محاضر استجواب المباحث الأميركية للرئيس
السابق الذي قال إن شعبه سيحبه بعد وفاته
كان صدام حسين على يقين من أن الشعب العراقي سيحبه بعد مماته أكثر مما أحبه
خلال حياته. هذا ما تكشفه وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي
أول من أمس، هي لمحاضر جلسات استجواب للرئيس السابق الذي أعدم نهاية ديسمبر
(كانون الأول) 2006.
وتورد وثائق الإف بي آي أن صدام قال في إحدى المقابلات إن إيران لم تفهم
الرسالة عندما سحب العراق قواته في عام 1982، وشدد على القول هؤلاء إذا لم
تكسر رؤوسهم لن يفهموا. وتغطي الوثائق 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات
عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف
بي آي»، مع صدام ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويكشف
صدام في الوثائق خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم، وحتى
اعتقاله وظروفه في السجن.
وقال صدام أن المزرعة الواقعة في الدورة شمال بغداد، حيث ألقي القبض عليه
في ديسمبر (كانون الأول) 2006، هي نفسها التي لاذ بها في عام 1959 بعد هربه
من بغداد إثر مشاركته في محاولة اغتيال للرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم
قاسم.
وحول طريقة صدام في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، كتب
المحقق أن الأشخاص الأقرب له (المرافقون) كانوا يوجهونه «للتحرك في هذا
الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل
الحرب، أوضح صدام: «ربما. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما
إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام: «سأترك هذا للتاريخ».
وسئل صدام عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس (آذار) 2003، فأوضح أنه لم
يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس (آذار) 2003 عندما قصفتها قوات
التحالف، وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الأيام العشرة التي سبقت هذا
الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب.
وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في
الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، ضحك وقال: «هذا فيلم سحري، وليس
حقيقة». وبسؤاله عن تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003، قال
صدام إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003، عندما بدت المدينة
وكأنها ستسقط.
محاضر الاستجواب الأميركي للرئيس العراقي السابق في السجن
بعد عامين ونصف العام على إعدامه.. صدام يكشف خفايا حروبه وأيامه الأخيرة
يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون
الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي، أول من
أمس، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في
السجن.
والوثائق التي تنشرها «الشرق الأوسط» هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا
وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي
الأميركي «إف.بي.آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو
(حزيران) 2004. ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق وصوله للسلطة والحرب
مع إيران وغزو الكويت وأسلحة الدمار الشامل والمزاعم عن علاقته
بـ«القاعدة». ويقول صدام إنه حرص على تعزيز الانطباع بأن لديه أسلحة دمار
شامل ليردع إيران. ويقول أيضا إنه لم يسمح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة
إلى العراق حتى لا يكتشفوا أنه تخلص من تلك الأسلحة وبالتالي تكتشف إيران
مدى ضعف العراق وقابليته للانهيار. وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى
استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، فضحك
وقال «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وبسؤاله عن تحركاته عندما بدأت الحرب في
مارس (آذار) 2003، قال صدام إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003،
عندما بدت المدينة وكأنها ستسقط. وقبل مغادرته بغداد، عقد اجتماعا أخيرا مع
القادة العراقيين الكبار وقال لهم «سنناضل في السر». وبعد ذلك، غادر بغداد
وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين.
وحول طريقة صدام في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، كتب
المحقق أن الأشخاص الأقرب له (المرافقين) كانوا يوجهونه «للتحرك بهذا
الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل
الحرب، أوضح صدام «ربما. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما
إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام «سأترك هذا للتاريخ».
في نهاية الجلسة، سئل صدام مرة أخرى عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس
(آذار) 2003. أوضح صدام أنه لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس 2003
عندما قصفتها قوات التحالف. وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الـ 10 أيام
التي سبقت هذا الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب. ويعتقد صدام أن قوات
التحالف استهدفت هذا الموقع لأنهم اعتقدوا خطأ بأنه كان فيه.
وشكا صدام للمحقق من أنه منذ اعتقاله لم يحصل على صورة لما يحدث، وأشار إلى
أنه كان نيته سؤال المحقق عن هذا قبل ذلك بيومين. ويقول المحقق إن صدام
ناقش فيلما شاهده، كان مقتبسا من كتاب «قصة مدينتين» كان قد قرأه قبل فترة
طويلة وفي القصة رجل محتجز مثله، انقطع عما يجري في الخارج. وحسب صدام فإن
مؤلف الكتاب كان ينتقد السلطات الفرنسية على هذه المعاملة. وحسب المحقق لفت
صدام إلى أن شيئا لم يتغير منذ ذلك الوقت. ورد المحقق بالقول إنه «بمرور
الوقت تغيرت بعض الأشياء بينما لم تتغير أخرى».
المحقق بيرو أدار الحديث معه بالعربية وقال ان صدام كان يرى دول الشرق
الأوسط الأخرى ضعيفة
خوفه من إيران جعله يكرس الانطباع بحيازته أسلحة محظورة
* أخبر صدام حسين أحد المحققين من مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية «إف
بي آي» قبل أن يتم إعدامه شنقا أنه سمح للعالم بأن يعتقد بأنه يمتلك أسلحة
دمار شامل لأنه كان قلقا من أن يظهر بمظهر الضعيف أمام إيران، وذلك وفقا
لوثائق تم رفع السرية عنها. كما اتهم الرئيس العراقي السابق كذلك أسامة بن
لادن بأنه «متعصب» ونفى أن تكون له علاقة بتنظيم القاعدة.
بل إن صدام قال إنه شعر بأنه معرض للخطر من قبل القادة «المتعصبين» في
طهران إلى درجة أنه كان مستعدا لعقد «اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة
لحماية (العراق) من التهديدات في المنطقة».
وقد أمر الرئيس السابق جورج بوش بغزو العراق قبل ستة أعوام على أساس أن
صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل وأنه يمثل خطرا على الأمن القومي. وكان
المسؤولون بالإدارة الأميركية في ذلك الوقت قد ألمحوا كذلك لوجود صلات قوية
بين العراق وتنظيم القاعدة مما أدى إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على
الولايات المتحدة.
وقد اعترف صدام، الذي كان متحديا ومتبجحا خلال اللقاءات معه، بأسى أنه كان
يجب عليه أن يسمح للأمم المتحدة بمعاينة التدمير الذي لحق بمخازن السلاح
العراقي بعد حرب الخليج عام 1991. وقد أفرج أرشيف الأمن القومي، وهو معهد
أبحاث مستقل وغير حكومي عن ملخصات اللقاءات ـ 20 استجوابا رسميا وخمس
محادثات عادية في 2004 ـ بموجب قانون حرية المعلومات، كما نشر تلك الوثائق
على موقعه على شبكة الإنترنت أول من أمس. ولم يحذف إلا القليل من الوثائق
المفصلة للحوارات عدا الحوار الرسمي الأخير الذي أجري معه في 1 مايو (أيار)
2004 الذي أعيد تنقيحه بالكامل.
ويقول مدير الأرشيف توماس بلانتون إنه لا يعتقد بوجود أي سبب يتعلق بالأمن
القومي ويجعله يبقي مقابلات مكتب المباحث الفيدرالية مع صدام سرية. ويقول
بول برسون المتحدث الرسمي باسم المكتب إنه لا يستطيع تفسير أسباب التنقيحات
التي أجريت على الحوارات. وقد أجريت تلك الاستجوابات الرسمية التي يبلغ
عددها عشرين استجوابا في الفترة بين 7 فبراير (شباط) و1 مايو (أيار) ثم
أعقبتها تلك المحادثات العادية في الفترة من 10 مايو (أيار) إلى 28 يونيو
(حزيران)، وبعد ذلك نقل صدام إلى عهدة العراقيين وتم إعدامه شنقا في ديسمبر
(كانون الأول) 2006. وقد غطت الاستجوابات الرسمية وصول صدام حسين للسلطة
وغزو العراق وقمع صدام حسين لانتفاضة الشيعة بالتفصيل، بينما تمت مناقشة
قضية أسلحة الدمار الشامل و«القاعدة» في المحادثات العادية بعد انتهاء
الاستجوابات الرسمية. ويقول بلانتون إن ذلك يرجح أن مكتب المباحث
الفيدرالية قد تلقى أوامر من واشنطن لمناقشة الموضوعات ذات الأهمية الكبرى
من خلال المسؤولين في إدارة بوش.
ولا يعلم المتحدث الرسمي باسم مكتب المباحث الفيدرالية السبب وراء تأجيل
مناقشة تلك القضايا للاجتماعات الأخيرة. ويقول جورج بيرو العميل الذي أجرى
تلك الحوارات مع صدام حسين في لقاء أجرته معه قناة «سي بي إس» من خلال
برنامج «60 دقيقة» إنه تعمد وضع ظهر صدام حسين للحائط، «نفسيا، لكي يجعله
يشعر بأن ظهره للحائط» ولكنه أكد أنه لم يستخدم وسائل الاستجواب القهرية
لأن ذلك ضد سياسات مكتب المباحث الفيدرالية. ولا تشير الاستجوابات التي
أفرج عنها أول من أمس إلى استخدام أية إجراءات قهرية خلال الاستجوابات.
وكان بيرو الذي أدار الحوارات مع صدام باللغة العربية يتحدى دائما رواية
الرئيس السابق للأحداث مستشهدا بالوقائع التي تتناقض مع ما قاله. كما أنه
أجبر صدام على مشاهدة فيلم تسجيلي بريطاني حول معاملته للشيعة، على الرغم
من أن ذلك لا يبدو أنه قد أثر على الرئيس السابق. وعند نقطة محددة، نفى
صدام تقارير الاستخبارات التي كانت تقول إنه يستخدم بديلا لتفادي الاغتيال
واصفا إياها بأنها خيالية. ويقول صدام ضاحكا: «إن هذا خيال في فيلم سينمائي
وليس حقيقة». ولكنه يؤكد أنه لم يستخدم الهاتف سوى مرتين منذ عام 1990
وأنه نادرا ما كان ينام في نفس المكان لليلتين متتاليتين.
وكان خوف صدام من إيران ـ التي يعتبرها خطرا أكبر من الولايات المتحدة ـ
يظهر دائما خلال المناقشات حول أسلحة الدمار الشامل. وكانت إيران والعراق
قد دخلتا في حرب طاحنة امتدت لثماني سنوات في الثمانينات، وقال صدام إنه
كان مقتنعا بأن إيران كانت تحاول ضم جنوبي العراق لها وهي المنطقة التي
تسكنها أغلبية شيعية.
ويروي بيرو في ملخصه عن حوارات 11 يونيو (حزيران) 2004: «كان صدام حسين يرى
دول الشرق الأوسط الأخرى باعتبارها دولا ضعيفة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها
أو عن العراق ضد هجوم تشنه إيران». وكتب بيرو: «وكان التهديد الإيراني هو
العامل الرئيسي الذي جعله لا يسمح بعودة مفتشي الأمم المتحدة، وأوضح حسين
أنه كان متخوفا من أن تكتشف إيران مدى ضعف العراق وقابليته للانهيار أكثر
من خوفه من عواقب رفضه للسماح بمفتشي الأمم المتحدة بالعودة للعراق».
وأشار صدام إلى أن قدرات إيران التسليحية قد ازدادت بشدة في الوقت الذي تم
فيه الحد من تسلح العراق نظرا للعقوبات التي وقعتها عليه الأمم المتحدة،
وبالتالي سيكون على العراق تعزيز قدراته التسليحية للتعامل مع الخطر المحدق
به إذا لم يتمكن من التوصل لاتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة.
وقد أشار بيرو إلى بن لادن في المحادثة الأخيرة مع صدام حسين في 28 يونيو
(حزيران) 2004، ولكن المعلومات التي قدمها صدام تضاربت مع جهود إدارة بوش
المحمومة لإثبات وجود صلة بين العراق والمجموعات الإرهابية. فقد أجاب صدام
أنه طوال التاريخ كانت هناك خلافات بين الأصوليين والقادة السياسيين. وأضاف
أنه «مؤمن بالله ولكنه ليس متعصبا.. وأنه لا يجب خلط الدين بالحكم». وأكد
صدام أنه لم يلتق أبدا بأسامة بن لادن وأن كليهما «ليس لديهما نفس
المعتقدات أو الرؤية».
أكد أن بن لادن شخص «متعصب» ولم يلتقه من قبل
صدام قال لمحققي المباحث الأميركية: عدو عدوي صديقي
أفادت وثائق مكتب المباحث الأميركية (اف. بي. آي) التي رفعت عنها السرية أن
الزعيم العراقي السابق قال للمحققين إنه يعتبر أسامة بن لادن «متعصبا» ولم
تكن له أية علاقات من قبل مع تنظيم القاعدة وفقا للوثائق السرية. وتحدث
صدام حسين مع جورج بيرو ضابط الـ«اف. بي. آي» عن جذور الصراع في العراق
وقادته التاريخيين، وأكد لهم في تلك اللقاءات أيضا أن الدين والحكم يجب ألا
يختلطا. وأشار إلى أن حزب البعث لا يقوم على أسس دينية، بل هو حزب علماني
ومؤسسه مسيحي. وأشار صدام حسين في الوثائق إلى أنه يعارض شخصيا أي شخص
يتعاون مع الغرب ضد مصلحة بلاده. وقال صدام حسين في الوثيقة المؤرخة بتاريخ
28 يونيو (حزيران) 2004 برقم «بي ايه دبليو 60324»، إنه يعتقد أن أسامة بن
لادن لا يختلف كثيرا عن المتعصبين الذين سبقوه، وأنه شخصيا لم تكن له أي
علاقات مع «القاعدة». وكشفت الـ«اف. بي. آي» عن 20 مقابلة رسمية أجريت عام
2004 وخمس مقابلات غير رسمية تمت بشكل عابر، وقد تم الكشف عنها بموجب قانون
حرية المعلومات. وتشير الوثائق إلى زيارة فاروق حجازي الذي التقى بن لادن
في السودان، وكذلك أبو حفص الموريتاني من قيادات «القاعدة» إلى بغداد 1994
من أجل البحث عن تمويل بقيمة 10 ملايين دولار. وأكد صدام حسين في الوثيقة
نفسها أنه لم يلتق أبدا من قبل أسامة بن لادن زعيم «القاعدة». إلا أن جورج
بيرو ضابط الـ«اف. بي. آي» سأل صدام عن سبب عدم تعاونه مع «القاعدة»، خاصة
أن هدفيهما واحد وهو العداء لأميركا، وسجل لصدام عبارة شهيرة تقول «عدو
عدوي شقيقي»، إلا أن صدام حسين لم يكن يعتبر الولايات المتحدة عدوة لبلاده،
ولو أراد فعلا التعاون مع أعداء أميركا، لتعاون مثلا مع كوريا الشمالية،
التي زعم أن لها علاقات طيبة مع الصين. وقال صدام حسين في الوثيقة إن
الولايات المتحدة استخدمت هجمات سبتمبر (أيلول) كذريعة تسمح لها بالهجوم
على العراق. وجاء في الوثائق التي حصل عليها ووزعها أرشيف الأمن الوطني،
وهو معهد غير حكومي للأبحاث أن كوريا الشمالية أكثر حلفائه ترجيحا.
