العقائد الإسلامية(15)
من أسمائه تعالي الكريم
دكتور على جمعة
من أسماء الله تعالي الحسني اسم زالكريمس, قال تعالي ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم(,النمل:40], والكريم صاحب الكرم, وهو:اسم جامع لكل ما يحمد ويرضي في بابه,ومنه:وجه كريم,وكتاب كريم, وإذا أضيف الكرم إلي الله تعالي فهو اسم لكمال إحسانه وإنعامه.
وأكرم تفضيل من الكرم, وقد ورد وصف الله تعالي به في قوله تعالياقرأ وربك الأكرم(,القلم:3], ولفظ زالأكرمسليس مصوغا للمفاضلة هنا;وإنما هو مصوغ لدلالة علي قوة الاتصاف بالكرم.
ومعني اسم زالكريمس في حق الله تعالي أنه هو الذي لا يضيع من توسل إليه, ولا يترك من التجأ إليه, وهو الذي يبتدئ بالنعمة من غير إيجاب, ويتبرع بالإحسان من غير سؤال, ويعفو عن السيئات, ويغفر الذنوب ويخفي العيوب, ويكافئ بالثواب الجزيل علي العمل القليل, وقد جعل كل ما في الأرض لمنفعة عباده.
ولقد ذم القرآن من يغفلون عن شكر الله تعالي علي نعمائه,وهم يتمتعون بها فقال تعالييا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم(,الانفطار:6]; وخص ذكر وصف الكريم هنا دون غيره للتذكير بنعمة الله علي الناس ولطفه بهم;فإن الكريم حقيق بالشكر والطاعة, ولعل من يغفل عن الشكر يظن أن الإنعام دليل علي الرضا والقبول, ويغيب عنه أنه ابتلاء يستوجب الشكر والطاعة, قال تعالي أما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن(,الفجر:15].
والمسلم ينبغي عليه أن يعتقد أن الله تعالي هو الكريم علي الإطلاق,وأن كرم الله تعالي الحقيقي علي الإنسان هو هدايته للتقوي, قال تعالي يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير(,الحجرات:13].
ولقد تخلق الأنبياء عليهم السلام باسم الله الكريم حتي وصفوا به, ومنهم نبي الله يوسف وآباؤه عليهم السلام, حيث سئل سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أكرم الناس,فقال: اأتقاهم للهب,قالوا: ليس عن هذا نسألك,قال: افأكرم الناس يوسف نبي الله,ابن نبي الله,ابن نبي الله,ابن خليل اللهب(متفق عليه), وفي رواية أخري قال صلي الله عليه وسلم عنهم: اإن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيمب(مسند أبي يعلي/5932).
وكذلك كان صلي الله عليه وسلم متخلقا بهذا الاسم العظيم, حيث كان أكرم الخلق صلي الله عليه وسلم; وقد وردت شواهد ذلك في مواطن كثيرة, منها: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه, قال:سما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الإسلام شيئا إلا أعطاه,قال: فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين,فرجع إلي قومه,فقال: ياقوم أسلموا,فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشي الفاقةس(صحيح مسلم/2312), وعطاؤه صلي الله عليه وسلم لم يكن مقتصرا علي من حوله من المؤمنين, وإنما شمل الكافرين أكثر من المؤمنين, ومن ذلك ما ذكره ابن شهاب الزهري من أن النبي صلي الله عليه وسلم أعطي صفوان بن أمية في فتح مكة, وكان وقتئذ كافرا, مائة من النعم ثم مائة ثم مائة, وفي ذلك يقول صفوان:اوالله لقد أعطاني رسول الله صلي الله عليه وسلم ما أعطاني,وإنه لأبغض الناس إلي,فما برح يعطيني حتي إنه لأحب الناس إليب(صحيح مسلم/2313).
فعلي المسلم أن يقتدي بذلك الخلق, وأن يحسن ظنه بربه الكريم, فلا يخشي علي نفسه فقرا أو إذلالا, وأن يكون سخيا كريما, ليرضي ربه وليجلب حب الناس له, وفي ذلك يقول أبو العتاهية:
دار من الناس ملالا بهم... من لم يدار الناس ملوه
ومكرم الناس حبيب لهم... من أكرم الناس أحبوه
وليحرص علي أن يكون عطاؤه من غير منة, وإذا جفاه أحد عاتبه لكن لا يستقصيه, وإذا هجره أحد وصله,وكذلك يجاهد نفسه حتي لا يقع في البخل, لأن البخل ليس منع الآخرين, بل هو في الحقيقة حرمان للبخيل نفسه من الخير, قال تعالي مخاطبا المؤمنين ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم(,محمد:38].. فاللهم أفض علينا من كرمك, واجعل ما تمن علينا به في أيدينا لا في قلوبنا حتي تكون قلوبنا لك وحدك وأيدينا واصلة إلي خلقك.
المزيد من مقالات د. علي جمعة
من أسمائه تعالي الكريم
دكتور على جمعة
من أسماء الله تعالي الحسني اسم زالكريمس, قال تعالي ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم(,النمل:40], والكريم صاحب الكرم, وهو:اسم جامع لكل ما يحمد ويرضي في بابه,ومنه:وجه كريم,وكتاب كريم, وإذا أضيف الكرم إلي الله تعالي فهو اسم لكمال إحسانه وإنعامه.
وأكرم تفضيل من الكرم, وقد ورد وصف الله تعالي به في قوله تعالياقرأ وربك الأكرم(,القلم:3], ولفظ زالأكرمسليس مصوغا للمفاضلة هنا;وإنما هو مصوغ لدلالة علي قوة الاتصاف بالكرم.
ومعني اسم زالكريمس في حق الله تعالي أنه هو الذي لا يضيع من توسل إليه, ولا يترك من التجأ إليه, وهو الذي يبتدئ بالنعمة من غير إيجاب, ويتبرع بالإحسان من غير سؤال, ويعفو عن السيئات, ويغفر الذنوب ويخفي العيوب, ويكافئ بالثواب الجزيل علي العمل القليل, وقد جعل كل ما في الأرض لمنفعة عباده.
ولقد ذم القرآن من يغفلون عن شكر الله تعالي علي نعمائه,وهم يتمتعون بها فقال تعالييا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم(,الانفطار:6]; وخص ذكر وصف الكريم هنا دون غيره للتذكير بنعمة الله علي الناس ولطفه بهم;فإن الكريم حقيق بالشكر والطاعة, ولعل من يغفل عن الشكر يظن أن الإنعام دليل علي الرضا والقبول, ويغيب عنه أنه ابتلاء يستوجب الشكر والطاعة, قال تعالي أما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن(,الفجر:15].
والمسلم ينبغي عليه أن يعتقد أن الله تعالي هو الكريم علي الإطلاق,وأن كرم الله تعالي الحقيقي علي الإنسان هو هدايته للتقوي, قال تعالي يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير(,الحجرات:13].
ولقد تخلق الأنبياء عليهم السلام باسم الله الكريم حتي وصفوا به, ومنهم نبي الله يوسف وآباؤه عليهم السلام, حيث سئل سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أكرم الناس,فقال: اأتقاهم للهب,قالوا: ليس عن هذا نسألك,قال: افأكرم الناس يوسف نبي الله,ابن نبي الله,ابن نبي الله,ابن خليل اللهب(متفق عليه), وفي رواية أخري قال صلي الله عليه وسلم عنهم: اإن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيمب(مسند أبي يعلي/5932).
وكذلك كان صلي الله عليه وسلم متخلقا بهذا الاسم العظيم, حيث كان أكرم الخلق صلي الله عليه وسلم; وقد وردت شواهد ذلك في مواطن كثيرة, منها: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه, قال:سما سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الإسلام شيئا إلا أعطاه,قال: فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين,فرجع إلي قومه,فقال: ياقوم أسلموا,فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشي الفاقةس(صحيح مسلم/2312), وعطاؤه صلي الله عليه وسلم لم يكن مقتصرا علي من حوله من المؤمنين, وإنما شمل الكافرين أكثر من المؤمنين, ومن ذلك ما ذكره ابن شهاب الزهري من أن النبي صلي الله عليه وسلم أعطي صفوان بن أمية في فتح مكة, وكان وقتئذ كافرا, مائة من النعم ثم مائة ثم مائة, وفي ذلك يقول صفوان:اوالله لقد أعطاني رسول الله صلي الله عليه وسلم ما أعطاني,وإنه لأبغض الناس إلي,فما برح يعطيني حتي إنه لأحب الناس إليب(صحيح مسلم/2313).
فعلي المسلم أن يقتدي بذلك الخلق, وأن يحسن ظنه بربه الكريم, فلا يخشي علي نفسه فقرا أو إذلالا, وأن يكون سخيا كريما, ليرضي ربه وليجلب حب الناس له, وفي ذلك يقول أبو العتاهية:
دار من الناس ملالا بهم... من لم يدار الناس ملوه
ومكرم الناس حبيب لهم... من أكرم الناس أحبوه
وليحرص علي أن يكون عطاؤه من غير منة, وإذا جفاه أحد عاتبه لكن لا يستقصيه, وإذا هجره أحد وصله,وكذلك يجاهد نفسه حتي لا يقع في البخل, لأن البخل ليس منع الآخرين, بل هو في الحقيقة حرمان للبخيل نفسه من الخير, قال تعالي مخاطبا المؤمنين ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم(,محمد:38].. فاللهم أفض علينا من كرمك, واجعل ما تمن علينا به في أيدينا لا في قلوبنا حتي تكون قلوبنا لك وحدك وأيدينا واصلة إلي خلقك.
المزيد من مقالات د. علي جمعة
9/13/2019, 11:30 من طرف Sanae
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:18 من طرف زائر
» المهندسين خ
7/1/2015, 04:13 من طرف زائر
» تليفونات برنامج صبايا الخير بقناة النهار
6/27/2015, 09:30 من طرف زائر
» طلب مساعده عاجل
6/21/2015, 14:28 من طرف fatim fatima
» اغاثه
6/17/2015, 10:03 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:59 من طرف زائر
» موضوع مهم جدا وأرجو ألا تغفلوا عنه وأرجو ابتواصل
6/17/2015, 09:56 من طرف زائر