التحرير والفتح الأعظم

التحرير والفتح الأعظم

---

[/center][/center][/center]كان سبب فتح مكة ما فعلته قريش من نقض للعهد الذي عقدته مع النبي في الحديبية.
وقد وفى النبي بشروط العهد وهوسيدالأوفياء.
لكن قريشاً قامت بنقض هذاالعهد – وهكذا هم أهل الكفر والشرك لاعهدلهم –’وهذا العمل يستوجب العقوبة.
فقريش تظاهرت مع قبيلة بكر على خزاعة ،وخزاعة هم حلفاء
النبي وتم قتل عدد منهم.
ذهب أحد زعماء خزاعة إلى النبي وأخبره بما فعلته قريش وبكر
وطلب نصرته فأجابه النبي.
وكانت الاستجابة سريعة من النبي لإيقاع العقوبة على من اعتدى.
واستدعى النبي من أسلم من القبائل إلى المدينة،وبعد تجمعهم
أمر المسلمين بالتجهز ولكنه لم يحدد لهم الوجهة أول الأمر،فهو
يريد أن يتم الأمر في غاية السرية.
والذي جرى أجبرأباسفيان أن يذهب إلى المدينة،لتوثيق العقد
وزيادة مدته،قبل أن يعلم النبي بماجرىمن قومه ،وذهب ولكن
لم يجدأي استجابة من المسلمين،وتنقل بين أصحاب النبي طالباً
منهم التدخل فوجد الإجابة واحدة،وهي عدم القدرة على التدخل
في هذا الأمر،وعاد إلى مكة ولم يحقق ماأراد.
وقال لقومه:جئتكم من عند قوم قلوبهم على قلب واحد،والله لم أنجح منهم شيئا ً .
ولعشرٍ مضين من رمضان خرج رسول الله بالمسلمين من المدينة وقال عند خروجه :
)) اللهم خذ العيون و الأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها)).
وسار النبي بالجيش حتى نزل مر الظهران وقريش لم تعلم بخروجه ، والتقى النبي بعمه العباس في الطريق ، وعسكر النبي بمر الظهران ــــ وهو مكان قبل مكة ــــ وقد عمية الأخبار عن قريش ، فلم يأتهم خبر عن النبي ولا يدرون ما هو فاعل ، وخرج أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتحسسون الأخبار ، لعلهم يجيدون خبراً حتى وصلوا مر الظهران فشاهدوا نيران عسكر المسلمين ، وكان العباس قد خرج ليلته تلك راكباً بغلة النبي لعله يرى أحداً ليبلغ قريش ، فيأتوه ويستأمنوه قبل أن يدخل مكة ، إذ سمع كلام أبي سفيان مع صاحبيه فعرفه ، فكلمه العباس وقال له ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله في الناس ،واصباح قريش والله، قال أبو سفيان فما الحيلة ؟ قال العباس : والله لان ظفر بك رسول الله ليضربن عنقك، فا ركب معي حتى آتي بك رسول الله فأستأمنه لك،فجاء به وأدخله على رسول الله.
فقال العباس : يا رسول الله هذا أبو سفيان وقد أجرته ، فقال له الرسول (اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به)).
وأبو سفيان يخاف من ماضيه مع الدعوة ، ولكن النبي بدل أن يعاقبه دعاه إلى الإسلام،فالنبي هدفه إدخال الناس في دين الله ولم يكن القتل هدفاً له .
وهكذا كانت أمته من بعده .
إن القادة والزعماء في غير أمة الإسلام،ما إن يقع عدوهم بين أيدهم حتى يطير رأسه.
ولما تجلت لأبي سفيان عظمة هذا النبي الكريم ما لبس أن قال: بأبي وأمي أنت يامحمد ، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك .
بالأمس يتزعم الحرب على النبي ودعوته ، واليوم يفديه بأبيه وأمه ويثني عليه ويمدحه .
أما الاستسلام الكامل لأبي سفيان،عندما حبس لتمر عليه الكتائب الإسلامية ، والتي كان يقدوها بالأمس في غزوة الخندق وهي اليوم مع النبي .
وبدأت الكتائب تمر عليه ،ولكن الذي أفزعه كتيبة الأنصار ،وسأل العباس من هؤلاء قال له : هذه الأنصار عندها الموت الأحمر .
فقال أبو سفيان : سر يا عباس فلم أرى كاليوم صباح قوم في ديارهم ، ورجع إلى مكة مستسلماً طالباً من قريش أن تدخل بيوتها حرصاً من أبي سفيان على قومه،ويعنفُ من يفكر بالمواجه ،وهو الذي أمضى حياته في مواجهة الدعوة وحربها .
وكان مما قاله:أسلموا تسلموا فلقيته زوجته هندبنت عتبة،فأخذت بلحيته.
وقالت:اقتلوا الشيخ الأحمق ، فقال لهم لاتغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به .
وكان الهدف عند النبي تفويت الفرصة على قريش ، حتى لا تُعد العدة للحرب ، فكان لابد من استعراض الكتائب أمام أبي سفيان حتى ييأس من المقاومة فيقنع قريش بضرورة الاستسلام .
والهدف الأول من الاستعراض نفسية أبي سفيان حتى تهتز من أعماقها ، وإسلامه له أثر كبير فإذا أسلم أو استسلم فإن ذلك سيفت في عضد قريش .
وتحطيم نفسية أبي سفيان وإنهائه،هو القضاء على ثلثي قريش،وإنهائه ليس معناه القتل ،بل إدخاله الإسلام ،وبتحييد قائد مكة تم تجنب معركة لا تحمد عاقبتها.
وتحرك النبي حتى وصل أطراف مكة،وقسم النبي جيشه إلى فرق ليدخل مكة من اتجاهات عدة ، وبعد الدخول لم تحدث مقاومة إلا في مكان واحد ،وكانت أمام الفرقة التي يقودها خالد بن الوليد ، ولم تدم طويلاً فقتل من قتل وهرب من هرب .
أما النبي دخل من مكان يقال له أذاخر،وإنه ليضع رأسه تواضعاً لله لما أكرمه من الفتح،حتى إن لحيته تكاد تمس واسطة رحله .
وبعد أن تم الفتح واطمأن الناس خرج النبي إلى البيت،فطاف به والأصنام من حوله فجعل يشر بقضيب كان في يده إليها ويقول (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)).
فما أشار إلى صنم إلا وقع لقفاه أو وجهه حتى ما بقي صنم واقف.
ومن معالم هذا النصر :
انهيار المقاومة لدى قريش .
دخول النبي مكة والبيت الحرام .
إسلام قيادة قريش جميعاً .
والنصر تحقق بهزيمة قريش نفسياً،وبطل هذا الاستسلام أبو سفيان فهو قائدها ، وهمه كان حماية مكة من التدمير،وهذه الحماية لا تتم إلا إذا أعلنت قريش التخلي عن المقاومة.
لكن زوجته حملت لواء المعارضة ضده،وراحت تهيج الناس للمقاومة،واستجاب لها قيادات شابة،ولذلك كانت المواجهة مع
خالد،وشاء الله أن تكون المواجهة أمام رفاق الأمس في سلاح الفرسان،عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو،حيث كان يخطط معهم لمواجهة الدعوة،أما اليوم يقف أمامهم ، إنهاالعقيدةالتي فرقت بينه وبينهم.وكانت الخسائرقليلة
في تلك المواجهة،وهذا ناتج عن سرعة فرار المشركين وعدم رغبة المسلمين في القتل.
بعد ذلك بدأ دخول قادة مكة في الإسلام،فأسلمت القيادات كلها بعد أيام من الفتح.
ولم يحدث في التاريخ أن يدخل قادةبلدوكبا رها في دين عدوهم إلافي تاريخ الإسلام.
وهكذا دخلت قريش الإسلام،ودخلت العرب بعد ذلك الإسلام لدخول قريش،وذلك لمكانتها عندهم وهم ينتظرون ذلك، من يوم أن كان النبي بمكة ويخرج إليهم في المواسم يعرض نفسه عليهم فيقولون:
اتركوه وقومه،فإن ظهر عليهم فإنه نبي صادق.
فتحت مكة وتم تحريرها من الكفر والشرك،وعادت مكة كما كانت
( فهي مركز التوحيد وعاصمته ).
سيطر عليها الكفر والشرك لقرونٍٍٍ عدة،ولأول مرة يعلن فيها شعار التوحيد.
عادت نقية طاهرة بعدان لوثها الشرك والكفر،عادت قبلة لأهل التوحيد.
مكة التي حج إليهاالأنبياء والرسل مع أتباعهم المسلمين،عاد الحج
كما كان خالياً من ضلالات وبدع الشرك وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وهاهو خاتم الأنبياء والرسل – عليه الصلاة والسلام – سيحج بالمسلمين من جديد حجاً خالياً من الضلالات والبدع.
وبتحرير مكة ينتهي اخرجيل للشرك والكفر والوثنية.
ويأمر النبي مؤذنه الحبشي بلال أن يصعد على الكعبة،ويعلن في سماء مكة أن الكفرقدذهب ولن يرجع.
عادالتوحيدوالإيمان .
(( الله أكبر الله أكبر،أشهد أن لاإله إلا الله )).
عادالتوحيدرغم أنف أهل الشرك والكفر،رغم أنف أبي جهل
وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط .
لاهبل ولامناة ولاالعزى بعداليوم.
لقد كان نداء التوحيدمدوياًفي سماء مكة فوصل صداه أرجاء جزيرة العرب فدخل أهلها الإسلام.
وبعد ذلك وصل صداه إلى العراق والشام،وشرق الأرض وغربها
فدخل أهل تلك البلاد دين التوحيد.
فهو دين الأنبياء والرسل جميعاً من آدم إلى محمد –عليهم جميعاً
الصلاة والسلام --.
قال تعالى :
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران19
وقال تعا لى :
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
وقال تعالى :
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الصف7
وقال تعالى :
{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين}
[/center]