ورد الضابط جورج بيرو أنه ربما بسبب تضارب العراق بين التصريحات ورد الفعل،
فإن العراق أساء تقدير تأثير هجمات سبتمبر (أيلول) على أميركا
والأميركيين، ونفى العراق أي اتصال مع «القاعدة» وزعيمها بن لادن، إلا أن
الأدلة التي توفرت لدى الأميركيين قالت غير ذلك وأشارت إلى اتصالات بين
الجانبين. ورد صدام حسين بقوله إنه لم يكن لديه خيارات أخرى، وإنه لم يسئ
تقدير الموقف بعد وقوع هجمات سبتمبر (أيلول)، والخيار الوحيد الذي أتيح
أمامه هو مغادرة العراق، ولكن ذلك بالنسبة له لم يكن خيارا. وسال ضابط
المباحث الأميركية صدام حسين عن دولته العراق باعتبارها الوحيدة التي أبدت
إعجابها بهجمات سبتمبر (أيلول)، التي أنكرها صدام حسين فيما بعد، وذكر
الضابط الأميركي أن الصحف العراقية كانت قد أبدت إعجابها كذلك بالهجمات،
إلا أن صدام حسين قال إنه كتب بعض المقالات ندد فيها بتلك الهجمات، ولكنه
أيضا تكلم عن السبب الذي دفع هؤلاء الإرهابيين إلى ارتكاب مثل الأفعال
المروعة، والسبب لم يكشف عنه أبدا وهو يلقي الضوء على مثل هذه الكراهية
التي تبعث على قتل أناس أبرياء.
وبعد وقوع هجمات سبتمبر (أيلول) كتب طارق عزيز وزير الخارجية العراقي
خطابات شخصية أدان فيها الهجوم، أحدها وجه إلى رامزي كلارك وزير العدل
الأميركي الأسبق الذي كان يعرفه بصورة شخصية، واعتبرت هذه الخطابات، بمثابة
وسائل اتصالات غير رسمية للعراق للتنديد بالهجمات. وكان صدام الذي عرف في
وثائق المباحث الأميركية بأنه «المحتجز بارز القيمة رقم واحد» يشارك بوش
العداوة تجاه رجال الدين الإيرانيين «المتعصبين»، وذلك بحسب السجلات. ونفى
صدام ما أشيع عن أنه استخدم «شبيها» للهرب من الاغتيال، واصفا هذا المفهوم
بأنه «سحر سينمائي وليس حقيقة»، لكنه قال إنه نادرا ما كان ينام في المكان
نفسه يومين متتاليين ولم يستخدم الهاتف إلا مرتين منذ عام 1990. وجرت
اللقاءات بين ضابط المباحث الأميركية وصدام حسين من فبراير (شباط) وحتى
يونيو (حزيران) 2004 وبين صدام وعملاء يتحدثون العربية في الزنزانة التي
كان محتجزا بها في مطار بغداد الدولي. وشن صدام حربا دامية على الحدود مع
إيران عام 1980 استمرت حتى 1988استخدم خلالها العراق أسلحة كيميائية. وشن
الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الحرب على العراق عام 2003 متذرعا بخطر
أسلحة دمار شامل من قبل حكومة صدام، لكن لم يعثر على مثل هذه الأسلحة على
الإطلاق. واعترف صدام بأن القدرات العسكرية الإيرانية كانت ضعيفة عام 1980،
وأنهم كانوا يفتقدون إلى القيادة بعد أن تم عزل معظم الضباط الكبار من
مناصبهم بعد انتقال السلطة من الشاه إلى الخميني. إلا أن صدام قال إن ذلك
لم يؤثر، آنذاك، على قراره شن الحرب على إيران، «فلو كان جيش الشاه موجودا
لكنا هزمناهم في الشهر الأول من الحرب». أما في عهد الخميني، ورغم افتقادهم
إلى القيادة فقد عمد العسكريون الإيرانيون، بما فيهم الجيش النظامي والحرس
الثوري، إلى دفع الآلاف باتجاه الحدود العراقية. وقد حارب الجيش العراقي
ببسالة، خصوصا على طول الحدود. وسئل صدام عما إذا كانت محاولات الاغتيال
التي جرت لعدد من المسؤولين العراقيين (بما فيهم وزير الخارجية طارق عزيز
ووزير الثقافة لطيف نايف جاسم) من قبل مجموعات تدعمها إيران، أثرت على
قراره إعلان الحرب على إيران، فقال إن 540 محاولة اغتيال جرت في العراق قبل
الحرب، بينها 249 «اعتداء»، إما بواسطة خروقات جوية أو برية. والعراق قدم
هذه المعلومات إلى الأمم المتحدة، وكذلك فرضت إيران حصارا على شط العرب
وأغرقت سفنا عراقية وأجنبية. وقبل 29 سبتمبر (أيلول) 1980 قصفت إيران مواقع
تكرير النفط في البصرة وعدد من مدن الجنوب العراقي. وقد كانت محاولات
اغتيال طارق عزيز ولطيف الجاسم جزءا من عدة حوادث قادت إلى الحرب مع إيران.
وحين سئل صدام حسين عن التقارير الواردة عن عمليات التمرد التي وقعت في
جنوب العراق بعد حرب 1991، زعم أنه لم يسمع بتمرد من هذا النوع. وحين أبلغ
أن العديد من المقابلات والتقارير سجلت أنباء هذه القلاقل، قال صدام: «ألم
نناقش هذا الموضوع؟» إلا أنه ذكر أنه بعد يوم من سريان وقف إطلاق النار عام
1991 حاول «بعض العناصر» القيام بعمليات تخريب في مدن البصرة والناصرية
والعمارة في جنوب العراق. وفيما بعد امتدت هذه القلاقل إلى مدن في الشمال
مثل السليمانية واربيل وكركوك. وقال صدام إن المجموعات التي قادت هذه
الأعمال كانت مدفوعة من إيران وأن العراق ألقى القبض على 68 ضابطا من ضباط
الاستخبارات الإيرانية جرت مبادلتهم، لاحقا، بأسرى عراقيين.
وكان صدام يعتقد أن هدف المتمردين كان السيطرة على العراق. وفي رأيه أنه تم
اللجوء إلى هذا التكتيك، عام 1991، بعد أن عجزت إيران عن تحقيق هذا الهدف
في حربها السابقة مع العراق. وقال إن إيران كانت تتطلع إلى السيطرة على كل
العراق أو، على الأقل، على جزء منه، وخصوصا الجزء الجنوبي.
وكان صدام يعتقد أن إيران كانت تريد، أيضا، بسط نفوذها على المنطقة الشرقية
من المملكة السعودية وعلى كامل منطقة الخليج.
في السجن سأل صدام عن حال العراق في غيابه.. وشكك في انتخاب العراقيين
لرئيس تحت الاحتلال
* خلال حديث غير رسمي بين صدام حسين وأحد الضباط الأميركيين واسمه جورج ل
بيرو سأل صدام عن الأوضاع في العراق خلال وقت اعتقاله وبعد الغزو الأميركي.
فروى الضابط الأميركي الأشياء التي تحققت في العراق ومن بينها توقيع
الدستور الجديد والاستعدادات لتسليم السيادة للعراقيين. وخلال الحديث تساءل
صدام حول فاعلية «مجلس الحكم»، وكان من رأيه أن أعضاء مجلس الحكم يمكن أن
يتفقوا فيما بينهم ليتخذوا القرارات. كما أخبر الضابط الأميركي صدام حول
الانتخابات في العراق، قائلا لصدام حسين إنها تشكل فرصة أمام العراقيين
لانتخاب رئيس جديد. فرد صدام مشككا، وقال إن الشعب العراقي لن يقبل انتخاب
زعيم جديد تحت الاحتلال، راجعا إلى التاريخ مستشهدا بحالة الملك فيصل الذي
جاء إلى الحكم تحت الاحتلال البريطاني ولم يستمر، فرد عليه الضابط
الأميركي: إن استفتاء أجرى في العراق، أشار إلى أن غالبية العراقيين يريدون
أن يسيطروا على الحكومة، غير أنهم في الوقت ذاته يريدون للقوات الأميركية
أن تبقى في العراق.
وعند الحديث عن مكيف الهواء الذي كان يعاد تصليحه في زنزانة صدام حسين في
ذلك الوقت قال صدام حسين انه معتاد على الحياة البسيطة، وشخصيا لا يحب
البذخ في الحياة. وهنا سئل صدام عن عدد القصور التي كان يمتلكها والفخامة
غير العادية لهذه القصور، فرد صدام قائلا: هذه القصور ملك الشعب العراقي
وليست ملك شخص واحد. وقال انه في عام 1968 كانت غالبية البيوت العراقية
بدائية ومصنوعة من الطين. وانه في البلاد الغربية تطور فن العمارة عبر بناء
القصور، وان المعماريين العراقيين طورا تصاميمهم وفن العمارة عبر بناء
القصور في العراق، وهذا انعكس بدوره على عمارة البيوت العادية في العراق.
كما قال صدام حسين انه بسبب التهديدات الأميركية والإسرائيلية، خصوصا خلال
السنوات العشر الماضية، فإنه يكون من الخطر على المسؤولين وقادة البلاد أن
يعقدوا اجتماعاتهم في قصرين مثلا وان بناء عدد كبير من القصور كان حاجة
أمنية، فمع وجود عشرين قصرا يكون من الصعب جدا تحديد أين توجد القيادة
العراقية. وانه طالما أن هذه القصور ملك للشعب، فإن صدام لا يعيش في أي
منها. قال صدام خلال الحديث انه يحب الحياة في بيت بسيط، وانه يأكل ما يقدم
له، ولم تكن لديه مطالب كثيرة. وقال صدام انه لدى واشنطن انطباع خاطئ انه
يحب الحياة المترفة والبذخ. وانه بسبب حبه للحياة البسيطة لم تتمكن أميركا
من اعتقاله لفترة طويلة، موضحا أن اعتقاله جاء بسبب خيانة فردية. وقال صدام
خلال الحديث أيضا إن جدول أعماله اليومي كان طويلا، غير انه كان دائما ما
يجد وقتا لقراءة القصص والروايات التي يستمتع بها كثيرا. ويوضح أن يومه كان
يتضمن لقاءات مع مسؤولين في حزب البعث، كما قال انه كان يلتقي مع أفراد من
الشعب العراقي يوميا قائلا انه كان يجدهم أفضل مصدر للمعلومات الدقيقة.
وعندما سئل كيف يمكن أن يكون العراقيون الذين كان يلتقي بهم يقولون الحقيقة
في ضوء أن الكثيرين منهم يكونون في حالة خوف، قال صدام: إن هذا قد يكون
الحال مع البعض لكنه تربطه علاقة طويلة مع الشعب العراقي، وان الشعب كان
يعرف انه يريد الحقيقة. ثم سرد صدام حسين مثالا وهو أن عراقيا قال له إن أخ
صدام غير الشقيق إبراهيم حسن المجيد كان يسير في سيارته ثم أطلق النار على
إشارة مرور في الشارع.
فرفع صدام حسين التلفون وسأل شقيقه عن صحة الرواية، فاعترف المجيد أن هذا
فعلا حدث. فقال له صدام أن يجمع أغراضه. ثم عرف المجيد من الإذاعة العراقية
الرسمية انه قد تم طرده. وقال صدام خلال الحديث انه كان يحاسب أسرته أكثر
من الآخرين. كما قال صدام انه كان مهتما بمحاولة فهم الثقافة الأميركية،
وان حاول ذلك عن طريق مشاهدة الأفلام الأميركية، وطبقا لصدام فقد شاهد عددا
هائلا من الأفلام الأميركية، ومن خلالها كون رأيه عن الثقافة الأميركية.
هاجم السادات.. وقال عن سورية: الفاشل لا يعرف رأسه من قدميه
* حسب الوثائق التي وفرتها المباحث الأميركية للتحقيقات مع صدام، فإنه قال
للمحققين حول جمال عبد الناصر، إنه في عام 1967 عندما خسر الحرب، كان لا
يزال صدام، يكن احتراما للرئيس المصري آنذاك، ففي رأيه، ناصر «يمكنه أن
يمثل العرب أمام العالم» بينما الآخرون «ضعفاء». في ذلك الوقت، ناصر كان
القائد الوحيد الذي يتمتع بعلاقة قريبة من «الجماهير العربية». وعلى الرغم
من خسارة الحرب، فإن ناصر لم يخسر احترام الشعب. ولكن آمال الناس كانت أعظم
من النتائج التي كان بإمكان ناصر أن يحققها. خسارة الحرب، بينت حدود
إمكانيات ناصر والجيش المصري. وأشار حسين إلى أن الحرب سلطت الأضواء أيضا
على القضايا الداخلية في القيادة المصرية. عبد الحكيم عامر، قائد الجيش
المصري، لم يسمح بـ«تدخل» ناصر في القضايا العسكرية، «على الرغم من أن ناصر
كان رئيس البلاد». عندما استقال ناصر في وقت لاحق، ملايين المصريين
تظاهروا لأجله لكي يكمل مهامه كرئيس للجمهورية. ورأى حسين أن ناصر يبدو أنه
اعتمد «على السياسات الدولية أكثر منها على تحضير جيشه وشعبه» قبل الحرب.
رأي صدام في الحرب العربية ـ الإسرائيلية في عام 1973، أن الرئيس المصري
أنور السادات الذي كان نائب الرئيس أيام ناصر، «لم يتمكن من إعادة الأمل
للعرب». وبدا السادات ليست لديه قضية محددة ولا هدف معين، ولم يكن بإمكانه
أن يفعل شيئا في ما خص 1948 و«اغتصاب فلسطين». ولأن السادات لم يكن «رجل
قضية»، فلم يستطع أن «يوقد حماسة» الجيش المصري. وقال حسين: «سأناقش كل شيء
إلا إذا كان يجرح شعبي، أصدقائي، والجيش». وأعطى تفاصيل حول حادث عام 1964
المتعلق بأحمد حسن البكر، الأمين العام لحزب البعث. بكر وحسين، الذي كان
حينها قائد الجناح العسكري في حزب البعث، ألقي القبض عليهما بسبب تخطيطهما
لانقلاب ضد الرئيس العراقي آنذاك عارف. واعترف حسين بكامل مسؤوليته في
التخطيط للانقلاب إلا أنه لم يسم أي شخص آخر متورط. ويعتقد صدام ان السادات
فقد شرفه بسبب اتفاقه مع إسرائيل، وإضافة إلى ذلك، ساء وضع الاقتصاد
المصري بشكل كبير في ظل قيادته. وفي المقابل، ازدهر الاقتصاد المصري في عهد
ناصر، وفتحت الأسواق المصرية على كل العالم العربي. أما بالنسبة لفشل
الجيش السوري لـ«الترحيب علانية» بالقوات العراقية في عام 1973، قال حسين:
«لا أحد أكرم من العراقيين». وسئل حسين عن تصريحاته حول فشل ـ رفض الجيش
السوري تزويد القوات العراقية بخرائط وأدوات اتصالات وأمور أخرى ضرورية
للقتال جنبا إلى جنب. ورد قائلا: «الفاشل لا يعرف أين هو رأسه وقدميه. كان
الوضع صعبا». وأضاف: «لعله لم يكن بحوزة السوريين خرائط».
وقال حسين: «دعني أسأل سؤالا مباشرا. أريد أن أسأل أين، منذ بداية هذه
المقابلة حتى الآن، تذهب المعلومات؟ لكي تبقى علاقتنا واضحة، أريد أن
أعرف». فرد أحد الأشخاص الذي يجري المقابلة بالقول، إنه ممثل الحكومة
الأميركية، وأن تقارير المقابلة بلا شك يراجعها مسؤولون في الحكومة، وربما
يكون الرئيس الأميركي من بينهم. فرد حسين قائلا، إنه ليس لديه تحفظات إذا
كان آخرون يريدون الانضمام إلى «العملية» وأنه «لا يمانع» إذا تم نشر
المعلومات.
وعندما سئل إذا ما لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من
الكتب والمنشورات الأخرى، ضحك وقال: «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وقال إنه
من الصعب جدا أن يتقمص أحد شخصية شخص آخر.
وعندما سئل إذا ما كان آخرون في الحكومة العراقية، من بينهم ابنه عدي،
لجأوا لاستعمال أشباه لهم، كما نشر في كتاب لرجل عراقي، نفى حسين أي
معلومات لديه حول هذه التقارير.
وقال: «أعتقد أن أبنائي لن يفعلوا ذلك». ولكنه أضاف أنه ربما قد يكونوا
فكروا في هذه التكتيكات خلال الحرب، وليس في أوقات السلم. وقال إنه لم ير
أشباها لأي من ولديه. وخلال الحرب الإيرانية العراقية لتحرير شبه جزيرة
الفاو في عام 1987، قاتل حسين وكل أقربائه في هذه الحرب. وكانت هذه المعركة
مهمة ومصيرية، وهو أمر تحدث به حسين لكل العراقيين. وقال: «عندما أؤمن
بمبادئ، أؤمن بها بشكل كامل، وليس جزئي، وليس بشكل تدريجي، بل بشكل كلي».
وأضاف حسين أن الله خلقنا وهو وحده يقرر متى سيأخذنا. وأنهى حسين هذا الجزء
من المقابلة، بالقول: «إذا قررت أن تنشر كتابا، احرص على أن تكتبه
بالإنجليزية والعربية». وفي ختام المقابلة، سئل حسين، عن تحركاته عندما
بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003. وقال إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل
(نيسان) 2003، عندما بدأت المدينة وكأنها ستسقط. وقبل مغادرته بغداد، عقد
اجتماعا أخيرا مع القادة العراقيين الكبار، وقال لهم: «سنناضل في السر».
وبعد ذلك، غادر بغداد وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين، وهو يقول
لهم، إنهم أتموا واجباتهم، لكي لا يلفت الانتباه.
قرأ للمحققين آخر قصيدة كتبها
صدام قال في التحقيق إن أميركا أحسنت باختيار الياور
* قال صدام حسين إن عمليات تفتيش الأمم المتحدة حققت هدفها بتجريد العراق
من أسلحة الدمار الشامل. العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل ولم يمتلكها لمدة
طويلة. وقد نصح حسين أن الكثيرين كانوا من الرأي القائل إن العراق كان
مترددا بالتعاون مع عملية تفتيش الأمم المتحدة عن أسلحة. ورد حسين بأن
العراق تعاون طوال 7 سنوات، ومنح مفتشي الأمم المتحدة حرية التنقل في كل
البلاد، بما في ذلك القصور الملكية. وعندما ضغط على حسين حول تعاون العراق
مع المفتشين، وسئل عن إخفاء حسين كامل لمكونات أسلحة دمار شامل، قال إن طبع
حسين كامل الحقيقي بات معروفا للجميع. واعترف بأنه كان هناك أشخاص في
الحكومة العراقية، كانوا في البداية مترددين بالتعاون مع المفتشين. وهؤلاء
الأشخاص كانوا مخلصين ويعملون بجهد ومتفانين في عملهم، وكان من الصعب
بالنسبة إليهم، أن يقال لهم يوما أن يفتحوا كل ملفاتهم ويسلموا كل أعمالهم
وأسرار حكومتهم لدخلاء. تطلب الأمر وقتا وحصل على مراحل. وفي حلول عام
1998، امتثل العراق لقرارات الأمم المتحدة. ومع ذلك، هوجم العراق من قبل
الولايات المتحدة من دون أي تبرير أو إذن من الأمم المتحدة. وأضاف صدام
حسين أن العراقيين ما كانوا ليخزنوا أسلحة دمار شامل في القصور الرئاسية،
لان ذلك كان ليضع الحكومة والقيادة العراقية بخطر. أسلحة الدمار الشامل
كانت، وكانت ستكون، مخزنة في الصحراء، في أماكن نائية. وادعى حسين بأن
الضربات الأميركية على العراق في عام 1998، وردا على محاولة الاغتيال
المزعومة للرئيس السابق جورج بوش، كانت غير مبررة ولم يكن هناك استفزاز أدى
إليها. ولم تحصل الولايات المتحدة على أي موافقة من الأمم المتحدة لتنفيذ
هذه الضربات. وعلى الرغم من أن الاعتداءين تما بقرار الولايات المتحدة، فقد
شعر حسين بأن الأمم المتحدة تجاوزت سلطتها في ما يخص العراق. قرأ صدام
حسين للعميل الخاص في الـ«إف بي آي» جورج بيرو، قصيدة كتبها مؤخرا. ووجد
بيرو أن القصيدة هي فرصة لمناقشة خطابات صدام حسين. وقال بيرو لحسين انه
بعد أن استمع إلى عدد من قصائده، أصبح بإمكانه أن يتعرف إلى خط يده، بعد أن
كان يقرأ القصائد. وقال بيرو إنه أصبح واضحا بالنسبة إليه أن صدام حسين
كان يكتب خطاباته، وهو أمر تأكد لاحقا، وقال إن كل كتاباته جاء من القلب.
وقال حسين أيضا إنه لم يستمتع بقراءة خطاباته، وأنه كان يفضل أن يقرأها له
آخرون، مثل مذيعي أخبار. ووصف حسين شعور كتابة خطاباته، بأنه كتأدية
امتحان. وقال صدام حسين إن إيران كانت تشكل أكبر خطر على العراق، بسبب
حدودهما المشتركة، وكان يعتقد أن إيران كانت تنوي أن تضم جنوبي العراق
لإيران. وهذا الاحتمال كان ينظر إليه حسين والعراق على أنه أكبر تهديد
يواجه العراق. وكان حسين يعتبر أن بقية البلدان في الشرق الأوسط ضعيفة، ولا
يمكنها الدفاع عن نفسها في مواجهة العراق أو اعتداء من إيران. وقال إنه
يعتقد أن إسرائيل تشكل تهديدا للعالم العربي بأسره، وليس فقط للعراق.
وأضاف أيضا أن قدرات أسلحة إيران تطورت بشكل دراماتيكي، بينما كانت عقوبات
الأمم المتحدة تجرد العراق من الأسلحة. آثار ذلك ستظهر في المستقبل، عندما
تصبح القوة العسكرية لإيران تشكل تهديدا كبيرا للعراق والمنطقة في
المستقبل. وقال حسين إن قدرة الأسلحة التي كان يملكها العراق كانت سببا
رئيسيا في نتائج حرب العراق ـ إيران. في البداية خلال الحرب، كان العراق
يملك صواريخ متوسطة المدى (270 كيلو مترا)، بينما لم تكن إيران تمتلك أي
صواريخ ذات قيمة. وتمكن الإيرانيون من الحصول على صواريخ طويلة المدى من
ليبيا، والتي كان بإمكانها أن تصل إلى أعماق العراق. وكان الإيرانيون أول
من استعمل الصواريخ وضربوا بها بغداد. وقال حسين إنه حذر الإيرانيين من
خلال خطاب ألقاه، لوقف اعتداءاتهم. ولكن إيران ضربت بغداد مجددا. ونصح
علماء حسين بأنه يمكنهم تحسين مدى الصواريخ لكي تطال قلب إيران أيضا. فطلب
إليهم أن يفعلوا ذلك. وردت العراق على ضرب بغداد بضرب طهران بصواريخها.
وقال حسين إن إيران صدمت بسبب صواريخ العراق، وقال إن طهران كانت أكثر عرضة
من بغداد لقصف الصواريخ بشكلها الجغرافي. وعرف حسين ذلك بـ«حرب المدن»
وقال إن تصرفات العراق كانت ردا على تصرفات إيران. وفي موضوع آخر، قال حسين
إنه يذكر فقط أنه استعمل الهاتف في مناسبتين منذ مارس (آذار) 1990. إضافة
إلى ذلك، فهو لم يمكث في المكان نفسه أكثر من يوم واحد، لأنه كان يعرف
بالقدرات التكنولوجية المتطورة للولايات المتحدة. وكان يستعمل البريد كأداة
تواصل، أو يقابل شخصيا مسؤولين في الحكومة لكي يناقش قضايا مهمة. وانتقل
الحديث بعد ذلك عن الرئيس الانتقالي للعراق، الشيخ غازي الياور. وقال حسين
إن الياور يأتي من عائلة جيدة وأنه سيلقى قبولا من بلدان أخرى في المنطقة،
خصوصا المملكة العربية السعودية. وقال إن الولايات المتحدة يبدو أنها بذلت
جهدا كبيرا لاختيار الياور، وأنها قامت بخيار حسن. وقال عندها بيرو لحسين
إن اختيار الياور لم يكن فقط قرارا أميركيا، بل قرار مشترك بين الولايات
المتحدة والأمم المتحدة. وسأله بيرو حينها عن شعوره الشخصي حيال النقاش عن
رئيس جديد للعراق. فبدأ حسين بالرد والحديث تحديدا عن الياور. فأوقفه بيرو
وسأله ما هو شعوره الشخصي. وذكر بيرو حسين في تصريح سابق له بأنه لا يزال
يعتبر نفسه رئيس العراق. وقال له إنه بات من الواضح الآن انه لم يعد الرئيس
وهناك رئيس جديد وحكومة جديدة. وقال له انه لم يعد رئيس العراق، وأنه
انتهى. فرد حسين بالإيجاب وقال نعم انه يعرف ذلك، وقال ما الذي يمكنه أن
يفعل أمام مشيئة الله. وسأله بيرو إذا كانت لديه أفكار عن مستقبله، فقال
حسين إنه بيد الله. وعندها قال بيرو لصدام حسين إن حياته شارفت على
النهاية، وسأله إذا أراد أن تكون لبقية حياته معنى، فأجاب حسين بنعم.
شعبي سيحبني بعد مماتي
· قال صدام حسين إنه يؤمن بأن الشعب سيحبه بعد مماته أكثر مما أحبه خلال
حياته. وذكر أن المزرعة حيث ألقي القبض عليه في ديسمبر (كانون الأول) 2003،
هي نفسها حيث بقي في عام 1959 بعد هربه من بغداد اثر مشاركته بمحاولة
اغتيال فاشلة للرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم. وسئل حسين ما إذا كان
قرار بدء الحرب ضد إيران في عام 1980 مستندا إلى تهديدات أو أنها كانت
وسيلة للمطالبة بأراض عربية / عراقية، وتحديدا شط العرب، فرد بالقول:
«نعتبر أن الحرب بدأت في 4 سبتمبر (أيلول) وليس في 22 سبتمبر كما تعتبرها
إيران». ثم أعطى حسين مثلا عن جاء فلاح. ويفضل حسين استعمال أمثلة عن
الزراعة والفلاحة لأنها تعني أشياء خاصة بالنسبة إليه. وقال: «في أحد
الأيام، يضرب ابن الجيران ولدك. وفي اليوم التالي، يزعج ابن الجيران
أبقارك. ولاحقا تتضرر حقولك بعد أن تسبب ابن الجيران بتعطيل نظام الري
لديك. إذا حصلت كل هذه الأحداث، وبعد عدد كاف من الحوادث، تبادر جارك وتروي
له الانتهاكات التي حصلت وتطلب إليه أن يتوقف. عادة، إنذار أو مصارحة تكفي
لوقف هذه التصرفات. ولكن مع إيران، فإن هذه المقاربة لم تنجح». إيران،
برأي صدام حسين، كانت تخرق اتفاق الجزائر الذي وقع في عام 1975 المتعلق
بقناة الري. كذلك، كانت إيران تتدخل بالشؤون السياسية العراقية، وهذا برأي
حسين، ترك العراق أمام خيار واحد.
الخميني والرسالة التي لم تفهمها إيران
* تحدث عن طريقة تفكير القادة الإيرانيين، تحديدا آية الله الخميني،
والقرار الإيراني بالدخول إلى الحرب. وقال إنه عندما وصل الخميني إلى
السلطة في عام 1979، كان لديه أمران «تدخلا» في ذهنه. الأول، أنه كان رجل
دين متعصبا يعتقد أن كل القادة هم مثل شاه إيران، شخص تسهل الإطاحة به. وظن
الخميني انه بسبب إطاحته بالشاه بهذه السهولة، يمكنه أن يفعل ذلك في أي
مكان، ومن ضمنها العراق. ثانيا، أن الخميني كانت لديه «عقدة» من مغادرته /
طرده من العراق في وقت سابق في نهاية السبعينات. والخميني بعد أن جرى نفيه
من إيران، كان «ضيفا» على العراق «وأعطي له مأوى» في النجف. وهو هناك، بدأ
يتحدث ضد الشاه والحكومة الإيرانية. الخميني، برأي حسين، لم يكن يحترم
الاتفاق الموقع (اتفاق الجزائر) بين العراق وإيران، وكان يتدخل بالشؤون
الإيرانية الداخلية. أعلمت الحكومة العراقية الخميني بموقفها، وقالت له
أيضا «أنت ضيفنا، لا أحد يمكنه أن يسألك أن تغادر أو أن يتم تسليمك». وقال
حسين أيضا إنه لا يندم على الطريقة التي عاملت بها العراق الخميني. وعند
سؤاله إذا كان الخميني قد أنكر معروف العراق بعد عودته من الكويت، وهي خطوة
كان يمكن أن تؤدي إلى رفض العراق إدخاله وإعادته إلى إيران، قال حسين: «لا
لم يكن ذلك ليغير من الوضع. الشعب لم يكن يريد الشاه». وأصبح الخميني رمزا
للشعب في إيران بعد مغادرته العراق، بسبب «طرده» من العراق. ورد حسين فقط
بـ«ربما» عندما سئل ما إذا كان آية الله سيد محمد اصدر، رجل دين شيعي مؤثر
أعدم في العراق في عام 1980، كان رمزا كهذا. ولكنه أضاف انه هو نفسه كان
رمزا لأنه كان يمكن رؤية صوره معلقة في داخل البيوت في أماكن أخرى في
العراق.
وتورد وثائق الإف بي آي أن صدام قال في إحدى المقابلات إن إيران لم تفهم
الرسالة عندما سحب العراق قواته في عام 1982، وشدد على القول هؤلاء إذا لم
تكسر رؤوسهم لن يفهموا. كما قال صدام إن العراق لم يكن مدينا بالكثير من
الأموال بعد الحرب مع إيران، فقد تلقى مساعدات من دول عربية ظن صدام أنها
ليست قروضا. وقال صدام بعد الحرب غيرت هذه الدول فكرها وطلبوا سداد الأموال
فقد رأت بعض الدول أن العراق يشكل تهديدا عسكريا بينما لم يروا إيران
تهديدا. وعند هذه النقطة ضحك صدام.
وحسب قول صدام في التحقيقات مع الاف بي آي فإن الخميني كان يظن أن الشيعة
في جنوب العراق سيتبعونه خاصة خلال الحرب ولكنهم لم يرحبوا به وكانوا
موالين للعراق وحاربوا الإيرانيين.
وعندما سئل صدام عما إذا كانت محاولات الاغتيال الإيرانية ضد مسؤولي
الحكومة العراقية قبل نشوب الحرب على يد جماعات مدعومة من طهران بما في ذلك
محاولة اغتيال طارق عزيز ولطيف جاسم، أثرت في قرار بغداد الذهاب إلى الحرب
ضد طهران، قال صدام إن هناك 540 هجوما إيرانيا على العراق قبل الحرب، منها
249 اختراقا جويا أو غارات. وقدم العراق هذه المعلومات إلى الأمم المتحدة
بينما أغلقت إيران شط العرب وأغرقت سفنا عراقية وأجنبية. وقال صدام قبل 29
سبتمبر (أيلول) 1980 قصفت إيران مصافي عراقية في البصرة ومدن أخرى جنوبية.
وكانت محاولات الاغتيال ضد طارق عزيز وجاسم وآخرين ضمن الأشياء التي قادت
إلى الحرب.
ولدى سؤال صدام عن الهدف من الحرب أجاب قائلا: اسألوا إيران هي التي بدأت
الحرب لقد شرحت كل أسباب الحرب سابقا، وعندما أعاد محقق إف بي اي السؤال
عليه قال صدام: الهدف هو جعل إيران تتوقف عن التدخل في شؤوننا الداخلية.
وأعاد صدام ذكر معلومات سابقة بما في ذلك انه يعتقد أن إيران خرقت اتفاقية
الجزائر الموقعة عام 1975 واحتلت كل شط العرب، بينما تنص الاتفاقية على أن
حقهم في نصفه فقط، كما أنها لم تتجاوب مع الاتصالات الدبلوماسية في ما
يتعلق بهذه القضية.
لا أحب السياسة أو السياسيين
* في إحدى المقابلات قال صدام: كنت أستطيع أن أكون سياسيا لو أردت لكني لا
أحب السياسة أو السياسيين، وعندما ووجه بأن البعض يعتقد أنه لعب سياسة مع
الأمم المتحدة، رد صدام قائلا: لقد التزمنا تماما بكل قرارات الأمم
المتحدة، يجب لوم الولايات المتحدة وليس الأمم المتحدة، نحن بين قلة من
الفرسان الباقين.
وقدم المحقق ملاحظة بأن بداية المشكلة بين العراق والعالم هي غزو الكويت،
ورد صدام قائلا إن الولايات المتحدة كان لديها خطة مع الكويت لمهاجمة
العراق، ونحن لدينا نسخة من هذه الخطة في يدنا، وخلال التحقيقات المطولة
حول قرار الأمم المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل، قال صدام: لقد دمرنا هذه
الأسلحة، وعندما سئل عن القيود التي كانت تفرض على المفتشين في دخول
مواقع، قال: أي مواقع؟ فرد المحقق: وزارة الزراعة، فأجاب صدام قائلا: والله
لو كان لدي هذه الأسلحة لكنت استخدمتها ضد الولايات المتحدة.
أعلن أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية
نص جلسة تحقيق: صدام يقتبس من كتابه زبيبة والملك
مكتب التحقيقات الفيدرالي ـ مركز عمليات بغداد ـ 7 فبراير (شباط) 2004 ـ
جلسة مقابلة رقم: 1
ـ المقابلة أجراها: جورج إل. بيرو ـ الترجمة العربية/الإنجليزية: أجريت
مقابلة مع صدام حسين (محتجز على درجة قصوى من الأهمية) في 7 فبراير (شباط)
2004، داخل منشأة احتجاز عسكرية بمطار بغداد الدولي، في بغداد، العراق.
وقدم صدام المعلومات التالية: أعلن صدام أنه خدم الشعب العراقي على مدار
فترة طويلة للغاية. ويرى أن إنجازاته الكبرى تتمثل في البرامج الاجتماعية
المعنية بمواطني العراق والتحسينات التي أدخلها على القطاعات الأخرى من
الاقتصاد، ومنها تطوير التعليم ونظام الرعاية الصحية والصناعة والزراعة
ومجالات أخرى رفعت بوجه عام مستوى الحياة بالنسبة للعراقيين. عام 1968، لم
يكن الشعب العراقي «يكاد يملك أي شيء»، حيث عانت البلاد من ندرة المواد
الغذائية، في القرى والمدن، وأهملت الأراضي الزراعية، واعتمدت الزراعة على
وسائل بدائية. واعتمد الاقتصاد العراقي بصورة كاملة على إنتاج النفط، الذي
صدر العراق الجزء الأكبر منه عبر شركات أجنبية، ولم تسيطر عليه الحكومة.
ومع تصنيع الدولة العراقية عددا ضئيلا للغاية من المنتجات، اضطرت إلى
استيراد معظم السلع. وكان نظام الرعاية الصحية «بدائيا»، وكان معدل الوفيات
شديد الارتفاع، خاصة بين الفقراء. وبالمثل، كانت معدلات وفيات الأطفال
مرتفعة للغاية، تقدر بما يتراوح بين 40% و50%، مع وقوع الكثير من الوفيات
أثناء فترة الحمل أو عند الولادة. من ناحية أخرى، بلغت معدلات معرفة
القراءة والكتابة حوالي 27%، علاوة على أن من صنفوا باعتبارهم «يعرفون
القراءة والكتابة» غالبا ما افتقروا إلى البراعة الحقيقية في أي من
المهارتين. وافتقرت المناطق الريفية بصورة شبه كاملة إلى الطرق، بينما كانت
حالة الطرق «متردية للغاية» في المدن العراقية. وعلى المستوى الجامعي،
توافرت فرص تعليمية محدودة للغاية، حتى داخل بغداد. وافتقر الكثير من المدن
لوجود أي كليات. بصورة عامة، كان الأثرياء وحدهم القادرين على إلحاق
أبنائهم بالتعليم الجامعي. قام صدام حسين بتحسين القطاعات سالفة الذكر
كافة. من ناحيته، يرى صدام أن هذا إنجازه و«الفضل» الأعظم الذي صنعه للشعب
العراقي.
وإجابة من جانبه عن تساؤل حول الأخطاء التي اقترفها، اعترف صدام بأن كل
البشر يرتكبون أخطاء، وأن الله وحده له العصمة من الخطأ. ونوه باعتقاده أن
الشخص الذي يجري معه المقابلة «ذكي»، ويبدو أنه قرأ تقارير عن لقاءات أجريت
من قبل معه. وقال صدام «ربما لن تكون المحادثة بين شخصين على هذا المستوى
من التعليم مفيدة أو ناجحة». وأضاف أنه إذا ما ادعى شخص ما لنفسه الكمال،
فإنه بذلك ينسب لنفسه الألوهية. واستطرد صدام موضحا أنه لم يجر النظر إلى
الجهود التي بذلها كافة باعتبارها ناجحة من وجهة نظر البعض. وعقد صدام
مقارنة بين تقديره لذاته وتقدير آخرين، مشيرا إلى وجود وجهات نظر متعارضة
مع آرائه بشأن نظام الحكم الأميركي، الذي قال إنه «غير مقتنع به». وأوضح أن
حوالي 30 مليون شخص يعانون مغبة الفقر داخل أميركا، لكن الأميركيين لا
يعتبرون هذا الأمر «جريمة». وأكد صدام أنه لن يقبل قط بمثل هذا الأمر
للعراق. وعندما جذب الشخص الذي يجري المقابلة انتباهه مرة أخرى باتجاه
الأخطاء التي ارتكبها، تساءل صدام «هل تظن أنني سأخبر عدوي إذا كنت اقترفت
خطأ؟»، وقال صدام إنه لن يحدد أخطاءه أمام عدو له، مثل أميركا. وأوضح أنه
لا يعتبر الشخص الذي يعقد المقابلة معه عدوا، ولا الشعب الأميركي، وإنما
النظام الأميركي الحاكم.
قال صدام إن الأهمية لا تقتصر على ما يقوله الناس أو يعتقدونه بشأنه الآن،
وإنما كذلك ما يعتقدونه في المستقبل، بعد 500 أو 1000 عام من الآن. بيد أن
الأهمية الكبرى تكمن فيما يراه الله. إذا ما قبل الله أمرا، فإنه سيقنع
الأفراد بتصديقه. وإذا لم يقبل الله أمرا، فليست هناك أهمية فيما يظنه
الناس. واستطرد صدام بأن «خائنا» قدم معلومات قادت لإلقاء القبض عليه.
وباعتباره «ضيفا» في المكان وكعراقي، لم يكن ينبغي تسليمه للقوات
الأميركية. وأكد أن أحفاد هذا «الخائن» سيحملونه المسؤولية وينقلون هذا
للأجيال القادمة.
فيما يخص المستقبل، أعرب صدام عن اعتقاده بأنه سيشتهر بعدله و«تعرضه
للظلم». وفي نهاية الأمر، يحق للعراقيين اعتقاد ما يروق لهم. وأعلن صدام أن
العراقيين لن يعقدوا مقارنة بين حكام ما قبل الإسلام وما بعده. وأشار إلى
أن المواطنين العراقيين تمتعوا بالقدرة على ممارسة حقوقهم المتعلقة بالحكم
الذاتي حسبما كفلها الدستور المؤقت الصادر عام 1990. وت
السابق الذي قال إن شعبه سيحبه بعد وفاته
كان صدام حسين على يقين من أن الشعب العراقي سيحبه بعد مماته أكثر مما أحبه
خلال حياته. هذا ما تكشفه وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي
أول من أمس، هي لمحاضر جلسات استجواب للرئيس السابق الذي أعدم نهاية ديسمبر
(كانون الأول) 2006.
وتورد وثائق الإف بي آي أن صدام قال في إحدى المقابلات إن إيران لم تفهم
الرسالة عندما سحب العراق قواته في عام 1982، وشدد على القول هؤلاء إذا لم
تكسر رؤوسهم لن يفهموا. وتغطي الوثائق 20 استجوابا رسميا وخمس محادثات
عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأميركي «إف
بي آي»، مع صدام ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو (حزيران) 2004. ويكشف
صدام في الوثائق خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم، وحتى
اعتقاله وظروفه في السجن.
وقال صدام أن المزرعة الواقعة في الدورة شمال بغداد، حيث ألقي القبض عليه
في ديسمبر (كانون الأول) 2006، هي نفسها التي لاذ بها في عام 1959 بعد هربه
من بغداد إثر مشاركته في محاولة اغتيال للرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم
قاسم.
وحول طريقة صدام في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، كتب
المحقق أن الأشخاص الأقرب له (المرافقون) كانوا يوجهونه «للتحرك في هذا
الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل
الحرب، أوضح صدام: «ربما. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما
إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام: «سأترك هذا للتاريخ».
وسئل صدام عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس (آذار) 2003، فأوضح أنه لم
يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس (آذار) 2003 عندما قصفتها قوات
التحالف، وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الأيام العشرة التي سبقت هذا
الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب.
وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في
الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، ضحك وقال: «هذا فيلم سحري، وليس
حقيقة». وبسؤاله عن تحركاته عندما بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003، قال
صدام إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003، عندما بدت المدينة
وكأنها ستسقط.
محاضر الاستجواب الأميركي للرئيس العراقي السابق في السجن
بعد عامين ونصف العام على إعدامه.. صدام يكشف خفايا حروبه وأيامه الأخيرة
يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية ديسمبر (كانون
الأول) 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأميركي، أول من
أمس، خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في
السجن.
والوثائق التي تنشرها «الشرق الأوسط» هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا
وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي
الأميركي «إف.بي.آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير (شباط) و28 يونيو
(حزيران) 2004. ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق وصوله للسلطة والحرب
مع إيران وغزو الكويت وأسلحة الدمار الشامل والمزاعم عن علاقته
بـ«القاعدة». ويقول صدام إنه حرص على تعزيز الانطباع بأن لديه أسلحة دمار
شامل ليردع إيران. ويقول أيضا إنه لم يسمح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة
إلى العراق حتى لا يكتشفوا أنه تخلص من تلك الأسلحة وبالتالي تكتشف إيران
مدى ضعف العراق وقابليته للانهيار. وعندما سئل صدام عما إذا لجأ يوما إلى
استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من الكتب والمنشورات الأخرى، فضحك
وقال «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وبسؤاله عن تحركاته عندما بدأت الحرب في
مارس (آذار) 2003، قال صدام إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل (نيسان) 2003،
عندما بدت المدينة وكأنها ستسقط. وقبل مغادرته بغداد، عقد اجتماعا أخيرا مع
القادة العراقيين الكبار وقال لهم «سنناضل في السر». وبعد ذلك، غادر بغداد
وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين.
وحول طريقة صدام في التحرك قبل سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003، كتب
المحقق أن الأشخاص الأقرب له (المرافقين) كانوا يوجهونه «للتحرك بهذا
الاتجاه أو ذاك». وبسؤاله عما إذا كان يتنقل عادة بسيارة مرسيدس سوداء قبل
الحرب، أوضح صدام «ربما. كانت لدينا سيارات مرسيدس من كل الألوان». وعما
إذا كان يتنقل في موكب طويل، قال صدام «سأترك هذا للتاريخ».
في نهاية الجلسة، سئل صدام مرة أخرى عن تحركاته بعد اندلاع الحرب في مارس
(آذار) 2003. أوضح صدام أنه لم يكن في منطقة الدورة ببغداد في 19 مارس 2003
عندما قصفتها قوات التحالف. وأضاف أنه لم يكن في المنطقة خلال الـ 10 أيام
التي سبقت هذا الهجوم ولا في أي وقت طيلة الحرب. ويعتقد صدام أن قوات
التحالف استهدفت هذا الموقع لأنهم اعتقدوا خطأ بأنه كان فيه.
وشكا صدام للمحقق من أنه منذ اعتقاله لم يحصل على صورة لما يحدث، وأشار إلى
أنه كان نيته سؤال المحقق عن هذا قبل ذلك بيومين. ويقول المحقق إن صدام
ناقش فيلما شاهده، كان مقتبسا من كتاب «قصة مدينتين» كان قد قرأه قبل فترة
طويلة وفي القصة رجل محتجز مثله، انقطع عما يجري في الخارج. وحسب صدام فإن
مؤلف الكتاب كان ينتقد السلطات الفرنسية على هذه المعاملة. وحسب المحقق لفت
صدام إلى أن شيئا لم يتغير منذ ذلك الوقت. ورد المحقق بالقول إنه «بمرور
الوقت تغيرت بعض الأشياء بينما لم تتغير أخرى».
المحقق بيرو أدار الحديث معه بالعربية وقال ان صدام كان يرى دول الشرق
الأوسط الأخرى ضعيفة
خوفه من إيران جعله يكرس الانطباع بحيازته أسلحة محظورة
* أخبر صدام حسين أحد المحققين من مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية «إف
بي آي» قبل أن يتم إعدامه شنقا أنه سمح للعالم بأن يعتقد بأنه يمتلك أسلحة
دمار شامل لأنه كان قلقا من أن يظهر بمظهر الضعيف أمام إيران، وذلك وفقا
لوثائق تم رفع السرية عنها. كما اتهم الرئيس العراقي السابق كذلك أسامة بن
لادن بأنه «متعصب» ونفى أن تكون له علاقة بتنظيم القاعدة.
بل إن صدام قال إنه شعر بأنه معرض للخطر من قبل القادة «المتعصبين» في
طهران إلى درجة أنه كان مستعدا لعقد «اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة
لحماية (العراق) من التهديدات في المنطقة».
وقد أمر الرئيس السابق جورج بوش بغزو العراق قبل ستة أعوام على أساس أن
صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل وأنه يمثل خطرا على الأمن القومي. وكان
المسؤولون بالإدارة الأميركية في ذلك الوقت قد ألمحوا كذلك لوجود صلات قوية
بين العراق وتنظيم القاعدة مما أدى إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على
الولايات المتحدة.
وقد اعترف صدام، الذي كان متحديا ومتبجحا خلال اللقاءات معه، بأسى أنه كان
يجب عليه أن يسمح للأمم المتحدة بمعاينة التدمير الذي لحق بمخازن السلاح
العراقي بعد حرب الخليج عام 1991. وقد أفرج أرشيف الأمن القومي، وهو معهد
أبحاث مستقل وغير حكومي عن ملخصات اللقاءات ـ 20 استجوابا رسميا وخمس
محادثات عادية في 2004 ـ بموجب قانون حرية المعلومات، كما نشر تلك الوثائق
على موقعه على شبكة الإنترنت أول من أمس. ولم يحذف إلا القليل من الوثائق
المفصلة للحوارات عدا الحوار الرسمي الأخير الذي أجري معه في 1 مايو (أيار)
2004 الذي أعيد تنقيحه بالكامل.
ويقول مدير الأرشيف توماس بلانتون إنه لا يعتقد بوجود أي سبب يتعلق بالأمن
القومي ويجعله يبقي مقابلات مكتب المباحث الفيدرالية مع صدام سرية. ويقول
بول برسون المتحدث الرسمي باسم المكتب إنه لا يستطيع تفسير أسباب التنقيحات
التي أجريت على الحوارات. وقد أجريت تلك الاستجوابات الرسمية التي يبلغ
عددها عشرين استجوابا في الفترة بين 7 فبراير (شباط) و1 مايو (أيار) ثم
أعقبتها تلك المحادثات العادية في الفترة من 10 مايو (أيار) إلى 28 يونيو
(حزيران)، وبعد ذلك نقل صدام إلى عهدة العراقيين وتم إعدامه شنقا في ديسمبر
(كانون الأول) 2006. وقد غطت الاستجوابات الرسمية وصول صدام حسين للسلطة
وغزو العراق وقمع صدام حسين لانتفاضة الشيعة بالتفصيل، بينما تمت مناقشة
قضية أسلحة الدمار الشامل و«القاعدة» في المحادثات العادية بعد انتهاء
الاستجوابات الرسمية. ويقول بلانتون إن ذلك يرجح أن مكتب المباحث
الفيدرالية قد تلقى أوامر من واشنطن لمناقشة الموضوعات ذات الأهمية الكبرى
من خلال المسؤولين في إدارة بوش.
ولا يعلم المتحدث الرسمي باسم مكتب المباحث الفيدرالية السبب وراء تأجيل
مناقشة تلك القضايا للاجتماعات الأخيرة. ويقول جورج بيرو العميل الذي أجرى
تلك الحوارات مع صدام حسين في لقاء أجرته معه قناة «سي بي إس» من خلال
برنامج «60 دقيقة» إنه تعمد وضع ظهر صدام حسين للحائط، «نفسيا، لكي يجعله
يشعر بأن ظهره للحائط» ولكنه أكد أنه لم يستخدم وسائل الاستجواب القهرية
لأن ذلك ضد سياسات مكتب المباحث الفيدرالية. ولا تشير الاستجوابات التي
أفرج عنها أول من أمس إلى استخدام أية إجراءات قهرية خلال الاستجوابات.
وكان بيرو الذي أدار الحوارات مع صدام باللغة العربية يتحدى دائما رواية
الرئيس السابق للأحداث مستشهدا بالوقائع التي تتناقض مع ما قاله. كما أنه
أجبر صدام على مشاهدة فيلم تسجيلي بريطاني حول معاملته للشيعة، على الرغم
من أن ذلك لا يبدو أنه قد أثر على الرئيس السابق. وعند نقطة محددة، نفى
صدام تقارير الاستخبارات التي كانت تقول إنه يستخدم بديلا لتفادي الاغتيال
واصفا إياها بأنها خيالية. ويقول صدام ضاحكا: «إن هذا خيال في فيلم سينمائي
وليس حقيقة». ولكنه يؤكد أنه لم يستخدم الهاتف سوى مرتين منذ عام 1990
وأنه نادرا ما كان ينام في نفس المكان لليلتين متتاليتين.
وكان خوف صدام من إيران ـ التي يعتبرها خطرا أكبر من الولايات المتحدة ـ
يظهر دائما خلال المناقشات حول أسلحة الدمار الشامل. وكانت إيران والعراق
قد دخلتا في حرب طاحنة امتدت لثماني سنوات في الثمانينات، وقال صدام إنه
كان مقتنعا بأن إيران كانت تحاول ضم جنوبي العراق لها وهي المنطقة التي
تسكنها أغلبية شيعية.
ويروي بيرو في ملخصه عن حوارات 11 يونيو (حزيران) 2004: «كان صدام حسين يرى
دول الشرق الأوسط الأخرى باعتبارها دولا ضعيفة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها
أو عن العراق ضد هجوم تشنه إيران». وكتب بيرو: «وكان التهديد الإيراني هو
العامل الرئيسي الذي جعله لا يسمح بعودة مفتشي الأمم المتحدة، وأوضح حسين
أنه كان متخوفا من أن تكتشف إيران مدى ضعف العراق وقابليته للانهيار أكثر
من خوفه من عواقب رفضه للسماح بمفتشي الأمم المتحدة بالعودة للعراق».
وأشار صدام إلى أن قدرات إيران التسليحية قد ازدادت بشدة في الوقت الذي تم
فيه الحد من تسلح العراق نظرا للعقوبات التي وقعتها عليه الأمم المتحدة،
وبالتالي سيكون على العراق تعزيز قدراته التسليحية للتعامل مع الخطر المحدق
به إذا لم يتمكن من التوصل لاتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة.
وقد أشار بيرو إلى بن لادن في المحادثة الأخيرة مع صدام حسين في 28 يونيو
(حزيران) 2004، ولكن المعلومات التي قدمها صدام تضاربت مع جهود إدارة بوش
المحمومة لإثبات وجود صلة بين العراق والمجموعات الإرهابية. فقد أجاب صدام
أنه طوال التاريخ كانت هناك خلافات بين الأصوليين والقادة السياسيين. وأضاف
أنه «مؤمن بالله ولكنه ليس متعصبا.. وأنه لا يجب خلط الدين بالحكم». وأكد
صدام أنه لم يلتق أبدا بأسامة بن لادن وأن كليهما «ليس لديهما نفس
المعتقدات أو الرؤية».
أكد أن بن لادن شخص «متعصب» ولم يلتقه من قبل
صدام قال لمحققي المباحث الأميركية: عدو عدوي صديقي
أفادت وثائق مكتب المباحث الأميركية (اف. بي. آي) التي رفعت عنها السرية أن
الزعيم العراقي السابق قال للمحققين إنه يعتبر أسامة بن لادن «متعصبا» ولم
تكن له أية علاقات من قبل مع تنظيم القاعدة وفقا للوثائق السرية. وتحدث
صدام حسين مع جورج بيرو ضابط الـ«اف. بي. آي» عن جذور الصراع في العراق
وقادته التاريخيين، وأكد لهم في تلك اللقاءات أيضا أن الدين والحكم يجب ألا
يختلطا. وأشار إلى أن حزب البعث لا يقوم على أسس دينية، بل هو حزب علماني
ومؤسسه مسيحي. وأشار صدام حسين في الوثائق إلى أنه يعارض شخصيا أي شخص
يتعاون مع الغرب ضد مصلحة بلاده. وقال صدام حسين في الوثيقة المؤرخة بتاريخ
28 يونيو (حزيران) 2004 برقم «بي ايه دبليو 60324»، إنه يعتقد أن أسامة بن
لادن لا يختلف كثيرا عن المتعصبين الذين سبقوه، وأنه شخصيا لم تكن له أي
علاقات مع «القاعدة». وكشفت الـ«اف. بي. آي» عن 20 مقابلة رسمية أجريت عام
2004 وخمس مقابلات غير رسمية تمت بشكل عابر، وقد تم الكشف عنها بموجب قانون
حرية المعلومات. وتشير الوثائق إلى زيارة فاروق حجازي الذي التقى بن لادن
في السودان، وكذلك أبو حفص الموريتاني من قيادات «القاعدة» إلى بغداد 1994
من أجل البحث عن تمويل بقيمة 10 ملايين دولار. وأكد صدام حسين في الوثيقة
نفسها أنه لم يلتق أبدا من قبل أسامة بن لادن زعيم «القاعدة». إلا أن جورج
بيرو ضابط الـ«اف. بي. آي» سأل صدام عن سبب عدم تعاونه مع «القاعدة»، خاصة
أن هدفيهما واحد وهو العداء لأميركا، وسجل لصدام عبارة شهيرة تقول «عدو
عدوي شقيقي»، إلا أن صدام حسين لم يكن يعتبر الولايات المتحدة عدوة لبلاده،
ولو أراد فعلا التعاون مع أعداء أميركا، لتعاون مثلا مع كوريا الشمالية،
التي زعم أن لها علاقات طيبة مع الصين. وقال صدام حسين في الوثيقة إن
الولايات المتحدة استخدمت هجمات سبتمبر (أيلول) كذريعة تسمح لها بالهجوم
على العراق. وجاء في الوثائق التي حصل عليها ووزعها أرشيف الأمن الوطني،
وهو معهد غير حكومي للأبحاث أن كوريا الشمالية أكثر حلفائه ترجيحا.
ورد الضابط جورج بيرو أنه ربما بسبب تضارب العراق بين التصريحات ورد الفعل،
فإن العراق أساء تقدير تأثير هجمات سبتمبر (أيلول) على أميركا
والأميركيين، ونفى العراق أي اتصال مع «القاعدة» وزعيمها بن لادن، إلا أن
الأدلة التي توفرت لدى الأميركيين قالت غير ذلك وأشارت إلى اتصالات بين
الجانبين. ورد صدام حسين بقوله إنه لم يكن لديه خيارات أخرى، وإنه لم يسئ
تقدير الموقف بعد وقوع هجمات سبتمبر (أيلول)، والخيار الوحيد الذي أتيح
أمامه هو مغادرة العراق، ولكن ذلك بالنسبة له لم يكن خيارا. وسال ضابط
المباحث الأميركية صدام حسين عن دولته العراق باعتبارها الوحيدة التي أبدت
إعجابها بهجمات سبتمبر (أيلول)، التي أنكرها صدام حسين فيما بعد، وذكر
الضابط الأميركي أن الصحف العراقية كانت قد أبدت إعجابها كذلك بالهجمات،
إلا أن صدام حسين قال إنه كتب بعض المقالات ندد فيها بتلك الهجمات، ولكنه
أيضا تكلم عن السبب الذي دفع هؤلاء الإرهابيين إلى ارتكاب مثل الأفعال
المروعة، والسبب لم يكشف عنه أبدا وهو يلقي الضوء على مثل هذه الكراهية
التي تبعث على قتل أناس أبرياء.
وبعد وقوع هجمات سبتمبر (أيلول) كتب طارق عزيز وزير الخارجية العراقي
خطابات شخصية أدان فيها الهجوم، أحدها وجه إلى رامزي كلارك وزير العدل
الأميركي الأسبق الذي كان يعرفه بصورة شخصية، واعتبرت هذه الخطابات، بمثابة
وسائل اتصالات غير رسمية للعراق للتنديد بالهجمات. وكان صدام الذي عرف في
وثائق المباحث الأميركية بأنه «المحتجز بارز القيمة رقم واحد» يشارك بوش
العداوة تجاه رجال الدين الإيرانيين «المتعصبين»، وذلك بحسب السجلات. ونفى
صدام ما أشيع عن أنه استخدم «شبيها» للهرب من الاغتيال، واصفا هذا المفهوم
بأنه «سحر سينمائي وليس حقيقة»، لكنه قال إنه نادرا ما كان ينام في المكان
نفسه يومين متتاليين ولم يستخدم الهاتف إلا مرتين منذ عام 1990. وجرت
اللقاءات بين ضابط المباحث الأميركية وصدام حسين من فبراير (شباط) وحتى
يونيو (حزيران) 2004 وبين صدام وعملاء يتحدثون العربية في الزنزانة التي
كان محتجزا بها في مطار بغداد الدولي. وشن صدام حربا دامية على الحدود مع
إيران عام 1980 استمرت حتى 1988استخدم خلالها العراق أسلحة كيميائية. وشن
الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الحرب على العراق عام 2003 متذرعا بخطر
أسلحة دمار شامل من قبل حكومة صدام، لكن لم يعثر على مثل هذه الأسلحة على
الإطلاق. واعترف صدام بأن القدرات العسكرية الإيرانية كانت ضعيفة عام 1980،
وأنهم كانوا يفتقدون إلى القيادة بعد أن تم عزل معظم الضباط الكبار من
مناصبهم بعد انتقال السلطة من الشاه إلى الخميني. إلا أن صدام قال إن ذلك
لم يؤثر، آنذاك، على قراره شن الحرب على إيران، «فلو كان جيش الشاه موجودا
لكنا هزمناهم في الشهر الأول من الحرب». أما في عهد الخميني، ورغم افتقادهم
إلى القيادة فقد عمد العسكريون الإيرانيون، بما فيهم الجيش النظامي والحرس
الثوري، إلى دفع الآلاف باتجاه الحدود العراقية. وقد حارب الجيش العراقي
ببسالة، خصوصا على طول الحدود. وسئل صدام عما إذا كانت محاولات الاغتيال
التي جرت لعدد من المسؤولين العراقيين (بما فيهم وزير الخارجية طارق عزيز
ووزير الثقافة لطيف نايف جاسم) من قبل مجموعات تدعمها إيران، أثرت على
قراره إعلان الحرب على إيران، فقال إن 540 محاولة اغتيال جرت في العراق قبل
الحرب، بينها 249 «اعتداء»، إما بواسطة خروقات جوية أو برية. والعراق قدم
هذه المعلومات إلى الأمم المتحدة، وكذلك فرضت إيران حصارا على شط العرب
وأغرقت سفنا عراقية وأجنبية. وقبل 29 سبتمبر (أيلول) 1980 قصفت إيران مواقع
تكرير النفط في البصرة وعدد من مدن الجنوب العراقي. وقد كانت محاولات
اغتيال طارق عزيز ولطيف الجاسم جزءا من عدة حوادث قادت إلى الحرب مع إيران.
وحين سئل صدام حسين عن التقارير الواردة عن عمليات التمرد التي وقعت في
جنوب العراق بعد حرب 1991، زعم أنه لم يسمع بتمرد من هذا النوع. وحين أبلغ
أن العديد من المقابلات والتقارير سجلت أنباء هذه القلاقل، قال صدام: «ألم
نناقش هذا الموضوع؟» إلا أنه ذكر أنه بعد يوم من سريان وقف إطلاق النار عام
1991 حاول «بعض العناصر» القيام بعمليات تخريب في مدن البصرة والناصرية
والعمارة في جنوب العراق. وفيما بعد امتدت هذه القلاقل إلى مدن في الشمال
مثل السليمانية واربيل وكركوك. وقال صدام إن المجموعات التي قادت هذه
الأعمال كانت مدفوعة من إيران وأن العراق ألقى القبض على 68 ضابطا من ضباط
الاستخبارات الإيرانية جرت مبادلتهم، لاحقا، بأسرى عراقيين.
وكان صدام يعتقد أن هدف المتمردين كان السيطرة على العراق. وفي رأيه أنه تم
اللجوء إلى هذا التكتيك، عام 1991، بعد أن عجزت إيران عن تحقيق هذا الهدف
في حربها السابقة مع العراق. وقال إن إيران كانت تتطلع إلى السيطرة على كل
العراق أو، على الأقل، على جزء منه، وخصوصا الجزء الجنوبي.
وكان صدام يعتقد أن إيران كانت تريد، أيضا، بسط نفوذها على المنطقة الشرقية
من المملكة السعودية وعلى كامل منطقة الخليج.
في السجن سأل صدام عن حال العراق في غيابه.. وشكك في انتخاب العراقيين
لرئيس تحت الاحتلال
* خلال حديث غير رسمي بين صدام حسين وأحد الضباط الأميركيين واسمه جورج ل
بيرو سأل صدام عن الأوضاع في العراق خلال وقت اعتقاله وبعد الغزو الأميركي.
فروى الضابط الأميركي الأشياء التي تحققت في العراق ومن بينها توقيع
الدستور الجديد والاستعدادات لتسليم السيادة للعراقيين. وخلال الحديث تساءل
صدام حول فاعلية «مجلس الحكم»، وكان من رأيه أن أعضاء مجلس الحكم يمكن أن
يتفقوا فيما بينهم ليتخذوا القرارات. كما أخبر الضابط الأميركي صدام حول
الانتخابات في العراق، قائلا لصدام حسين إنها تشكل فرصة أمام العراقيين
لانتخاب رئيس جديد. فرد صدام مشككا، وقال إن الشعب العراقي لن يقبل انتخاب
زعيم جديد تحت الاحتلال، راجعا إلى التاريخ مستشهدا بحالة الملك فيصل الذي
جاء إلى الحكم تحت الاحتلال البريطاني ولم يستمر، فرد عليه الضابط
الأميركي: إن استفتاء أجرى في العراق، أشار إلى أن غالبية العراقيين يريدون
أن يسيطروا على الحكومة، غير أنهم في الوقت ذاته يريدون للقوات الأميركية
أن تبقى في العراق.
وعند الحديث عن مكيف الهواء الذي كان يعاد تصليحه في زنزانة صدام حسين في
ذلك الوقت قال صدام حسين انه معتاد على الحياة البسيطة، وشخصيا لا يحب
البذخ في الحياة. وهنا سئل صدام عن عدد القصور التي كان يمتلكها والفخامة
غير العادية لهذه القصور، فرد صدام قائلا: هذه القصور ملك الشعب العراقي
وليست ملك شخص واحد. وقال انه في عام 1968 كانت غالبية البيوت العراقية
بدائية ومصنوعة من الطين. وانه في البلاد الغربية تطور فن العمارة عبر بناء
القصور، وان المعماريين العراقيين طورا تصاميمهم وفن العمارة عبر بناء
القصور في العراق، وهذا انعكس بدوره على عمارة البيوت العادية في العراق.
كما قال صدام حسين انه بسبب التهديدات الأميركية والإسرائيلية، خصوصا خلال
السنوات العشر الماضية، فإنه يكون من الخطر على المسؤولين وقادة البلاد أن
يعقدوا اجتماعاتهم في قصرين مثلا وان بناء عدد كبير من القصور كان حاجة
أمنية، فمع وجود عشرين قصرا يكون من الصعب جدا تحديد أين توجد القيادة
العراقية. وانه طالما أن هذه القصور ملك للشعب، فإن صدام لا يعيش في أي
منها. قال صدام خلال الحديث انه يحب الحياة في بيت بسيط، وانه يأكل ما يقدم
له، ولم تكن لديه مطالب كثيرة. وقال صدام انه لدى واشنطن انطباع خاطئ انه
يحب الحياة المترفة والبذخ. وانه بسبب حبه للحياة البسيطة لم تتمكن أميركا
من اعتقاله لفترة طويلة، موضحا أن اعتقاله جاء بسبب خيانة فردية. وقال صدام
خلال الحديث أيضا إن جدول أعماله اليومي كان طويلا، غير انه كان دائما ما
يجد وقتا لقراءة القصص والروايات التي يستمتع بها كثيرا. ويوضح أن يومه كان
يتضمن لقاءات مع مسؤولين في حزب البعث، كما قال انه كان يلتقي مع أفراد من
الشعب العراقي يوميا قائلا انه كان يجدهم أفضل مصدر للمعلومات الدقيقة.
وعندما سئل كيف يمكن أن يكون العراقيون الذين كان يلتقي بهم يقولون الحقيقة
في ضوء أن الكثيرين منهم يكونون في حالة خوف، قال صدام: إن هذا قد يكون
الحال مع البعض لكنه تربطه علاقة طويلة مع الشعب العراقي، وان الشعب كان
يعرف انه يريد الحقيقة. ثم سرد صدام حسين مثالا وهو أن عراقيا قال له إن أخ
صدام غير الشقيق إبراهيم حسن المجيد كان يسير في سيارته ثم أطلق النار على
إشارة مرور في الشارع.
فرفع صدام حسين التلفون وسأل شقيقه عن صحة الرواية، فاعترف المجيد أن هذا
فعلا حدث. فقال له صدام أن يجمع أغراضه. ثم عرف المجيد من الإذاعة العراقية
الرسمية انه قد تم طرده. وقال صدام خلال الحديث انه كان يحاسب أسرته أكثر
من الآخرين. كما قال صدام انه كان مهتما بمحاولة فهم الثقافة الأميركية،
وان حاول ذلك عن طريق مشاهدة الأفلام الأميركية، وطبقا لصدام فقد شاهد عددا
هائلا من الأفلام الأميركية، ومن خلالها كون رأيه عن الثقافة الأميركية.
هاجم السادات.. وقال عن سورية: الفاشل لا يعرف رأسه من قدميه
* حسب الوثائق التي وفرتها المباحث الأميركية للتحقيقات مع صدام، فإنه قال
للمحققين حول جمال عبد الناصر، إنه في عام 1967 عندما خسر الحرب، كان لا
يزال صدام، يكن احتراما للرئيس المصري آنذاك، ففي رأيه، ناصر «يمكنه أن
يمثل العرب أمام العالم» بينما الآخرون «ضعفاء». في ذلك الوقت، ناصر كان
القائد الوحيد الذي يتمتع بعلاقة قريبة من «الجماهير العربية». وعلى الرغم
من خسارة الحرب، فإن ناصر لم يخسر احترام الشعب. ولكن آمال الناس كانت أعظم
من النتائج التي كان بإمكان ناصر أن يحققها. خسارة الحرب، بينت حدود
إمكانيات ناصر والجيش المصري. وأشار حسين إلى أن الحرب سلطت الأضواء أيضا
على القضايا الداخلية في القيادة المصرية. عبد الحكيم عامر، قائد الجيش
المصري، لم يسمح بـ«تدخل» ناصر في القضايا العسكرية، «على الرغم من أن ناصر
كان رئيس البلاد». عندما استقال ناصر في وقت لاحق، ملايين المصريين
تظاهروا لأجله لكي يكمل مهامه كرئيس للجمهورية. ورأى حسين أن ناصر يبدو أنه
اعتمد «على السياسات الدولية أكثر منها على تحضير جيشه وشعبه» قبل الحرب.
رأي صدام في الحرب العربية ـ الإسرائيلية في عام 1973، أن الرئيس المصري
أنور السادات الذي كان نائب الرئيس أيام ناصر، «لم يتمكن من إعادة الأمل
للعرب». وبدا السادات ليست لديه قضية محددة ولا هدف معين، ولم يكن بإمكانه
أن يفعل شيئا في ما خص 1948 و«اغتصاب فلسطين». ولأن السادات لم يكن «رجل
قضية»، فلم يستطع أن «يوقد حماسة» الجيش المصري. وقال حسين: «سأناقش كل شيء
إلا إذا كان يجرح شعبي، أصدقائي، والجيش». وأعطى تفاصيل حول حادث عام 1964
المتعلق بأحمد حسن البكر، الأمين العام لحزب البعث. بكر وحسين، الذي كان
حينها قائد الجناح العسكري في حزب البعث، ألقي القبض عليهما بسبب تخطيطهما
لانقلاب ضد الرئيس العراقي آنذاك عارف. واعترف حسين بكامل مسؤوليته في
التخطيط للانقلاب إلا أنه لم يسم أي شخص آخر متورط. ويعتقد صدام ان السادات
فقد شرفه بسبب اتفاقه مع إسرائيل، وإضافة إلى ذلك، ساء وضع الاقتصاد
المصري بشكل كبير في ظل قيادته. وفي المقابل، ازدهر الاقتصاد المصري في عهد
ناصر، وفتحت الأسواق المصرية على كل العالم العربي. أما بالنسبة لفشل
الجيش السوري لـ«الترحيب علانية» بالقوات العراقية في عام 1973، قال حسين:
«لا أحد أكرم من العراقيين». وسئل حسين عن تصريحاته حول فشل ـ رفض الجيش
السوري تزويد القوات العراقية بخرائط وأدوات اتصالات وأمور أخرى ضرورية
للقتال جنبا إلى جنب. ورد قائلا: «الفاشل لا يعرف أين هو رأسه وقدميه. كان
الوضع صعبا». وأضاف: «لعله لم يكن بحوزة السوريين خرائط».
وقال حسين: «دعني أسأل سؤالا مباشرا. أريد أن أسأل أين، منذ بداية هذه
المقابلة حتى الآن، تذهب المعلومات؟ لكي تبقى علاقتنا واضحة، أريد أن
أعرف». فرد أحد الأشخاص الذي يجري المقابلة بالقول، إنه ممثل الحكومة
الأميركية، وأن تقارير المقابلة بلا شك يراجعها مسؤولون في الحكومة، وربما
يكون الرئيس الأميركي من بينهم. فرد حسين قائلا، إنه ليس لديه تحفظات إذا
كان آخرون يريدون الانضمام إلى «العملية» وأنه «لا يمانع» إذا تم نشر
المعلومات.
وعندما سئل إذا ما لجأ يوما إلى استعمال أشباه له، كما نوقش في الكثير من
الكتب والمنشورات الأخرى، ضحك وقال: «هذا فيلم سحري، وليس حقيقة». وقال إنه
من الصعب جدا أن يتقمص أحد شخصية شخص آخر.
وعندما سئل إذا ما كان آخرون في الحكومة العراقية، من بينهم ابنه عدي،
لجأوا لاستعمال أشباه لهم، كما نشر في كتاب لرجل عراقي، نفى حسين أي
معلومات لديه حول هذه التقارير.
وقال: «أعتقد أن أبنائي لن يفعلوا ذلك». ولكنه أضاف أنه ربما قد يكونوا
فكروا في هذه التكتيكات خلال الحرب، وليس في أوقات السلم. وقال إنه لم ير
أشباها لأي من ولديه. وخلال الحرب الإيرانية العراقية لتحرير شبه جزيرة
الفاو في عام 1987، قاتل حسين وكل أقربائه في هذه الحرب. وكانت هذه المعركة
مهمة ومصيرية، وهو أمر تحدث به حسين لكل العراقيين. وقال: «عندما أؤمن
بمبادئ، أؤمن بها بشكل كامل، وليس جزئي، وليس بشكل تدريجي، بل بشكل كلي».
وأضاف حسين أن الله خلقنا وهو وحده يقرر متى سيأخذنا. وأنهى حسين هذا الجزء
من المقابلة، بالقول: «إذا قررت أن تنشر كتابا، احرص على أن تكتبه
بالإنجليزية والعربية». وفي ختام المقابلة، سئل حسين، عن تحركاته عندما
بدأت الحرب في مارس (آذار) 2003. وقال إنه بقي في بغداد حتى 11 أبريل
(نيسان) 2003، عندما بدأت المدينة وكأنها ستسقط. وقبل مغادرته بغداد، عقد
اجتماعا أخيرا مع القادة العراقيين الكبار، وقال لهم: «سنناضل في السر».
وبعد ذلك، غادر بغداد وبدأ تدريجيا بـ«تشتيت» حراسه الشخصيين، وهو يقول
لهم، إنهم أتموا واجباتهم، لكي لا يلفت الانتباه.
قرأ للمحققين آخر قصيدة كتبها
صدام قال في التحقيق إن أميركا أحسنت باختيار الياور
* قال صدام حسين إن عمليات تفتيش الأمم المتحدة حققت هدفها بتجريد العراق
من أسلحة الدمار الشامل. العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل ولم يمتلكها لمدة
طويلة. وقد نصح حسين أن الكثيرين كانوا من الرأي القائل إن العراق كان
مترددا بالتعاون مع عملية تفتيش الأمم المتحدة عن أسلحة. ورد حسين بأن
العراق تعاون طوال 7 سنوات، ومنح مفتشي الأمم المتحدة حرية التنقل في كل
البلاد، بما في ذلك القصور الملكية. وعندما ضغط على حسين حول تعاون العراق
مع المفتشين، وسئل عن إخفاء حسين كامل لمكونات أسلحة دمار شامل، قال إن طبع
حسين كامل الحقيقي بات معروفا للجميع. واعترف بأنه كان هناك أشخاص في
الحكومة العراقية، كانوا في البداية مترددين بالتعاون مع المفتشين. وهؤلاء
الأشخاص كانوا مخلصين ويعملون بجهد ومتفانين في عملهم، وكان من الصعب
بالنسبة إليهم، أن يقال لهم يوما أن يفتحوا كل ملفاتهم ويسلموا كل أعمالهم
وأسرار حكومتهم لدخلاء. تطلب الأمر وقتا وحصل على مراحل. وفي حلول عام
1998، امتثل العراق لقرارات الأمم المتحدة. ومع ذلك، هوجم العراق من قبل
الولايات المتحدة من دون أي تبرير أو إذن من الأمم المتحدة. وأضاف صدام
حسين أن العراقيين ما كانوا ليخزنوا أسلحة دمار شامل في القصور الرئاسية،
لان ذلك كان ليضع الحكومة والقيادة العراقية بخطر. أسلحة الدمار الشامل
كانت، وكانت ستكون، مخزنة في الصحراء، في أماكن نائية. وادعى حسين بأن
الضربات الأميركية على العراق في عام 1998، وردا على محاولة الاغتيال
المزعومة للرئيس السابق جورج بوش، كانت غير مبررة ولم يكن هناك استفزاز أدى
إليها. ولم تحصل الولايات المتحدة على أي موافقة من الأمم المتحدة لتنفيذ
هذه الضربات. وعلى الرغم من أن الاعتداءين تما بقرار الولايات المتحدة، فقد
شعر حسين بأن الأمم المتحدة تجاوزت سلطتها في ما يخص العراق. قرأ صدام
حسين للعميل الخاص في الـ«إف بي آي» جورج بيرو، قصيدة كتبها مؤخرا. ووجد
بيرو أن القصيدة هي فرصة لمناقشة خطابات صدام حسين. وقال بيرو لحسين انه
بعد أن استمع إلى عدد من قصائده، أصبح بإمكانه أن يتعرف إلى خط يده، بعد أن
كان يقرأ القصائد. وقال بيرو إنه أصبح واضحا بالنسبة إليه أن صدام حسين
كان يكتب خطاباته، وهو أمر تأكد لاحقا، وقال إن كل كتاباته جاء من القلب.
وقال حسين أيضا إنه لم يستمتع بقراءة خطاباته، وأنه كان يفضل أن يقرأها له
آخرون، مثل مذيعي أخبار. ووصف حسين شعور كتابة خطاباته، بأنه كتأدية
امتحان. وقال صدام حسين إن إيران كانت تشكل أكبر خطر على العراق، بسبب
حدودهما المشتركة، وكان يعتقد أن إيران كانت تنوي أن تضم جنوبي العراق
لإيران. وهذا الاحتمال كان ينظر إليه حسين والعراق على أنه أكبر تهديد
يواجه العراق. وكان حسين يعتبر أن بقية البلدان في الشرق الأوسط ضعيفة، ولا
يمكنها الدفاع عن نفسها في مواجهة العراق أو اعتداء من إيران. وقال إنه
يعتقد أن إسرائيل تشكل تهديدا للعالم العربي بأسره، وليس فقط للعراق.
وأضاف أيضا أن قدرات أسلحة إيران تطورت بشكل دراماتيكي، بينما كانت عقوبات
الأمم المتحدة تجرد العراق من الأسلحة. آثار ذلك ستظهر في المستقبل، عندما
تصبح القوة العسكرية لإيران تشكل تهديدا كبيرا للعراق والمنطقة في
المستقبل. وقال حسين إن قدرة الأسلحة التي كان يملكها العراق كانت سببا
رئيسيا في نتائج حرب العراق ـ إيران. في البداية خلال الحرب، كان العراق
يملك صواريخ متوسطة المدى (270 كيلو مترا)، بينما لم تكن إيران تمتلك أي
صواريخ ذات قيمة. وتمكن الإيرانيون من الحصول على صواريخ طويلة المدى من
ليبيا، والتي كان بإمكانها أن تصل إلى أعماق العراق. وكان الإيرانيون أول
من استعمل الصواريخ وضربوا بها بغداد. وقال حسين إنه حذر الإيرانيين من
خلال خطاب ألقاه، لوقف اعتداءاتهم. ولكن إيران ضربت بغداد مجددا. ونصح
علماء حسين بأنه يمكنهم تحسين مدى الصواريخ لكي تطال قلب إيران أيضا. فطلب
إليهم أن يفعلوا ذلك. وردت العراق على ضرب بغداد بضرب طهران بصواريخها.
وقال حسين إن إيران صدمت بسبب صواريخ العراق، وقال إن طهران كانت أكثر عرضة
من بغداد لقصف الصواريخ بشكلها الجغرافي. وعرف حسين ذلك بـ«حرب المدن»
وقال إن تصرفات العراق كانت ردا على تصرفات إيران. وفي موضوع آخر، قال حسين
إنه يذكر فقط أنه استعمل الهاتف في مناسبتين منذ مارس (آذار) 1990. إضافة
إلى ذلك، فهو لم يمكث في المكان نفسه أكثر من يوم واحد، لأنه كان يعرف
بالقدرات التكنولوجية المتطورة للولايات المتحدة. وكان يستعمل البريد كأداة
تواصل، أو يقابل شخصيا مسؤولين في الحكومة لكي يناقش قضايا مهمة. وانتقل
الحديث بعد ذلك عن الرئيس الانتقالي للعراق، الشيخ غازي الياور. وقال حسين
إن الياور يأتي من عائلة جيدة وأنه سيلقى قبولا من بلدان أخرى في المنطقة،
خصوصا المملكة العربية السعودية. وقال إن الولايات المتحدة يبدو أنها بذلت
جهدا كبيرا لاختيار الياور، وأنها قامت بخيار حسن. وقال عندها بيرو لحسين
إن اختيار الياور لم يكن فقط قرارا أميركيا، بل قرار مشترك بين الولايات
المتحدة والأمم المتحدة. وسأله بيرو حينها عن شعوره الشخصي حيال النقاش عن
رئيس جديد للعراق. فبدأ حسين بالرد والحديث تحديدا عن الياور. فأوقفه بيرو
وسأله ما هو شعوره الشخصي. وذكر بيرو حسين في تصريح سابق له بأنه لا يزال
يعتبر نفسه رئيس العراق. وقال له إنه بات من الواضح الآن انه لم يعد الرئيس
وهناك رئيس جديد وحكومة جديدة. وقال له انه لم يعد رئيس العراق، وأنه
انتهى. فرد حسين بالإيجاب وقال نعم انه يعرف ذلك، وقال ما الذي يمكنه أن
يفعل أمام مشيئة الله. وسأله بيرو إذا كانت لديه أفكار عن مستقبله، فقال
حسين إنه بيد الله. وعندها قال بيرو لصدام حسين إن حياته شارفت على
النهاية، وسأله إذا أراد أن تكون لبقية حياته معنى، فأجاب حسين بنعم.
شعبي سيحبني بعد مماتي
· قال صدام حسين إنه يؤمن بأن الشعب سيحبه بعد مماته أكثر مما أحبه خلال
حياته. وذكر أن المزرعة حيث ألقي القبض عليه في ديسمبر (كانون الأول) 2003،
هي نفسها حيث بقي في عام 1959 بعد هربه من بغداد اثر مشاركته بمحاولة
اغتيال فاشلة للرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم. وسئل حسين ما إذا كان
قرار بدء الحرب ضد إيران في عام 1980 مستندا إلى تهديدات أو أنها كانت
وسيلة للمطالبة بأراض عربية / عراقية، وتحديدا شط العرب، فرد بالقول:
«نعتبر أن الحرب بدأت في 4 سبتمبر (أيلول) وليس في 22 سبتمبر كما تعتبرها
إيران». ثم أعطى حسين مثلا عن جاء فلاح. ويفضل حسين استعمال أمثلة عن
الزراعة والفلاحة لأنها تعني أشياء خاصة بالنسبة إليه. وقال: «في أحد
الأيام، يضرب ابن الجيران ولدك. وفي اليوم التالي، يزعج ابن الجيران
أبقارك. ولاحقا تتضرر حقولك بعد أن تسبب ابن الجيران بتعطيل نظام الري
لديك. إذا حصلت كل هذه الأحداث، وبعد عدد كاف من الحوادث، تبادر جارك وتروي
له الانتهاكات التي حصلت وتطلب إليه أن يتوقف. عادة، إنذار أو مصارحة تكفي
لوقف هذه التصرفات. ولكن مع إيران، فإن هذه المقاربة لم تنجح». إيران،
برأي صدام حسين، كانت تخرق اتفاق الجزائر الذي وقع في عام 1975 المتعلق
بقناة الري. كذلك، كانت إيران تتدخل بالشؤون السياسية العراقية، وهذا برأي
حسين، ترك العراق أمام خيار واحد.
الخميني والرسالة التي لم تفهمها إيران
* تحدث عن طريقة تفكير القادة الإيرانيين، تحديدا آية الله الخميني،
والقرار الإيراني بالدخول إلى الحرب. وقال إنه عندما وصل الخميني إلى
السلطة في عام 1979، كان لديه أمران «تدخلا» في ذهنه. الأول، أنه كان رجل
دين متعصبا يعتقد أن كل القادة هم مثل شاه إيران، شخص تسهل الإطاحة به. وظن
الخميني انه بسبب إطاحته بالشاه بهذه السهولة، يمكنه أن يفعل ذلك في أي
مكان، ومن ضمنها العراق. ثانيا، أن الخميني كانت لديه «عقدة» من مغادرته /
طرده من العراق في وقت سابق في نهاية السبعينات. والخميني بعد أن جرى نفيه
من إيران، كان «ضيفا» على العراق «وأعطي له مأوى» في النجف. وهو هناك، بدأ
يتحدث ضد الشاه والحكومة الإيرانية. الخميني، برأي حسين، لم يكن يحترم
الاتفاق الموقع (اتفاق الجزائر) بين العراق وإيران، وكان يتدخل بالشؤون
الإيرانية الداخلية. أعلمت الحكومة العراقية الخميني بموقفها، وقالت له
أيضا «أنت ضيفنا، لا أحد يمكنه أن يسألك أن تغادر أو أن يتم تسليمك». وقال
حسين أيضا إنه لا يندم على الطريقة التي عاملت بها العراق الخميني. وعند
سؤاله إذا كان الخميني قد أنكر معروف العراق بعد عودته من الكويت، وهي خطوة
كان يمكن أن تؤدي إلى رفض العراق إدخاله وإعادته إلى إيران، قال حسين: «لا
لم يكن ذلك ليغير من الوضع. الشعب لم يكن يريد الشاه». وأصبح الخميني رمزا
للشعب في إيران بعد مغادرته العراق، بسبب «طرده» من العراق. ورد حسين فقط
بـ«ربما» عندما سئل ما إذا كان آية الله سيد محمد اصدر، رجل دين شيعي مؤثر
أعدم في العراق في عام 1980، كان رمزا كهذا. ولكنه أضاف انه هو نفسه كان
رمزا لأنه كان يمكن رؤية صوره معلقة في داخل البيوت في أماكن أخرى في
العراق.
وتورد وثائق الإف بي آي أن صدام قال في إحدى المقابلات إن إيران لم تفهم
الرسالة عندما سحب العراق قواته في عام 1982، وشدد على القول هؤلاء إذا لم
تكسر رؤوسهم لن يفهموا. كما قال صدام إن العراق لم يكن مدينا بالكثير من
الأموال بعد الحرب مع إيران، فقد تلقى مساعدات من دول عربية ظن صدام أنها
ليست قروضا. وقال صدام بعد الحرب غيرت هذه الدول فكرها وطلبوا سداد الأموال
فقد رأت بعض الدول أن العراق يشكل تهديدا عسكريا بينما لم يروا إيران
تهديدا. وعند هذه النقطة ضحك صدام.
وحسب قول صدام في التحقيقات مع الاف بي آي فإن الخميني كان يظن أن الشيعة
في جنوب العراق سيتبعونه خاصة خلال الحرب ولكنهم لم يرحبوا به وكانوا
موالين للعراق وحاربوا الإيرانيين.
وعندما سئل صدام عما إذا كانت محاولات الاغتيال الإيرانية ضد مسؤولي
الحكومة العراقية قبل نشوب الحرب على يد جماعات مدعومة من طهران بما في ذلك
محاولة اغتيال طارق عزيز ولطيف جاسم، أثرت في قرار بغداد الذهاب إلى الحرب
ضد طهران، قال صدام إن هناك 540 هجوما إيرانيا على العراق قبل الحرب، منها
249 اختراقا جويا أو غارات. وقدم العراق هذه المعلومات إلى الأمم المتحدة
بينما أغلقت إيران شط العرب وأغرقت سفنا عراقية وأجنبية. وقال صدام قبل 29
سبتمبر (أيلول) 1980 قصفت إيران مصافي عراقية في البصرة ومدن أخرى جنوبية.
وكانت محاولات الاغتيال ضد طارق عزيز وجاسم وآخرين ضمن الأشياء التي قادت
إلى الحرب.
ولدى سؤال صدام عن الهدف من الحرب أجاب قائلا: اسألوا إيران هي التي بدأت
الحرب لقد شرحت كل أسباب الحرب سابقا، وعندما أعاد محقق إف بي اي السؤال
عليه قال صدام: الهدف هو جعل إيران تتوقف عن التدخل في شؤوننا الداخلية.
وأعاد صدام ذكر معلومات سابقة بما في ذلك انه يعتقد أن إيران خرقت اتفاقية
الجزائر الموقعة عام 1975 واحتلت كل شط العرب، بينما تنص الاتفاقية على أن
حقهم في نصفه فقط، كما أنها لم تتجاوب مع الاتصالات الدبلوماسية في ما
يتعلق بهذه القضية.
لا أحب السياسة أو السياسيين
* في إحدى المقابلات قال صدام: كنت أستطيع أن أكون سياسيا لو أردت لكني لا
أحب السياسة أو السياسيين، وعندما ووجه بأن البعض يعتقد أنه لعب سياسة مع
الأمم المتحدة، رد صدام قائلا: لقد التزمنا تماما بكل قرارات الأمم
المتحدة، يجب لوم الولايات المتحدة وليس الأمم المتحدة، نحن بين قلة من
الفرسان الباقين.
وقدم المحقق ملاحظة بأن بداية المشكلة بين العراق والعالم هي غزو الكويت،
ورد صدام قائلا إن الولايات المتحدة كان لديها خطة مع الكويت لمهاجمة
العراق، ونحن لدينا نسخة من هذه الخطة في يدنا، وخلال التحقيقات المطولة
حول قرار الأمم المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل، قال صدام: لقد دمرنا هذه
الأسلحة، وعندما سئل عن القيود التي كانت تفرض على المفتشين في دخول
مواقع، قال: أي مواقع؟ فرد المحقق: وزارة الزراعة، فأجاب صدام قائلا: والله
لو كان لدي هذه الأسلحة لكنت استخدمتها ضد الولايات المتحدة.
أعلن أنه خدم الشعب العراقي على مدار فترة طويلة للغاية
نص جلسة تحقيق: صدام يقتبس من كتابه زبيبة والملك
مكتب التحقيقات الفيدرالي ـ مركز عمليات بغداد ـ 7 فبراير (شباط) 2004 ـ
جلسة مقابلة رقم: 1
ـ المقابلة أجراها: جورج إل. بيرو ـ الترجمة العربية/الإنجليزية: أجريت
مقابلة مع صدام حسين (محتجز على درجة قصوى من الأهمية) في 7 فبراير (شباط)
2004، داخل منشأة احتجاز عسكرية بمطار بغداد الدولي، في بغداد، العراق.
وقدم صدام المعلومات التالية: أعلن صدام أنه خدم الشعب العراقي على مدار
فترة طويلة للغاية. ويرى أن إنجازاته الكبرى تتمثل في البرامج الاجتماعية
المعنية بمواطني العراق والتحسينات التي أدخلها على القطاعات الأخرى من
الاقتصاد، ومنها تطوير التعليم ونظام الرعاية الصحية والصناعة والزراعة
ومجالات أخرى رفعت بوجه عام مستوى الحياة بالنسبة للعراقيين. عام 1968، لم
يكن الشعب العراقي «يكاد يملك أي شيء»، حيث عانت البلاد من ندرة المواد
الغذائية، في القرى والمدن، وأهملت الأراضي الزراعية، واعتمدت الزراعة على
وسائل بدائية. واعتمد الاقتصاد العراقي بصورة كاملة على إنتاج النفط، الذي
صدر العراق الجزء الأكبر منه عبر شركات أجنبية، ولم تسيطر عليه الحكومة.
ومع تصنيع الدولة العراقية عددا ضئيلا للغاية من المنتجات، اضطرت إلى
استيراد معظم السلع. وكان نظام الرعاية الصحية «بدائيا»، وكان معدل الوفيات
شديد الارتفاع، خاصة بين الفقراء. وبالمثل، كانت معدلات وفيات الأطفال
مرتفعة للغاية، تقدر بما يتراوح بين 40% و50%، مع وقوع الكثير من الوفيات
أثناء فترة الحمل أو عند الولادة. من ناحية أخرى، بلغت معدلات معرفة
القراءة والكتابة حوالي 27%، علاوة على أن من صنفوا باعتبارهم «يعرفون
القراءة والكتابة» غالبا ما افتقروا إلى البراعة الحقيقية في أي من
المهارتين. وافتقرت المناطق الريفية بصورة شبه كاملة إلى الطرق، بينما كانت
حالة الطرق «متردية للغاية» في المدن العراقية. وعلى المستوى الجامعي،
توافرت فرص تعليمية محدودة للغاية، حتى داخل بغداد. وافتقر الكثير من المدن
لوجود أي كليات. بصورة عامة، كان الأثرياء وحدهم القادرين على إلحاق
أبنائهم بالتعليم الجامعي. قام صدام حسين بتحسين القطاعات سالفة الذكر
كافة. من ناحيته، يرى صدام أن هذا إنجازه و«الفضل» الأعظم الذي صنعه للشعب
العراقي.
وإجابة من جانبه عن تساؤل حول الأخطاء التي اقترفها، اعترف صدام بأن كل
البشر يرتكبون أخطاء، وأن الله وحده له العصمة من الخطأ. ونوه باعتقاده أن
الشخص الذي يجري معه المقابلة «ذكي»، ويبدو أنه قرأ تقارير عن لقاءات أجريت
من قبل معه. وقال صدام «ربما لن تكون المحادثة بين شخصين على هذا المستوى
من التعليم مفيدة أو ناجحة». وأضاف أنه إذا ما ادعى شخص ما لنفسه الكمال،
فإنه بذلك ينسب لنفسه الألوهية. واستطرد صدام موضحا أنه لم يجر النظر إلى
الجهود التي بذلها كافة باعتبارها ناجحة من وجهة نظر البعض. وعقد صدام
مقارنة بين تقديره لذاته وتقدير آخرين، مشيرا إلى وجود وجهات نظر متعارضة
مع آرائه بشأن نظام الحكم الأميركي، الذي قال إنه «غير مقتنع به». وأوضح أن
حوالي 30 مليون شخص يعانون مغبة الفقر داخل أميركا، لكن الأميركيين لا
يعتبرون هذا الأمر «جريمة». وأكد صدام أنه لن يقبل قط بمثل هذا الأمر
للعراق. وعندما جذب الشخص الذي يجري المقابلة انتباهه مرة أخرى باتجاه
الأخطاء التي ارتكبها، تساءل صدام «هل تظن أنني سأخبر عدوي إذا كنت اقترفت
خطأ؟»، وقال صدام إنه لن يحدد أخطاءه أمام عدو له، مثل أميركا. وأوضح أنه
لا يعتبر الشخص الذي يعقد المقابلة معه عدوا، ولا الشعب الأميركي، وإنما
النظام الأميركي الحاكم.
قال صدام إن الأهمية لا تقتصر على ما يقوله الناس أو يعتقدونه بشأنه الآن،
وإنما كذلك ما يعتقدونه في المستقبل، بعد 500 أو 1000 عام من الآن. بيد أن
الأهمية الكبرى تكمن فيما يراه الله. إذا ما قبل الله أمرا، فإنه سيقنع
الأفراد بتصديقه. وإذا لم يقبل الله أمرا، فليست هناك أهمية فيما يظنه
الناس. واستطرد صدام بأن «خائنا» قدم معلومات قادت لإلقاء القبض عليه.
وباعتباره «ضيفا» في المكان وكعراقي، لم يكن ينبغي تسليمه للقوات
الأميركية. وأكد أن أحفاد هذا «الخائن» سيحملونه المسؤولية وينقلون هذا
للأجيال القادمة.
فيما يخص المستقبل، أعرب صدام عن اعتقاده بأنه سيشتهر بعدله و«تعرضه
للظلم». وفي نهاية الأمر، يحق للعراقيين اعتقاد ما يروق لهم. وأعلن صدام أن
العراقيين لن يعقدوا مقارنة بين حكام ما قبل الإسلام وما بعده. وأشار إلى
أن المواطنين العراقيين تمتعوا بالقدرة على ممارسة حقوقهم المتعلقة بالحكم
الذاتي حسبما كفلها الدستور المؤقت الصادر عام 1990. وت
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر