- أبو بكر الصديق
[url=http://www.masress.com/author?name=اليوم السابع]اليوم السابع[/url]اليوم السابع : 08 - 09 - 2008
هو عبد اللّه بن عثمان بن عامر بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرَّة بن كعب بن لؤى القرشى التيميّ. يلتقى مع رسول اللّه فى مُرَّة بن كعب. أبو بكر الصديق بن أبى قُحَافة. وأمه أم الخير سَلْمَى بنت صخر وهى ابنة عم أبى قحافة. أسلم أبو بكر ثم أسلمت أمه بعده، وصحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
أبو بكر العتيق الصديق
لقب عَتِيقاً لعتقه من النار، وعن عائشة رضى اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أبو بكر عتيق اللّه من النار"، فمن يومئذ سمى "عتيقاً". قال على بن أبى طالب رضى اللّه عنه: "إن اللّه تعالى هو الذى سمى أبا بكر على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صدِّيقاً" وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولازم الصدق، فلم تقع منه هِنات ولا كذبة فى حال من الأحوال. وعن عائشة أنها قالت: "لما أسرى بالنبى صلى اللّه عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدِّث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمن وصدق به وفتنوا به. فقال أبو بكر: إنى لأصدقه فى ما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء غدوة أو روحة، فلذلك سمى أبا بكر الصديق".
مواقفه فى بداية الدعوة
ولد أبو بكر سنة 573 م بعد الفيل بثلاث سنين تقريباً، وكان رضى اللّه عنه صديقاً لرسول اللّه قبل البعث وهو أصغر منه سناً بثلاث سنوات، وكان يكثر غشيانه فى منزله ومحادثته، فلما أسلم آزر النبى صلى اللّه عليه وسلم فى نصر دين اللّه تعالى بنفسه وماله. كان أبو بكر رضى اللّه عنه من رؤساء قريش فى الجاهلية محبباً فيهم مُؤلفاً لهم، وكان إذا عمل شيئاً صدقته قريش فلما جاء الإسلام سبق إليه، وأسلم من الصحابة على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزُّبَير بن العوَّام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد اللّه.
وكان أعلم العرب بأنساب قريش وما كان فيها من خير وشر. وكان تاجراً ذا ثروة طائلة، حسن المجالسة، عالماً بتعبير الرؤيا، وقد حرم الخمر على نفسه فى الجاهلية هو وعثمان بن عفان. ولما أسلم جعل يدعو الناس إلى الإسلام. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت عنده كَبْوَة ونظر وتردد إلا ما كان من أبى بكر رضى اللّه عنه ما عَلَمَ عنه حين ذكرته له" أى أنه بادر به. ودفع أبو بكر عقبة بن أبى معيط عن رسول اللّه لما خنق رسول اللّه وهو يصلى عند الكعبة خنقاً شديداً. وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّى اللّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}.
أول خطيب فى الإسلام
وقد أصاب أبا بكر من إيذاء قريش شيء كثير. فمن ذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما دخل دار الأرقم ليعبد اللّه ومن معه من أصحابه سراً ألح أبو بكر رضى اللّه عنه فى الظهور، فقال النبى صلى اللّه عليه وسلم: يا أبا بكر إنا قليل. فلم يزل به حتى خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضى اللّه عنهم وقام أبو بكر فى الناس خطيباً ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس ودعا إلى رسول اللّه، فهو أول خطيب دعا إلى اللّه تعالى. فثار المشركون على أبى بكر رضى اللّه عنه وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضرباً شديداً. ووُطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضرباً شديداً.
وصار عُتْبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه، فجاءت بنو تيم يتعادَون فأجْلت المشركين عن أبى بكر إلى أن أدخلوه منزله ولا يشكُّون فى موته، ثم رجعوا فدخلوا المسجد فقالوا: واللّه لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة، ثم رجعوا إلى أبى بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب حتى آخر النهار، ثم تكلم وقال: ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فعذبوه فصار يكرر ذلك. فقالت أمه: واللّه ما لى علم بصاحبك. فقال: اذهبى إلى أم جميل فاسأليها عنه وخرجت إليها وسألتها عن محمد بن عبد اللّه، فقالت: لا أعرف محمداً ولا أبا بكر ثم قالت: تريدين أن أخرج معك؟
قالت: نعم. فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر فوجدته صريعاً،
فصاحت وقالت: إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وإنى لأرجو أن ينتقم اللّه منهم،
فقال لها أبو بكر رضى اللّه عنه: ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟
فقالت: هذه أمك. قال: فلا عَيْنَ عليك منها أى أنها لا تفشى سرك.
قالت: سالم هو فى دار الأرقم. فقال: واللّه لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قالت أمه: فأمهلناه حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ على حتى دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرقَّ له رقة شديدة وأكب عليه يقبله وأكب عليه المسلمون كذلك. فقال: بأبى أنت وأمى يا رسول اللّه ما بى من بأس إلا ما نال الناس من وجهي، وهذه أمى برة بولدها فعسى اللّه أن يستنقذها من النار، فدعا لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت. ولما اشتد أذى كفار قريش لم يهاجر أبو بكر إلى الحبشة مع المسلمين بل بقى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تاركاً عياله وأولاده.
هجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
أقام مع رسول الله فى الغار ثلاثة أيام؛ قال اللّه تعالى: {ثَانِى اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}. ولما كانت الهجرة جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه إلى أبى بكر وهو نائم فأيقظه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: قد أذن لى فى الخروج. قالت عائشة: فلقد رأيت أبا بكر يبكى من الفرح، ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام. وأن رسول اللّه لولا ثقته التامة بأبى بكر لما صاحبه فى هجرته فاستخلصه لنفسه. وكل من سوى أبى بكر فارق رسول اللّه، وإن اللّه تعالى سماه "ثانى اثنين". قال رسول صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: "هل قلت فى أبى بكر شيئاً؟" فقال: نعم. فقال: "قل وأنا أسمع". فقال: وثانى اثنين فى الغار المنيف وقد طاف العدوّ به إذ صعَّد الجبل وكان حِبِّ رسول اللّه قد علموا من البرية لم يعدل به رجلاً. فضحك رسول اللّه حتى بدت نواجذه، ثم قال: "صدقت يا حسان هو كما قلت".
جهاده بنفسه وماله
كان النبى صلى اللّه عليه وسلم يكرمه ويجله ويثنى عليه فى وجهه واستخلفه فى الصلاة، وشهد مع رسول اللّه بدراً وأُحداً والخندق وبيعة الرضوان بالحُدَيبية وخيبر وفتح مكة وحُنَيناً والطائف وتَبوك وحَجة الوداع. ودفع رسول اللّه رايته العظمى يوم تبوك إلى أبى بكر وكانت سوداء، وكان فيمن ثبت معه يوم أُحد وحين ولَّى الناس يوم حنين. وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله. وأعتق أبو بكر سبعة ممن كانوا يعذبون فى اللّه تعالى وهم: بلال، وعامر بن فهيرة، وزِنِّيرة، والنَّهديَّة، وابنتها، وجارية بنى مؤمّل، وأم عُبيس.
وكان أبو بكر إذا مُدح قال: "اللّهم أنت أعلم بى من نفسى وأنا أعلم بنفسى منهم. اللّهم اجعلنى خيراً مما يظنون واغفر لى ما لا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون". قال عمر رضى اللّه عنه: أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي. فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئت بنصف مالي. فقال: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. وجاء أبو بكر بكل ما عنده. فقال: يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم اللّه ورسوله. قلت: لا أسبقه إلى شيء أبداً. وعن أبى هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما نفعنى مال أحد قطُّ ما نفعنى مال أبى بكر". فبكى أبو بكر وقال: وهل أنا ومالى إلا لك يا رسول اللّه. ونزل فيه وفى عمر: {وَشَاوِرْهم فى الأمر} فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكان يشاوره فى أموره كلها.
مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً". رواه البخارى ومسلم. وعن عمرو بن العاص: أن النبى عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أى الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة. فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها. عن أبى الدرداء -رضى الله عنه- قال: كنت جالسا عند النبى -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: أما صاحبكم فقد غامر. فسلم وقالإنى كان بينى وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى على فأقبلت إليك. فقاليغفر الله لك يا أبا بكر) ثلاثا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبى بكر ، فسألأثم أبو بكر). فقالوالا) فأتى إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- فسلم، فجعل وجه النبى -صلى الله عليه وسلم- يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقاليا رسول الله، والله أنا كنت أظلم مرتين)
فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله بعثنى إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواسانى بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لى صاحبي) مرتين فما أوذى بعدها.
فضائله رضى الله عنه
وعن أبى هريرة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما اجتمعن فى امرئ إلا دخل الجنة"
وعن أبى هريرة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان على حِرَاء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير. فتحركت الصخرة فقال النبى عليه السلام: "اهدأ فما عليك إلا نبى وصديق وشهيد" رواه مسلم. وعن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "اقتدوا باللذَين من بعدى أبى بكر وعمر" رواه الترمذي. وعن ابن عمر: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبى بكر: "أنت صاحبى على الحوض وصاحبى فى الغار" رواه الترمذي.
ومن فضائله رضى اللّه عنه
أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء فى بعض حواشى المدينة من الليل فيستقى لها ويقوم بأمرها. فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت. فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده عمر فإذا الذى يأتيها هو أبو بكر الصديق، وهو خليفة. فقال عمر: أنت هو لعمري.
خلافته
وفى أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلى بالمسلمين، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة فى سقيفة بنى ساعدة، وكان زاهدا فيها ولم يسع إليها، وبعد أن تمت بيعة أبى بكر بيعة عامة، صعد المنبر وقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه: "أيها الناس قد وُلِّيت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكَذِب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ له حقه، والقوى عندى ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء اللّه تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم اللّه بالذل، أطيعونى ما أطعت اللّه ورسوله فإذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم اللّه". فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل، مع التواضع والفضل، والحث على الجهاد لنصرة الدين، وإعلاء شأن المسلمين. دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- فوجده يبكي، فسأله عن ذلك فقال له: يا عمر لا حاجة لى فى إمارتكم فرد عليه عمر: أين المفر؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك.
جيش أسامة
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد فى سبعمائة إلى الشام، فلمّا نزل بذى خُشُب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا: يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟! فقال: والذى لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوالولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم). فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.
حروب الردة
بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة، واختلف رأى الصحابة فى قتالهم مع تكلمهم بالتوحيد، قال عمر بن الخطاب: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّى دماءَهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله ؟! فقال أبو بكر: الزكاة حقُّ المال. وقال: والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة، والله لو منعونى عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها. ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل إلى رأيه، ولم يمت حتى استقام الدين، وانتهى أمر المرتدين.
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر -رضى الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة إلى الشام وخالد بن الوليد إلى العراق، وكان لا يعتمد فى حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب، فلم يدخل فى الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام.
استخلاف عمر
عقد أبو بكر فى مرضه الذى توفى فيه لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده، ولما أراد العقد له دعا عبد الرحمن بن عوف. فقال: أخبرنى عن عمر. فقال: يا خليفة رسول اللّه هو واللّه أفضل من رأيك فيه من رجل، ولكن فيه غلظة. فقال أبو بكر: ذلك لأنه يرانى رقيقاً ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه. ويا أبا محمد قد رمقته فرأيتنى إذا غضبت على الرجل فى الشيء، أرانى الرضا عنه، وإذا لنت أرانى الشدة عليه، لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئاً. قال: نعم.
ودخل على أبى بكر طلحة بن عبيد اللّه. فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك؟ فقال أبو بكر وكان مضطجعاً: أجلسوني. فأجلسوه. فقال لطلحة: "أباللّه تفرقنى أو باللّه تخوفني، إذا لقيت اللّه ربى فساءلنى قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك"؟ وأشرف أبو بكر على الناس من حظيرته وأسماء بنت عميس ممسكته موشومة اليدين وهو يقول: "أترضون بمن أستخلف عليكم فإنى واللّه ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإنى قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا. فقالوا: "سمعنا وأطعنا".
دعا أبو بكر عثمان خالياً. فقال له: اكتب: "بسم اللّه الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر ابن أبى قحافة إلى المسلمين. أما بعد" ثم أغمى عليه فذهب عنه. فكتب عثمان: "أما بعد فإنى أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيراً". ثم أفاق أبو بكر فقال: "اقرأ على فقرأ عليه فكبَّر أبو بكر وقال: "أراك خفت أن يختلف الناس إن مت فى غشيتي". قال: نعم. قال: "جزاك اللّه خيراً عن الإسلام وأهله" وأقرها أبو بكر رضى اللّه عنه من هذا الموضع. فأبو بكر كان يرى ويعتقد أن عمر بن الخطاب خير من يتولى الخلافة بعده مع شدته. والحقيقة أنه كان كذلك.
وفاته
قيل: إنه اغتسل وكان يوماً بارداً فأصابته الحمى خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة، فأمر عمر أن يصلى بالناس. ولما مرض قال له الناس: ألا ندعو الطبيب؟ فقال: أتانى وقال لي: أنا فاعل ما أريد، فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات. وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن وأن يكفن فى ثوبيه ويشترى معهما ثوب ثالث. وقال: الحى أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصَّديد..
[url=http://www.masress.com/author?name=اليوم السابع]اليوم السابع[/url]اليوم السابع : 08 - 09 - 2008
هو عبد اللّه بن عثمان بن عامر بن عَمْرو بن كعب بن سعد بن تَيْم بن مُرَّة بن كعب بن لؤى القرشى التيميّ. يلتقى مع رسول اللّه فى مُرَّة بن كعب. أبو بكر الصديق بن أبى قُحَافة. وأمه أم الخير سَلْمَى بنت صخر وهى ابنة عم أبى قحافة. أسلم أبو بكر ثم أسلمت أمه بعده، وصحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
أبو بكر العتيق الصديق
لقب عَتِيقاً لعتقه من النار، وعن عائشة رضى اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أبو بكر عتيق اللّه من النار"، فمن يومئذ سمى "عتيقاً". قال على بن أبى طالب رضى اللّه عنه: "إن اللّه تعالى هو الذى سمى أبا بكر على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صدِّيقاً" وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولازم الصدق، فلم تقع منه هِنات ولا كذبة فى حال من الأحوال. وعن عائشة أنها قالت: "لما أسرى بالنبى صلى اللّه عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدِّث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمن وصدق به وفتنوا به. فقال أبو بكر: إنى لأصدقه فى ما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء غدوة أو روحة، فلذلك سمى أبا بكر الصديق".
مواقفه فى بداية الدعوة
ولد أبو بكر سنة 573 م بعد الفيل بثلاث سنين تقريباً، وكان رضى اللّه عنه صديقاً لرسول اللّه قبل البعث وهو أصغر منه سناً بثلاث سنوات، وكان يكثر غشيانه فى منزله ومحادثته، فلما أسلم آزر النبى صلى اللّه عليه وسلم فى نصر دين اللّه تعالى بنفسه وماله. كان أبو بكر رضى اللّه عنه من رؤساء قريش فى الجاهلية محبباً فيهم مُؤلفاً لهم، وكان إذا عمل شيئاً صدقته قريش فلما جاء الإسلام سبق إليه، وأسلم من الصحابة على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزُّبَير بن العوَّام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد اللّه.
وكان أعلم العرب بأنساب قريش وما كان فيها من خير وشر. وكان تاجراً ذا ثروة طائلة، حسن المجالسة، عالماً بتعبير الرؤيا، وقد حرم الخمر على نفسه فى الجاهلية هو وعثمان بن عفان. ولما أسلم جعل يدعو الناس إلى الإسلام. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت عنده كَبْوَة ونظر وتردد إلا ما كان من أبى بكر رضى اللّه عنه ما عَلَمَ عنه حين ذكرته له" أى أنه بادر به. ودفع أبو بكر عقبة بن أبى معيط عن رسول اللّه لما خنق رسول اللّه وهو يصلى عند الكعبة خنقاً شديداً. وقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّى اللّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}.
أول خطيب فى الإسلام
وقد أصاب أبا بكر من إيذاء قريش شيء كثير. فمن ذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما دخل دار الأرقم ليعبد اللّه ومن معه من أصحابه سراً ألح أبو بكر رضى اللّه عنه فى الظهور، فقال النبى صلى اللّه عليه وسلم: يا أبا بكر إنا قليل. فلم يزل به حتى خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضى اللّه عنهم وقام أبو بكر فى الناس خطيباً ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس ودعا إلى رسول اللّه، فهو أول خطيب دعا إلى اللّه تعالى. فثار المشركون على أبى بكر رضى اللّه عنه وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضرباً شديداً. ووُطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضرباً شديداً.
وصار عُتْبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه، فجاءت بنو تيم يتعادَون فأجْلت المشركين عن أبى بكر إلى أن أدخلوه منزله ولا يشكُّون فى موته، ثم رجعوا فدخلوا المسجد فقالوا: واللّه لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة، ثم رجعوا إلى أبى بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب حتى آخر النهار، ثم تكلم وقال: ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فعذبوه فصار يكرر ذلك. فقالت أمه: واللّه ما لى علم بصاحبك. فقال: اذهبى إلى أم جميل فاسأليها عنه وخرجت إليها وسألتها عن محمد بن عبد اللّه، فقالت: لا أعرف محمداً ولا أبا بكر ثم قالت: تريدين أن أخرج معك؟
قالت: نعم. فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر فوجدته صريعاً،
فصاحت وقالت: إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وإنى لأرجو أن ينتقم اللّه منهم،
فقال لها أبو بكر رضى اللّه عنه: ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟
فقالت: هذه أمك. قال: فلا عَيْنَ عليك منها أى أنها لا تفشى سرك.
قالت: سالم هو فى دار الأرقم. فقال: واللّه لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قالت أمه: فأمهلناه حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ على حتى دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرقَّ له رقة شديدة وأكب عليه يقبله وأكب عليه المسلمون كذلك. فقال: بأبى أنت وأمى يا رسول اللّه ما بى من بأس إلا ما نال الناس من وجهي، وهذه أمى برة بولدها فعسى اللّه أن يستنقذها من النار، فدعا لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت. ولما اشتد أذى كفار قريش لم يهاجر أبو بكر إلى الحبشة مع المسلمين بل بقى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تاركاً عياله وأولاده.
هجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
أقام مع رسول الله فى الغار ثلاثة أيام؛ قال اللّه تعالى: {ثَانِى اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}. ولما كانت الهجرة جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه إلى أبى بكر وهو نائم فأيقظه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: قد أذن لى فى الخروج. قالت عائشة: فلقد رأيت أبا بكر يبكى من الفرح، ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام. وأن رسول اللّه لولا ثقته التامة بأبى بكر لما صاحبه فى هجرته فاستخلصه لنفسه. وكل من سوى أبى بكر فارق رسول اللّه، وإن اللّه تعالى سماه "ثانى اثنين". قال رسول صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: "هل قلت فى أبى بكر شيئاً؟" فقال: نعم. فقال: "قل وأنا أسمع". فقال: وثانى اثنين فى الغار المنيف وقد طاف العدوّ به إذ صعَّد الجبل وكان حِبِّ رسول اللّه قد علموا من البرية لم يعدل به رجلاً. فضحك رسول اللّه حتى بدت نواجذه، ثم قال: "صدقت يا حسان هو كما قلت".
جهاده بنفسه وماله
كان النبى صلى اللّه عليه وسلم يكرمه ويجله ويثنى عليه فى وجهه واستخلفه فى الصلاة، وشهد مع رسول اللّه بدراً وأُحداً والخندق وبيعة الرضوان بالحُدَيبية وخيبر وفتح مكة وحُنَيناً والطائف وتَبوك وحَجة الوداع. ودفع رسول اللّه رايته العظمى يوم تبوك إلى أبى بكر وكانت سوداء، وكان فيمن ثبت معه يوم أُحد وحين ولَّى الناس يوم حنين. وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله. وأعتق أبو بكر سبعة ممن كانوا يعذبون فى اللّه تعالى وهم: بلال، وعامر بن فهيرة، وزِنِّيرة، والنَّهديَّة، وابنتها، وجارية بنى مؤمّل، وأم عُبيس.
وكان أبو بكر إذا مُدح قال: "اللّهم أنت أعلم بى من نفسى وأنا أعلم بنفسى منهم. اللّهم اجعلنى خيراً مما يظنون واغفر لى ما لا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون". قال عمر رضى اللّه عنه: أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي. فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئت بنصف مالي. فقال: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. وجاء أبو بكر بكل ما عنده. فقال: يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم اللّه ورسوله. قلت: لا أسبقه إلى شيء أبداً. وعن أبى هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما نفعنى مال أحد قطُّ ما نفعنى مال أبى بكر". فبكى أبو بكر وقال: وهل أنا ومالى إلا لك يا رسول اللّه. ونزل فيه وفى عمر: {وَشَاوِرْهم فى الأمر} فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكان يشاوره فى أموره كلها.
مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً". رواه البخارى ومسلم. وعن عمرو بن العاص: أن النبى عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أى الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة. فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها. عن أبى الدرداء -رضى الله عنه- قال: كنت جالسا عند النبى -صلى الله عليه وسلم- إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: أما صاحبكم فقد غامر. فسلم وقالإنى كان بينى وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى على فأقبلت إليك. فقاليغفر الله لك يا أبا بكر) ثلاثا، ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبى بكر ، فسألأثم أبو بكر). فقالوالا) فأتى إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- فسلم، فجعل وجه النبى -صلى الله عليه وسلم- يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقاليا رسول الله، والله أنا كنت أظلم مرتين)
فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله بعثنى إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواسانى بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لى صاحبي) مرتين فما أوذى بعدها.
فضائله رضى الله عنه
وعن أبى هريرة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما اجتمعن فى امرئ إلا دخل الجنة"
وعن أبى هريرة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان على حِرَاء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير. فتحركت الصخرة فقال النبى عليه السلام: "اهدأ فما عليك إلا نبى وصديق وشهيد" رواه مسلم. وعن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "اقتدوا باللذَين من بعدى أبى بكر وعمر" رواه الترمذي. وعن ابن عمر: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبى بكر: "أنت صاحبى على الحوض وصاحبى فى الغار" رواه الترمذي.
ومن فضائله رضى اللّه عنه
أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء فى بعض حواشى المدينة من الليل فيستقى لها ويقوم بأمرها. فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت. فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده عمر فإذا الذى يأتيها هو أبو بكر الصديق، وهو خليفة. فقال عمر: أنت هو لعمري.
خلافته
وفى أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلى بالمسلمين، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة فى سقيفة بنى ساعدة، وكان زاهدا فيها ولم يسع إليها، وبعد أن تمت بيعة أبى بكر بيعة عامة، صعد المنبر وقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه: "أيها الناس قد وُلِّيت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكَذِب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ له حقه، والقوى عندى ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء اللّه تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم اللّه بالذل، أطيعونى ما أطعت اللّه ورسوله فإذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم اللّه". فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل، مع التواضع والفضل، والحث على الجهاد لنصرة الدين، وإعلاء شأن المسلمين. دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- فوجده يبكي، فسأله عن ذلك فقال له: يا عمر لا حاجة لى فى إمارتكم فرد عليه عمر: أين المفر؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك.
جيش أسامة
وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد فى سبعمائة إلى الشام، فلمّا نزل بذى خُشُب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا: يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟! فقال: والذى لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوالولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم). فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.
حروب الردة
بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة، واختلف رأى الصحابة فى قتالهم مع تكلمهم بالتوحيد، قال عمر بن الخطاب: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّى دماءَهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله ؟! فقال أبو بكر: الزكاة حقُّ المال. وقال: والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة، والله لو منعونى عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها. ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل إلى رأيه، ولم يمت حتى استقام الدين، وانتهى أمر المرتدين.
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر -رضى الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة إلى الشام وخالد بن الوليد إلى العراق، وكان لا يعتمد فى حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب، فلم يدخل فى الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام.
استخلاف عمر
عقد أبو بكر فى مرضه الذى توفى فيه لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده، ولما أراد العقد له دعا عبد الرحمن بن عوف. فقال: أخبرنى عن عمر. فقال: يا خليفة رسول اللّه هو واللّه أفضل من رأيك فيه من رجل، ولكن فيه غلظة. فقال أبو بكر: ذلك لأنه يرانى رقيقاً ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه. ويا أبا محمد قد رمقته فرأيتنى إذا غضبت على الرجل فى الشيء، أرانى الرضا عنه، وإذا لنت أرانى الشدة عليه، لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئاً. قال: نعم.
ودخل على أبى بكر طلحة بن عبيد اللّه. فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك؟ فقال أبو بكر وكان مضطجعاً: أجلسوني. فأجلسوه. فقال لطلحة: "أباللّه تفرقنى أو باللّه تخوفني، إذا لقيت اللّه ربى فساءلنى قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك"؟ وأشرف أبو بكر على الناس من حظيرته وأسماء بنت عميس ممسكته موشومة اليدين وهو يقول: "أترضون بمن أستخلف عليكم فإنى واللّه ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإنى قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا. فقالوا: "سمعنا وأطعنا".
دعا أبو بكر عثمان خالياً. فقال له: اكتب: "بسم اللّه الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر ابن أبى قحافة إلى المسلمين. أما بعد" ثم أغمى عليه فذهب عنه. فكتب عثمان: "أما بعد فإنى أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيراً". ثم أفاق أبو بكر فقال: "اقرأ على فقرأ عليه فكبَّر أبو بكر وقال: "أراك خفت أن يختلف الناس إن مت فى غشيتي". قال: نعم. قال: "جزاك اللّه خيراً عن الإسلام وأهله" وأقرها أبو بكر رضى اللّه عنه من هذا الموضع. فأبو بكر كان يرى ويعتقد أن عمر بن الخطاب خير من يتولى الخلافة بعده مع شدته. والحقيقة أنه كان كذلك.
وفاته
قيل: إنه اغتسل وكان يوماً بارداً فأصابته الحمى خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة، فأمر عمر أن يصلى بالناس. ولما مرض قال له الناس: ألا ندعو الطبيب؟ فقال: أتانى وقال لي: أنا فاعل ما أريد، فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات. وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن وأن يكفن فى ثوبيه ويشترى معهما ثوب ثالث. وقال: الحى أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصَّديد..
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر