إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا
هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
أما بعد فإن أصد الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة
بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
حياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء وأيها الإخوة الأحباب الأعزاء
وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم
جميعاً من الجنة منزلا
وأشهد الله أنني كنت منذ أمد بعيد في شوق إلى لقائكم يا أبناء
الشرقية يا أبناء مركز أبو كبير الله لكم وجزاكم الله خيراً على هذا
التنظيم البديع الذي أحمد الله سُبحانه وتعالى أن رأيت من أبناءنا من
أبناء العمل الإسلامي من يرتقي إلى هذه المكانة والمرتبة فجزاكم
الله خيراً وأسأل الله لكم مزيداً من السداد والتوفيق .
أحبتي في الله
المال والسلطة
سعادة أم شقاء؟
هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم المبارك
فأنا أكرر دائمًا وأقول لا ينبغى أن يكون العلماء والدعاة إلى الله بطرحهم الدعوى فى جانب
وأن تكون الأمة بمشكلاتها وأزماتها فى جانب آخر
لكن أسمحوا لى أن أبدأ من هنا
إنه الله
إن ما يجرى الآن على أرض مصر إنما هو تدبير الملك الحق
لا يستطيع أحد مهما جنح به الخيال أن يتخيل فضل الكبير المتعال على أهل هذا البلد الأبى الكريم
نعم إنها إرادة الله
ليست إرادة الشباب وليست إرادة الشعب وليست إرادة العلماء
وإنما هى إرادة ملك الأرض والسماء الذى ما شاء كان
وما لم يشأ لم يكن الذى لا يقع شىء فى كونه إلا بأمره وتحت سمعه وبصره .
والله لو أجتمع شباب مصر عن بكرة أبيهم
بل لو أجتمع شباب الأمة عن بكرة أبيهم
بل لو اجتمع شباب الأمة عن بكرة أبيهم
ليحققوا ما أراد الله جل وعلا تحقيقه فى مصر ما استطاعوا
إنما هى إرادة الله وحده{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
كل يوم هو فى شأن يرفع أقوام ويخفض آخرين
يُطلق أقوامًا ويحبس ويسجن آخرين
وينصر مظلومًا ويذل ظالمًا،ويقيل عثرة، ويستر عورة ويُقيم دولة ويُزيل دولة
ويقيل حاكمَ ويأتى بحاكمٍ ويدبر الأمر كله وفق المقادير التى قدّرها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة
فلا يتقدم ولا يتأخر قدر قدّره الله
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }
نعم أيها الأحبة الكرام
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
كل شىء فى الكون بقدره ولا يقع شىء فى كونه إلا تحت سمعه وبصره
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
قال أعرف الخلق به صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى [إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يُرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما أنتهى إليه بصره من خلقه ]
يأتى حبر من أحبار اليهود إلى سيدنا رسول الله كما فى الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود ويقول [يامحمد يامحمد إنّا نجد مكتوبًا عندنا فى التوراة أن الله تعالى يجعل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع والماء والثرى على أصبع والشجر على أصبع وسائر الخلائق على أصبع ثم يهزهن ويقول أنا الملك. فضحك النبى حتى بدت نواجذه تصديقًا منه لقول الحبر اليهودى وقرأ قول الرب العلى :
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }
والله الذى لا إله غيره لا يقع شىء فى بلدنا بل ولا فى كونه إلا بإرادته
فالإرادة نوعان : إرادة كونية قدرية ، وإرادة دينية شرعية
فالإرادة الكونية القدرية معناها أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
فلا تتوهم لحظة أن شىء ما يقع فى كونه إلا بقدره وإلا تحت سمعه وبصره
فاشكروا الله على نعمه واعلموا أن الفضل بيده
فالأمر أمره والفضل فضلهُ والملك مُلكه والحُكم حُكمه والتدبير تدبيرهُ والتصريف تصريفهُ
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ }
بعد ذلك أقول أيها الأحبة
الدنيا كلها بوتقة إختبار ودار إبتلاء ما خلقنا الله فيها إلا ليبتلينا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
قال تعالى
{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ } أي ليختبركم أي ليمتحنكم
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
وقال جل وعلا
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}
فالشر فتنة والخير فتنة
وأنت مبتلىً بالخير والشر
أنت مبتلىً بالخير هل ستحمد الله عليه؟
هل ستشكر الله على نعمه؟
هل ستوظف النعم فى طاعة المُنعم؟
هل ستُحسن إلى خلقه وعبادة ؟
أم أنك ستوظف هذه النعم توظيفًا لا يُرضيه توظيفًا يُسخطه ويُبغضه؟
توظيفاً تنالُ به سخطه ولا حول ولا قوة إلا به
هل ستنتبه إلى التضيق وإلى التوسعه لتعلم أنك بالضيق مُختبر وأنك فى السعة أيضًا مبتلى ومختبر
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }
فالدنيا كلها بوتقة إبتلاء والفطناء العقلاء هم الذين يعلمون حقيقة الدار ويعلمون أنها ليست دار إقامة وقرار
إنما هى دار زوال فالدنيا دار ممر والآخرة هي دار مقر فخذو من ممركم لمقركم
ولا تفضحوا أستاركم عند من يعلم أسراركم
فمهما عظمت دنياكم أيها الأحبة فهى حقيرة
ومهما طالت دنياكم فهى قصيرة لأن الدنيا مهما طالت ومهما عظمت فهى إلى زوال وفناء
ولأن الليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر
ولأن العمر مهما طال فلابد من دخول القبر
أيا من يدعى الفهم
إلى كم يا أخى الوهم
تُتبع الذنب بالذنب
وتخطىء الخطأ الجمّ
أما بان لك العيب
أما أنذرك الشيب
وما فى نصحه ريب
أما نادى بك الموت
أما أسمعك الصوت
أما تخشى من الفوت
فتحطات وتهتم
فكم تسير فى السهو
وتختال من الزهو
وتنفض إلى اللهو
كأن الموت ما عمّ
كأنى بك تنحط
إلى اللحد وتنغط
وقد أسلمك الرهط
إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود
ليستأكله الدود
إلى أن ينخر العود
ويمسى العظم قد رم
فزود نفسك الخير
ودع ما يُعقب الضير
وهيىء مركب السير
وخف من لجُة اليم
بذا أوصيك ياصاح
وقد بُحتك من باح
فطوبى لفتى راح
بآداب محمد يأتم
والله إن من لم يعتبر مما يجرى فى بلدنا فى هذه الأيام لا أظن أنه سيعتبر
لا أظن أن من لم يعتبر الآن سيعتبر إلا إذا شاء ربى شيئًا .
إن لم تأخذ العظة والعبرة الآن فمتى ؟
إن لم تقف الآن على هذه الأية الجليلة العظيمة فمتى ؟
العقلاء الفطناء هم الذين يقرأون الآيات
هم الذين يتدبرون الأيات
يقرأون الآيات القرآنية ويتدبرون الآيات الكونية وما أعظمها وأجلها الآن
لا ينبغى أن تقرأ الأخبار وأن تتابع الأحداث وأن تمصمص شفتيك وأن تهز رأسك
وأن تنطلق بعد ذلك فى حياتك المعتادة المنحرفة عن الله جل وعلا وكأن شىء لم يقع وكأن شيئًا لم يكن
من لم يتعلم الدرس الآن فهو مخذول ومن لم يستلهم العبرة الآن فهو غافل وما اخطر الغفلة وما أشنع الغفلة
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }
فالغافلون أضل من الأنعام بشهادة الله جل جلاله
أسأل الله أن يعصمني وإياكم من شر الغفلة
أقراءُوا الآيات القرآنية وتدبروا الآيات الكونية
وتابعوا الأحداث بأعين باكية وآذان منصتة وقلوب خاشعة وجددوا الأوبة والتوبة إلى الله سبحانه
وعلينا جميعًا أن نتخلص من كل صورة من صور الظلم
فها أنتم قد رأيتم بأعينكم عواقب الظلم الوخيمة في الدنيا قبل الاخرة
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }
أيها المظلوم صبراً لا تهن
إن عين الله يقظة لا تنام
نم قرير العين واهنأ خاطراً
فعدل الله دائم بين الأنام
وأنت أيها الظالم انتبه فقد رأيت وسمعت لا تتصور أن الآية التي
تراها بعينيك
وأن الأخبار التي تستمع إليها بأذنيك
ليست لي وليست لك
بل هي لنا جميعاً
بل هي لكل عاقلٍ يحمل في صدره قلباً يعيى عن الله ويعيى عن
الصادق رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه
أين الظالمون الآن؟
وأين التابعون لهم في الغي
بل أين فرعون وهامان
أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان
هل أبقى الموت ذا عز لعزته
أو هل نجى منه السلطان إنسان
لا والذي خلق الأكوان من عدم
الكل يفنى فلا أنس ولا جان
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد }
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}
عاودو لقراءة القرآن من جديد بتدبر لما يقع الآن أمام أعيننا وبين أيدينا
تصور الكثيرون أن المال والسلطة هما أكسير السعادة وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة
وانا أتسائل الآن
ومن حقي أن أتسائل مع كل إنسان عاقلٍ على أرض مصر بل على وجه الأرض
المال والسلطة سعادة أم شقاء؟
المال لا أقلل من قدره
ولا أقلل من شانه
فالمال ظل زائل
وعارية مسترجعة
وهو مع ذلك نعمة من أجلْ نعم الله
وزينة من زينة الحياة الدنيا
{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌعِندَرَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا }
المال زينة الحياة
وعصب الحياة
لكن له غاية
وله وظيفة
العاقل هو الذي يعرف الغاية من المال
ويعرف الوظيفة التي من اجلها وُجد المال
فهو يجمع من الحلال
ويؤدي في المال حق الكبير المتعال
وهو يعلم يقيناً أنه إلى زوال
إما أن يتركك المال
وأن تحرم أنت من المال
وإما أن تترك أنت المال لورثتك
ورسولنا يسأل أصحابه كما في صحيح البخاري ومسلم :
[أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ . قالوا يا رسول الله ما منا من أحد إلا ومالهُ أحب إليه من مال وارثه . قال : فإن له ما قدم ومال وارثه ما أخر]
فالمال أيها الأفاضل لا ينفع
والله لا ينفع
إلا إن جُمعَ من الحلال
وُوظف في مرضاة الكبير المتعال
ها انتم ترون الآن أصحاب المليارات
ولا أقول أصحاب الملايين
اصحب المليارات
وأصحاب الجاه والسلطة والسلطان
قد حُرموا من هذا المال كله
ولذا فأنا أطالب الآن
وأُخاطبهم الآن
لماذا لا يُرد هذا المال لأصحابه؟
لماذا لا يفيق هؤلاء ويردون هذا المال
إلى هذا الشعب الذي يقف طوابير طويلة
من اجل الحصول على رغيف خبز
أو على أنبوبة غاز
لماذا لا يفيق هؤلاء بعد هذه الآية
ويخرج علينا الجميع
بمبادرة ويقولون نتوب إلى الله تبارك وتعالى
فنحن لا نغلق باب التوبة في وجه أحد
أما الحق فلابد من أخذ الحق
لابد من القصاص
هذا من شروط التوبة
{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
أما من شروط التوبة ان يرد الحق إلى أصحابه
أن يردوا هذه المليارات الضخمة لهذا الشعب المحروم المسكين الصابر
الذي صبر على الأذى والألم والجوع لسنوات طويلة
يرد الحق إلى أهله
وباب التوبة بينهم وبين ربنا جل وعلا مفتوح
لا يُغلق في أي ساعة من ليل أو نهار
هذه مبادرة أخاطبهم بها الآن
وأسأل الله عز وجل أن يوصلها إليهم جميعاً
وأن يجعل قلوبهم وآذانهم متفتحة لهذه الدعوة
وأشهد الله إنها لله جل وعلا
أقول توبتكم بين ربنا جل وعلا
بابها لا يُغلق
لكن من شروطها
أن يُرد الحق إلى أهله
وأن يُرد المال إلى هذا الشعب المصري الأبي الذكي
وأن يأخذ هذا الشعب حقه
والتوبة لا يملك واحد منا
أن يُغلق بابها على أي واحد من هؤلاء
فباب التوبة لا يُغلق
حتى يُغرغر العبد
أو حتى تطلع الشمس من مغربها
نعم أيها الأحبة
المال لا قيمة له إن لم يُجمع من الحلال ويوظف في مرضات الكبير المتعال
وأظن أن الدرس الذي رأيناه وسمعناه أبلغ من كلام البلغاء
وأفصح من كلام الفصحاء
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }
لا تفرح يا صاحب المال الحرام
لا تفرح يا من سعيت في الأرض فساداً وجمعت المال بالاحتكار والظلم
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }
إن قارون كان رمزاً من رموز الفساد
التي تتكرر في كل عصر ومصر
اقرءوا القرءان وتدبروا الآيات
إن قارون كان ابن عم موسى عليه الصلاة والسلام
على الراجح من أقوال أهل العلم
كان ابن عم موسى
ومع ذلك طغى وبغى وظلم وتجاوز الحق
واستعلى على قومه بهذا المال
وخرج من آن لأخر
في زينته
بمنتهى الكبر والفخر والخيلاء
يستعلي بماله وجاهه وسلطته وسطوته ومركزه وسلطانه
فماذا كانت النتيجة
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ}
ظلمهم
وما أشنع الظلم
وما أبشع الظلم
ولا تستهن بدعوة مظلوم
فإن الملك الحق يغار للمظلومين
ويرفع دعوتهم فوق الغمام
ويخاطبها جل جلاله ويقول لها :
(وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
كما في رواية الحاكم من حديث ابن عمر بسند صحيح
يقول لها : (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
وقد ذكرت موقفاً أراني مضطراً لذكره الآن في دقيقة
لما انتهت دولة البرامكة وسُجن حاكم البرامكة خالد المبرمك
سُجن مع ولده حُبس مع ولده
ويشاء ربنا جلاله أن يُحبس الحاكم مع ولده في زنزانة واحدة
لا إله إلا الله
يُحبس مع ولده في سجن واحد في زنزانة واحدة
فبكى ولده في السجن وأجهش بالبكاء
ونظر إلى أبيه وقال :
يا أبتي من الملك والعز والجاه والسلطان
إلى السجن في زنزانة واحدة
إلى السجن والقيد في زنزانة واحدة
فنظر إليه والده وقال يا بني إنها دعوة مظلوم سرت إلى الله بليل غفلنا عنها ولم يغفل عنها الله
دعوة مظلوم
فكيف إذا كانت دعوة لملايين المظلومين
والله لا أبالغ
كيف إذا كانت الدعوة لملايين المقهورين
لآلاف المعذبين
لآلاف المحرومين
المقهورين المظلومين
المكبوتين
أن تتخيل أن الله لا يغار للمظلومين؟
لا ورب الكعبة
ليس أحد أغير على الحق وأهله من الله
وليس أحد أغير على المستضعفين والمظلومين من الله
(وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
هكذا يُخاطب ربنا جل جلاله
دعوة المظلوم فوق أي أرض وتحت أي سماء
بل إن الله يُقيم دولة العدل وإن كانت كافرة
ولا يُقيم دولة الظلم وإن كانت مسلمة
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ}
ولاحظ أن الكنوز هو ما زاد عن حاجة الاستعمال الشخصي
فالكنز مدخر
الكنز هو ما يستغني عنه الإنسان
يكنزه لا يستعمله في البيع والشراء
فالكنوز فقط مفاتِيحها يعجز عصبة من الرجال الأشداء الأقوياء
على حمل مفاتيح الكنوز
فكيف بالكنوز نفسها
وكيف بما زاد عن كنوز قارون
قصور ومليارات وعقارات في الداخل والخارج وأرصدة
{ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}
وهل الفرح حرام؟
والجواب :
الفرح نوعان : فرح مُحرّم وفرح محمود مشروع
أما الفرح المحرم : فهو فرح الكبر والبطر ،
فرح الاستعلاء والظلم والبطش والطغيان
فرح الاستعلاء بالنعمة فرح التبطر بالنعمة على المُنعم
أما الفرح المحمود : فرح القرب من الله فرح الأنس بالله {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}
{لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ }
استغل ووظف ما أنعم الله به عليك في القرب منه في نيل رضوانه في العمل للأخرة فهي دار الحيوان
أي دار الحياة الأبدية القائمة الدائمة
{ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا }
ليس معنى أن تعمل للآخرة أن تهجر الدنيا
ما قال بذلك قرآن ولا سنة
بل الدنيا مزرعة للاخرة
ازرع هنا لتحصد هنالك
إن لله عباد فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست للحي وطنا
جعلوها لجة واتخذو صالح الأعمال فيها سفنا
قال علي رضي الله عنه : (الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار غنى لمن تزود منها ودار نجاة لمن فهم عنها فهي مهبط وحي الله ومُصلى أنبياء الله ومتجر أول أنبياء الله فربحوا فيها الرحمة وكسبوا فيها الجنة )
وها هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجمع جمعاً بديعاً بين الدنيا والآخرة فيقول في دعاءه
(اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر )
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}
أحسن إلى خلقه
أحسن إلى عباده
وسع على الفقراء والمساكين
كما أحسن إليك رب العالمين
ورزقك من واسع فضله
وأغناك من عظيم جوده ونعمه وكرمه
{ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}
فماذا قال؟
وهي كلمات قديمة حديثة يرددها أهل المال من المفسدين
قال { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
انتبه !
قال ابن كثير وغيره معناها : لولا أن الله يعلم أنني أهلُُ لهذه النعمة ما أنعم بها عليّ
كلمة متكررة
يا فلان اتق الله
يا فلان لا تفسد
لا تحتكر أطعمة الناس
حتى الطماطم تُحتكر
ألم يكفي الحديد؟
ألم يكفي مواد البناء ؟
حتى الأغذية
حتى الأطعمة
لمَ هذا الفساد؟
ولمَ هذا الظلم؟
ولمَ هذا الاستغلال الرخيص لأقوات الجوعى والمحرومين والفقراء والمساكين
والله لا نريد حكومة تراقبنا
وإنما نريد أن نربي أنفسنا على مراقبة ربنا جل جلاله
ما الداعي لأن نزيد الآن في أسعار السلع ؟
ما الداعي للمشقة على الفقراء والمحتاجين ؟
لماذا؟
إن لم نجد قانون يراقبنا الآن
وإن لم نجد مفتش تومين يحاصرنا الآن
فلماذا لا تكون مراقبتنا لربنا جل جلاله ؟
لماذا لا يتنازل الآن التجار عن قليل من ثمن كل سلعة
بنية التوسعة على الفقراء
بنية التوسعة على المحتاجين
إذا كان ثمن الطماطم مثلاً سبعة جنيهات لماذا لا يبيعونها بخمسة جنيهات؟
وأنا أقصد بذلك وجه رب الأرض والسماوات
لأفتح الطريق أمام غيري من التجار للتخفيف والتيسير على الخلق وعلى العباد
لماذا هذا الجشع والاستغلال؟
لماذا نزيد الفتنة فتنة
ومن الضيق ضيقً
والألم ألماً
لماذا لا يتحرك أهل الفضل في قرية أو في مدينة أو مركز ليذهب رجل من أهل الفضل إلى تاجر جملة يبيع الطماطم مثلاً أو البطاطس مثلاً
ليقول له : عندك كم طن؟
عشرة طن طماطم
عشرة طن بطاطس
كم ثمنها ؟
أتفضل
ويأتيك كل فقير وكل محتاج طوال هذا الأسبوع أعطهِ مجاناً
ولا يذهب إلا من هو محتاج فعلاً
أنا أكاد اندهش لشعب اليابان والله يكاد عقلي أن يطيش
مع هذه الأزمة المزلزلة هذا الزلزال وتسونامي
أنا أتابع شعب اليابان متابعة دقيقة وأبكِ على أمتي
أبكِ على أمة القرءان والسنة
أجد العجب العُجاب يا إخوة
الشعب الياباني في هذه الأزمة
انظروا إليه في هذه الأزمة
حتى وهو يقف ليأخذ غذاءً أو ماءً يقف في طابور منظم
لا ترى هرجاً ولا مرجاً
ولا ترى تعدياً
لم نسمع عن حالة سرقة في اليابان
لم نسمع عن حالة بلطجة واحدة في اليابان
بل أكاد أعجب
يدخل الشعب الياباني إلى المحلات العامة للشراء
والله بكيت بكيت بالدمع
يدخل ليشتري في ظل هذه الأزمة فلا يشتري الواحد منهم أو السيدة منهم إلا ما يكفيه ليوم واحد فقط ليدع فرصة لغيره ليشتري
أي أخلاق هذه ؟
هذه أخلاقنا نحن
هذا ديننا نحن
الذي علمنا الإيثار
الذي علمنا النظام
الذي علمنا الصف
أمتنا أمة الصف
أمتنا أمة النظام
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}
حتى في الصلاة (لتسوُن بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)
.
ما علاقة تسمية الصف بإتلاف القلوب
علاقة وثيقة إذا استوت الصفوف التقت القلوب
وإذا تبعثرت الصفوف تبعثرت القلوب وتنازعت القلوب
لتسوُن بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
نعم أيها الأحبة
يجب أن تتعلم أمتنا الدرس
وأن نٌربّي أنفسنا من جديد على أننا لا نحتاج أبداً إلى أي جهة رقابية
لتُصحح انحرافنا
لتقوم اعوجاجنا
لتُحدد لنا مسارنا وطريقنا
بل يجب أن نكون قادة
في اتخاذا القرارات وتنفيذها
وشبابنا بفضل الله جل وعلا مليء بالطاقات ومليء بالقدرات
يجب أن نُغير من أعماقنا ومن أنفسنا
لم نتغير من دساتير وأن وُضعت كل يوم
ولن نتغير بالقوانين وإن سُنت كل ساعة
إنما التغيير من أعماقنا
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
لا تتخلى أبداً عن الله
ولا تنحرف عن الله
ولا عن منهج رسول الله صلى الله عليه وعلى من والاه
ولا تقل قولة قارون { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
بل الفضل لله إبتداء وانتهاءَ
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
لولا أن الله يرى ويعلم أهلًُ لنعمه وأهلًُ لفضله ما أنعم بهذه النعم علىّ
هل تسمح لي أن أضع بين يديك الآن تيرمومتراً دقيقاً جداً
تستطيع من خلاله أن تقيس
هل ما أنت فيه من النعم فضل الله عليك أم أنه
غضب من الله عليك
خذ هذا الترمومتر الدقيق وقس بها كل نعمة أنعم الله بها عليك
من مال ، من صحة ، من زوجة ، من ولد ، من كرسي ، من
مكانة ، من سلطة ، من سلطان ، من أي نعمة
إذا كانت النعم التي بين يديك تقربك من الله جل وعلا
فاعلم بأنها علامة رضا الله عليك وهي محض فضل الله عليك
وإن كانت النعم بين يديك تُبعدك عن الله جل وعلا
فاعلم بأنها الفتنة في ثوب النعمة
واعلم بأنها المحنة في ثوب المنحة وهي علامة على سخط الله وغضبه عليك
قال جل جلاله : {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ*نُسَارِعُ لَهُمْفِيالْخَيْرَاتِ بَل لّا يَشْعُرُونَ }
أي لا يشعرون بأنهم مستدرجون بها من الله جل وعلا .
قال تعالى : {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍحَتَّى إِذَا فَرِحُواْبِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
لا تغتر إن جمعت من الحلال وأديت حق الكبير المتعال فهي النعمة التي تستوجب الشكر
وإن جمعت من الحرام فاعلم بأنه غضب من الله عليك
وعلامة سخط الله عليك فانتبه!
ورد الحق إلى أهله وطهر قلبك وطهر مالك وطهر نفسك
واعلم أن المال إلى زوال
واعلم أن الدنيا كلها إلى فناء
فبادر قبل أن يأتيك الموت {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
لا أريد أن أطيل النفس مع قصة قارون فهي تحتاج إلى لقاء كامل
لكنِ أقف مع قوله تبارك وتعالى :
{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ }
اسمع من القرءان { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ}
أين رجاله؟
ما نصروه بل تخلى عنه الجميع لأنه لا يقدر أحد أن يرد قدر الواحد الأحد
أين جُندهُ وحشمُه وخدمهُ؟
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}
أي وما استطاع هو بنفسه أن ينصر نفسه أو أن يرد الأذى عن نفسه
إنه الله
بصق النبي يوماً على كفه كما في مسند أحمد من حديث بسر بن جحاش القرشي بسند حسن وقال
: قال الله تعالى (يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة)
مضى الآوان
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}
من منكم يتمنى الآن أن يكون مكان واحداً من هؤلاء؟
{ وَيْكَأَنَّ} أنه فضل الله عليك
اسمع ما أقول لتتعلم هذا الدرس اليوم
اعلم يقيناً أن فضل الله عطاء وأن منعهُ عطاء
ما أنت فيه عطاء وما منعه عنك عطاء
ولكنك لا تدري حين تقدمت من خمس سنوات أو عشر سنوات للوزير الفلاني
لتحصل على عشرة آلاف فدان بطريقة أو بأخرى بالرشوة أو بغيرها
ومنعت وعدت حزيناً وقلت أين أنا من فلان وفلان وفلان
آلا تشعر الآن بأن الله حينما منعك قد أعطاك
آلا تشعر الآن بأن فضل الله عليك كان كبيراً إذ منعك وحرمك
فكن على يقين أن كل تقدير الله لك هو الخير
عطاءه خير ومنعه لك خير وأنت لا تدري لأنك لا تعلم ما في غدٍ
فكن على يقين وثقة مُطلقة أن ما أصابك لم يكن ليخطئك
وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك
ولو علمت الغيب لسعدت وحمدت الله جل وعلا على ما قدره لك من واقعك الذي تعيشه الآن
{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَْ}
أيها الأحبة
المال قد يكون سبباً من أسباب السعادة وقد يكون سبباً من أسباب الشقاء
وكذلك السلطة قد تكون سبباً من أسباب السعادة لك في الدنيا والآخرة
وقد تكون سبباً أيضاً من أسباب الشقاء
ستسعد بسُلطتك إن وظفتها لدين الله وإن وظفتها لخدمة خلق الله
إنها فرصة ساقها الله إليك لتخدم دينك ولتخدم أهلك من خلالها
فوظفها لذلك لتسعد بها في الدنيا والآخرة
مراجع وها أنت قد رأيت أن السلطة أيضاً إلى زوال مهما كان بهرجها وزخرفها وقوتها
في لحظة تزول فوظفها لدينك ولشعبك ولأمتك ولبلدك
وظف منصبك لخدمة هذا البلد بكل ما أتاك الله عز وجل من قوة وأمانة
أعجب لأولئك الذين أتاهم الله المال والجاه والسلطان
وراحو يتسابقون بهذه النعم لخدمة دين الله سبحانه
وللتوسعة على الفقراء والمساكين
انظر معي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر يوماً على السوق
فيرى إبلاً سمينة فيسعد عمر من النظر إليها ويقول :
إبل من هذه؟ فيقول الناس . إبل عبد الله بن عمر فيردد عمر إبل عبد الله بن عمر
نعم ما الحرج في ذلك ؟
وما العيب؟
فيقول : ائتوني به
ويأتي عبد الله بن عمر إمام الزهد والورع ويقول السلام عليك يا أمير المؤمنين
فيرد عليه السلام ويقول : يا عبد الله ما هذه الإبل؟
فيقول عبد الله بن عمر : إبل هزيلة ضعيفة اشتريتها بخالص مالي
وأطلقتها في الحمى ترعى لأبتغي ما يبتغيه سائر الناس من الربح والتجارة ، وما العيب في ذلك؟
فيقول عمر بن الخطاب في تهكم لاذع : بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين، وإذا رأى الناس إبلك قالوا:
ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين! اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين.
عبد الله .. قال لبيك يا أبتي قال انطلق الآن فبع الإبل وخذ رأس مالك فقط ورد الربح إلى بيت مال المسلمين .
هؤلاء هم السادة
ويراه عثمان بن عفان يجري في الصحراء في يوم شديد الحرارة في وقت الظهيرة
وأنتم تعلمون حرارة المدينة النبوية
تكاد الأشعة المنعكسة على الرمال فقط أن تسرق الأبصار
فيراه عثمان فيقول يا ترى من هذا الذي يجري في وقت الظهيرة
ويقترب هذا الذي يجري
ويصرخ عثمان أنه أمير المؤمنين
أنه عمر بن الخطاب
يا أمير المؤمنين ما الذي أخرجك في هذا الجو القائظ أي شديد الحر
فيرد عمر ويقول : بعير جمل من إبل الصدقة قد ند أي شرد يا عثمان
وأخشى عليه الضياع وأخشى أن أُسأل عنه بين يدي الله يوم القيامة .
فيقول عثمان تعال إلى الظل وإلى الماء البارد
وكلم أحد عُمالك ليأتيك بالبعير الشارد
فيلتفت إليه عمر ويقول عُد إلى ظلك وماءك البارد يا عثمان ءأنت ستُسأل عنه بدلاً مني أمام الله يوم القيامة .
هؤلاء هُم الذين عرفوا قدر الأمانة
حين سمعوا رسول الله يقول :
[إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأّدى الذي عليه فيها ]
أيها الأحبة
لا أريد أن أطيل على حضراتكم أكثر من ذلك
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأضع بين أيديكم نقاط وخطوات عملية واضحة سريعة جداً
لطريق السعادة والهناء والفلاح في الدنيا والآخرة وذلك بعد جلسة استراحة
أقول قولي هذا واستعفر الله العظيم لي ولكم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .
وبعد :
فيا أيها الأحبة الكرام
طريق السعادة في كلمات محددة
وطريق النجاة في الإيمان والاستقامة على طريق النبي محمد في الإيمان بالله جل وعلا
والاستقامة على طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } .
قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }.
وقال جل وعلا { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.
الإيمان والعمل الصالح { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }
أي حياة كريمة أي حياة هانئة أي حياة سعيدة وهي حياة القناعة والرضى
[من بات آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها].
{ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
ثانياً : الإيمان بالقدر خيره وشره .
ارضى بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس ، لا تتسخط على الله جل وعلا ولا تشكوا المخلوق للخالق والرزاق المرزوق .
واعلم بأن ما أنت فيه من خير إنما هو فضل الله عز وجل عليك فاحمد الله على ما أنت فيه
ولا حرج أن تسأل الله المزيد من فضله فالله
واسع عليم .
لا حرج
وهذا لا يتنافى مع ذاك
فالإيمان بالقدر يملأ القلب بالرضا ، ويملأ القلب بالقوة وبالشجاعة وبالسعادة
[واعلم لو أن الأمة اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك
واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك رُفعت الأقلام وجفت الصحف]
ثالثاً : الإحسان إلى الخلق
أحسن إلى الناس
وأنا أخاطب الآن شعب مصر الذكي بمسلميه
وأقباطه أن يُحسنوا إلى هذا البلد
وأن يُحسن الجميع إلى الجميع لا أن يرفع الآن الجميع شعار إسقاط الجميع .
فأنا أرى شعار المرحلة الأخيرة (الشعب يريد إسقاط الشعب).
والشعب كله يشكك في كل الشعب .
ونلمح فتنة خبيثة خطيرة يُرادُ أن تُشتعل نيرانُها مرة أخرى بعد أن حاول أولئك المفسدون أن يشعلوا نار الفتنة الطائفية ولكن الله سلم.
وحاولوا أن يُشعلوا نار الفتنة بين السلفية والصوفية ولكن الله سلم
يريدون أن يشعلوا فتنة هي أخطر عندي من أي فتنة آلا وهي فتنة العداء والصدام بين الشعب والجيش .
الجيش صمام الأمان بإذن الله !
الجيش هو الذي حمى الثورة وهو الذي دافع عن الثورة ولا زال .
لا ينبغي على الإطلاق أن نتهمهُ أو أن نخونه .
الكمال لله وحده والعصمة للنبي صلى الله عليه وسلم .
ولا ينبغي أن نُطالب الجيش بالتغيير لفساد مضى عليه ثلاثون عاماً ليُغيره في ثلاثين يوماً أو في ثلاثين شهر
هذا مخالف لسنن الله الكونية الثابتة فالتدرج من سنن الله في التشريع وكذلك في التغيير .
لابد أن نكون على بصيرة وعلى حكمة
فتخوين الجيش حكم بالإعدام على أهل هذا البلد
تخوين الجيش والصدام مع الجيش وصراع شبابنا وشعبنا مع الجيش حكم بالإعدام على هذا البلد
يجب على العقلاء أن يفوتوا هذه الفرصة على أولئك المفسدين المزورين المضللين الذين أرادوا أن يشعلوا النار في بلادنا
أحسن إلى أهل هذا البلد أحسن بالكلمة لا تقل أي شيء في أي وقت بلا ضابط
لا تتكلم أي كلمة بلا وازع من دين أو ضمير ولا تنقل إشاعة بلا تثبت أو تحرّىً
كن صادقاً في قولك وكن أمينا في نقلك
واعلم أن الإشاعة الآن خطيرة
والبيئة التي نحياها بيئة إشاعات
بيقول
مين اللي بيقول؟
هما بيقولوا
هما مين ؟
بيقولوا
يا عم مين اللي بيقول ؟
وتسري الإشاعة سريان النار في الهشيم ليشعر الناس بالفزع والشك والتخوين والقلق والهم والغم والارتباك والخوف
لماذا؟
أحسن إلى هذا البلد
هذا البلد وصية رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم [أنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما].
فليحسن الغني إلى الفقير والقوي إلى الضعيف
والشاب إلى الشيخ الكبير والطالب إلى العالم الجليل
ولُيحسن الكبير إلى الصغير أيضاً
فليُحسن بعضنا إلى بعض ولنمد جسور الثقة بيننا ولننبذ الشك والتشكيك في كل أحد وفي كل مؤسسات الدولة.
وكأن كل مؤسسة في الدولة أصبحت عصابة من المفسدين
هذا ظلم يا سادة
هذا ظلم ورب الكعبة لا يُرضي ربنا
وأخشى أن ننطلق لنعالج الظلم بظلم والباطلٍ بباطل والفسادٍ بفساد
الأصل في مؤسساتنا الشرف والشرفاء والأمانة والأمناء
يُنحى المفسدون ويحاسبوا محاسبة عادلة بلا ظلم ولا تشف على العين والرأس
لكن فليبقى الشرفاء في المؤسسة الشرطية في المؤسسة العسكرية في المؤسسة الإعلامية في المؤسسة التعليمية
في المؤسسة الاقتصادية والدينية وليمد الشعب
يده إلى هؤلاء الشرفاء في كل المؤسسات لنعيد
بناء بلدنا لنعيد تغيير بلدنا .
لقد سعدت سعادة غامرة وأنا في طريقي إليكم
الآن في مدينة المنصورة أرى شباب وفتيات في
عمر الزهر والورد يكنسون الشوارع وينظفونها
جميل أن نرى هذا في بلادنا
جميل أن أرى هذا النظام البديع أن أرى الدراجات
البخارية تقف في مكان بعيد عن ساحة المسجد
ليعطي الإخوة المنظمون جزاهم الله خيراً فرصة
لهذه الجموع الطيبة الكبيرة أن تصل إلى المسجد في أمن ويسر وسلاسة
هذا جميل
لم ينظم هذا إخواننا في الشرطة أو في المرور بل نظم هذا شبابنا
وهذا ما نحتاج إليه لا نريد أن نكلف الحكومة بكل
شيء بل نريد أن نتكلف نحن بما نقدر عليه
من أي شيء نستطيع أن نخدم به بلدنا وأهلنا
جميل أن نرى في كل قرية من يخرج من أه
الفضل يقدم مشروعات
ولو كانت قليلة صغيرة ليعمل شبابنا ولو كان
براتب قليل المهم أن يجد عملاً وأن لا يجلس
المهم أن يساعد نفسه وليساعد أهله وليساعد بلده
يجب أن نتحرك ونحسن جميعاً إلى هذا البلد
أيها الأفاضل ورب الكعبة إن الإحسان إلى الغير لمن أعظم أسباب السعادة وراحة البال وانشراح الصدر واستقرار الضمير
لأن من أسماء الله الشكور والشكور هو الذي يشكر لك صنيعك بالمعروف
يشكر لك صنيعك بالسعادة تستشعر حلاوتها في صدرك
تستشعر راحة البال وطمأنينة القلب وانشراح الصدر فأحسن إلى خلق الله وإلى عباد الله تبارك وتعالى
ودعوتي للجميع أن يجددوا الأوبة وأن يجددوا التوبة
وأنا والله الذي لا إله غيره ادعوا الوزراء
والحكام وأبنائهم أدعوهم من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى أن يتوبوا إلى الله جل وعلا وأن يعترفوا
بجرمهم وأخطائهم وتقصيرهم
وأن يعلموا أن باب التوبة لا يغلق
ولكن من شروط التوبة المقبولة أن يرد الحق إلى أصحابه فليردوا هذه الأموال والمليارات الطائلة إلى شعب مصر لينعم بعد حرمان طويل
أما توبتهم ففي أي ساعة من ليل أو نهار يصدق أحدهم ويُقبل على العزيز الغفار
والله جل جلاله يقول : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع الكريم ذنباً إلا غفرته
ولا مريضاً إلا شافيته ولا ديناً إلا قضيته ولا ميتً لنا إلا رحمته ولا عاصياً إلا هديته
ولا طائعاً إلا زدته وثبته ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين
اللهم اجعل جمعنا هذا مرحوما وتفرقنا من بعده معصوما ولا تجعل فينا شقي ولا محروما
يارب لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم اجعل مصر آمنا مطمئناً
اللهم اجعل مصر آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين
اللهم اجعل مصر آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين
اللهم ارزق مصر الحكام الصالحين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة النافعة يا أرحم الراحمين
اللهم حكم فينا كتابك وسنة رسولك
اللهم حكم فينا كتابك وسنة رسولك
اللهم حكم فينا كتابك وسنة رسولك
اللهم استر نسائنا واحفظ شبابنا واهدي أولادنا {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}.
هذا وما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان
وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويُرمى به في جهنم
أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا
هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }.
أما بعد فإن أصد الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة
بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
حياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء وأيها الإخوة الأحباب الأعزاء
وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم
جميعاً من الجنة منزلا
وأشهد الله أنني كنت منذ أمد بعيد في شوق إلى لقائكم يا أبناء
الشرقية يا أبناء مركز أبو كبير الله لكم وجزاكم الله خيراً على هذا
التنظيم البديع الذي أحمد الله سُبحانه وتعالى أن رأيت من أبناءنا من
أبناء العمل الإسلامي من يرتقي إلى هذه المكانة والمرتبة فجزاكم
الله خيراً وأسأل الله لكم مزيداً من السداد والتوفيق .
أحبتي في الله
المال والسلطة
سعادة أم شقاء؟
هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم المبارك
فأنا أكرر دائمًا وأقول لا ينبغى أن يكون العلماء والدعاة إلى الله بطرحهم الدعوى فى جانب
وأن تكون الأمة بمشكلاتها وأزماتها فى جانب آخر
لكن أسمحوا لى أن أبدأ من هنا
إنه الله
إن ما يجرى الآن على أرض مصر إنما هو تدبير الملك الحق
لا يستطيع أحد مهما جنح به الخيال أن يتخيل فضل الكبير المتعال على أهل هذا البلد الأبى الكريم
نعم إنها إرادة الله
ليست إرادة الشباب وليست إرادة الشعب وليست إرادة العلماء
وإنما هى إرادة ملك الأرض والسماء الذى ما شاء كان
وما لم يشأ لم يكن الذى لا يقع شىء فى كونه إلا بأمره وتحت سمعه وبصره .
والله لو أجتمع شباب مصر عن بكرة أبيهم
بل لو أجتمع شباب الأمة عن بكرة أبيهم
بل لو اجتمع شباب الأمة عن بكرة أبيهم
ليحققوا ما أراد الله جل وعلا تحقيقه فى مصر ما استطاعوا
إنما هى إرادة الله وحده{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}
{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
كل يوم هو فى شأن يرفع أقوام ويخفض آخرين
يُطلق أقوامًا ويحبس ويسجن آخرين
وينصر مظلومًا ويذل ظالمًا،ويقيل عثرة، ويستر عورة ويُقيم دولة ويُزيل دولة
ويقيل حاكمَ ويأتى بحاكمٍ ويدبر الأمر كله وفق المقادير التى قدّرها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة
فلا يتقدم ولا يتأخر قدر قدّره الله
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }
نعم أيها الأحبة الكرام
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
كل شىء فى الكون بقدره ولا يقع شىء فى كونه إلا تحت سمعه وبصره
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
قال أعرف الخلق به صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى [إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يُرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبحات وجهه ما أنتهى إليه بصره من خلقه ]
يأتى حبر من أحبار اليهود إلى سيدنا رسول الله كما فى الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود ويقول [يامحمد يامحمد إنّا نجد مكتوبًا عندنا فى التوراة أن الله تعالى يجعل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع والماء والثرى على أصبع والشجر على أصبع وسائر الخلائق على أصبع ثم يهزهن ويقول أنا الملك. فضحك النبى حتى بدت نواجذه تصديقًا منه لقول الحبر اليهودى وقرأ قول الرب العلى :
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }
والله الذى لا إله غيره لا يقع شىء فى بلدنا بل ولا فى كونه إلا بإرادته
فالإرادة نوعان : إرادة كونية قدرية ، وإرادة دينية شرعية
فالإرادة الكونية القدرية معناها أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
فلا تتوهم لحظة أن شىء ما يقع فى كونه إلا بقدره وإلا تحت سمعه وبصره
فاشكروا الله على نعمه واعلموا أن الفضل بيده
فالأمر أمره والفضل فضلهُ والملك مُلكه والحُكم حُكمه والتدبير تدبيرهُ والتصريف تصريفهُ
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ }
بعد ذلك أقول أيها الأحبة
الدنيا كلها بوتقة إختبار ودار إبتلاء ما خلقنا الله فيها إلا ليبتلينا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
قال تعالى
{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ } أي ليختبركم أي ليمتحنكم
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
وقال جل وعلا
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}
فالشر فتنة والخير فتنة
وأنت مبتلىً بالخير والشر
أنت مبتلىً بالخير هل ستحمد الله عليه؟
هل ستشكر الله على نعمه؟
هل ستوظف النعم فى طاعة المُنعم؟
هل ستُحسن إلى خلقه وعبادة ؟
أم أنك ستوظف هذه النعم توظيفًا لا يُرضيه توظيفًا يُسخطه ويُبغضه؟
توظيفاً تنالُ به سخطه ولا حول ولا قوة إلا به
هل ستنتبه إلى التضيق وإلى التوسعه لتعلم أنك بالضيق مُختبر وأنك فى السعة أيضًا مبتلى ومختبر
{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }
فالدنيا كلها بوتقة إبتلاء والفطناء العقلاء هم الذين يعلمون حقيقة الدار ويعلمون أنها ليست دار إقامة وقرار
إنما هى دار زوال فالدنيا دار ممر والآخرة هي دار مقر فخذو من ممركم لمقركم
ولا تفضحوا أستاركم عند من يعلم أسراركم
فمهما عظمت دنياكم أيها الأحبة فهى حقيرة
ومهما طالت دنياكم فهى قصيرة لأن الدنيا مهما طالت ومهما عظمت فهى إلى زوال وفناء
ولأن الليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر
ولأن العمر مهما طال فلابد من دخول القبر
أيا من يدعى الفهم
إلى كم يا أخى الوهم
تُتبع الذنب بالذنب
وتخطىء الخطأ الجمّ
أما بان لك العيب
أما أنذرك الشيب
وما فى نصحه ريب
أما نادى بك الموت
أما أسمعك الصوت
أما تخشى من الفوت
فتحطات وتهتم
فكم تسير فى السهو
وتختال من الزهو
وتنفض إلى اللهو
كأن الموت ما عمّ
كأنى بك تنحط
إلى اللحد وتنغط
وقد أسلمك الرهط
إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود
ليستأكله الدود
إلى أن ينخر العود
ويمسى العظم قد رم
فزود نفسك الخير
ودع ما يُعقب الضير
وهيىء مركب السير
وخف من لجُة اليم
بذا أوصيك ياصاح
وقد بُحتك من باح
فطوبى لفتى راح
بآداب محمد يأتم
والله إن من لم يعتبر مما يجرى فى بلدنا فى هذه الأيام لا أظن أنه سيعتبر
لا أظن أن من لم يعتبر الآن سيعتبر إلا إذا شاء ربى شيئًا .
إن لم تأخذ العظة والعبرة الآن فمتى ؟
إن لم تقف الآن على هذه الأية الجليلة العظيمة فمتى ؟
العقلاء الفطناء هم الذين يقرأون الآيات
هم الذين يتدبرون الأيات
يقرأون الآيات القرآنية ويتدبرون الآيات الكونية وما أعظمها وأجلها الآن
لا ينبغى أن تقرأ الأخبار وأن تتابع الأحداث وأن تمصمص شفتيك وأن تهز رأسك
وأن تنطلق بعد ذلك فى حياتك المعتادة المنحرفة عن الله جل وعلا وكأن شىء لم يقع وكأن شيئًا لم يكن
من لم يتعلم الدرس الآن فهو مخذول ومن لم يستلهم العبرة الآن فهو غافل وما اخطر الغفلة وما أشنع الغفلة
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }
فالغافلون أضل من الأنعام بشهادة الله جل جلاله
أسأل الله أن يعصمني وإياكم من شر الغفلة
أقراءُوا الآيات القرآنية وتدبروا الآيات الكونية
وتابعوا الأحداث بأعين باكية وآذان منصتة وقلوب خاشعة وجددوا الأوبة والتوبة إلى الله سبحانه
وعلينا جميعًا أن نتخلص من كل صورة من صور الظلم
فها أنتم قد رأيتم بأعينكم عواقب الظلم الوخيمة في الدنيا قبل الاخرة
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }
أيها المظلوم صبراً لا تهن
إن عين الله يقظة لا تنام
نم قرير العين واهنأ خاطراً
فعدل الله دائم بين الأنام
وأنت أيها الظالم انتبه فقد رأيت وسمعت لا تتصور أن الآية التي
تراها بعينيك
وأن الأخبار التي تستمع إليها بأذنيك
ليست لي وليست لك
بل هي لنا جميعاً
بل هي لكل عاقلٍ يحمل في صدره قلباً يعيى عن الله ويعيى عن
الصادق رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه
أين الظالمون الآن؟
وأين التابعون لهم في الغي
بل أين فرعون وهامان
أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان
هل أبقى الموت ذا عز لعزته
أو هل نجى منه السلطان إنسان
لا والذي خلق الأكوان من عدم
الكل يفنى فلا أنس ولا جان
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد }
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}
عاودو لقراءة القرآن من جديد بتدبر لما يقع الآن أمام أعيننا وبين أيدينا
تصور الكثيرون أن المال والسلطة هما أكسير السعادة وسبيل النجاة في الدنيا والآخرة
وانا أتسائل الآن
ومن حقي أن أتسائل مع كل إنسان عاقلٍ على أرض مصر بل على وجه الأرض
المال والسلطة سعادة أم شقاء؟
المال لا أقلل من قدره
ولا أقلل من شانه
فالمال ظل زائل
وعارية مسترجعة
وهو مع ذلك نعمة من أجلْ نعم الله
وزينة من زينة الحياة الدنيا
{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌعِندَرَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا }
المال زينة الحياة
وعصب الحياة
لكن له غاية
وله وظيفة
العاقل هو الذي يعرف الغاية من المال
ويعرف الوظيفة التي من اجلها وُجد المال
فهو يجمع من الحلال
ويؤدي في المال حق الكبير المتعال
وهو يعلم يقيناً أنه إلى زوال
إما أن يتركك المال
وأن تحرم أنت من المال
وإما أن تترك أنت المال لورثتك
ورسولنا يسأل أصحابه كما في صحيح البخاري ومسلم :
[أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ . قالوا يا رسول الله ما منا من أحد إلا ومالهُ أحب إليه من مال وارثه . قال : فإن له ما قدم ومال وارثه ما أخر]
فالمال أيها الأفاضل لا ينفع
والله لا ينفع
إلا إن جُمعَ من الحلال
وُوظف في مرضاة الكبير المتعال
ها انتم ترون الآن أصحاب المليارات
ولا أقول أصحاب الملايين
اصحب المليارات
وأصحاب الجاه والسلطة والسلطان
قد حُرموا من هذا المال كله
ولذا فأنا أطالب الآن
وأُخاطبهم الآن
لماذا لا يُرد هذا المال لأصحابه؟
لماذا لا يفيق هؤلاء ويردون هذا المال
إلى هذا الشعب الذي يقف طوابير طويلة
من اجل الحصول على رغيف خبز
أو على أنبوبة غاز
لماذا لا يفيق هؤلاء بعد هذه الآية
ويخرج علينا الجميع
بمبادرة ويقولون نتوب إلى الله تبارك وتعالى
فنحن لا نغلق باب التوبة في وجه أحد
أما الحق فلابد من أخذ الحق
لابد من القصاص
هذا من شروط التوبة
{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
أما من شروط التوبة ان يرد الحق إلى أصحابه
أن يردوا هذه المليارات الضخمة لهذا الشعب المحروم المسكين الصابر
الذي صبر على الأذى والألم والجوع لسنوات طويلة
يرد الحق إلى أهله
وباب التوبة بينهم وبين ربنا جل وعلا مفتوح
لا يُغلق في أي ساعة من ليل أو نهار
هذه مبادرة أخاطبهم بها الآن
وأسأل الله عز وجل أن يوصلها إليهم جميعاً
وأن يجعل قلوبهم وآذانهم متفتحة لهذه الدعوة
وأشهد الله إنها لله جل وعلا
أقول توبتكم بين ربنا جل وعلا
بابها لا يُغلق
لكن من شروطها
أن يُرد الحق إلى أهله
وأن يُرد المال إلى هذا الشعب المصري الأبي الذكي
وأن يأخذ هذا الشعب حقه
والتوبة لا يملك واحد منا
أن يُغلق بابها على أي واحد من هؤلاء
فباب التوبة لا يُغلق
حتى يُغرغر العبد
أو حتى تطلع الشمس من مغربها
نعم أيها الأحبة
المال لا قيمة له إن لم يُجمع من الحلال ويوظف في مرضات الكبير المتعال
وأظن أن الدرس الذي رأيناه وسمعناه أبلغ من كلام البلغاء
وأفصح من كلام الفصحاء
{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }
لا تفرح يا صاحب المال الحرام
لا تفرح يا من سعيت في الأرض فساداً وجمعت المال بالاحتكار والظلم
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ }
إن قارون كان رمزاً من رموز الفساد
التي تتكرر في كل عصر ومصر
اقرءوا القرءان وتدبروا الآيات
إن قارون كان ابن عم موسى عليه الصلاة والسلام
على الراجح من أقوال أهل العلم
كان ابن عم موسى
ومع ذلك طغى وبغى وظلم وتجاوز الحق
واستعلى على قومه بهذا المال
وخرج من آن لأخر
في زينته
بمنتهى الكبر والفخر والخيلاء
يستعلي بماله وجاهه وسلطته وسطوته ومركزه وسلطانه
فماذا كانت النتيجة
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ}
ظلمهم
وما أشنع الظلم
وما أبشع الظلم
ولا تستهن بدعوة مظلوم
فإن الملك الحق يغار للمظلومين
ويرفع دعوتهم فوق الغمام
ويخاطبها جل جلاله ويقول لها :
(وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
كما في رواية الحاكم من حديث ابن عمر بسند صحيح
يقول لها : (وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
وقد ذكرت موقفاً أراني مضطراً لذكره الآن في دقيقة
لما انتهت دولة البرامكة وسُجن حاكم البرامكة خالد المبرمك
سُجن مع ولده حُبس مع ولده
ويشاء ربنا جلاله أن يُحبس الحاكم مع ولده في زنزانة واحدة
لا إله إلا الله
يُحبس مع ولده في سجن واحد في زنزانة واحدة
فبكى ولده في السجن وأجهش بالبكاء
ونظر إلى أبيه وقال :
يا أبتي من الملك والعز والجاه والسلطان
إلى السجن في زنزانة واحدة
إلى السجن والقيد في زنزانة واحدة
فنظر إليه والده وقال يا بني إنها دعوة مظلوم سرت إلى الله بليل غفلنا عنها ولم يغفل عنها الله
دعوة مظلوم
فكيف إذا كانت دعوة لملايين المظلومين
والله لا أبالغ
كيف إذا كانت الدعوة لملايين المقهورين
لآلاف المعذبين
لآلاف المحرومين
المقهورين المظلومين
المكبوتين
أن تتخيل أن الله لا يغار للمظلومين؟
لا ورب الكعبة
ليس أحد أغير على الحق وأهله من الله
وليس أحد أغير على المستضعفين والمظلومين من الله
(وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
هكذا يُخاطب ربنا جل جلاله
دعوة المظلوم فوق أي أرض وتحت أي سماء
بل إن الله يُقيم دولة العدل وإن كانت كافرة
ولا يُقيم دولة الظلم وإن كانت مسلمة
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ}
ولاحظ أن الكنوز هو ما زاد عن حاجة الاستعمال الشخصي
فالكنز مدخر
الكنز هو ما يستغني عنه الإنسان
يكنزه لا يستعمله في البيع والشراء
فالكنوز فقط مفاتِيحها يعجز عصبة من الرجال الأشداء الأقوياء
على حمل مفاتيح الكنوز
فكيف بالكنوز نفسها
وكيف بما زاد عن كنوز قارون
قصور ومليارات وعقارات في الداخل والخارج وأرصدة
{ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}
وهل الفرح حرام؟
والجواب :
الفرح نوعان : فرح مُحرّم وفرح محمود مشروع
أما الفرح المحرم : فهو فرح الكبر والبطر ،
فرح الاستعلاء والظلم والبطش والطغيان
فرح الاستعلاء بالنعمة فرح التبطر بالنعمة على المُنعم
أما الفرح المحمود : فرح القرب من الله فرح الأنس بالله {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}
{لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ }
استغل ووظف ما أنعم الله به عليك في القرب منه في نيل رضوانه في العمل للأخرة فهي دار الحيوان
أي دار الحياة الأبدية القائمة الدائمة
{ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا }
ليس معنى أن تعمل للآخرة أن تهجر الدنيا
ما قال بذلك قرآن ولا سنة
بل الدنيا مزرعة للاخرة
ازرع هنا لتحصد هنالك
إن لله عباد فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست للحي وطنا
جعلوها لجة واتخذو صالح الأعمال فيها سفنا
قال علي رضي الله عنه : (الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار غنى لمن تزود منها ودار نجاة لمن فهم عنها فهي مهبط وحي الله ومُصلى أنبياء الله ومتجر أول أنبياء الله فربحوا فيها الرحمة وكسبوا فيها الجنة )
وها هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجمع جمعاً بديعاً بين الدنيا والآخرة فيقول في دعاءه
(اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر )
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}
أحسن إلى خلقه
أحسن إلى عباده
وسع على الفقراء والمساكين
كما أحسن إليك رب العالمين
ورزقك من واسع فضله
وأغناك من عظيم جوده ونعمه وكرمه
{ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}
فماذا قال؟
وهي كلمات قديمة حديثة يرددها أهل المال من المفسدين
قال { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
انتبه !
قال ابن كثير وغيره معناها : لولا أن الله يعلم أنني أهلُُ لهذه النعمة ما أنعم بها عليّ
كلمة متكررة
يا فلان اتق الله
يا فلان لا تفسد
لا تحتكر أطعمة الناس
حتى الطماطم تُحتكر
ألم يكفي الحديد؟
ألم يكفي مواد البناء ؟
حتى الأغذية
حتى الأطعمة
لمَ هذا الفساد؟
ولمَ هذا الظلم؟
ولمَ هذا الاستغلال الرخيص لأقوات الجوعى والمحرومين والفقراء والمساكين
والله لا نريد حكومة تراقبنا
وإنما نريد أن نربي أنفسنا على مراقبة ربنا جل جلاله
ما الداعي لأن نزيد الآن في أسعار السلع ؟
ما الداعي للمشقة على الفقراء والمحتاجين ؟
لماذا؟
إن لم نجد قانون يراقبنا الآن
وإن لم نجد مفتش تومين يحاصرنا الآن
فلماذا لا تكون مراقبتنا لربنا جل جلاله ؟
لماذا لا يتنازل الآن التجار عن قليل من ثمن كل سلعة
بنية التوسعة على الفقراء
بنية التوسعة على المحتاجين
إذا كان ثمن الطماطم مثلاً سبعة جنيهات لماذا لا يبيعونها بخمسة جنيهات؟
وأنا أقصد بذلك وجه رب الأرض والسماوات
لأفتح الطريق أمام غيري من التجار للتخفيف والتيسير على الخلق وعلى العباد
لماذا هذا الجشع والاستغلال؟
لماذا نزيد الفتنة فتنة
ومن الضيق ضيقً
والألم ألماً
لماذا لا يتحرك أهل الفضل في قرية أو في مدينة أو مركز ليذهب رجل من أهل الفضل إلى تاجر جملة يبيع الطماطم مثلاً أو البطاطس مثلاً
ليقول له : عندك كم طن؟
عشرة طن طماطم
عشرة طن بطاطس
كم ثمنها ؟
أتفضل
ويأتيك كل فقير وكل محتاج طوال هذا الأسبوع أعطهِ مجاناً
ولا يذهب إلا من هو محتاج فعلاً
أنا أكاد اندهش لشعب اليابان والله يكاد عقلي أن يطيش
مع هذه الأزمة المزلزلة هذا الزلزال وتسونامي
أنا أتابع شعب اليابان متابعة دقيقة وأبكِ على أمتي
أبكِ على أمة القرءان والسنة
أجد العجب العُجاب يا إخوة
الشعب الياباني في هذه الأزمة
انظروا إليه في هذه الأزمة
حتى وهو يقف ليأخذ غذاءً أو ماءً يقف في طابور منظم
لا ترى هرجاً ولا مرجاً
ولا ترى تعدياً
لم نسمع عن حالة سرقة في اليابان
لم نسمع عن حالة بلطجة واحدة في اليابان
بل أكاد أعجب
يدخل الشعب الياباني إلى المحلات العامة للشراء
والله بكيت بكيت بالدمع
يدخل ليشتري في ظل هذه الأزمة فلا يشتري الواحد منهم أو السيدة منهم إلا ما يكفيه ليوم واحد فقط ليدع فرصة لغيره ليشتري
أي أخلاق هذه ؟
هذه أخلاقنا نحن
هذا ديننا نحن
الذي علمنا الإيثار
الذي علمنا النظام
الذي علمنا الصف
أمتنا أمة الصف
أمتنا أمة النظام
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}
حتى في الصلاة (لتسوُن بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)
.
ما علاقة تسمية الصف بإتلاف القلوب
علاقة وثيقة إذا استوت الصفوف التقت القلوب
وإذا تبعثرت الصفوف تبعثرت القلوب وتنازعت القلوب
لتسوُن بين صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
نعم أيها الأحبة
يجب أن تتعلم أمتنا الدرس
وأن نٌربّي أنفسنا من جديد على أننا لا نحتاج أبداً إلى أي جهة رقابية
لتُصحح انحرافنا
لتقوم اعوجاجنا
لتُحدد لنا مسارنا وطريقنا
بل يجب أن نكون قادة
في اتخاذا القرارات وتنفيذها
وشبابنا بفضل الله جل وعلا مليء بالطاقات ومليء بالقدرات
يجب أن نُغير من أعماقنا ومن أنفسنا
لم نتغير من دساتير وأن وُضعت كل يوم
ولن نتغير بالقوانين وإن سُنت كل ساعة
إنما التغيير من أعماقنا
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
لا تتخلى أبداً عن الله
ولا تنحرف عن الله
ولا عن منهج رسول الله صلى الله عليه وعلى من والاه
ولا تقل قولة قارون { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
بل الفضل لله إبتداء وانتهاءَ
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}
لولا أن الله يرى ويعلم أهلًُ لنعمه وأهلًُ لفضله ما أنعم بهذه النعم علىّ
هل تسمح لي أن أضع بين يديك الآن تيرمومتراً دقيقاً جداً
تستطيع من خلاله أن تقيس
هل ما أنت فيه من النعم فضل الله عليك أم أنه
غضب من الله عليك
خذ هذا الترمومتر الدقيق وقس بها كل نعمة أنعم الله بها عليك
من مال ، من صحة ، من زوجة ، من ولد ، من كرسي ، من
مكانة ، من سلطة ، من سلطان ، من أي نعمة
إذا كانت النعم التي بين يديك تقربك من الله جل وعلا
فاعلم بأنها علامة رضا الله عليك وهي محض فضل الله عليك
وإن كانت النعم بين يديك تُبعدك عن الله جل وعلا
فاعلم بأنها الفتنة في ثوب النعمة
واعلم بأنها المحنة في ثوب المنحة وهي علامة على سخط الله وغضبه عليك
قال جل جلاله : {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ*نُسَارِعُ لَهُمْفِيالْخَيْرَاتِ بَل لّا يَشْعُرُونَ }
أي لا يشعرون بأنهم مستدرجون بها من الله جل وعلا .
قال تعالى : {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍحَتَّى إِذَا فَرِحُواْبِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
لا تغتر إن جمعت من الحلال وأديت حق الكبير المتعال فهي النعمة التي تستوجب الشكر
وإن جمعت من الحرام فاعلم بأنه غضب من الله عليك
وعلامة سخط الله عليك فانتبه!
ورد الحق إلى أهله وطهر قلبك وطهر مالك وطهر نفسك
واعلم أن المال إلى زوال
واعلم أن الدنيا كلها إلى فناء
فبادر قبل أن يأتيك الموت {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
لا أريد أن أطيل النفس مع قصة قارون فهي تحتاج إلى لقاء كامل
لكنِ أقف مع قوله تبارك وتعالى :
{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ }
اسمع من القرءان { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ}
أين رجاله؟
ما نصروه بل تخلى عنه الجميع لأنه لا يقدر أحد أن يرد قدر الواحد الأحد
أين جُندهُ وحشمُه وخدمهُ؟
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}
أي وما استطاع هو بنفسه أن ينصر نفسه أو أن يرد الأذى عن نفسه
إنه الله
بصق النبي يوماً على كفه كما في مسند أحمد من حديث بسر بن جحاش القرشي بسند حسن وقال
: قال الله تعالى (يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة)
مضى الآوان
{ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}
من منكم يتمنى الآن أن يكون مكان واحداً من هؤلاء؟
{ وَيْكَأَنَّ} أنه فضل الله عليك
اسمع ما أقول لتتعلم هذا الدرس اليوم
اعلم يقيناً أن فضل الله عطاء وأن منعهُ عطاء
ما أنت فيه عطاء وما منعه عنك عطاء
ولكنك لا تدري حين تقدمت من خمس سنوات أو عشر سنوات للوزير الفلاني
لتحصل على عشرة آلاف فدان بطريقة أو بأخرى بالرشوة أو بغيرها
ومنعت وعدت حزيناً وقلت أين أنا من فلان وفلان وفلان
آلا تشعر الآن بأن الله حينما منعك قد أعطاك
آلا تشعر الآن بأن فضل الله عليك كان كبيراً إذ منعك وحرمك
فكن على يقين أن كل تقدير الله لك هو الخير
عطاءه خير ومنعه لك خير وأنت لا تدري لأنك لا تعلم ما في غدٍ
فكن على يقين وثقة مُطلقة أن ما أصابك لم يكن ليخطئك
وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك
ولو علمت الغيب لسعدت وحمدت الله جل وعلا على ما قدره لك من واقعك الذي تعيشه الآن
{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَْ}
أيها الأحبة
المال قد يكون سبباً من أسباب السعادة وقد يكون سبباً من أسباب الشقاء
وكذلك السلطة قد تكون سبباً من أسباب السعادة لك في الدنيا والآخرة
وقد تكون سبباً أيضاً من أسباب الشقاء
ستسعد بسُلطتك إن وظفتها لدين الله وإن وظفتها لخدمة خلق الله
إنها فرصة ساقها الله إليك لتخدم دينك ولتخدم أهلك من خلالها
فوظفها لذلك لتسعد بها في الدنيا والآخرة
مراجع وها أنت قد رأيت أن السلطة أيضاً إلى زوال مهما كان بهرجها وزخرفها وقوتها
في لحظة تزول فوظفها لدينك ولشعبك ولأمتك ولبلدك
وظف منصبك لخدمة هذا البلد بكل ما أتاك الله عز وجل من قوة وأمانة
أعجب لأولئك الذين أتاهم الله المال والجاه والسلطان
وراحو يتسابقون بهذه النعم لخدمة دين الله سبحانه
وللتوسعة على الفقراء والمساكين
انظر معي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر يوماً على السوق
فيرى إبلاً سمينة فيسعد عمر من النظر إليها ويقول :
إبل من هذه؟ فيقول الناس . إبل عبد الله بن عمر فيردد عمر إبل عبد الله بن عمر
نعم ما الحرج في ذلك ؟
وما العيب؟
فيقول : ائتوني به
ويأتي عبد الله بن عمر إمام الزهد والورع ويقول السلام عليك يا أمير المؤمنين
فيرد عليه السلام ويقول : يا عبد الله ما هذه الإبل؟
فيقول عبد الله بن عمر : إبل هزيلة ضعيفة اشتريتها بخالص مالي
وأطلقتها في الحمى ترعى لأبتغي ما يبتغيه سائر الناس من الربح والتجارة ، وما العيب في ذلك؟
فيقول عمر بن الخطاب في تهكم لاذع : بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين، وإذا رأى الناس إبلك قالوا:
ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين! اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين.
عبد الله .. قال لبيك يا أبتي قال انطلق الآن فبع الإبل وخذ رأس مالك فقط ورد الربح إلى بيت مال المسلمين .
هؤلاء هم السادة
ويراه عثمان بن عفان يجري في الصحراء في يوم شديد الحرارة في وقت الظهيرة
وأنتم تعلمون حرارة المدينة النبوية
تكاد الأشعة المنعكسة على الرمال فقط أن تسرق الأبصار
فيراه عثمان فيقول يا ترى من هذا الذي يجري في وقت الظهيرة
ويقترب هذا الذي يجري
ويصرخ عثمان أنه أمير المؤمنين
أنه عمر بن الخطاب
يا أمير المؤمنين ما الذي أخرجك في هذا الجو القائظ أي شديد الحر
فيرد عمر ويقول : بعير جمل من إبل الصدقة قد ند أي شرد يا عثمان
وأخشى عليه الضياع وأخشى أن أُسأل عنه بين يدي الله يوم القيامة .
فيقول عثمان تعال إلى الظل وإلى الماء البارد
وكلم أحد عُمالك ليأتيك بالبعير الشارد
فيلتفت إليه عمر ويقول عُد إلى ظلك وماءك البارد يا عثمان ءأنت ستُسأل عنه بدلاً مني أمام الله يوم القيامة .
هؤلاء هُم الذين عرفوا قدر الأمانة
حين سمعوا رسول الله يقول :
[إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأّدى الذي عليه فيها ]
أيها الأحبة
لا أريد أن أطيل على حضراتكم أكثر من ذلك
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأضع بين أيديكم نقاط وخطوات عملية واضحة سريعة جداً
لطريق السعادة والهناء والفلاح في الدنيا والآخرة وذلك بعد جلسة استراحة
أقول قولي هذا واستعفر الله العظيم لي ولكم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .
وبعد :
فيا أيها الأحبة الكرام
طريق السعادة في كلمات محددة
وطريق النجاة في الإيمان والاستقامة على طريق النبي محمد في الإيمان بالله جل وعلا
والاستقامة على طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } .
قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ }.
وقال جل وعلا { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.
الإيمان والعمل الصالح { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }
أي حياة كريمة أي حياة هانئة أي حياة سعيدة وهي حياة القناعة والرضى
[من بات آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها].
{ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
ثانياً : الإيمان بالقدر خيره وشره .
ارضى بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس ، لا تتسخط على الله جل وعلا ولا تشكوا المخلوق للخالق والرزاق المرزوق .
واعلم بأن ما أنت فيه من خير إنما هو فضل الله عز وجل عليك فاحمد الله على ما أنت فيه
ولا حرج أن تسأل الله المزيد من فضله فالله
واسع عليم .
لا حرج
وهذا لا يتنافى مع ذاك
فالإيمان بالقدر يملأ القلب بالرضا ، ويملأ القلب بالقوة وبالشجاعة وبالسعادة
[واعلم لو أن الأمة اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك
واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك رُفعت الأقلام وجفت الصحف]
ثالثاً : الإحسان إلى الخلق
أحسن إلى الناس
وأنا أخاطب الآن شعب مصر الذكي بمسلميه
وأقباطه أن يُحسنوا إلى هذا البلد
وأن يُحسن الجميع إلى الجميع لا أن يرفع الآن الجميع شعار إسقاط الجميع .
فأنا أرى شعار المرحلة الأخيرة (الشعب يريد إسقاط الشعب).
والشعب كله يشكك في كل الشعب .
ونلمح فتنة خبيثة خطيرة يُرادُ أن تُشتعل نيرانُها مرة أخرى بعد أن حاول أولئك المفسدون أن يشعلوا نار الفتنة الطائفية ولكن الله سلم.
وحاولوا أن يُشعلوا نار الفتنة بين السلفية والصوفية ولكن الله سلم
يريدون أن يشعلوا فتنة هي أخطر عندي من أي فتنة آلا وهي فتنة العداء والصدام بين الشعب والجيش .
الجيش صمام الأمان بإذن الله !
الجيش هو الذي حمى الثورة وهو الذي دافع عن الثورة ولا زال .
لا ينبغي على الإطلاق أن نتهمهُ أو أن نخونه .
الكمال لله وحده والعصمة للنبي صلى الله عليه وسلم .
ولا ينبغي أن نُطالب الجيش بالتغيير لفساد مضى عليه ثلاثون عاماً ليُغيره في ثلاثين يوماً أو في ثلاثين شهر
هذا مخالف لسنن الله الكونية الثابتة فالتدرج من سنن الله في التشريع وكذلك في التغيير .
لابد أن نكون على بصيرة وعلى حكمة
فتخوين الجيش حكم بالإعدام على أهل هذا البلد
تخوين الجيش والصدام مع الجيش وصراع شبابنا وشعبنا مع الجيش حكم بالإعدام على هذا البلد
يجب على العقلاء أن يفوتوا هذه الفرصة على أولئك المفسدين المزورين المضللين الذين أرادوا أن يشعلوا النار في بلادنا
أحسن إلى أهل هذا البلد أحسن بالكلمة لا تقل أي شيء في أي وقت بلا ضابط
لا تتكلم أي كلمة بلا وازع من دين أو ضمير ولا تنقل إشاعة بلا تثبت أو تحرّىً
كن صادقاً في قولك وكن أمينا في نقلك
واعلم أن الإشاعة الآن خطيرة
والبيئة التي نحياها بيئة إشاعات
بيقول
مين اللي بيقول؟
هما بيقولوا
هما مين ؟
بيقولوا
يا عم مين اللي بيقول ؟
وتسري الإشاعة سريان النار في الهشيم ليشعر الناس بالفزع والشك والتخوين والقلق والهم والغم والارتباك والخوف
لماذا؟
أحسن إلى هذا البلد
هذا البلد وصية رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم [أنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما].
فليحسن الغني إلى الفقير والقوي إلى الضعيف
والشاب إلى الشيخ الكبير والطالب إلى العالم الجليل
ولُيحسن الكبير إلى الصغير أيضاً
فليُحسن بعضنا إلى بعض ولنمد جسور الثقة بيننا ولننبذ الشك والتشكيك في كل أحد وفي كل مؤسسات الدولة.
وكأن كل مؤسسة في الدولة أصبحت عصابة من المفسدين
هذا ظلم يا سادة
هذا ظلم ورب الكعبة لا يُرضي ربنا
وأخشى أن ننطلق لنعالج الظلم بظلم والباطلٍ بباطل والفسادٍ بفساد
الأصل في مؤسساتنا الشرف والشرفاء والأمانة والأمناء
يُنحى المفسدون ويحاسبوا محاسبة عادلة بلا ظلم ولا تشف على العين والرأس
لكن فليبقى الشرفاء في المؤسسة الشرطية في المؤسسة العسكرية في المؤسسة الإعلامية في المؤسسة التعليمية
في المؤسسة الاقتصادية والدينية وليمد الشعب
يده إلى هؤلاء الشرفاء في كل المؤسسات لنعيد
بناء بلدنا لنعيد تغيير بلدنا .
لقد سعدت سعادة غامرة وأنا في طريقي إليكم
الآن في مدينة المنصورة أرى شباب وفتيات في
عمر الزهر والورد يكنسون الشوارع وينظفونها
جميل أن نرى هذا في بلادنا
جميل أن أرى هذا النظام البديع أن أرى الدراجات
البخارية تقف في مكان بعيد عن ساحة المسجد
ليعطي الإخوة المنظمون جزاهم الله خيراً فرصة
لهذه الجموع الطيبة الكبيرة أن تصل إلى المسجد في أمن ويسر وسلاسة
هذا جميل
لم ينظم هذا إخواننا في الشرطة أو في المرور بل نظم هذا شبابنا
وهذا ما نحتاج إليه لا نريد أن نكلف الحكومة بكل
شيء بل نريد أن نتكلف نحن بما نقدر عليه
من أي شيء نستطيع أن نخدم به بلدنا وأهلنا
جميل أن نرى في كل قرية من يخرج من أه
الفضل يقدم مشروعات
ولو كانت قليلة صغيرة ليعمل شبابنا ولو كان
براتب قليل المهم أن يجد عملاً وأن لا يجلس
المهم أن يساعد نفسه وليساعد أهله وليساعد بلده
يجب أن نتحرك ونحسن جميعاً إلى هذا البلد
أيها الأفاضل ورب الكعبة إن الإحسان إلى الغير لمن أعظم أسباب السعادة وراحة البال وانشراح الصدر واستقرار الضمير
لأن من أسماء الله الشكور والشكور هو الذي يشكر لك صنيعك بالمعروف
يشكر لك صنيعك بالسعادة تستشعر حلاوتها في صدرك
تستشعر راحة البال وطمأنينة القلب وانشراح الصدر فأحسن إلى خلق الله وإلى عباد الله تبارك وتعالى
ودعوتي للجميع أن يجددوا الأوبة وأن يجددوا التوبة
وأنا والله الذي لا إله غيره ادعوا الوزراء
والحكام وأبنائهم أدعوهم من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى أن يتوبوا إلى الله جل وعلا وأن يعترفوا
بجرمهم وأخطائهم وتقصيرهم
وأن يعلموا أن باب التوبة لا يغلق
ولكن من شروط التوبة المقبولة أن يرد الحق إلى أصحابه فليردوا هذه الأموال والمليارات الطائلة إلى شعب مصر لينعم بعد حرمان طويل
أما توبتهم ففي أي ساعة من ليل أو نهار يصدق أحدهم ويُقبل على العزيز الغفار
والله جل جلاله يقول : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع الكريم ذنباً إلا غفرته
ولا مريضاً إلا شافيته ولا ديناً إلا قضيته ولا ميتً لنا إلا رحمته ولا عاصياً إلا هديته
ولا طائعاً إلا زدته وثبته ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين
اللهم اجعل جمعنا هذا مرحوما وتفرقنا من بعده معصوما ولا تجعل فينا شقي ولا محروما
يارب لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم لا تحرم مصر من نعمة الأمن والأمان
اللهم اجعل مصر آمنا مطمئناً
اللهم اجعل مصر آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين
اللهم اجعل مصر آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين
اللهم ارزق مصر الحكام الصالحين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة النافعة يا أرحم الراحمين
اللهم حكم فينا كتابك وسنة رسولك
اللهم حكم فينا كتابك وسنة رسولك
اللهم حكم فينا كتابك وسنة رسولك
اللهم استر نسائنا واحفظ شبابنا واهدي أولادنا {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}.
هذا وما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان
وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويُرمى به في جهنم
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر