريق دمك ! فغضب فنزل وسلَّ سيفه كأنه شعلة نارٍ ثم أقبل نحو عليٍ مغضباً واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في درقته فقدَّها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه, وضربه عليٌ رضي الله عنه فقتله.
● موقف حبيب بن زيدٍ رضي الله عنه مع مسيلمة الكذاب: أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم حبيب بن زيد رضي الله عنه إلى مسيلمة الكذاب برسالة يزجره فيها عن غيِّه فلما وصل حبيب رضي الله عنه إلى مسيلمة ودفع الرسالة إليه فلما قرأها مسيلمة انتفخ صدره ضغينةً وحقداً وبدا الشر والغدر على قسمات وجهه الدميم الأصفر, وأمر بحبيبٍ رضي الله عنه أن يقيد وأن يؤتى به إليه ضحى اليوم التالي. فلما كان الغد تصدر مسيلمة مجلسه وجعل عن يمينه وعن شماله الطواغيت من كبار أتباعه وأذن للعامة بالدخول عليه ثم أمر بحبيبٍ رضي الله عنه فجيء به إليه وهو في قيوده. وقف حبيب رضي الله عنه وسط هذه الجموع الحاشدة الحاقدة مشدود القامة مرفوع الهامة شامخ الأنف وأحكموا تقويمه، فالتفت إليه مسيلمة وقال: أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ فقال حبيب رضي الله عنه : نعم أشهد أن محمد رسول الله فاغتاظ مسيلمة غيظاً, وقال : وتشهد أني رسول الله ؟ فقال حبيب رضي الله عنه في سخريةٍ لاذعة : إن في أذني صمماً عن سماع ما تقول . فامتقع وجه مسيلمة وارتجفت شفتاه حنقاً, وقال لجلاده: اقطع قطعةً من جسده،فأهوى الجلاد على حبيب رضي الله عنه بسيفه وبتر قطعةً من جسده فتدحرجت على الأرض ، ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه فكان جواب حبيب رضي الله عنه نفس الجواب ، فأمر بأن تقطع من جسده قطعةً أخرى فقطعت فتدحرجت على الأرض إلى جانب أختها والناس شاخصون بأبصارهم مذهولون من تصميمه وعناده . ومضى مسيلمة يسأل والجلاد يقطع وحبيب رضي الله عنه يقول: أشهد أن محمداً رسول الله حتى صار نحو من نصفه قطعاً مقطعةً منثورةً على الأرض ونصفه الآخر كتلةً تتكلم, ثم فاضت روحه وعلى شفتيه الطاهرتين اسم النبي الذي بايعه ليلة العقبة .
● موقف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع النجاشي: قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي في قصته الطويلة عندما هاجر الصحابة إلى الحبشة وجاء نفرٌ من قريشٍ في طلبهم حتى يردهم النجاشي إليهم: " لا نسجد إلا لله ".
موقف أسامة بن زيد رضي الله عنه مع حكيم بن حزام رضي الله عنه : عن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب رجلٍ من الناس إليَّ في الجاهلية فلما نبئ صلى الله عليه وسلم وخرج إلى المدينة شهد حكيم الموسم وهو كافر فوجد حُلَّةً لذي يزن تباع فاشتراها ليهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم بها عليه المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى . فقال صلى الله عليه وسلم : " إنا لا نقبل من المشركين شيئاً ولكن إن شئت أخذتها منك بالثمن " فأعطيته إياها حين أبى علي الهدية بالثمن فلبسها فرأيتها عليه على المنبر, فلم أر شيئاً أحسن منه يومئذ, ثم أعطاها أسامة بن زيد فرآها حكيمٌ على أسامة رضي الله عنه فقال : يا أسامة أنت تلبس حلة ذي يزن ؟ فقال أسامة رضي الله عنه : نعم والله لأنا خيرٌ من ذي يزن ولأبي خير من أبيه . قال حكيم رضي الله عنه : فانطلقت إلى أهل مكة أعجبهم بقول أسامة رضي الله عنه
عبدالرحمن بن فؤاد الجارالله
الحمد لله الذي أظهر آثار قدرته وأنوار عزته في كل وقت وزمان وحين وأوان وعمر كل عصر من الأعصار بنبي مبعوث يدل الخلق ويرشدهم إليه إلى أن ختم الأنبياء والرسل بالنبي الأشرف والرسول الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله ورسله.
وأتبع الأنبياء عليهم السلام بالأولياء يخلفونهم في سننهم ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم فلم يخل وقتا من الأوقات من داع إليه بحق أو دال عليه ببيان وبرهان...
أما بعد:
من فضل الله تعالى على الأمة الإسلامية هذه الصحوة التي انتشرت في هذا الزمن حتى شملت كل شيء, وكان لها كسائر المواضيع مما الأصل فيه الإيجابية بعض مما يشوبه من المعكرات والمكدرات فالكمال عزيز,ومن هذا المنطلق رأى أخي الحبيب عبدالرحمن القرعاوي المساهمة في معالجة هذه المنغصات للسمو بالصحوة نحو الهدف والغاية المنشودة فسعى لجمع هذه المادة _التي أسأل الله تعالى أن ينفع بها ويجعلها خالصا لوجهه الكريم_ فجمع كثيرا منها ثم قمت بمراجعتها وترتيبها والإضافة عليها والتعليق على بعض المواضع وهذا هو جهد المقل القاصر, ومن الله وحده العون والطول:
أخي الحبيب:
الاستقامة أمرٌ وفعلٌ وعملٌ جميلٌ وطيبٌ, يحب كل واحد منا الاتصاف بها أو حتى أن يذكر من ضمن المستقيمين. فلماذا كل هذا ؟.
● لأن الاستقامة هي الطريق الصحيح, ولأن الاستقامة فخرٌ وعزٌ للشخص المتصف بها، ولأن الناس يحبون المستقيم ويثنون عليه ويقدرونه ويحترمونه ويقدمونه في المجالس والكلام … وهذه من نتائج الاستقامة.
والواحد لا يستقيم من أجل ثناء أو مدح الناس أو من أجل احترامهم وتقديرهم وحبهم, ولكن من أجل الله ومن أجل الثواب والأجر من الله وأيضاً من أجل أن الله أمرنا بالاستقامة وحثنا على ذلك. فقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " وقال سبحانه:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ... ".
● وإضافةً لما سبق من النتائج فإن الشخص المستقيم المطبِّق للاستقامة بحقٍ يشعر بسعادةٍ وراحةٍ وثقةٍ بالنفس, لأنه ملتزمٌ بأوامر الله ومجتنبٌ لنواهيه. وهذا مصداق قوله تعالى :"الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " .
أخي الحبيب:
● إذا استقمت فأعط الاستقامة حقها, واعلم أنك قدوة لغيرك فاحرص أن تكون أهلاً لهذه المكانة, فكل عملٍ محسوب عليك ومسجَّلٌ على المستقيمين فأنت لا تمثل نفسك فقط, بل تمثل غيرك من المستقيمين, وأنت يُنظر إليك بمنظارٍ خاصٍ يختلف عن الآخرين, فأنت مُلاحظٌ في كل دقيقةٍ وجليلةٍ, مُلاحظٌ في تعاملك ومشيك وضحكك وكلامك وأكلك وشربك ولباسك وجلوسك وغير ذلك.
● وأيضاً الأهل ينظرون للابن المستقيم نظرة إكبارٍ وإجلالٍ واحترامٍ وتقديرٍ, ولكن متى يكون ذلك ؟.
إذا كان الابن المستقيم خلوقاً، محترماً، ناصحاً، حليماً، مسامحاً، قليل الطلب والأمر، لايغضب إلالله وبلين، سريع الرضى والتسامح، كريماً، له أعمالٌ صالحةٌ داخل البيت، يأمر بالمعروف بلطفٍ، وينهى عن المنكر بدون زجرٍ وتوبيخٍ...فبهذه الأمور يكون محبوباً، محترماً عند الأهل.
أخي المستقيم :
● ليكن ديدنك دائماً وأبداً قول الشاعر:
ومـما زادني شـرفـاً وتـيــهـاً ... وكدت بأخمصي أطأ الـثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صـيَّرت أحمد لي نـبيا
● ومما يلاحظ على بعض الشباب المستقيم عدم الاعتزاز بالاستقامة ، والذلة والهوان . وهذا الأمر له مظاهرٌ و أسبابٌ و آثارٌ وعلاج.سيُتطرق إليها ضمن البحث:
أسباب اختيار الموضوع:
حتى يتبين مفهوم العزة وأنها ليست للذَّات, ولا الاستعلاء للنفس. وإنما هي العزة للعقيدة والاستعلاء للراية.
وحتى يعلم أيضاً بأن من وُفِّق للعزة فقد وفق للخير ومعه الخير.
أن العبد إذا رزق العزة رزق الاستعلاء على ركام الأرض الفانية فلا تستذله دنيا ولا طغاةُ.
إن العزة تعتبر صمَّامَ أمانٍ للمجتمع من الشرور والأخطار فهي تُنمِّي الفضيلة وتمحق الرذيلة وبها تستجلب المكارم وتستدفع المكاره.
تعريف العزة:
● في اللغة تدور حول معاني: الغلبة والقهر والشدة والقوة ونفاسة الشيء وعلو قدره.
● في الاصطلاح: حالة مانعة للإنسان من أن يغلب، وهي إحساسٌ يملأ القلب والنفس بالإباء والشموخ والاستعلاء والارتفاع.
وهي ارتباطٌ بالله وارتفاعٌ بالنفس عن مواضع المهانة والتحرر من رِقِّ الأهواء ومن ذُلِّ الطمع وعدم السير إلا وفق ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
● والغاية منها : الرفعة والفخر على الآخرين بلا تكبر وهي نابعةٌ من الخيرية التي ينتج عنها الخير للبشر من مناصرة للفضيلة ومقارعة للرذيلة واحترام للمثل العليا .
● ومن أوصاف الله تعالى وأسمائه [الْعَزِيزُ] أي: الغالب القوي الذي لا يغلبه شيء وهو أيضاً المعز الذي يهب العزة لمن يشاء من عباده. والإيمان بهذا الاسم يعطي المسلم شجاعةً وثقةً كبيرةً به, لأن معناه: أن ربه لا يمانع ولا يرد أمره وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وإن شاء الناس.
● وقد تكرر وصف الله تعالى بوصف [ الْعَزِيزُ ] في القرآن ما يقرب من تسعين مرة.
● وقد أشار الله في كتابه المجيد إلى أن العزة خلق من أخلاق المؤمنين التي يجب أن يتحلوا بها ويحرصوا عليها فقال : " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ " وقال عن عباده الأخيار : " أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ " وقال : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ " والشدة على الكافرين تستلزم العزة, وقال : " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " وهذا يقتضي أن يكونوا أعزاء ، وهذه الآية الأخيرة تُفهِّمُنا أن كتاب الله جل جلاله يعلم المؤمنين إباء الضيم وهو خلقٌ يفيد معنى الاستمساك بالعزة والقوة ، والثورة على المذلةِ والهوان ، وإذا كنا قد عرفنا أن القرآن قد كرر وصف ذات الله القدسية بصفة [الْعَزِيزُ] ما يقرب من تسعين مرة فكأنه أراد بذلك ـ وهو أعلم بمراده ـ أن يملأ أسماع المؤمنين بحديث العزة والقوة فإذا ما سيطر عليهم اليقين بعزة ربهم واستشعروا القوة في أنفسهم واعتزوا بمن له الكبرياء وحده في السماوات و الأرض وتأبوا على الهوان حين يأتيهم من أي مخلوقٍ وفزعوا إلى واهب القوى والقدر يرجونه أن يعزهم بعزته, وكأن الله عز وجل قد أراد أن يؤكد هذا المعنى في نفوس عباده حين جعل كلمة الله أكبر تتردد كل يوم في أذان الصلاة مراتٍ ومراتٍ ثم يرددونها كل يوم في صلواتهم كل يوم مراتٍ ومراتٍ فتشعرهم بأن الكبرياء لله عز وجل وأن عباده يلزمهم أن يلتمسوا العزة من لدنه وأن يستوهبوا القوة من حماه " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ " يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ : " من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تعالى "،" قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " .
● ولقد أراد القرآن المجيد أن يهدي المؤمنين إلى الطريق الذي يصون لهم العزة ويحصنهم ضد الرضا بالهوان أو السكوت على الضيم فأمرهم بالإعداد والاستعداد لحفظ الكرامة والذود عن العزة فقال لهم :" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ " لأن القوة تجعل صاحبها في موطن الهيبة والاقتدار فلا يسهل الاعتداء عليه من غيره من الضعفاء .
● وعلمهم الله في القرآن الإقدام والاحتمال والثبات في مواطن اليأس موقنين أنه سبحانه معهم فقال لهم: " وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً "، وفي موطن آخر يقول لهم: " فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ".
● وليست هذه دعوة إلى بغيٍ أو طغيانٍ وإنما يُعوِّدُ القرآن أتباعه أن يكونوا أولاً على حيطةٍ وحذرٍ فيقووا أنفسهم بكل وسائل التقوية والتحصين حتى يكونوا أصحاب رهبةٍ في نفوس أعدائهم وإلا تطاولوا عليهم وعصفوا بهم, ومن هنا قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعاً " ويقول: " وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ".
● ومتى شاء الله يوماً أن يلتقي المؤمنون في معركةٍ مع الكافرين فالواجب حينئذ على كل مؤمن أن يظل عزيزاً قوياً وأن يثبت على مبادئه وعقائده لا يخيفه الألم ولا التعب بل يبذل جهده وطاقته مستخدماً كل ما أعده قبل ذلك من سلاحٍ وعتادٍ واثقاً أنه مربوط الأسباب بالله القوي القادر وإذا شاء الله تعالى له لوناً من ألوان الاختبار والابتلاء تحمله راضياً صابراً محتفظاً بعزته وكرامته وشهامته موقناً بأن احتمال الألم خيرٌ ألف مرةٍ من التخاذل والاستسلام: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ".
● والإسلام – مع هذا – يدعو أتباعه إلى السلام العادل المنصف الذي لا ينطوي على ضيمٍ أو ذُلٍّ ويدعوهم أن يغفروا الهفوة إذا كانت عن غير تعمدٍ أو كانت لا تبلغ مبلغ الإهانة أو لا تخدش العزة والكرامة أما إذا كانت الخطيئة بغياً فعلاجها الرد عليها بما يغسل العار ويدفع الضيم ويصون الكرامة ولذلك يقول الله عز وجل : " وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " يعجبني من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول : لا،بملء فيه " .
● ولم يكتف الله في القرآن الكريم بتحريض المؤمنين على إباء الضيم وإيثار العزة تحريضاً يقوم على الأمر الصريح أو التوجيه المباشر بل عمد إلى ضرب الأمثال من الأمم السابقة التي استجابت لدعوت الحق وتابعت رسل الله جل جلاله واستشعرت العزة وتمردت على المذلة فكان جزاؤها كريماً وثوابها عظيماً حيث خاضت المعارك من أجل عقيدتها ومبادئها ولم تهن أو تضعف بل صبرت وصابرت وكافحت وناضلت حتى ظفرت وانتصرت وذلك فضل الله القوي الذي يحب الشرفاء، العزيز الذي ينصر من استمسك بالعز والإباء، يقول الله في القرآن: " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها " وقال صلى الله عليه وسلم : " من أعطى الذلة من نفسه طائعاً غير مكره فليس منا " .
● والعزة ليست تكبراً أو تفاخراً وليست بغياً أو عدواناً وليست هضماً لحقٍ أو ظلماً لإنسانٍ وإنما هي الحفاظ على الكرامة والصيانة لما يجب أن يصان ولذلك لا تتعارض العزة مع الرحمة بل لعل خير الأعزاء هو من يكون خير الرحماء وهذا يذكرنا بأن القرآن الكريم قد كرَّرَ قوله عن رب العزة: " وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " تسع مرات في سورة الشعراء ثم ذكر في كل من سورة يس والسجدة والدخان وصفَي: الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ مرة واحدة.
● ثم أغلب المواطن التي جاء فيها وصف الله باسم [العزيز] قد اقترن فيها هذا الاسم باسم [الحكيم]. والحكيم هو الذي يوجد الأشياء على غاية الإحكام والضبط فلا خلل ولا عيب.
● وكما تكون العزة خلقاً كريما ًووصفاً حميداً إذا قامت على الحق والعدل واستمدها صاحبها من حمى ربه لا من سواه: " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً "... تكون العزة الكاذبة أو الضالة خلقاً ذميماً حين تقوم على البغي والفساد ومن ذلك النوع قول الله تعالى: "بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ " فعزة الكافرين تَعزُّزٌ كاذبٌ, ولذلك قيل: "كل عزٍّ ليس بالله فهو ذل " ومن ذلك أيضاً قوله تعالى عن بعض الضالين: " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ " والعزة هنا مستعارة للحمية الجاهلية والأنفة الذميمة, ومن ذلك أيضا قوله تعالى: " وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً " أي يحاولون التَّمنُعَ به من العذاب وهيهات هيهات.
● رحم الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أراد أن يوطد في نفس أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قواعد العزة عندما أرغمه بعض حكام عصره على شدة تعرض لها فقال: " يا أبا ذر رضي الله عنه إنك غضبت لله فارج من غضبت له, إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك, فاترك في أيديهم ما خافوك عليه, واهرب بما خفتهم عليم فما أحوجهم إلى ما منعته وما أغناك عما منعوك, وستعلم من الرابح غداً والأكثر حسداً ولو أن السماوات والأرض كانتا على عبدٍ رتقاً ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجاً. لا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل فلو قبلت دنياهم أحبوك ولو قرضت منها أمنوك ". أي: لو ذللت ونلت من متاع الدنيا لما خافوك.
● معاني العزة في القرآن:
1 ـ العظمة, ومنه قوله تعالى: " وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ "، وقوله تعالى: " قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ".
2 ـ المَنَعة, ومنه قوله تعالى: " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ".
3 ـ الحميَّة , ومنه قوله تعالى: " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ " ، وقوله تعالى : " بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ " .
● أقسام العزة :
1 ـ عزةٌ شرعية وهي :التي ترتبط بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فيعتز المرء بدينه ويرتفع بنفسه عن مواضع المهانة فهو لا يُريق ماء وجهه ولا يبذل عرضه فيما يدنسه فيبقى موفور الكرامة مرتاح الضمير مرفوع الرأس شامخ العرين سالماً من ألم الهوان متحرراً من رق الأهواء ومن ذل الطمع لا يسير إلا وفق ما يمليه عليه إيمانه والحق الذي يحمله ويدعو إليه, روى البيهقي في شعب الإيمان ج2/ص247,قال:" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال سمعت أبا عثمان الخياط يقول سمعت ذا النون يقول ثلاثة من أعمال المراقبة ايثار ما أنزل الله وتعظيم ما عظم الله وتصغير ما صغر الله قال وثلاثة من أعلام الاعتزاز بالله التكاثر بالحكمة وليس بالعشيرة والاستعانة بالله وليس بالمخلوقين والتذلل لأهل الدين في الله وليس لأبناء الدنيا".
2 ـ عزةٌ غير شرعية وهي:التي ترتبط بالكفر والفسق و النسب والوطن والمال ونحوها. فكل هذه مذمومة.
ولها صورٌ منها:
● الاعتزاز بالكفار من يهودٍ ونصارى ومنافقين وعلمانيين وحداثيين وغيرهم.
● الاعتزاز بالآباء والأجداد.
● الاعتزاز بالقبيلة والرهط.
● الاعتزاز بالكثرة, سواءاً كان بالمال أو العدد.
● الاعتزاز عند النصح والإرشاد, وذلك بعدم قبول النصيحة.
● الاعتزاز بجمال الثياب.
● الاعتزاز بالأصنام والأوثان.
● الاعتزاز بالجاه والمنصب.
● مصدر العزة:
هو الله تعالى والالتجاء إليه فهو يُذِلُّ من يشاء ويُعِزُّ من يشاء وهو على كل شيء قدير.
قال القرطبي: فمن كان يريد العزة لينال الفوز الأكبر ويدخل دار العزة, فليقصد بالعزة الله سبحانه والاعتزاز به فإنه من اعتز بالعبد أذله الله ومن اعتز بالله أعزه الله.
قال أبو بكر الشبلي: من اعتز بذي العز فذو العزِّ له عزٌُ.
قال الشافعي: من لم تُعِزُّهُ التقوى فلا عز له.
قال المناوي في كتابه فيض القدير ج4/ص290,:"فينبغي للعالم أن لا يشين علمه وتعليمه بالطمع ولو ممن يعلمه بنحو مال أو خدمة وإن قل ولو على صورة الهدية التي لولا اشتغاله عليه لم يهدها وقد حث الأئمة على أن لا يدنس العلم بالأطماع ولا يذل بالذهاب إلى غير أهله من أبناء الدنيا بلا ضرورة ولا إلى من يتعلمه منه وإن عظم شأنه وكبر قدره وسلطانه والحكايات عن مالك وغيره مشهورة فعلى العالم تناول ما يحتاجه من الدنيا على الوجه المعتدل من القناعة لا الطمع وأقل درجاته أن يستقذر التعلق بالدنيا ولا يبالي بفوتها فإنه أعلم الناس بخستها وسرعة زوالها وحقارتها وكثرة عنائها وقلة غنائها".
● أسباب العزة:
1 ـ الإيمان بالله تعالى وطاعته.
2 ـ الإيمان باليوم الآخر.
3 ـ الجهاد في سبيل الله.
4 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5 ـ التواضع.
6 ـ العلم الشرعي.
7 ـ العفو عن الناس مع المقدرة.
8 ـ اليقين بأن المستقبل لهذا الدين.
9 ـ الثقة بنصر الله وانتصار الدين.
إن العزة ميراث المؤمن, فليحرص كل مؤمنٍ على ميراثه
● من مظاهر عدم الاعتزاز بالاستقامة:
1 ـ الوقوع في المعاصي مع الأقران بدون قناعةٍ.
2 ـ إخفاء الأعمال حياءً مثل: السنن.
3 ـ محاولة تغيير ملامح الاستقامة ( الثوب ـ الشخصية ).
4 ـ الشعور بالحرج عندما يقال: مستقيم.
5 ـ التشبُّه والتقليد ( قصات الشعر ـ المشي ـ الكلام ).
6- عدم إنكار المنكر والأمر بالمعروف والتخوف من ذلك.
● أسباب عدم الاعتزاز بالاستقامة: ـ
1 ـ عدم الإخلاص لله عز وجل.
2 ـ الحياء ـ احتقار النفس وعدم الثقة بالنفس ـ ضعف الشخصية.
3 ـ الخوف من النقد.
4 ـ عدم مراقبة الله تعالى.
5 ـ ضعف التربية الإيمانية ـ عدم الاهتمام بالنشأة الأولى ـ ضعف الإيمان ـ عدم استشعار الأجر ـ عدم استشعار فضيلة ذلك.
6 ـ عمل المعاصي.
7 ـ قرناء السوء ـ وجود التثبيط له من قبل أقرانه وذويه ـ وجود الشخص في مجتمعٍ كثير الانحرافات...
8 ـ عدم الصبر ومجاهدة النفس.
9 ـ قلة الكلام والتحدث حول هذا الموضوع.
10ـ عدم وجود القدوة الصالحة ـ عدم معرفة أحوال السلف الصالح في ذلك.
11ـ عدم الاستعانة بالله تعالى.
12 ـ عدم القناعة بالاستقامة ـ عدم الجدية ـ اتخاذ الاستقامة عادةً وليس عبادةً ـ عدم الفهم الصحيح للعزة ـ التقليد الأعمى.
13ـ كثرة النقد والسخرية والاستهزاء ـ المضايقة من قبل المجتمع.
14ـ قلة العلم الشرعي.
15 ـ عدم الإحساس بأنه لا يمثل نفسه بل يمثل غيره من المستقيمين.
16ـ عدم التناصح بين الشباب.
17ـ عدم الفهم أو عدم الإدراك لأبعاد ومعالم الاستقامة.
18ـ الغفلة عن العواقب.
● آثار عدم الاعتزاز بالاستقامة:
1 ـ الحيلولة دون العبودية الحقة.
2 ـ فقد ثقة الناس وقلة أو انعدام كسب الأنصار والمؤيدين.
3 ـ القلق والاضطراب النفسي.
4 ـ الحرمان من الأجر والمثوبة بل وتحمل الأوزار.
5 ـ التأثر بكل ما يسمع أو يرى من صور الابتلاء.
6 ـ الحرمان من العون والمَددُ الرباني.
7 ـ سرعة النكوص على الأعقاب.
● علاج عدم الاعتزاز بالاستقامة: ـ
1 ـ الاستعانة بالله عز وجل ودعاؤه جل وعلا.
2 ـ الحرص على تجديد الإيمان وتقوية النفس.
3 ـ إدراك أن طريق الاستقامة والفرار إلى الله طريق كله أشواكٌ وصعابٌ.
4 ـ الوقوف على سير وأخبار من عرفوا بدقة وكمال الاستقامة.
5 ـ الإدراك الذهني بل والقلبي لأبعاد ومعالم الاستقامة بحيث يخالط هذا الإدراك الأحاسيس والمشاعر بل والخواطر ويصير سجَّيةً للنفس تفرح وتستريح حين تتمثله في داخلها وفي واقع الحياة وتحزن وتضيق إذا هي قصَّرَت في هذا التمثيل.
6 ـ محاسبة النفس دوماً والوقوف على جوانب الضعف والخلل فيها.
7 ـ المعايشة المستمرة لكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم .
8 ـ التحصين بالعلم الشرعي.
9 ـ عدم الإلتفات إلى المثبطين والمهبطين.
10ـ الفهم الصحيح لما تكون فيه العزة.
11ـ اجتناب قرناء السوء.
12ـ تقوية الشخصية ـ الثقة بالنفس.
13ـ اجتناب المعاصي.
14ـ مجاهدة النفس والصبر.
15 ـ الجدية وعدم الهزل.
● أقول ومواقف في العزة:
1 ـ يقول صلى الله عليه وسلم : " لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام " .
2 ـ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله " .
3 ـ يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً " .
4 ـ يقول الحسن رضي الله عنه : " إنهم وإن هملجت بهم البراذين ... ووطئت أعقابهم الرجال، إن ذُلَّ المعاصي لا يفارق رقابهم يأبى الله إلا أن يذل من عصاه ".
● موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي طالب: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك يأتينا في كعبتنا ونادينا فيسمعنا ما يؤذينا به فإن رأيت أن تكفه عنا فافعل, فقال لعقيل ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عقيل التمس لي ابن عمك فخرج وبحث عنه فلما وجده ذهب به حتى انتهى إلى أبي طالب, فقال له أبو طالب : يا ابن أخي والله ما علمت إن كنت لي لمطيعاً وقد جاء قومك يزعمون أنك تأتيهم في كعبتهم وناديهم تسمعهم ما تؤذيهم به فإني رأيت أن تكف عنهم. فحلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فقال: والله ما أنا بأقدر على أن أدع ما بعثت به من أن يشتعل أحدكم من هذه الشمس شعلةً من نارٍ. فقال أبو طالب : والله ما كذب قط ارجعوا راشدين .
● موقف أم حبيبة ـ رضي الله عنها ـ مع أبي سفيان قبل إسلامه: دخل أبو سفيان على ابنته أم حبيبة رضي الله عنها فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته دونه, فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟ فقالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤٌ نجسٌ مشركٌ, فقال: يا بنية لقد أصابك بعدي شرٌّ.
● موقف سعد بن معاذ رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: لما اشتد على الناس البلاء يوم الأحزاب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري وهما قائدا غطفان وأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينهم الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة ـ المجاذبة ـ فلما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك واستشارهما فيه، فقالا: يا رسول الله أمراً تحبه فنصنعه أم شيئاً أمرك الله به لابد لنا من العمل به أم سيئاً تصنعه لنا ؟ فقال: لا بل شيءٌ أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوسٍ واحدٍ وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما. فقال له سعد بن معاذ رضي الله عنه : يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرةً واحدةً إلا قرىً أو بيعاً أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ؟ ما لنا بهذا حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنت وذاك فتناول سعد بن معاذ رضي الله عنه الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال رضي الله عنه : ليجهدوا علينا .
● موقف إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عندما قذف الله الإسلام في قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ سيفه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فإذا هو عمر متوشحٌ بالسيف فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال : يارسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحاً بالسيف, فقال حمزة رضي الله عنه : فأذن له فإن كان جاء يريد خيراً بذلناه وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أذن له ", فأذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه ثم جذبه جذبةً شديدةً, فقال صلى الله عليه وسلم : " ما جاء بك يا ابن الخطاب ؟ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعةً ", قال عمر: يارسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله ! قال: " فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرةً. فعرف أهل البيت أن عمر قد أسلم فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عَزُّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعلموا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم. وروى مجاهد عن ابن عباس قال: سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه :لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام ـ ثم قصَّ عليه قصة إسلامه وقال في آخره ـ قلت ـ: أي حين أسلمت يا رسول الله: ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال: بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم, قال: قلت: ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن. فأخرجنا في صفين حمزة رضي الله عنه في أحدهما وأنا في الآخر له كديد ككديد الطحين حتى دخلنا المسجد قال: فنظرت إليَّ قريشٌ وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها. سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق يومئذ.
● موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أبي عبيدة رضي الله عنه : عن طارق بن شهاب قال : خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ومعنا أبو عبيدة فأتوا على مخاضةٍ, وعمر على ناقته فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة . فقال أبو عبيدة رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا ؟ تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك . فقال عمر رضي الله عنه : أوَّه ! لو قال ذا غيرك أبا عبيدة لجعلته نكالاً لأمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم . إنّا كنّا أذل قومٍ فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
● موقف سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مع أمه: لمَّا أسلم سعدٌ رضي الله عنه وعلمت أمه بخبر إسلامه ثارت ثائرتها وأقبلت عليه تقول : يا سعد ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك وأبيك؟ والله لتدعن دينك الجديد أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزناً عليَّ ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس بها أبدَ الدهر. فقال لها سعدٌ رضي الله عنه : لا تفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيءٍ ، لكنها مضت في وعيدها فاجتنبت الطعام والشراب ومكثت أياماً على ذلك لا تأكل ولا تشرب فهزل جسمها ووهن عظمها وخارت قواها ، فجعل سعد رضي الله عنه يأتيها ساعةً بعد ساعةٍ ويسألها أن تتبلع شيئاً من الطعام أو قليلاً من الشراب فتأبى ذلك أشد الإباء, وتُقسم ألا تأكل أو تشرب حتى تموت أو يودِّع سعدٌ رضي الله عنه دينه ، فقال سعد رضي الله عنه : يا أماه إني على شديد حبِّي لك لأشدُّ حبّاً لله ورسوله ووالله لو كان لك ألف نفس فخرجت منك نفساً بعد نفسٍ ما تركت ديني هذا لشيءٍ ، فلما رأت الجدَّ من سعدٍ رضي الله عنه أذعنت للأمر وأكلت وشربت على كرهٍ منها .
● موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع عمرو بن عبد ود: لمَّا كان يوم الخندق خرج عمرو بن عبد ود فنادى: من يبارز ؟ فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أنا لها يا نبي الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنه عمرو اجلس, ثم نادى عمرو : ألا رجلٌ يبرز ؟ فجعل يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ؟ أفلا تُبرزون إليَّ رجلاً ؟ فقام علي رضي الله عنه فقال : أنا يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : اجلس, ثم نادى الثالثة وأنشد أبياتاً من الشعر ، فقام علي رضي الله عنه فقال : يا رسول الله أنا ، فقال صلى الله عليه وسلم : إنه عمرو, فقال رضي الله عنه : وإن كان عمراً, فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى إليه حتى أتاه وهو يردد أبياتاً من الشعر, فقال له عمرو : من أنت ؟ فقال: أنا علي, فقال عمرو : ابن عبد مناف .فقال علي رضي الله عنه : أنا علي بن أبي طالب ، فقال عمرو : يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أهريق دمك ؟ فقال له علي رضي الله عنه : لكني والله لا أكره أن أهريق دمك ! فغضب فنزل وسلَّ سيفه كأنه شعلة نارٍ ثم أقبل نحو عليٍ مغضباً واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في درقته فقدَّها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه, وضربه عليٌ رضي الله عنه فقتله.
● موقف حبيب بن زيدٍ رضي الله عنه مع مسيلمة الكذاب: أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم حبيب بن زيد رضي الله عنه إلى مسيلمة الكذاب برسالة يزجره فيها عن غيِّه فلما وصل حبيب رضي الله عنه إلى مسيلمة ودفع الرسالة إليه فلما قرأها مسيلمة انتفخ صدره ضغينةً وحقداً وبدا الشر والغدر على قسمات وجهه الدميم الأصفر, وأمر بحبيبٍ رضي الله عنه أن يقيد وأن يؤتى به إليه ضحى اليوم التالي. فلما كان الغد تصدر مسيلمة مجلسه وجعل عن يمينه وعن شماله الطواغيت من كبار أتباعه وأذن للعامة بالدخول عليه ثم أمر بحبيبٍ رضي الله عنه فجيء به إليه وهو في قيوده. وقف حبيب رضي الله عنه وسط هذه الجموع الحاشدة الحاقدة مشدود القامة مرفوع الهامة شامخ الأنف وأحكموا تقويمه، فالتفت إليه مسيلمة وقال: أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ فقال حبيب رضي الله عنه : نعم أشهد أن محمد رسول الله فاغتاظ مسيلمة غيظاً, وقال : وتشهد أني رسول الله ؟ فقال حبيب رضي الله عنه في سخريةٍ لاذعة : إن في أذني صمماً عن سماع ما تقول . فامتقع وجه مسيلمة وارتجفت شفتاه حنقاً, وقال لجلاده: اقطع قطعةً من جسده،فأهوى الجلاد على حبيب رضي الله عنه بسيفه وبتر قطعةً من جسده فتدحرجت على الأرض ، ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه فكان جواب حبيب رضي الله عنه نفس الجواب ، فأمر بأن تقطع من جسده قطعةً أخرى فقطعت فتدحرجت على الأرض إلى جانب أختها والناس شاخصون بأبصارهم مذهولون من تصميمه وعناده . ومضى مسيلمة يسأل والجلاد يقطع وحبيب رضي الله عنه يقول: أشهد أن محمداً رسول الله حتى صار نحو من نصفه قطعاً مقطعةً منثورةً على الأرض ونصفه الآخر كتلةً تتكلم, ثم فاضت روحه وعلى شفتيه الطاهرتين اسم النبي الذي بايعه ليلة العقبة .
● موقف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع النجاشي: قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي في قصته الطويلة عندما هاجر الصحابة إلى الحبشة وجاء نفرٌ من قريشٍ في طلبهم حتى يردهم النجاشي إليهم: " لا نسجد إلا لله ".
موقف أسامة بن زيد رضي الله عنه مع حكيم بن حزام رضي الله عنه : عن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب رجلٍ من الناس إليَّ في الجاهلية فلما نبئ صلى الله عليه وسلم وخرج إلى المدينة شهد حكيم الموسم وهو كافر فوجد حُلَّةً لذي يزن تباع فاشتراها ليهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم بها عليه المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى . فقال صلى الله عليه وسلم : " إنا لا نقبل من المشركين شيئاً ولكن إن شئت أخذتها منك بالثمن " فأعطيته إياها حين أبى علي الهدية بالثمن فلبسها فرأيتها عليه على المنبر, فلم أر شيئاً أحسن منه يومئذ, ثم أعطاها أسامة بن زيد فرآها حكيمٌ على أسامة رضي الله عنه فقال : يا أسامة أنت تلبس حلة ذي يزن ؟ فقال أسامة رضي الله عنه : نعم والله لأنا خيرٌ من ذي يزن ولأبي خير من أبيه . قال حكيم رضي الله عنه : فانطلقت إلى أهل مكة أعجبهم بقول أسامة رضي الله عنه
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر