صدمة وفاة الأب

أنا أم طبيبة، ولكنى مصدومة فى ابنى الوحيد، الذى توفى والده وهو ما زال فى الخامسة من عمره، فهو عنيد وأحس أنه يكرهنى، هو ثانوية عامة، ودائماً يفعل عكس ما أقوله، بل ويتطاول علىّ، وأنا الآن تقدم لى رجل فاضل يطلب الزواج منى، ولا أعرف ماذا أفعل مع هذا الطفل العدوانى الذى لا يقدر الأمومة؟

يجيب أ. د. طارق أسعد أستاذ الطب النفسى–طب عين شمس:

الأخت والزميلة الفاضلة:

بالقطع لا يمكن الوقوف على الحالة النفسية لولدك بدقة دون الجلوس معه وأخذ التاريخ المرضى والعائلى بالتفصيل، ولكن ما تم ذكره من الأعراض يشير إلى احتمال وجود نوع من اضطرابات الشخصية، تبدأ علاماته منذ الصغر فى صورة سلوك اجتماعى مثل الكذب والعقوق وعدم احترام القوانين والنظام والميل إلى العنف فى التعامل مع الأمور، وتتبلور هذه الأعراض مع الدخول فى مرحلة المراهقة وما يصاحبها من عناد وتمرد مع عدم الثبات الانفعالى.

تتسم هذه الشخصية بالأنانية وأنها تبحث فقط عن متعتها ولا يكون لديها أى وازع يتعلق بالدين أو الأخلاق، وتفتقد إلى ما يسمى فى علم النفس «الأنا العليا» أو «الضمير»، ولذلك لا يتورع هذا الشخص عن إيذاء أقرب الناس إليه بالقول أو حتى بالفعل!

قد تختلط أعراض هذه الشخصية مع اضطراب شخصية آخر يسمى «الشخصية الحادية أو الانفعالية» وفيه تتسم تصرفات الفرد بالاندفاعية الشديدة وسرعة الاستثارة إلى درجة العنف وتقلب المشاعر والحالة المزاجية خاصة مع مَن يحتكون به دائماً.

بناءً على ذلك ليست المشكلة، أيتها الأخت الكريمة، فى زواجك من عدمه، ولكن المشكلة فى كيفية تهذيب مثل هذه الشخصية، ولذلك أنصحك بضرورة عرضه على أحد الأطباء النفسيين لمساعدتك فى ذلك، والأفضل أن تذهبى أنت أولاً بمفردك لشرح الحالة والاتفاق مع الطبيب على الأسلوب الأمثل لإقناعه بزيارة الطبيب، حيث إن صاحب هذه الشحصية لا يكون لديه -عادة-استبصار بها ويرفض الاعتراف بأنه المخطىء، بل يلقى بالتبعية على الآخرين، ودائماً ما يحملهم مسئولية فشله وأخطائه.
يعتمد العلاج فى مثل هذه الحالات على العلاج النفسى والسلوكى فى المقام الأول وربما يحتاج الأمر إلى بعض العقاقير المساعدة.